Mar 23, 2023 6:16 AM
صحف

السلطة الحاكمة تتقاذف المسؤوليات: "الحقّ على الطليان"!

لم تخرج وقائع الأمس في ساحة النجمة عن مدار الأجندة الجهنمية نفسها التي ينتهجها أركان السلطة منذ انتفاضة 17 تشرين في سبيل تضييع غريم اللبنانيين وتمييع الحقائق وتجهيل المرتكبين في عملية النهب المنظّمة لأموالهم وودائعهم وإيصالهم إلى ما وصلوا إليه من ذل وفقر حال... تماماً كما لم يخرج المتظاهرون من ساحة رياض الصلح أمس بـ"حق ولا باطل" ولم يحصلوا سوى على باقة جديدة من الدجل والوعود الكاذبة بالعمل على تحسين أوضاع العسكريين المتقاعدين والأساتذة وعموم موظفي القطاع العام.

فبعد احتدام الاحتكاكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية أمام السراي الحكومي، لم يتردد عناصر الخدمة الفعلية باستخدام القنابل المسيّلة للدموع لتفريق زملائهم المتقاعدين بالقوة تحت تأثير إصابة العديد منهم بحالات اختناق، بينما تولى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي "ذرف دموع السلطة شاكياً ومتباكياً من عجز الدولة" أمام وفد العسكريين المتظاهرين الذي قابله لبحث مطالبهم، حسبما نقلت مصادر الوفد، مشيرةً إلى أنه استمهلهم حتى الاثنين المقبل لإدراج هذه المطالب على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقبلة.

وخلاصة المشهد بين ساحتي النجمة ورياض الصلح أنّ "العصابة المنظّمة" الحاكمة على حدّ وصف المتظاهرين لها، لا تملك في مواجهة الأزمة المعيشية والاقتصادية الطاحنة التي اشتدت وطأتها على اللبنانيين مع بلوغهم مرحلة الارتطام بقاع الانهيار، أكثر من الهروب إلى الأمام في "تقاذف المسؤوليات" كما بدا جلياً خلال مداولات اللجان المشتركة التي تعالت فيها أصوات المزايدات في تفهّم أوجاع الناس ومعاناتهم.

وعن أجواء الجلسة التي ترأسها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب وحضرها نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، ووزير المالية يوسف الخليل وممثّلون عن الإدارات المعنية وممثّل عن مصرف لبنان، لخّصتها مصادر نيابية معارضة لـ"نداء الوطن" بعبارة: على ما يبدو "الحق على الطليان". وأوضحت أنّ "أحداً لا يملك تقديم أجوبة واضحة ومحددة حول الجهات التي تقف خلف عمليات التلاعب بسعر الصرف"، مشيرةً في الوقت عينه إلى "افتقار خطة التعافي الحكومية لأي إطار علمي ودقيق، الأمر الذي لا يُبشّر بالخير على مستوى الاتفاق المرتقب مع صندوق النقد الدولي".

من جهة أخرى، وصفت مصادر سياسية لـ"اللواء" مشهد الظهور الاعلامي بعد جلسة اللجان النيابية المشتركة في المجلس النيابي، لنائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب، ورئيس لجنة المال النيابية ابراهيم كنعان ورئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان، بأنها تعبر عن ذروة الهشاشة النيابية والتكاذب على اللبنانيين والتهرب من المسؤولية، باعتبار هؤلاء النواب الثلاثة، كانوا في المجلس النيابي خلال السنوات الماضية، ولم يبادروا لاقرار المشاريع المختلف عليها، وتحديدا قانون الكابيتال كونترول وخطة الاصلاح المالي وهيكلة المصارف وغيرها.

وقالت المصادر ما الفائدة من قول النائب بوصعب حول استمرار بعض النافذين بتهريب اموالهم إلى الخارج حتى اليوم، اذا كان هذا يحصل ضمن القوانين المعمول بها والتي تسمح بذلك حتى اليوم، ولماذا يتهرب المجلس النيابي الذي عقد العديد من الجلسات النيابية منذ نشوب الازمة المالية قبل سنوات، من مسؤولياته باقرار سلسلة القوانين المطلوبة لمعالجة الانهيار المالي والاقتصادي، وفي مقدمتها قانون الكابيتال كونترول، وهو القانون الذي ينظم هذه العملية ويضع حدا للفوضى السائدة بهذا الخصوص، ويطرح اكثر من تساؤل عن تواطؤ مفضوح مع كارتيل المصارف لمنع اقرار هذه المشاريع. فما قاله بوصعب بهذا الخصوص، ما هو الا محاولة سخيفة، لذر الرماد بالعيون، والقاء كرة المسؤولية على الحكومة وباقي المسؤولين، بينما المسؤولية الاساسية تقع على المجلس النيابي الذي ماطل عمدا عن القيام بواجباته الدستورية بهذا الخصوص.

واعتبرت المصادر ان المشهد الغاضب بالقرب من المجلس النيابي والسراي الحكومي للعسكريين المتقاعدين، والمواجهات التي حصلت مع القوى الامنية، وما تخللها من قسوة بالتعاطي مع المحتجين، اظهرت بوضوح ما بلغه الوضع المعيشي من تردي وانحدار نحو الأسوأ، وبات الوضع يتطلب معالجة استثنائية، وهو يختصر في مجمله، مابلغه الاداء السياسي والنيابي من تدهور لاحدود له،وسوء تعاطي من السلطة تجاه المحتجين المتالمين.

بدوره، أشار النائب ياسين ياسين في حديث لـ"الأنباء الالكترونية"، إلى أن "جلسة مساءلة الحكومة لم تكن جدية"، برأيه لأنه "لم يكن هناك جدول أعمال ولم تكن علنية، وهي بمثابة "إبرة بنج" ولم تكن جوابا على الوضع القائم، كما لم يكن لها تداعيات لاحقة من قبل النواب بوجود الممثلين عن الحكومة الذين اكتفوا بتقديم عرض للمشكلة التي يمر بها البلد، من دون تقديم خطة حل"، مؤكداً أن الإصلاح السياسي يبدأ بانتخاب رئيس جمهورية. 

وقال: "الكلام يتكرر من قبل النواب وليس من معالجة حقيقية. فالكل يتكلم عن الأزمة والانهيار من دون وضع الحلول"، داعيا لانتخاب رئيس جمهورية "من خارج الاصطفافات، يكون رئيسا وطنيا انقاذيا"، معتبرا أن "لا شيء ينقذ لبنان الا إصلاح سياسي شامل"، ودعا إلى "تغيير النهج السابق إذ لا بد من وجود أكثرية تحكم وأقلية تعارض لنتمكن من تحديد المسؤولية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o