Feb 28, 2023 5:04 PM
خاص

ملف" موت السجناء" إلى الأمم المتحدة...الأهالي: الغالي راح وعن أي قضاء تتكلمون؟

 المركزية_خاص

14 عاما أمضاها عمر (إسم وهمي) في أحد السجون اللبنانية ولم يتبق من مدة محكوميته سوى 11 شهرا ليخرج إلى الحرية. ظروف السجن حولته إلى هيكل عظمي لا سيما بعد إصابته بأمراض عديدة كان آخرها نوبة قلبية حادة. لكن عدم وجود مستشفى نقال أو طوارئ داخل السجن ناهيك عن غياب الأدوية ساهم في تأزم وضعه الصحي. وبعد ساعة على وصول الطبيب الذي تم استدعاؤه على عجلة، أجريت له الإسعافات اللازمة وتم نقله إلى المستشفى لكنه انتظر لأكثر من ساعة عند بابها ليتمكن بعدها من الدخول إلى البراد جثة هامدة..

قصة عمر تشبه آلاف قصص السجناء الذين تحولوا أسماء في سجلات الوفيات، فمنذ حوالى العام لفظ 24 شخصا أنفاسهم داخل السجون وتحولت أسماؤهم إلى إضبارات منسية في أدراج السجن والأجهزة الأمنية لكن من دون أن يصار إلى التحقيق في أي من أسباب الوفاة.

آخر المتوفين هو محمود الحسن – وربما هناك إسم جديد يسقط مع كتابة هذه السطور الذي وضع حدا لمعاناته من خلال شنق نفسه، وذلك بعد حوالى الثلاثة أشهر من نقله إلى سجن رومية وبالتحديد إلى المبنى (ج) المعروف بمبنى الخصوصية الأمنية، حيث كان يعاني من مرض نفسي وقد حاول سابقاً الانتحار عدة مرات.وفي اليوم الذي وعدت به إدارة السجن أهل محمود بأنها ستحضر طبيبا للكشف عليه اقدم على الإنتحار. وينقل مساجين كانوا يمضون معه فترة العقوبة في نفس الزنزانة أن إدارة السجن كانت ترفض تزويد محمود دواء يخفف اضطراباته النفسية عدا عن شح المواد الغذائية والماء والمعاملة السيئة مما دفع إبن ال32 عاما إلى شنق نفسه عن طريق الإستعانة بغطاء السرير، وربطه في أعلى بوابة السجن، وذلك بعدما نام جميع من معه في الغرفة.

مدير عام مركز سيدار للدراسات القانونية وحقوق الإنسان المحامي محمد صبلوح يوضح عبر "المركزية" أن مسلسل الموت في السجون اللبنانية مستمر بسبب الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية الصعبة جدا "فالوصول إلى الغذاء والمياه النظيفة وتوفير الحد الأدنى من الرعاية الصحية أصبح أمرا صعبا على نزلاء السجون اللبنانية، عدا عن مشكلة الإكتظاظ بحيث يصل عدد السجناء في سجن رومية إلى 4000 ويمضون فترة محكومياتهم وسط ظروف صعبة جدا وهناك عدد كبيرمن السجناء الذين فارقوا الحياة نتيجة الإهمال".

نقطة ثانية ومهمة يثيرها صبلوح وتتعلق بمسألة "استهتار القضاء بأرواح السجناء. فمنذ بداية العام 2022 حتى اليوم وصل عدد السجناء الذين توفوا في السجون إلى 24 ومع ذلك لم يفتح تحقيق بحالة وفاة واحدة . أما أهالي السجناء فيكتفون بالقول عند سؤالهم عن أسباب عدم مطالبتهم بفتح تحقيق حول وفاة السجين "الغالي راح وعن أي قضاء عم تحكي يا إستاذ؟".

إزاء هذا الواقع كان لا بد من التحرك وهذه المرة نحو الأمم المتحدة "هذه الخطوة تأتي بعد عدة حلول تقدمت بها منظمات حقوقية ومحامون لتحسين أوضاع السجون منها تخفيض السنة السجنية لكن الطلب لم يلق آذانا صاغية من قبل السياسيين والسلطات القضائية " وعليه يضيف صبلوح كان لا بد من البحث عن باب أمل جديد لإنقاذ أرواح السجناء وذلك عن طريق تدويل القضية .وقمنا بإعداد كتاب تحت عنوان "نقص الوسائل ليس عذرا لنقص الإرادة"وأرفقناه بالإثباتات والأدلة وأرسلناه إلى المقررين الخاصين لدى الأمم المتحدة ليكون المجتمع الدولي على بينة مما يحصل في السجون اللبنانية من انتهاكات تصل إلى حد الجرائم ضد الإنسانية".

من أبرز النقاط التي تضمنها الكتاب الذي رفعته منظمات وجمعيات إلى الأمم المتحدة، قضية تعذيب السجناء، والاكتظاظ الشديد في مراكز الاحتجاز في جميع أنحاء البلاد، وذلك بسبب الإفراط في استخدام الاحتجاز السابق للمحاكم، وعدم وجود إرادة سياسية لتحسين وضع السجون، عدم وجود آليات مساءلة فعالة ".

ينص القانون اللبناني على ضمان الرقابة على السجون من قبل إدارة السجون التابعة لوزارة العدل، "في حين لا تزال مراكز الاحتجاز تحت سلطة وسيطرة المديرية العامة لقوى الأمن، وهكذا، وفي غياب آلية وقائية وطنية فعالة، لا يبقى أمام المعتقلين خيار آخر سوى تقديم شكواهم بشأن التعذيب أو سوء المعاملة إلى نفس السلطات التي نفّذت هذه الأعمال أو سمحت بها". ويلفت صبلوح إلى ما سبق وذكره وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، بسام مولوي، خلال مؤتمر صحفي عن وجود أكثر من 8000 سجين، من ضمنهم 20،9 في المئة  فقط من المحكومين، أي أن هناك 79،1 في المئة في السجون اللبنانية غير محكومين".

اليوم ينتظر المعنيون عن ملف السجون ان يرفع المقرر الخاص في الأمم المتحدة كتاب مراسلة إلى الحكومة اللبنانية ومساءلتها عن التفاصيل والشكاوى والأدلة الواردة في الكتاب وفي حال لم يتم الإجابة عليها من قبل الحكومة في مهلة أقصاها 60 يوما يرفع المعنيون كتابا يطالبون فيه بوقف إعطاء الدولة أي مبلغ مالي بسبب غياب الثقة بالمؤسسات اللبنانية.

على هذا الأمل، يترقب صبلوح كما كل المعنيين في ملف السجون اللبنانية من منظمات إنسانية وجمعيات حقوقية عدم سماع خبر وفاة سجين. ويختم" يخطئ من يظن أن زمن اهمال السجون اللبنانية يقتصر على السلطة الحالية، والحق يقال أنه  يطال كل الحكومات المتعاقبة. فمشروع القانون الذي تقدّم به مولوي، حول تخفيض السنة السجنية طار بعد كل الجهد الذي قام به لإيصاله إلى البرلمان، وأُجهضت جهوده ورمي الملف في أدراج مجلس النواب كغيره من مشاريع قُدمت خلال فترة الانتخابات للتجارة والتسويق والاستغلال الرخيص لوجع الناس، من دون الالتفات لمصير آلاف السجناء الذين ينتظرون أن يُرفع عنهم الظلم ولو جزئياً". 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o