Feb 15, 2023 4:49 PM
خاص

القضاء يتخبّط في الاستنسابية ... والمصارف تدعو إلى تصويب البوصلة

خاص - "المركزية"

على رغم مطالبة جمعية المصارف القضاء أمس، "بتحمّل مسؤولياته والتنبه إلى الخطر المُحدق بالمصارف وبلبنان جراء التسرّع في الادّعاء على "بنك عوده" بتهمة تبييض الأموال بالرغم من تعاون المصرف بشكل كامل ومن دون تحفظ، باستثناء رفضه مخالفة القانون ومنح معلومات مصرفية بصورة رجعية..."، لم تعدل القاضية غادة عون عن هجومها "المشبوه والعشوائي على القطاع المصرفي"، بل عمدت إلى إرجاء النظر في شكواها ضدّ المصارف إلى يوم الجمعة 18 شباط الجاري لإبلاغ عدد من المصارف التي لم تتجاوب مع قرار رفع السريّة المصرفيّة، وذلك عن طريق اللصق.  
وهذه الهجمة القضائية "الانتقائية"، تجلّت باستنسابيّتها في قرارات القاضية ميرنا عناني التي أصدرت قرارَين قضائيَين متناقضَين، في حق مودِعين لدى مصرف "فرنسبنك"، ما يدلّ إلى التخبّط الذي يعيشه بعض القضاة اللبنانيين في معالجة أزمة المودِعين ولا سيما في "فرنسبنك".
إذ أصدرت القاضية عناني حكماً يُلزم "فرنسبنك" بأن يقبل من أحد زبائنه يمنى الأمين، تسديد قرض بقيمة مليون و50 ألف دولار (1،050،000 دولار) عبر شيك مصرفي بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة، ما يعني قبول شيك بقيمة مليار و600 مليون ليرة لتسديد دين، بما يوازي 24 ألف دولار على أساس سعر صرف السوق الموازية. 
وهنا التناقض في حدّ ذاته.. إذ سبق للقاضية عناني أن أصدرت حكمَين تطالب فيهما "فرنسبنك" بأن يسدّد للمودِع أياد ابراهيم الذي يحمل الجنسية المصرية وزوجته، وديعتَين بقيمة إجمالية تصل إلى 80 ألف دولار نقداً وبعملة الوديعة أي Cash Dollar  لاعتبارها أن الشيك ليس وسيلة إيفاء! 
كما ألزمت القاضية نفسها، "فرنسبنك" مرةً بأن يقبل تسديد دين بالدولار عبر شيك بالليرة اللبنانية، وفجأة أصبح الشيك الذي أصدره المصرف يجب أن يُدفع بالدولار نقداً لاعتبار أن الشيك ليس وسيلة إيفاء!  
مع الإشارة إلى أن كل شيك يُسدَّد استنسابياً بالـFresh Dollar يكون على حساب المودِعين الآخرين. فهل هناك "ناس بالدولار وناس بالليرة؟!"، و"ناس بالشيك وناس بالنقدي؟!"... أين عدالة القانون؟
تساؤلات.. وتوضيح
الاستغراب مما يجري هو ردّة الفعل الأساس لدى الأوساط المالية والمصرفية، خصوصاً في ما يتعلق بطلب رفع السرية المصرفية عن بعض الحسابات التي تختارها القاضية عون من دون أي دلائل أو وثائق تحتّم الكشف عن السريّة المصرفية عن تلك الحسابات! 
"إنه التخبّط في حدّ ذاته" يقول مصدر مالي مطّلع لـ"المركزية"، ويعتبر أنه "إذا كان لا بدّ من رفع السريّة المصرفيّة عن حسابٍ ما، فليشمل الجميع من دون استثناء... بما أن الأزمة نظامية فليتحمّل الجميع المسؤولية".
ويعقّب في السياق: بدل أن نضع المصارف في قفص الاتهام وتحميلها وحدها كامل مسؤولية الأزمة المالية التي وصلت إليها البلاد، لنسأل أين ذهبت الأموال؟ وعلى أساس ذلك فليطالب كلٌ بحقه... إذ نرى تارةً نائب رئيس حكومة تصريف الأعمال سعادة الشامي يتحدث عن خروج 22 مليار دولار من المصارف اللبنانية، ثم حاكم مصرف لبنان يُعلن من جهته أنه ردَّ كل الأموال المودَعة لديه إلى المصارف وزاد عليها 30 مليار دولار!
وهنا يسأل المصدر "إذا كان ذلك حصل فعلاً، فكيف تلحظ ميزانيّة البنك المركزي المعلنة ما يناهز الـ80 مليار دولار تقريباً مجموع ودائع المصارف لدى مصرف لبنان؟!"، ويُضيف: الأموال التي تكدّست في الحساب الجاري الخاص بالمصارف لدى البنك المركزي، هي أموال المودِعين. وقد يكون الأموال التي سلّمها البنك المركزي لبعض المصارف هي بهدف تغطية التزاماتها في الخارج، لكن ذلك لا يعني أنه أعطاها أموال المودِعين! إن أموال المودِعين لا تزال موجودة في حساب جارٍ في مصرف لبنان. فلو أعطى البنك المركزي حسابات المصارف الجارية بالـFresh Dollar لكانت سدّدت أموال المودِعين كافة. لكن مصرف لبنان لا يستطيع ذلك لأنه أقرض تلك الأموال للدولة اللبنانية، وبالتالي لا تقع المسؤولية على البنك المركزي. لكن لا يمكن القول إن هذه الأموال أعطاها للمصارف!  
ويؤكد المصدر المالي أن "كل الأموال التي تم وضعها في حساب جارٍ لأي مصرف بعد العام 2019 تعود إلى المودِع وليس إلى المصرف. فالمصرف يقبض الديون التي سلّفها للقطاع الخاص من أموال المودِعين".  
في خلاصة الوقائع، لا يوجد أقله حتى الآن، ما يؤشّر إلى حدوث أي خرق في جدار إضراب المصارف التي تنتظر مبادرة من الجانب القضائي والتي يعمل عليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كما قيل... فهل ينجح ويُنقذ البلاد من أزمة لن تستثني أحداً؟ 


* * *

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o