Dec 22, 2022 1:10 PM
اقتصاد

افتتاح "منتدى الاقتصاد العربي" في حضور أكثر من 400 مشارك
ميقاتي يحذّر: لبنان على مفترق طرق.. النّهوض أو التّدهور!
شقير: ستتحقق تطلعات بن سلمان إلى أن أوروبا الجديدة ستكون الشرق الأوسط

المركزية- طالب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي المسؤولين كافة بأن يترفّعوا عن مصالحهم الضيّقة وبأن يبدوا المصلحة العامة ويعزّزوا القواسم المشتركة. وأشار إلى أن "لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم"، مضيفاً: "في حال تحقّق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما  يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل. وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة". وقال "أما السيناريو المعاكس، لا سمح الله، فسوف يؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية بشكل عام".

 برعاية وحضور الرئيس ميقاتي، افتتح "منتدى الاقتصاد العربي" بدورته الـ 28 أعماله في فندق "فينيسيا انتركونتيننتال" في بيروت تحت عنوان: "لبنان: الطريق إلى النفط"، في حضور أكثر من 400 مشارك من لبنان ومن نحو 30 بلداً، من بينهم عدد من الوزراء اللبنانيين الحاليين والسابقين وعدد من النواب الحاليين والسابقين، إضافة إلى رؤساء الهيئات والغرف الاقتصادية والمهنية وقادة الشركات المالية والصناعية والتجارية والاستثمارية عامة.

واكتسب المنتدى أهمية خاصة سواء من حيث توقيت انعقاده أو مضمونه، خصوصاً أنه شكل بارقة أمل لخروج لبنان من أزمته، إذ شكل حضور أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط تأكيد على الاحتضان العربي للبنان، في حين أكد الحضور الحاشد للقطاعين الخاص اللبناني والعربي الايمان بالفرص المستقبلية في لبنان. كذلك، شكل حضور مجالس الأعمال اللبنانية في الاغتراب، أهمية دور الاغتراب في تحريك العجلة الاقتصادية. وأجمع المتحدثون على أهمية استمرار انعقاد المؤتمرات الاقتصادية كمنصة للتفاعل اللبناني والعربي. هذا، وتنظم المنتدى مجموعة الاقتصاد والأعمال بالاشتراك مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية واتحاد الغرف العربية والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان "ايدال" بالتعاون مع جامعة الدول العربية.

ميقاتي..

وفي ما يلي نَصّ كلمة ميقاتي: "أهلاً وسهلاً بكم في منتدى الاقتصاد العربي الذي تنظمه "مجموعة الاقتصاد والاعمال" والذي ينعقد هذا العام بعنوان "لبنان: الطريق الى النفط"، ويشكّل فرصة للتواصل حول المسائل الاقتصادية الأساسية في منطقتنا العربية في ظل تلاقي شخصيات ومرجعيات وخبراء مرموقة من لبنان والعالم.

بداية، لا بد من الاعتراف بأن العالم يمر الان بحقبة تتميز بتحديات اساسية انطلاقا من تأثير المتغيرات المناخية وصولا الى الصراعات الدولية المستجدة وخصوصا الحرب في اوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة وغيره. أما الاقتصاد العربي فواصل تعافيه هذا العام وذلك للعام الثاني على التوالي، حيث يقدّر صندوق النقد الدولي أن يسجّل نمواً حقيقياً نسبته 5.0% في العام 2022، علماً أنه ثاني أكبر نمو مناطقي في العالم. 

وفي لبنان، ورغم الضغوطات الماكرو-اقتصادية المستمرة والاختلالات المالية المتواصلة في ظل تشنج سياسي متعاظم، عاد الاقتصاد ليسجل هذا العام نموا يقارب 2% بالقيم الفعلية، بعد الانكماش الصافي الملحوظ الذي شهده منذ بداية الازمة. ولعل نمو الاستيراد بنسبة 44% في الأشهر الاحدى عشرة الأولى من هذا العام مردّه الى تحسن النشاط الاقتصادي المحلي في ظل ارتفاع الطلب الداخلي.

هذا النمو يترجم عبر عدد من المؤشرات الماكرو الاقتصادية والتي من أبرزها:

-تحسن قطاع البناء مع ارتفاع تسليمات الاسمنت بنسبة 36% في الأشهر السبعة الاولى من العام 2022 ، مما قد يؤدي الى نشاط اكبر في القطاع العقاري، خايك في ظل مواصلة نمو الرخص في الأشهر الاولى من العام 2022 الممنوحة من قبل نقابة المهندسين، ما قد يؤدي إلى نشاط أفضل في القطاع العقاري مستقبلاً.

-ارتفاع تدفق الزائرين عبر مطار بيروت بنسبة 53% خلال الأشهر العشرة الاولى من العام 2022

-التحسّن الموازي في التدفقات المالية بالعملة الصعبة باتجاه الاقتصاد المحلي.

-زيادة عدد السياح بنسبة 70% في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، مع توقع موسم مزدهر لعيدي الميلاد ورأس السنة.

-تحسن النشاط الفندقي مع ارتفاع نسبة اشغال الفنادق من 45% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2021 الى 55% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2022.

-زيادة تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 7% في العام 2022 لتبلغ 6,8 مليار دولار.

إلا أنّه لا شك ان القطاع الخاص اللبناني ما زال يعمل دون قدرته الإنتاجية بشكل ملحوظ ويتطلع إلى استتباب الأوضاع السياسية العامة وتجاوز الاستحقاقات الدستورية الداهمة من أجل استعادة عامل الثقة والتوصل إلى توافق حول الأجندة الإصلاحية وإبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي من أجل إعادة البلاد إلى مسار النمو المرجو  واحتواء الضغوطات الجمّة التي ما زالت ترزح تحتها الأسر اللبنانية في يومنا هذا.

أما من ناحية القطاع العام، فهو بات يرزح تحت أزمة هائلة حيث أنّ مجمل الموازنة لا تتجاوز المليار دولار بالدولار النقدي مقابل ما يقارب 17 مليار دولار في موازنة العام 2019، ما يحدّ من الموارد المتاحة للبنى التحتية والنفقات التشغيلية والاستثمارية.
يبقى القول إن جهود ترشيد الانفاق وتعزيز مداخيل الدولة يجب ان تكون من أولوية الدولة في المستقبل المنظور كون اختلال المالية العامة من أبرز المعضلات التي ترهق الاقتصاد الكلّي ومعالجتها تشكل مدماكا أساسيا للبدء بالخروج التدريجي من الازمة القائمة.

على مشارف عام جديد، فان لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم. ففي حال تحقّق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما  يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل.

وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة 

أما  السيناريو المعاكس، لا سمح الله،فسوف يؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كافة القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية بشكل عام.
في ظل هذه المفارقة، نحن نطالب بأن يترفّع كافة المسؤولين السياسيين عن مصالحهم الضيقة ويبدّون المصلحة العامة ويعززون القواسم المشتركة، ما يؤسس للخروج من الكبوة القاتمة واحتواء المخاطر الكامنة والى الانتقال الى حقبة من النهوض الاقتصادي المرجو في الأفق.

لقد انجزت الدولة اللبنانية اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوباً وأطلقت عملية الاستكشاف في البلوك رقم 9 وسوف تقوم الشركات المكلفة بذلك بحفر بئر استكشافي في العام 2023. وفي حال أتت نتائج التنقيب إيجابية، يتعزز عامل الثقة في الاسواق. وبما أن عنوان المؤتمر اليوم هو "الطريق إلى النفط"، من المهم القول أن استكشاف الغاز سيدرّ مكاسب اقتصادية هامة على لبنان، أولاً من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وتالياً من خلال تعزيز إيرادات الدولة في حال تبيّن أن الموارد الهيدروكربونية قابلة للتسويق. كما أن انتعاش القطاع الهيدروكربوني في لبنان سيخفض من عجز قطاع الطاقة ويعزز الوضعية الخارجية للبنان ويساعد على الولوج الى نهوض اقتصادي عام. 

إن عملية المسار السريع للاستكشاف (Fast Track Exploration) وفي حال وجود كميات تجارية سوف يستتبعها تطوير للحقل بالسرعة القصوى، وذلك لإمداد السوق المحلي بالغاز الطبيعي،وعلى وجه التحديد معامل الكهرباء ،بدءاً بمعمل الزهراني جنوباً حتى دير عمار شمالاً. وسوف يكون هناك دور كبير للقطاع الخاص في عملية تمويل وإنشاء البنى التحتية للغاز الطبيعي،مما سيساعد على خفض كلفة الكيلوات ساعة وسوف يسهم في تنمية الصناعات المحلية التي سوف تعتمد على الغاز الطبيعي.
ولتحقيق النتائج المثلى والمنفعة القصوى من الإدارة الرشيدة لموارد الطبيعية، لا بد من إشراك كافة شرائح المجتمع ولا سيما الفعاليات الإقتصادية والتي هي على تماس مباشر مع قطاع النفط والغاز وخاصة في مراحله الأولى من التنقيب والاستكشاف ولاحقاً في مرحلتي التطوير والإنتاج.

إن مستوى المنفعة للمحتوى المحلي (Local Content) يُقاس بقدرة القطاعات الاقتصادية، لاسيما القطاع الخاص، على تقديم الدعم والمساهمة في الأنشطة البترولية من خلال توافر الخدمات والسلع محلياً. كما أنه من شأن تلك المساهمة تحسين الدورة الاقتصادية من خلال خلق فرص عمل جديدة وبناء قدرات وكفاءات محلية من جراء تحسين نوعية السلع والخدمات المطلوبة من قبل شركات النفط العالمية وذلك للحفاظ على خصوصية القطاع مع الأخذ بعين الاعتبار أولويات الحفاظ على البيئة والصحة والسلامة العامة. 

كما إن الحكومة تعمل جاهدةً على إعطاء الاولوية لقطاع الطاقة في لبنان لما لهذا القطاع من تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني، ونأمل في العام المقبل أن يكون عنوان مؤتمركم"لبنان بلد نفطي.

أتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق وكلنا امل ان تبقى بيروت ملتقى اللقاءات الجامعة وشكرا لرئيس مجموعة "الاقتصاد والاعمال" الاستاذ رؤوف ابو زكي على جهوده. وفقكم الله".

أبو الغيط..

بدوره، تناول الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الصعوبات الاقتصادية في لبنان وتبعاتها الاجتماعية والإنسانية والأمنية المثيرة لقلق، مشيراً إلى أن ثمة تدهوراً خطيراً في الناتج المحلي الإجمالي، وفي قيمة العملة، ومعدل البطالة نحو 30 في المئة.

وشدد على أن الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من الأزمة باتت ضرورة مُلحة ولا تقبل التأجيل، خصوصاً في ضوء تفاقم أزمتي الغذاء والطاقة، وما يشهده الاقتصاد العالمي من ظروف زادت من صعوبة الأوضاع ما يشكل باعثاً للإسراع بالإصلاح.

وأوضح أن الخطوة الأولى على "الطريق إلى النفط" هي الإصلاح، داعياً إلى الجدية في إصلاح النظام المالي والمصرفي وهيكلة الدين العام بما يمكن من استعادة الثقة في النظام المصرفي، والحفاظ على حقوق، ووقف الانهيار في قيمة العملة المحلية.

كما دعا إلى ضرورة استكمال بنود الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي عبر إقرار القوانين اللازمة تمهيداً للتوصل إلى اتفاق نهائي يسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي، ويفتح الطريق أمام تدفق أكبر للمساعدات الدولي، مشدداً على أهمية تكريس الثقة تشكل التي جوهر الإصلاحات المطلوبة.

ودعا أبو الغيط إلى ضرورة الإسراع في إنهاء الشغور الرئاسي، منبهاً القيادات السياسية الالتفات إلى خطورة اللحظة التي يمر بها البلد وتجاوز الانقسامات واحتواءها وسط ظرف دولي مضطرب، داعياً إلى إبقاء قنوات الحوار مفتوحة بين جميع القوى والتيارات السياسية، مؤكداً أن الجامعة العربية على أتم استعداد للقيام بما يُطلب منها في هذا الصدد.

ناس..  

من جهته، انطلق رئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير ناس من التأكيد على أن القطاع الخاص العربي والخليجي، يقف إلى جانب نظيره اللبناني، حتى يستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته، مشيراً إلى  إن الحضور العربي في المنتدى، يهدف إلى دعم مسار التعافي والإصلاح الاقتصادي، والمساهمة في دفع مسيرة الاستقرار والنمو في لبنان، متعهداً العمل على تشجيع وتحفيز عودة الاستثمارات، خصوصاً وأن لبنان يزخر بالإمكانات والموارد البشرية والطبيعية والمشاريع المنتجة، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يؤهله لأن يكون مركزاً لوجستيا لحركة التجارة عربياً، وإقليمياً، ودولياً.

ووجه ناس بضرورة العمل لإخراج لبنان من النفق، والعمل على تجديد الثقة باقتصاده والعمل على عودته إلى خارطة الدول المزدهرة، مؤكداً دعم القطاع الخاص العربي للبنان وتقديم كل ما من شأنه تحقيق ذلك.

واعتبر ناس أنّ إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية، يشكل رافعة للنهوض من حال الانهيار واستعادة الثقة المحلية والعربية والدولية بالاقتصاد اللبناني، على الرغم من أنّ الفوائد المحتملة لا تلغي أهمية المضي في مسار الإصلاحات التي لا بد للبنان القيام بها في أسرع وقت، وفقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ورأى أن منتدى الاقتصاد العربي يشكل بارقة أمل لعودة لبنان إلى تألقه بخطوات ثابتة وواثقة، ونأمل الإسراع باتخاذ كل ما يلزم من الإصلاحات المطلوبة لاستعادة الثقة.

شقير..

ثم كانت كلمة لرئيس الهيئات الاقتصادية الوزير السابق محمد شقير جاء فيها: "يطيب لي بداية الترحيب بالأشقاء العرب في بلدهم الثاني لبنان وعاصمته بيروت التي تفتح ذراعيها معبرةً عن إشتياقها لكم ولحضورِكم وللأيام الجميلة التي لا بد أن تعود قريباً.

فعلاً أنه يوم مشرق على الرغم من العواصف، فبيروت بكم تفرح ومعكم تزهو وتزداد تألقاً وجمالاً. أهلا وسهلاً بكم جميعاً.

يقولون أن الروابط والعواطف لم يعد لها مكاناً في عالم اليوم خصوصاً في مجال العلاقات الدولية، لكننا وبعكس ذلك لا نزال نؤمن بأن لكل دولة عربية مكانتها الخاصة لدى شقيقتها الأخرى، إنطلاقاً مما يجمع بينها من تاريخ وأخوة وأصالة وحضارة.

فرجاءً لا تبتعدوا عن لبنان ولا تتركوه وحيداً، فهو بأَمَسّ الحاجة للحضن العربي المحب، كي ينهض ويستعيد عافيته ودوره الريادي بين أشقائه والعالم.

السيدات والسادة،

في منتدانا اليوم وفي كل المنتديات والمؤتمرات اللاحقة، عنواناً أساسياً يجب أن يتصدر إهتمامنا وتركيزنا إنطلاقاً من مدى أهميته وتأثيره الجذري   والفاعل في الإقتصاد العربي،

وهو التطورات الهائلة الحاصلة في الدول الخليجية الشقيقة، إن كان على مستوى دورها أو على مستوى الإنجازات الباهرة والتقدم القياسي المحقق في مختلف المجالات، من تنويع الإقتصاد الى الطاقة النظيفة والعلم والتكنولوجيا والمشاريع المستقبلية الرائدة، والذي جعلها لاعباً أساسياً في الإقتصاد العالمي وقاطرة للنمو في المنطقة.

ما يعزز هذا التوجه، توقيع المملكة العربية السعودية مؤخراً 34 إتفاقية اقتصادية استراتيجية مع الصين بقيمة 30 مليار دولار، في حدث تاريخي استثنائي سيكون له تأثيراً إيجابياً كبيراً في المسار الإقتصادي والدور الإقليمي والدولي للمملكة. 

وأيضاً الحدث الإستثنائي الثاني، يتمثل بمونديال قطر 2022. وهنا أغتنم المناسبة كي أتقدم بإسم الجميع بالتهنئة القلبية لدولة قطر الشقيقة قيادة وشعباً على هذا التنظيم الرائع والنجاح الباهر الذي رفع رؤوس العرب عالياً.

إزاء كل ذلك وكل ما يحصل من تطور وتسارع إيجابي لمجريات الأمور، فإنني على ثقة بأن تطلعات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بأن أوروبا الجديدة ستكون الشرق الأوسط، ستتحقق بإذن الله.

وبناء عليه، أقترح على المؤتمرين، أن يتم إعداد مؤتمراً إستثنائياً لمنتدى الإقتصاد العربي يكون موضوعه: الطريق الى شرق أوسط جديد، إستجابةً لتطلعات الأمير محمد بن سلمان، بهدف وضع خارطة طريق للوصول الى الأهداف المرجوة.

من مسؤوليتنا كقطاع خاص أيضاً أن نصب تركيزنا وجهودنا على التشبيك بين إقتصادات الدول العربية غير الخليجية وبين إقتصادات الدول الخليجية لترسيخ وتوسيع النشاط الإقتصادي وزيادة النمو وتعميم الفائدة والازدهار.

دولة الرئيس،

من منتدى الإقتصاد العربي، أود أن أتوجه بالتحية لدولتك لما تتحمله من عبءٍ ومسؤوليةٍ كبيرةٍ في هذه الظروف الدقيقة التي يمر فيها بلدنا لبنان. ونحن في القطاع الخاص ثقتنا كبيرة بك وندعم جهودك الوطنية المخلصة لحماية الوطن وتمرير المرحلة بأقل خسائر ممكنة.

وفي هذا الإطار، يسجل لحكومتك أنه في عهدها تم ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وهو إنجاز تاريخي للبنان من شأنه أن يُغَير المسار القاتم القائم.

من هنا يمكن القول، أن لبنان بدأ فعلياً السير على الطريق الى النفط، خصوصاً أن كل المعطيات تؤكد على أن التقدم على هذا المسار حاصل، إن كان بالنسبة للإستكشاف حيث أعلنت شركة توتال أنها ستبدأ عملية الحفر مطلع النصف الثاني من العام 2023، في حين أن الدراسات والمسوحات التي أُجرِيَت تظهر وجود مكامن نفط وغاز في مياهنا الإقليمية.

من هذا المؤتمر، أدعو القطاع الخاص العربي، للإطلاع على الفرص المتاحة في لبنان في مجال النفط والغاز والدخول في إستثمارات مباشرة وبشراكة مع القطاع الخاص اللبناني، في هذا القطاع الواعد، خصوصاً أنه مع إكتشاف الغاز، ستكون المتطلبات كبيرة وهي تتعلق بالبنى التحتية للإستخراج والتخزين والتوزيع والإمداد فضلاً عن الأمور اللوجستية وغير ذلك.

 يبقى أمراً وحيداً، يُرتَبط به نجاح أو فشل كل الأمور، وهو إستقامة الوضع السياسي في لبنان.

لذلك نسأل الله عز وجل في زمن الأعياد المجيدة، الميلاد ورأس السنة، أن يلهم بعض القوى السياسية ويعيدها الى رشدها لتسهيل عملية إنتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإنقاذ البلد ووضعه على المسار الصحيح وإنصاف اللبنانيين.

الشكر والتحية لمجموعة الإقتصاد والأعمال ورئيسها التنفيذي الأستاذ رؤوف أبو زكي ولكل القييمين على المؤتمر والمساهمين فيه ولكل الحاضرين من أشقاء عرب ولبنانيين.

ختاماً أتوجه بالمعايدة للجميع متمنياً لكم ولجميع اللبنانيين والعرب أياماً أفضل وأجمل بإذن الله".

أبو زكي

من جهته، استهل الرئيس التنفيذي لمجموعة "الاقتصاد والأعمال" رؤوف أبوزكي كلمته بلمحة عن المنتدى بعد توقف قسري فرضته جائحة كورونا وظروف لبنان المعقدة، مشيراً إلى أن المنتدى استقطب على مدى السنوات الماضية معظم رؤساء الحكومات من دول المنطقة، وهيئات التمويل العربية والدولية ورؤساء المصارف والمستثمرين العرب والدوليين. وأضاف:" ها نحن نعود مع "فينيسيا"، وكأن هناك ما يشبه التلازم بين المنتدى والفندق، معتبراً أنهما يشكلان رمزية للاستثمار والنهوض في لبنان".

ولفت أبوزكي أنه لم يكن لهذا المنتدى أن يعود وينعقد لو لم تبرز بوادر إيجابية في لبنان، انطلاقاً من ترسيم الحدود البحرية وإمكانية استخراج النفط والغاز. وقال:" نعود اليوم مع تباشير الطاقة وتشجيع من دولة الرئيس نجيب ميقاتي، والذي عايش ولادة هذا المنتدى، بل وعايش تجربة مجلة ومجموعة "الاقتصاد والأعمال"، ونحن هناك معاً يا دولة الرئيس نحارب السلبيات بالإيجابيات. ونحارب الإحباط بالتفاؤل. ونحارب الفئويات بجمع الناس كل الناس، وبجمع اللبنانيين مع اللبنانيين وبجمع العرب مع من تبقى من أصدقاء للبنان من العرب وغير العرب.

وخلص أبوزكي إلى القول:" بالطبع، لا نستطيع أن نتفاءل وحدنا، بل نحن جزء من هذا القطاع الخاص اللبناني المتضرر والمقاوم والذي بمثابة طائر الفنيق".

وأوضح أن الاستثمارات في لبنان لم تتوقف، رغم الانهيار المصرفي والنقدي والاقتصادي، مشيراً إلى أن الصناعات في مجالات كثيرة تكبر والصادرات تزداد والتحويلات مستمرة، لكن المؤسف هو عدم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة.

وأضاف:" أن العالم يدعونا إلى الإصلاح ليمد لنا يد الدعم والمساعدة، معتبراً أن بذرة التغيير زرعت وستزدهر وعنوانها الأصغر هو نواب التغيير، لكن التغيير الأهم هو ما بات يعتمل في نفوس الأجيال الجديدة من غضب ونقمة وتحضير لانتفاضة وطنية شاملة، إذا لم تعد الأوضاع إلى طبيعتها.

مؤتمرات مستقلة

ولفت أبوزكي قائلاً: "إن كل محور وارد في برنامج المؤتمر يحتاج إلى مؤتمر مستقل، كاشفاً أن مجموعة "الاقتصاد والاعمال ستنظم 3 مؤتمرات في العام المقبل: الأول يتناول شؤون الطاقة في شهر أيار المقبل. والثاني، حول مستقبل الاقتصاد اللبناني بشكل عام والاقتصاد الاغترابي بشكل خاص، بالنظر إلى كون المغتربين من الركائز الأساسية لاقتصاد وازدهار لبنان وتحويلاتهم تناهز 40 في المئة من الاقتصاد، على أن في النصف الثاني من شهر حزيران/يونيو المقبل. أما المؤتمر الثالث، فهو الدورة الـ 29 من منتدى الاقتصاد العربي" وسيعقد بعد ذلك.

وختم بالقول:" إن مجموعتنا وكما كانت خلية نحل لا تهدأ في لبنان والخارج قبل كورونا، ستعود منصة لبنانية عربية دائمة لتلاقي قيادات الاعمال، حاملة لواء النهوض والاستثمار في البلدان العربية وما بين البلدان العربية"، مشيراً إلى أن في برنامج المجموعة أيضاً مؤتمرات في كل من الجزائر، الكويت، البحرين، مصر، العراق، الأردن، جيبوتي وغيرها من الدول.                              

تكريم الوكيل وناس

وكان الرئيس ميقاتي موضع تكريم من قبل مجموعة الاقتصاد والاعمال وغرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان وغرفة بغداد. كما شهد المنتدى تكريم الأستاذ أحمد الوكيل رئيس الغرف التجارية المصرية بالإسكندرية الذي يعد أحد رواد العمل العربي المشترك، والأستاذ سمير ناس رئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين.

* * *

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o