Jan 26, 2023 5:58 AM
صحف

25 كانون الأسود… القضاء "ينتحر"!

أشارت "النهار" الى ان 25 كانون الثاني 2023  تحول الى محطة في سلسلة تواريخ سوداء من التفكك والتفتت والانهيارات التي شهدها لبنان، بحيث سيثبت انه اليوم الذي توج السقوط المدوي للقضاء اللبناني امام سطوة الفجور السياسي واجنداته من جهة والعجز والتواطؤ والتفرد والتفكك من جهة أخرى. بيد قضائية وسلطة قضائية سيكتب ان التحقيق في انفجار مرفأ بيروت فجر امس، وان ضحايا تفجير 4 اب 2020 سقطوا ثانية شهداء لانتحار القضاء اللبناني. لم يكن ما جرى امس في الافراط المخيف في الرد على المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار سوى اطلاق رصاصة الرحمة على التحقيق في انفجار العصر بيد النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات. شن عويدات حربا على بيطار لا حدود للافراط فيها، فاطلق جميع الموقوفين في ملف انفجار المرفأ، وانهى تنحيه عن الملف، وطارد بيطار مدعيا عليه ومانعا إياه من السفر وطالبا مثوله للتحقيق امامه بما لم يسبق ان شهده القضاء في تاريخه. وبين موجات “التقاصف” بالإجراءات والإجراءات المضادة، اختفى أي حضور لمجلس القضاء الأعلى ورئيسه امس كما قبله وكأن الامر يحتمل ترف الانتظار الى اليوم كما تفرجت الحكومة وتتفرج على ابشع ما عرفه تهاوي المؤسسات في لبنان مذكرا بتجربة الحرب المدمرة.

والحال ان تخلية جميع الموقوفين في ملف المرفأ بعد الهجوم الصاعق الذي شنه بلا أي ضوابط النائب العام التمييزي غسان عويدات على المحقق العدلي طارق بيطار، أعاد الى الذهان صورة فتح السجون وخروج السجناء جماعيا خلال حقبات الحرب اكثر منه كاجراء نظامي قضائي مدروس على إيقاع العدالة المجردة، اذ اختلط الشخصي بالسياسي في إجراءات الرد علي بيطار وغلب عليها وقع انتقامي فاضح نزع عنها كل الطابع الرصين المتشدد الذي يطبع الإجراءات القضائية المتجردة والموضوعية. وذهب المراقبون والخبراء الى التخوف الكبير من ان يكون القضاء اللبناني اختط لنفسه عبر التطورات الأخيرة صورة غير قابلة للترميم بعدما بدا كانه تهاوى و”انتحر” تحت وطأة ممارسات التفلت والتفكك والارتجال والتسييس وحتى سقوطه في شبهة الشخصنة وخدمة أعداء التوصل الى الحقيقة والعدالة في تحقيق انفجار المرفأ بحيث رسمت علامات ريبة امام المدى المفرط الذي طبع هجوم عويدات امس .

من جهتها، لفتت "نداء الوطن" الى ان في إطار استكمال هجمته المرتدة على المحقق العدلي التي بدأها الثلاثاء بتعميمه على الأجهزة الأمنية عدم تنفيذ قرارات الاستدعاء الجديدة وإخلاءات السبيل التي سطرها البيطار بعد استئناف مهامه، قرر عويدات أمس إطلاق سراح جميع الموقوفين على ذمة التحقيق العدلي في جريمة انفجار مرفأ بيروت، وادعى في المقابل على المحقق العدلي أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز، وكلّف المدير العام للأمن العام وضع إشارة منع سفر بحقه، متجاوزاً صلاحياته وأصول التقاضي بشهادة النائب العام التمييزي السابق القاضي حاتم ماضي الذي جزم بأنّ خطوات وإجراءات عويدات غير قانونية ولا يحق للنائب العام التمييزي اتخاذها، مؤكداً أنّه لا يملك حقّ تخلية سبيل الموقوفين في قضية انفجار المرفأ باعتباره حقاً لصيقاً بشخص المحقق العدلي حصراً، كما لا يملك صلاحية إصدار إشارة بمنعه من السفر.

ورغم ذلك، آثر عويدات الإسراع في تنفيذ قراره إطلاق جميع الموقوفين من دون استثناء، بينما تولى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وضع موظفي الفئة الأولى منهم بتصرّف رئيس مجلس الوزراء اعتباراً من اليوم، ووضع الموظفين من غير الفئة الأولى بتصرف الوزراء المختصين، وذلك بعدما ترددت معلومات عن نية مدير عام الجمارك المخلى سبيله بدري ضاهر التوجه إلى مقر عمله في المرفأ لاستئناف مهامه على رأس المديرية العامة للجمارك.

وإذ تداعى أهالي ضحايا انفجار المرفأ مساءً إلى محيط منزل عويدات احتجاجاً على استيلائه على القضية، مذكّرين بأنه كان المسؤول القضائي الأول عن إعطاء إشارة تخزين شحنة "نيترات الأمونيوم" التي انفجرت وأودت بحياة أولادهم في 4 آب من العام 2020، علمت "نداء الوطن" أنّ اجتماعاً تنسيقياً عقد أمس بين المكونات النيابية في قوى المعارضة وتقرر في ضوئه مواكبة تحرك أهالي الضحايا اليوم أمام قصر العدل، على أن يلتقي عدد من نواب المعارضة رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود لهذه الغاية، في حين جددت وزارة الخارجية الأميركية التأكيد مساءً على أنّ "ضحايا انفجار مرفأ بيروت يستحقون العدالة ويجب محاسبة المسؤولين" عنه.

وبانتظار ما سيخلص إليه اجتماع مجلس القضاء ظهر اليوم خصوصاً بعدما أدى عويدات مهمة إخلاء سبيل الموقوفين في جريمة انفجار المرفأ التي كان من المنوي إيكالها إلى محقق عدلي رديف، أكد المحقق العدلي الأصيل عزمه المضي قدماً في مهامه وتحقيقاته في ملف انفجار المرفأ، وقال القاضي البيطار لـ"نداء الوطن": "أنا سيّد الملف ومكمّل للأخر"، مشدداً على أنه لن يمتثل لاستدعاء النائب العام التمييزي له، وأضاف: "كنت أعلم منذ البداية أنها معركة غير سهلة لكنني باسم العدالة سأواصل مهمتي".

وفي سلسلة تصريحات صحافية أخرى، أكد البيطار أنّ "القاضي عويدات لا يمكنه الادعاء على قاض سبق وادعى عليه بجريمة المرفأ لتعارض المصالح"، ونبّه القوى الأمنية إلى أنّ تجاوبها مع قرار عويدات بإخلاء سبيل الموقوفين على ذمة التحقيق العدلي هو بمثابة "انقلاب على القانون"، لافتاً إلى أنّ "المحقّق العدلي وحده من يملك حقّ إصدار قرارات إخلاء السّبيل ولا قيمة قانونية لقرار النائب العام التمييزي" بهذا الصدد، مع إبداء إصراره في المقابل على الاستمرار في واجباته في ملف انفجار المرفأ حتى صدور القرار الاتهامي ... "وسأصدره سواءً كنتُ في مكتبي أو منزلي أو الحبس".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o