Feb 15, 2023 11:32 AM
خاص

ترددات زلزال الشرق الأوسط على الخارطة الجيوبوليتيكية... الأسد "أنا" ومن بعدي الطوفان!

جوانا فرحات

المركزية – من السابق لأوانه ربما ونشدد على عبارة ربما قراءة ما ستكون عليه الخارطة الجيو- سياسية التي ستترتب على ترددات زلزال تركيا وسوريا. في الأساس لا شيء يعلو حتى اللحظة على أصوات من تبقى من عائلات تسأل عن مفقوديها تحت الأنقاض، بعدما خفتت أصوات المفقودين والعالقين هناك.

أيضا لا شيء يمكن أن يغير من خارطة المأساة البشرية التي خلّفها أكبر زلزال في الشرق الأوسط منذ 100 عام وخطف أنفاس حوالى 35 ألف قتيل في تركيا وسوريا. لكن دائما ثمة من يحاول أن يقطف اللحظة حتى لو كانت مأساوية، سوداوية .وثمة من يتلقف اللحظة ومن يلفظها على قاعدة أنا...ومن بعدي الطوفان.

تداعيات الزلزال المدمر فرضت على الكثير من الدول اعادة النظر بالقرارات والمواقف التي كانت اتخذتها في حق كل من تركيا أو سوريا.

نبدأ من سوريا التي كانت حتى لحظة اهتزاز الأرض  تلملم آثار 12 عاما من الحرب المدمرة وتحديدا في شمال سوريا حيث ابتلع الزلزال البشر وما تبقى من أبنية ومراكز تراثية. وعليه، انطلقت نداءات الإستغاثة الدولية وجاء أولها من الجمعية الدولية لحقوق الإنسان، وذلك على لسان أمينها العام ماتياس بونينغ الذي  دعا إلى الفصل بين الشأنين السياسي والإنساني وتقديم مساعدة عاجلة وفورية إلى شمال سوريا والقفز على العقوبات المفروضة لأسباب سياسية.

ما لم يقله بونينغ بالمباشر تم تفسيره لاحقا على لسان الجمعية " العقوبات على سوريا لم تُرفَع إنما تم تعليقها". وهذا أقل ما كان يفترض أن تفعله الدول في وقت تصل فيه إمدادات الإغاثة وفرق الإنقاذ والمتطوعين من العديد من البلدان بشكل جيد ومنظم إلى تركيا حيث الوضع أقل مأساوية على مستوى مقومات صمود الشعب .لكن حجم الكارثة والضحايا حتما الهلع وانطلقت قوافل المساعدات حتى من الدول التي كانت في حالة عداء مع تركيا كالسويد واليونان وإسرائيل وأوكرانيا، عدا عن المنظمات الدولية التي لم تتردد في عرض مساعدتها، ولم ترفضها تركيا .كذلك الأمر حشد الاتحاد الأوروبي أكثر من 30 فريق بحث وإنقاذ وفريق طبي. ومن ضمنها فرق من دول مثل إيران والصين والإمارات العربية المتحدة لمواجهة هذه المأساة الإنسانية. وهذا يثبت أن الكوارث يمكن أن تكون مناسبة للقفز على الخلافات السياسية ولو إلى حين.

فهل يمكن لديبلوماسية الكوارث محو الخلافات السياسية ولو موقتا؟ وهل تعود سوريا إلى أحضان الجامعة العربية وهل يتحول قرار رفع العقوبات عن سوريا إلى إلغائها؟

مدير مركز "مينا جيوبوليتكس" نوفل ضو يستبعد النظريات التي تتحدث عن تغيير في الخارطة الجيوبوليتيكية على خلفية ترددات زلزال تركيا وسوريا. ويتمنى عدم ترميم بعض الآمال على قاعدة الإندفاعة الإنسانية التي تصب حصرا في مساعدة المتضررين من الزلزال وأعمال الإغاثة.

ويلفت ضو عبر "المركزية" إلى أن" المبادرات الإنسانية تساهم إلى حد ما في تبريد الأجواء لكن في علم الجيوبوليتيك لا جديد في هذا الشأن إنما مجرد رسائل وهي كانت تعمل على خط العالم العربي وسوريا قبل الزلزال كما الحال بالنسبة إلى لبنان واليمن والعراق وذلك تحت عنوان "اطلعوا من إيران" لكن من دون جدوى".

كثيرة هي علامات الإستفهام التي ترتسم على طبقات الردم الناتج عن زلزال الشرق الأوسط ورائحة الموت التي خلفها بعدما حصد أكثر من 36 ألف قتيل حتى اليوم. لكن الأهم  السؤال عن إمكانية تلقف كل من الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والسوري بشار الأسد الرسائل التي يرسلها قادة الدول لهما بشكل مباشر؟

بالنسبة إلى أردوغان قد يكون التمس بعض الحماسة من اندفاعة الدول لمساعدة شعبه سواء الصديقة والحليفة أو التي هي في حال عداء معه. أما بالنسبة إلى الأسد، فالأكيد بحسب ضو بأنه لم ولن يتلقف أي من هذه الرسائل "لا بل هو أعجز من أن يتلقفها لأنه ممسوك من قبل روسيا وإيران على رغم انحسار الحركة العسكرية الروسية في سوريا بعد سحب بوتين قواته منها للقتال في حربه مع أوكرانيا . إلا أنه بذلك أخلى الساحة للإيرانيين وأعطى مساحة أوسع من الحرية للإسرائيليين بالتحرك عسكريا وتوجيه الضربات مباشرة إلى عناصر حزب الله الذين تمركزوا بأوامر إيرانية مكان القوات الروسية".  

كل هذه المؤشرات تدل على أن محاولات قادة العرب إقناع الأسد بالخروج من اللعبة الإيرانية والعودة إلى أحضان الجامعة العربية باءت بالفشل، ولا توحي بأي إيجابية على رغم فداحة الكارثة التي خلفها الزلزال. وهو بذلك لا يختلف عن باقي رؤساء الدول الخاضعة للمحور الإيراني" .

ويضيف:" وكما في سوريا كذلك في إيران ولبنان واليمن .أنظمة لا تهتم إذا جاع شعبها أو مات من الفقر أو تحت أنقاض ركام الإنهيارات الناتجة عن الزلازل. همهم أن يبقوا على كراسيهم".

ثمة من يؤكد أن التحول الكبير في سوريا يبدأ بإسقاط النظام. لكن العبرة التي استخلصتها الشعوب العربية بعد إسقاط نظام صدام حسين لا تبشر بالخير " أساسا بشار ساقط والنظام الإيراني يدير الحكم في سوريا". بناء على ذلك يختم ضو" خلصنا من الإيديولوجيات العربية السياسية وفتنا بإيديولوجيات الإسلام السياسي المتمثل بإيران".  

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o