Jun 15, 2022 7:07 AM
صحف

هوكشتاين غادر والكرة في ملعبه

خطفت الاضواء أمس محادثات الوسيط الاميركي في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل عاموس هوكشتاين مع المسؤولين اللبنانيين التي تمخّض عنها موقف لبناني موحد يقوم على معادلة «لا نفط هنا ولا نفط هناك وترسيم الحدود أولوية»، ويشدّد على حق لبنان في الخط 23 وما فوق بمساحة تتراوح بين 300 و400 كلم2، ما يخلق خطاً جديداً بين الخطين 23 و29، على حد قول مصدر رفيع المستوى لـ»الجمهورية»، مؤكداً انّ الكرة باتت في ملعب الوسيط الاميركي الذي غادر لبنان مساء امس من دون أن تعرف وجهته اذا كانت اسرائيل او واشنطن او اي عاصمة إقليمية.
وكانت محادثات هوكشتاين قد تلاحقت وقائعها امس بين القصر الجموري وقصر رئاسة مجلس النواب والسرايا الحكومية ووزارة خارجية السفارة الفرنسية.
وقال مصدر رفيع مطّلع على اجواء المحادثات مع هوكشتاين لـ«الجمهورية» ان الرؤساء الثلاثة كانوا قد اتفقوا في الاجتماع الثنائي بين عون وميقاتي ومع الرئيس نبيه بري عبر اللواء عباس ابراهيم على تحديد سقف التفاوض وفق ركائز لا يمكن المساومة عليها بناء على تقرير اللجنة الفنية التقنية برئاسة المقدّم عفيف غيث، الذي قدّم تحليلاً لطرح هوكشتاين مع نتيجة الدراسة التي قام بها مكتب الهيدروغرافيا التابع للجيش، والذي يؤكد حق لبنان في الخط ٢٣ وما فوق بمساحة تتراوح بين ٣٠٠ و٤٠٠ كلم2 تجعل حقل قانا كاملاً ضمن نطاقها ما يعني ولادة خط جديد بين الخطين ٢٣ و٢٩ يرتكز على تقسيم الحقول والبلوكات بحيث لا يكون هناك ما هو مشترك فيها مع العدو».
واضاف المصدر: «صحيح انّ لبنان كان مُنهمكاً بالانتخابات ومتخبّطاً بأزمته لكنه طلب من هوكشتاين الذي قدّم عرضاً خلال الزيارة التي قام بها في 8 شباط الماضي، العودة الى مناقشة الامر ولم يُقل له لا اننا «نقبل» أو «لا نقبل» ولو كنّا أجبناه حينها خطياً لأصبحنا ملزمين بهذه الاجابة وبالخطوط التي سنذكرها وهذا كان جزءا من التكتيك التفاوضي، وارتأينا ان نترك بيننا وبينه خط التفاوض مفتوحاً قبل تقديم إجابة خطية، يعني اننا لم نتأخر في الجواب، اعترضنا على الطرح وطلبنا منه العودة الى مناقشة الامر».
وكشف المصدر ايضاً «انّ الوسيط الأميركي سبق أن أبلغ الى الرؤساء الثلاثة انّ في إمكانه الضغط على إسرائيل لتأجيل وصول الباخرة الى حقل كاريش الى ما بعد الانتخابات، ولبنان الرسمي كان يعلم انّ إسرائيل ستبدأ باستخراج النفط في هذا الوقت وفق العقد الذي ابرمته مع الشركة اليونانية منذ ٢٠١٩».
وختم المصدر «انّ الكرة الان هي في ملعب الوسيط الأميركي الذي يتوجّب عليه حل هذا الامر مع الجانب الاسرائيلي، والّا فإن كل الخيارات مفتوحة أمامنا». وأكد «أنّ هناك شبه تكامل في الموقف الذي يرتكز على معادلة واضحة: لا نفط هنا، لا نفط هناك والترسيم أولوية».

في رواية اخرى انّ هوكشتاين تلقّى عرضا واحدا في مجموعة اجتماعاته مع المسؤولين الرسميين ومفاده ان لبنان وبعد البحث في الخط المتعرج المطروح من جانبه في زيارته الاخيرة الى لبنان، والذي عدّل في الخط 23 المعترف به من الجانب اللبناني والمسجل لدى الأمم المتحدة، لديه مجموعة من الملاحظات التي يمكن التوقّف عندها ومنها:
– انّ الخط المقترح بطريقة متعرّجة من جانبه تجاوز حق لبنان بالحوض الموجود بقسم كبير منه في البلوك الرقم 9 المعروف بحوض قانا يجب ان يشمل الحوض بكامله بما فيه الجزء الشمالي من البلوك الرقم 72 الإسرائيلي، ويجب ان يعود الحوض كاملا الى المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية وان توسّعت «الفسحة المتعرجة» جنوباً يمكن ان تستوعب الحوض كاملاً.
– الابقاء على الخط 23 كما كان سابقاً من نقطة التعرّج المقترحة في الشكل الجديد من الجانب اللبناني في الحوض الرقم 8 في شكل مستقيم وكما رسمه لبنان من قبل، وهو ما يضمن كامل البلوك.
وقالت مصادر معنية لـ«الجمهورية» انه، وبعد الإشارة الى هاتين النقطتين التي أجمعَ المسؤولون اللبنانيون عليهما، طُرِحت الخريطة الخاصة بالاقتراح اللبناني في لقاء بعبدا. وبعدما توقّف الجميع امامها بعد شرح تفاصيلها سلّمت منها نسخة الى هوكشتاين وهي تعطي لبنان مساحة إضافية رفعت حصته من خط هوف الذي اعطاه 860 كلم2 الى 1200 كلم2.
وفي المعلومات التي تسرّبت فور نهاية جولة هوكشتاين على المسؤولين أنه حرص على ان يكون مستمعاً بعدما عبّر عن ارتياحه الى كَون الموقف اللبناني باتَ موحداً، وهو ما لم يشهد عليه في الزيارات الخمسة السابقة التي قام بها الى لبنان. كما لفت في لقاءاته من بعبدا الى عين التينة والسرايا الحكومية انه لا يحمل جديداً وأن ما طرحه سابقاً ما زال قائماً.
ولفت هوكشتاين في اكثر من اجتماع الى انه كان وما زال وسيطاً بموافقة الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وهو سيستأنف مهمته وسيقوم بما تُمليه عليه مهمة الوسيط المسهل وسيَنقل الملاحظات اللبنانية الى الجانب الاسرائيلي آملاً أن ينال جواباً عليها في مهلة اقصاها اسبوعين، وسيعود بها الى لبنان.
ومن جملة الملاحظات التي تحدث عنها هوكشتاين إشارته إلى انّ الدراسات الجيولوجية وعمليات الحفر أثبتت وجود الكميات الكبيرة من الغاز والنفط في حقل «كاريش»، ولكن كل هذه الامور لا تنطبق على وضع حوض قانا «وما عليكم سوى التنبّه الى هذه الملاحظات المهمة والتثبّت ممّا هو متوافِر فيه».
وشدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال المحادثات مع هوكشتاين على «حقوق لبنان السيادية في المياه والثروات الطبيعية»، وقدّم له رداً على المقترح الاميركي الذي سبق للوسيط الاميركي ان قدمّه قبل اشهر، على ان ينقل هوكشتاين الموقف اللبناني الى الجانب الاسرائيلي خلال الايام القليلة المقبلة. وتمنّى عون عليه «العودة سريعاً الى لبنان ومعه الجواب من الجانب الاسرائيلي». وفي المقابل شكره هوكشتاين على الجواب اللبناني واعداً بـ»عرضه على الجانب الاسرائيلي في إطار الوساطة التي يقوم بها في المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية الجنوبية».
امّا رئيس مجلس النواب نبيه برّي فأكد لهوكشتاين أنّ «اتفاق الإطار يبقى الأساس والآليّة الأصلح في التفاوض غير المباشر استناداً إلى النصوص الواردة فيه، والتي تدعو لاستمرارية اللقاءات وصولاً إلى النتائج المرجوّة والتي تُفضي إلى ترسيم الحدود من دون المَساس بحقّ لبنان في الحفر، خصوصاً في البلوك الرقم 9 الذي سبق ولزّم»، مضيفًا أنّ «ما يجري الآن هو مخالف للاتفاق من جهة ويحرم لبنان من حقوقه في وقت يُسمح للكيان الاسرائيلي بالاستخراج والاعتداء، الأمر الذي يعرّض السلام في المنطقة ويُفاقم من خطورة الاوضاع». واكد بري لهوكشتاين أنّ «ما تبلّغه من رئيس الجمهورية ميشال عون في موضوع الحدود البحرية وحقوق لبنان في استثمار ثرواته النفطية هو متّفق عليه من كافة اللبنانيين». وشدد على انه «في موازاة حرص لبنان على استخراج ثرواته هو ايضاً يحرص على الحفاظ على الاستقرار».
اما رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي فأبلغَ الى الموفد الاميركي الموقف اللبناني الموحّد من مسألة ترسيم الحدود والحرص على استمرار الوساطة الاميركية. وتم التأكيد على انّ مصلحة لبنان العليا تقتضي البدء بعملية التنقيب عن النفط من دون التخلي عن حق لبنان بثرواته كافة.
في حين وصف وزير الخارجية عبدالله بوحبيب اجواء لقائه مع هوكشتاين بـ«الإيجابية»، مؤكداً «اهمية الوصول الى اتفاق في موضوع الترسيم وهذا ما لمسه لدى الاميركيين».

ما هو متفق عليه، من بعبدا إلى السراي الكبير مروراً بعين التينة مع الوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين، رست على الآتي:

1- ان الوسيط الأميركي سمع إقتراحاً معدلاً شفهياً حول التمسك بحقل قانا كاملاً والخط 23 المستقيم.

2- ان هذا الاقتراح المعدّل يعكس وحدة الموقف اللبناني الرسمي، وبالتالي لا تباين ولا اختلاف بين كبار المسؤولين اللبنانيين حول الملف، وان الموقف الذي أبلغه الرئيس ميشال عون هو نفسه موقف الرئيسين نبيه برّي ونجيب ميقاتي.

3- قاعدة الموقف اللبناني الموحّد التمسك بالحقوق السيادية.

4- المعلومات تستبعد ان يكون الخط 29 جرى البحث فيه، من زاوية ان من مصلحة جميع الأطراف الحصول على الثروة النفطية، من دون أي تأخير.

5- باخرة أنيرجيان باور اليونانية لن تقترب من المنطقة المتنازع عليها، وهي في مكانها الذي وصلت إليه.

وأشارت مصادر مطلعة لـ«اللواء» إلى أن الإقتراح اللبناني الذي تبلغه هوكشتاين في لقائه رئيس الجمهورية يقوم على التمسك بحقل قانا كاملا والخط الـ٢٣ المستقيم، مؤكدة أن هناك وحدة في الموقف اللبناني الرسمي وقد تبلغه هوكشتاين من المسؤولين الذين التقاهم. وأوضحت أن الرئيس عون قدم الاقتراح المعدل شفهيا وهو مبني على التمسك بالحقوق السيادية.

وأوضحت أن الوسيط الأميركي استمع إلى الاقتراح وأكد أنه سينقله إلى الجانب الإسرائيلي وهنا دعاه عون إلى الإسراع في الحصول على الجواب والعودة مجددا إلى لبنان. وتوقعت أن ينقل هوكشتاين المقترح إلى المسؤولين الإسرائيليين في الأسبوع المقبل. وقالت انه على ضوء الجواب الذي ينقله يحدد لبنان الخطوة المقبلة.

وأشارت هذه المصادر الى انه لم يبحث في الخط ٢٩، لافتة إلى أن الجانب الإسرائيلي يرفضه. ورأت أن من مصلحة الجميع الحصول على الثروة النفطية من دون أي تأخير.

إلى ذلك، افيد أن باخرة انيرجان باور اليونانية ستبقى مكانها ولن تقترب من المنطقة المتنازع عنها. وكانت المصادر أشارت إلى أن معظم الذين شاركوا في اجتماع بعبدا من الجانب اللبناني شاركوا في الاجتماع مع الرئيس ميقاتي.

واعتبرت مصادر سياسية ان اتفاق المسؤولين اللبنانيين على اعطاء الوسيط الاميركي اموس هوكشتاين، ردا لبنانيا موحدا، بخصوص ما طرحه من افكار سابقا، حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، بانه مؤشر مهم في التعاطي مع هذا الملف الحساس في هذا الظرف الصعب، ولكن كان من الافضل لو تم ترتيب لقاء واحد يجمع كل المسؤولين مع الوسيط الاميركي، بدل تعدد اللقاءات، مع كل مسؤول على حدة، والاستماع إلى موقف ووجهة نظر، كل مسؤول لوحده، لان هذا التصرف يعطي انطباعا شكليا، بوجود وجهات نظر متعددة من هذه المشكلة، وهذا لن يكون في مصلحة الموقف اللبناني.

ولاحظت المصادر في المقابلة التلفزيونية التي اجراها هوكشتاين عن خلاصة زيارته للبنان، ثلاثة مواقف اساسية، اولها ارتياحه للاجماع اللبناني على الرسالة التي قدمها في زيارته السابقة الى لبنان والإعداد الجيد لها، ومشيدا بالمقاربة الموحدة التي قدمتها الحكومة اللبنانية في هذاالخصوص، معربا عن اعتقاده بانها ستدفع المفاوضات قدما الى الامام، وثانيا اشارته الواضحة الى ضرورة تقديم تنازلات من قبل لبنان وإسرائيل، لردم الهوة بينهما والتوصل الى الاتفاق الذي يتيح المباشرة بعمليات التنقيب واستخراج النفط والغاز وثالثا، لافتا الى ان هذا التطور سيؤدي الى مساعدة لبنان لحل الازمة المالية والاقتصادية التي يعاني منها، واعتباره طرح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل حول كيفية حل الخلاف مع إسرائيل، بمثابة شعارات، لا تساعد على حل الأزمة القائمة، وان كانت هو ما يحب الناس سماعه.

وعلمت «اللواء» ان لبنان رفض اقتراح هوكشتاين بترسيم الحدود وفق خط متعرج يأكل من حصة لبنان في مياهه، والذي تقدم به خلال زيارته الماضية في شهر شباط المنصرم. ووصفت مصادر تابعت حركة الموفد الاميركي لقاءاته بأنها إتسمت بالايجابية عموماً، وتركت ارتياحاً لدى كل الاطراف، وان الوقت الآن هو ألأنسب والظروف مؤاتية لإقفال ملف ترسيم الحدود عبر التفاوض، وقالت: ان الموقف الموحد الذي ابلغه لبنان للموفد الاميركي كان امراً إيجابياً، «ويكفى 11 عاماً من التأخير والتعطيل وإجترار المواقف السياسية الشعبوية».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o