Dec 20, 2022 6:16 AM
صحف

ترحيل العراك الرئاسي إلى العام الجديد

مع انسداد الأفق الداخلي أمام الملف الرئاسي، ستكون الأيام الفاصلة عن حلول السنة الجديدة، بحسب "الاخبار"، بمثابة عطلة للعراك السياسي بانتظار ما سيتبلور من مواقف خارجية، قد تطلّ من قمّة «بغداد - 2» التي ستنعقِد في العاصمة الأردنية اليوم، إذ لم يتوقف الرهان على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي من المرجح أن يستغل هذه المناسبة لطرح الملف اللبناني. وبينما حُسم الأمر باستمرار الشغور إلى السنة الجديدة، فإن السؤال الأكثر تداولاً هو «عن إمكانية أن تشهد البلاد انتخاب رئيس في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة»، بينما يخضع الجواب لاجتهادات متناقضة بين الاعتقاد بأن هذا الملف سيبقى معلّقاً إلى حين توافر ظروف قد تمتد لفترة طويلة تخضع للمعطى الإقليمي والوهج الدولي وسلّة الحلول ودفاتر الشروط، وما يرافق ذلك من مبادرات ومناورات. وفي رأي أوساط سياسية أن نجاح هذه المبادرات مشروط أولاً بـ«قلب الأولويات في التعامل مع الفراغ والأزمة التي يعيشها لبنان، ووضع انتخاب رئيس للجمهورية في قائمة جدول أعمال الدول الخارجية، لأن عدم توافر هذا الشرط يعني ترحيل الشغور الى سقف زمني مفتوح».

وفيما تتحكم سياسة ربط النزاع بكل مفاصل الحياة السياسية، لم تُسجّل بداية الأسبوع أي حركة بارزة باستثناء كلام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، خلال لقائه مجلس نقابة المحررين في السرايا الحكومية، الذي تناول فيه الأزمة الحكومية، محاولاً حصر الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء بنفسه وكذلك جدول أعمالها. فقد لفت إلى أن «وضع جدول أعمال مجلس الوزراء منوط حصراً برئيس الحكومة، ولا شراكة لأحد في هذا الموضوع. وفي حال انعقاد جلسة مجلس الوزراء، تتم مناقشة الجدول ويصار إلى التفاهم على ما يقرّ وما لا يقرّ». وبينما كانَ وزراء التيار الوطني الحر قد طرحوا خلال اللقاء التشاوري الأخير الذي دعا إليه ميقاتي قبلَ أيام صيغة المراسيم الجوالة، أعلن ميقاتي أمام مجلس النقابة رفضه هذه الصيغة لأن «لا سند دستورياً لها»، مشدداً على أنه «لن يطبق إلا ما ورد في الدستور وروحيّته»، مشيراً إلى أن «قرارات مجلس الوزراء تؤخذ بأكثرية الحاضرين في الأمور العادية، وبأكثرية عدد أعضاء الحكومة في القرارات الاستثنائية». ورداً على مطالبة البعض، وتحديداً التيار الوطني الحر بالتراجع عن القرارات التي اتخذت في جلسة مجلس الوزراء، قال ميقاتي إن «القرارات صدرت مراسيمها، ولا مساومة في هذا الموضوع. كل المراسيم يحتاج إقرارها إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء»، مضيفاً إن «البعض يقول إن الحكومة الحالية صلاحياتها محدودة وضيقة، في وقت يقتضي وجود حكومة فاعلة تقوم بواجباتها كاملة. ما نقوم به حالياً في الحكومة هو صيانة الوضع وتسيير شؤون الناس، والحفاظ على هيكل بناء الدولة إلى حين انتخاب رئيس جديد. الصعوبات كثيرة، ولكن الحل سهل، وهو في اتفاق اللبنانيين على رؤيتهم لمستقبل البلد، بعيداً عن الشعبوية التي لا تفيد. نحن في حالة طوارئ، وعلينا أن نتفق حكومة ومجلساً نيابياً على أسس الحل». وتعليقاً على كلام ميقاتي، الذي وصفته مصادر بأنه «يأتي في إطار سياسي»، قالت إنه «لا يستطيع أن يدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء في الوقت القريب، لأن القوى السياسية التي شاركت في الجلسة الأخيرة ليست في وارد التصعيد، ولا ترى أن ثمة ما هو ضروري لعقد جلسة طارئة، وأن المطلوب هو التهدئة بدلاً من الذهاب إلى التوتير بانتظار ما ستحمله الأشهر المقبلة من تطورات».

من جهتها، أشارت "الجمهورية" الى ان الجمود سائد رئاسياً، اقلّه حتى مطلع السنة الجديدة. وفيما تردّد انّ الملف اللبناني سيكون حاضراً في لقاءات الرئيس ‏الفرنسي ايمانويل ماكرون في العاصمة الاردنية عمان على هامش انعقاد قمة «بغداد 2» ‏بمشاركة دول الجوار العراقي، يكثر الحديث في الاوساط السياسية عن حضور غربي واوروبي مكثف في لبنان خلال الاسابيع المقبلة ربطاً بالملف الرئاسي.

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر ديبلوماسية من باريس إلى «الجمهورية» قولها، «ان لا علم لها بأنّ جدول اعمال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يتضمن زيارة الى لبنان»، مضيفة انّ الاتصالات حول الوضع في لبنان جارية على اكثر من مستوى دولي، من دون ان يرقى ذلك الى مبادرة مباشرة. واللبنانيون باتوا يعلمون انّ الجهد الخارجي منصبّ على تشجيعهم على إنضاج تسوية سياسية في ما بينهم، تفضي الى انتخاب رئيس للجمهورية بالتوافق في ما بينهم. وحتى الآن، مع الأسف، لم نلمس سوى إشارات سلبية».

ولفت في هذا السياق، ما اعلنته السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو خلال زيارتها امس مقر الرابطة المارونية، حيث قالت، انّ «من الضروريّ جدّاً اليوم أن تتمكّن كافّة المؤسسات السياسيّة، أي رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء ومجلس النواب، من العمل بشكل كامل، وأن يتّفق النوّاب على رئيس للجمهورية، من أجل العمل بشكل مستدام على النهوض بلبنان وتمكينه من إعادة لعب دوره في استقرار المنطقة وازدهارها كما في السابق».

ولفتت الى انّ زيارتها للرابطة للإشارة إلى «العلاقات التاريخية بين فرنسا ولبنان، وإلى تمسّك فرنسا بوحدة لبنان في تنوّعه وبالعيش المشترك بين الطوائف وبدور المسيحيين بشكل خاص».

بدوره، وصف النائب السابق أنيس نصار الوضع الذي يمرّ به لبنان هذه الفترة بمكانك راوح بانتظار السنة الجديدة ٢٠٢٣، مشيراً في حديث الى جريدة الانباء الالكترونية الى أن الأزمات التي نعاني منها قد ترحّلت الى السنة الجديدة دون أن نرى في الأفق بصيص أمل بانفراج قريب، متحدثاً عن مساع جديدة تجري بعيداً عن الاعلام من أجل ألا يطول الفراغ الرئاسي أكثر، وهذه المساعي تقوم بها جهات دولية بالتعاون مع قوى عربية نافذة، آملاً أن يُكتب لها النجاح ويتم انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب فرصة، لأنه من الواضح أن أصدقاء لبنان أشفق على لبنان بكثير من اللبنانيين أنفسهم.

ورأى نصار أن انتخاب الرئيس لن يحل المشكلة لكنه المدماك الأساس لاعادة بناء الدولة وتطوير مؤسساتها، مضيفاً: "بالطبع انتخاب الرئيس لن يعيد مبلغ ٨٠ مليار دولار  وهو الدين المتراكم على لبنان التي أُهدرت على المحاصصة والاتفاقات والسمسرات والكهرباء والبواخر والسدود الفارغة"، مشدداً على انتخاب رئيس ينتشل لبنان من أزمته وليس رئيس يدير الأزمة كسلفه لأن أزمتنا صعبة ولن تحل بكبسة زر، فهي على الأقل تتطلب ثلاث سنوات أو أكثر لحلّها، داعياً النواب الى حل المشكلة والقيام بواجبهم والاقلاع عن خيار الورقة البيضاء.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o