Mar 18, 2023 7:52 AM
صحف

اجتماع سعودي ـ فرنسي والعين على باريس

كان لبنان أمس محل تباحث بين فرنسا والمملكة العربية السعودية بمناسبة الزيارة التي قام بها نزار العلولا، المستشار في الديوان الملكي السعودي إلى باريس ولقائه نظيره، باتريك دوريل، مستشار الرئيس إيمانويل ماكرون لشؤون الشرق الأوسط.

ويأتي هذا اللقاء الذي استضافه قصر الإليزيه بعد الزيارة الرسمية التي قام بها الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي إلى باريس يوم الاثنين الماضي، والتقى خلالها وزيرة الخارجية كاترين كولونا. وإذا كان الغرض الأول من زيارة الأمير فيصل بن فرحان إلى العاصمة الفرنسية إطلاع نظيرته كولونا على الاتفاق السعودي – الإيراني الذي تم التوصل إليه برعاية صينية، وأحد بنوده إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، خلال مدة لا تزيد على شهرين، فإن الملف الرئاسي اللبناني كان له نصيبه من البحث. ويتولى المستشار العلولا متابعة الملف المذكور، وقد مثّل بلاده في الاجتماع الخماسي الذي استضافته باريس الشهر الماضي بحضور ممثلين إلى جانب دوريل والعلولا، عن الولايات المتحدة ومصر وقطر. ووقتها تم الاتفاق على أن تتولى كل جهة من الحاضرين التواصل مع الهيئات اللبنانية التي تقيم معها أفضل العلاقات. ويعد اجتماع أمس بمثابة متابعة للاجتماع السابق، وتقويم لما حصل في الفترة الفاصلة بين الاجتماعين.

وقالت مصادر متابعة للملف ل"الشرق الأوسط" إن اجتماع الأمس يحل بعد التطور الأخير الذي حصل بين الرياض وطهران، وهي ترى أن له انعكاساته على الملف الرئاسي وعلى الفراغ المؤسساتي الذي يعاني منه لبنان منذ نهاية شهر تشرين الأول الماضي، فيما الوضع الاقتصادي والمالي يزداد تدهوراً.

وأكدت المصادر المشار إليها أن قلق باريس من الفراغ يتصاعد، وهي تتخوف من انعكاساته الاجتماعية والأمنية. ومن هنا، فإن الهم الأول الذي يتحكم في الحراك الفرنسي يتمثل في ملء الفراغ انطلاقاً من مبدأ أن وجود رئيس على رأس الدولة اللبنانية «حاجة ضرورية» لتجنب الانهيار التام. وبما أن الأمور جامدة حتى اليوم في لبنان، والفراغ مرشح ليستمر شهوراً، فإن ما تسعى إليه باريس عنوانه البحث عن اسم يكون مقبولاً من جميع الأطراف، ولا يشكل تحدياً لأحد لا في الداخل والخارج. ويقوم الحراك الفرنسي أو ما يسميه البعض «المبادرة الفرنسية» وفق ما علمت «الشرق الأوسط» على اقتراح «سلة متكاملة» تشمل رئاسة الجمهورية، ورئاسة الحكومة، والالتزام ببرنامج إصلاحي قادر على وضع حد للانهيار، والبدء بإعادة الحياة إلى الدورة الاقتصادية. وفي هذا السياق، فإن باريس ترى أن الخروج من المأزق يتمثل بقبول ترشيح الوزير والنائب السابق سليمان فرنجية، مقابل أن يسمى لرئاسة الوزارة نواف سلام بوصفه إصلاحياً، ويتمتع بعلاقات جيدة عربياً ودولياً.

أما من الجانب السعودي، فإن الموقف الرسمي يؤكد أن الرياض لا تدخل في لعبة الأسماء، وأن المسألة الرئاسية «داخلية لبنانية»، وأن ما يهمها «مواصفات» الرئيس القادم، والسياسات التي ينوي القيام بها، وعلى رأسها الإصلاحات المطلوبة من لبنان، خصوصا من صندوق النقد الدولي. وثمة إجماع على أن موقف الرياض سيكون حاسماً؛ لأن إنقاذ لبنان يتطلب أن ينال مساعدات خارجية، ويرى الجميع أنها لا يمكن أن تأتي إلا من دول الخليج، وأن أمراً كهذا لا يمكن أن يتم ما لم تكن الدول المعنية مرتاحة لهوية وسياسة الرئيس القادم.

بيد أن السير بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية يطرح عدة تساؤلات حول ارتباطاته وعلاقاته وقدرته على السير بخطة إصلاحية، فضلاً عن إمكانية توفير العدد الكافي من النواب، بداية لعقد الجلسات التي تتطلب حضور ثلثي النواب. ثم إن المعارضة اللبنانية ترى أن فرنجية مرشح «الثنائي الشيعي»، وبالتالي سيكون انتخابه بمثابة فرض مرشح غير توافقي تربطه علاقات قوية بالرئيس السوري بشار الأسد وبإيران. وثمة تخوف من أن يفتح انتخاب فرنجية الباب لعودة النفوذ السوري المباشر إلى لبنان.

وركزت المعلومات المسربة عن اللقاء، حسب "الأخبار"، على أن «الفرنسيين يحاولون الاستفادة من الاتفاق السعودي – الإيراني لتمرير التسوية التي طرحوها سابقاً»، إلا أن «الموقف السعودي لم يغادر إطار السلبية، وهو لا يزال عند رفضه مبدأ المقايضة بين الرئاسة والحكومة والقبول بانتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رئيساً».
وقالت مصادر مطلعة إن «وفد الرياض قبل مغادرته إلى باريس عاد إلى طرح معايير ومواصفات محددة والكلام عن الإصلاحات». وتوقعت المصادر أن «يكرر الوفد السعودي موقف بلاده من رفض الانخراط في مسألة المقايضة التي تقضي بانتخاب فرنجية رئيساً مقابل السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة». واللافت أن معاودة الرهان على المسعى الفرنسي، يتزامن مع حركة خارجية في اتجاه الداخل من شأنها ملء «الوقت الضائع» عبر اجتماع «باريس- 2» الذي يتمّ التحضير له، وفي ظل الحديث عن زيارة ستقوم بها مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربرا ليف إلى لبنان الأسبوع المقبل، ضمن جولة لها على دول المنطقة، تشمل مصر والأردن وتونس.

كما رأت صحيفة "الجمهورية" أن العين على اجتماع باريس بين الجانبين الفرنسي والسعودي بمشاركة المستشار نزار العلولا والسفير السعودي في لبنان وليد البخاري ومستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل، الذي قد يؤسس بحسب المصادر، إلى الحلحلة المنتظرة على الخط الرئاسي. الّا أنّ مصادر سياسية أخرى تفضّل ألّا تتسرّع في التقدير وافتراض نتائج ايجابية قد لا تحصل، وتترك هذه النتائج تخبر عن نفسها بنفسها. وقالت لـ"الجمهورية"، انّ "اي نقاش سواء في الداخل او في الخارج، هو امر مفيد، يؤمل ان يخدم العملية السياسية ويقرّب اللبنانيين من خط التوافق على رئيس".

ولفتت الانتباه إلى انّ "ليس في الأفق ما يؤشّر إلى تطورات نوعية، تدفع الى ان نتوقع ان ينتهي اجتماع باريس اليوم، إلى غير ما انتهى اليه الاجتماع الخماسي الفرنسي - الأميركي - السعودي - المصري - القطري، في العاصمة الفرنسية في السادس من شهر شباط الماضي".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o