Dec 22, 2022 4:38 PM
خاص

تنظيف البيت القضائي بدأ... قرارا الفصل والتوقيف صدرا فمن التالي؟

المركزية – خاص

قراران قضائيان خلال أسبوع واحد أيقظا السلطة القضائية من سباتها العميق والقسري وأثبتا للرأي العام أن مطرقة العدل لا تزال تعمل ولا شيء يهز هيبتها.

القرار الأول صدرعن وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري، وقضى بـ"توقيف القاضي شادي قردوحي، المحال على المجلس التأديبي الخاص بالقضاة العدليّين، عن العمل، حتّى انتهاء المحاكمة التّأديبيّة، على أن يتقاضى نصف رواتبه وتعويضاته طيلة فترة وقفه عن العمل".

أما القرار الثاني والذي شكل صدمة في الجسم القضائي وأوساط الرأي العام كونها المرة الأولى في تاريخ السلك القضائي في لبنان التي يعاقب فيها قاضٍ بالطرد بسبب الإهمال الوظيفي فقد صدر عن المجلس التأديبي للقضاة، برئاسة القاضي جمال الحجار وعضوية القاضيين أيمن عويدات وميرنا بيضا، بحق القاضي مارسيل باسيل وقضى بفصله على خلفية تراكم ملفات غير منجزة في عهدته.

في التوقيت تبدو هذه القرارات لافتة خصوصا أن الإعتكاف القضائي مستمر منذ أربعة أشهر وشؤون الناس والمحكومين معطلة. لكن ثمة مؤشر من خلال التغريدات الداعمة للقاضي باسيل أولها وأعنفها من القاضية غادة عون وأخرى من مرجعيات حزبية معينة، مما يؤكد أن عملية "شطف" البيت القضائي بدأت وستستكمل مهما ارتفع مستوى سقف التغريدات ومهما تضمنت ما يشبه التهديد والوعيد بأن القاضي المطرود سيستأنف ويعود حيث يجب أن يكون!.

"ما هو مطلوب من الجسم القضائي لا ينطبق على سواه" بهذه العبارات يستهل القاضي شكري صادر كلامه لـ"المركزية" ويتوقف عندها لتلمس الأسباب التي استوجبت اتخاذ المجلس التأديبي قراري الفصل وتعليق العمل بحق القاضيين قردوحي وباسيل ويقول" أبرز المعايير التي يجب أن يتمتع بها القاضي النزيه هي الإنضباط وعدم الإنخراط بوظيفة ثانية باستثناء التعليم في مادة القانون والحفاظ على سرية المذاكرة. هذا الإنضباط بقي عنوان السلطة القضائية والجسم القضائي حتى العام 1975 بداية الحرب لكن الذروة تفشت في الأعوام الأخيرة مع تحول القضاء إلى سلطة رمزية ومحاصصات وفساد دفع ثمنها فئة لا يستهان بها من القضاة النزيهين".

مستغربا الكلام عن أن عملية فصل القاضي باسيل تشكل سابقة في تاريخ القضاء، يؤكد صادر أنه منذ تسلم رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود مهامه وصل عدد القضاة الذين اتخذ في حقهم قرار الفصل 13 قاضٍيا وذلك وفق أحكام صادرة عن المجلس التأديبي "لكن منذ توقف المجلس التأديبي عن تأدية مهامه بسبب الضغوطات والتبعيات والمحاصصة وتدخل السياسيين في عمل القضاء توقفت ماكينة المحاسبة بدليل أن هناك 24 دعوى قضائية على القاضية غادة عون" فهل تصدر الأحكام بعد إحالتها إلى التقاعد؟

في مسألة توقيف القاضي قردوحي، يلفت صادر إلى أن الأخير "كان فاتح ع حسابو. فالممارسات التي قام بها من اتهامات زملاء بالرشوة والفساد بالجملة وشتم مرؤوسيه على وسائل التواصل الإجتماعي وسواها من الممارسات التي تمس بهيبة القضاة والجسم القضائي مما استوجب إحالته إلى التفتيش القضائي الذي تولى التحقيق في الملف وأحاله إلى المجلس التأديبي فكان قرار توقيفه عن العمل مدة 6 أشهر كما ورد في قرار وزير العدل هنري خوري. "والقرار مبرر" بحسب صادر لأن قردوحي لم يعد أهلا لأن يكون من عائلة القضاء وقد اتخذ بالتوافق بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى والمجلس التأديبي".

في ما يخص القرار الصادر بحق القاضي  باسيل يرجح صادر أن ثمة قطبة مخفية في الأسباب وهي التخلف عن إصدار الأحكام التي بلغ عددها حوالى 300 حكم كان ينبغي عليه إصدارها. وعلى رغم ترقيه عام 2017 وتعيينه قاضي تحقيق عسكري، إلا أن مهمة إصدار الأحكام في الملفات غير المنجزة تبقى على عاتقه.

وفي السياق، يلفت  صادر أن "في حالات مماثلة تصدر أحكام بتخفيض درجات القاضي أو بتوجيه إنذار بحسب سلم العقوبات لأن قرار الصرف لا عودة عنه. من هنا أرجح أن تكون هناك أسباب أخرى أو قد يكون قرار المجلس التأديبي ناتجا عن فداحة الشكاوى المكسورة والتقصير الفاضح في أداء الواجب خصوصا أنه تلقى إنذارات سابقة ولم يرتد".

إذا خطوة "شطف البيت القضائي" بدأت وأثارت ريبة لدى عدد كبير من القضاة الذين حولوا الجسم القضائي إلى "سلعة" وساحة لتصفية الحسابات وفق أوامر المرجعيات السياسية والحزبية التابعين لها. " كان من الضروري البدء بعملية تنظيف البيت القضائي بعدما حوله البعض إلى مسخرة" يقول صادر. وعند سؤاله عن توقيت يقظة المجلس التأديبي من غيبوبته يقول" رئيس المجلس التأديبي الأصيل أحيل إلى التقاعد وحاليا يتولى أحد القضاة المهام بالإنابة. والأكيد أن السلف كان يعمل وفق أجندة سياسية وبما هو مطلوب منه .لكن زمن "الحاكم بأمره" انتهى وإن كان يملك حتى اللحظة بعض النفوذ ".

ويختم صادر مؤكدا أن "التدابير القانونية المتخذة بحق القاضيين قردوحي وباسيل قانونية بحت. والأكيد أن ورشة "التنظيف" ستشمل كل من فكر في لحظة ما  أن القضاء في لبنان بات في قبضة السياسيين وتصرّف على هذا الأساس، وكل من لا يزال يتطاول على القضاء وشكل حالة تمرد داخل الجسم القضائي". فهل من مبرر للسؤال عن إسم القاضي أو القضاة الذين ستشملهم قرارات"التأديبي"؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o