Jun 07, 2022 6:14 AM
صحف

"تطمينات" إيرانية: لا نوايا تصعيدية في جنوب لبنان

من يراقب الخط البياني للمواقف اللبنانية الرسمية خلال الساعات الأخيرة، لا يجد صعوبة في رصد حجم ارتباك السلطة وعجزها عن اتخاذ موقف حازم في ملف ترسيم الحدود البحرية، وهو ما بدا انعكاساً واضحاً لارتباك "حزب الله" نفسه وعدم وجود قرار واضح لديه في كيفية مقاربة بدء إسرائيل عمليات استخراج الغاز من المياه الإقليمية، فكان الخيار الإبقاء على حالة "اللاقرار" في المرحلة الراهنة واستدراج الوسيط الأميركي للعودة إلى بيروت لمحاولة التوصل إلى أرضية مشتركة يمكن التأسيس عليها لاستئناف المفاوضات مع إٍسرائيل.

وعلى المقلب الآخر، بدت إسرائيل "واثقة" من استعداداتها لكل السيناريوات المحتملة مع إبداء ارتياحها إلى كون "الخلاف مع لبنان بشأن الغاز سيتم حله عبر الطرق الديبلوماسية بوساطة أميركية"، وكشفت مصادر ديبلوماسية لـ"نداء الوطن" أنّ مبعث ارتياح المسؤولين الإسرائيليين مرده إلى تلقي تل أبيب "تطمينات" إيرانية عبر "طرف ثالث" بعدم وجود "أي نوايا تصعيدية من جانب "حزب الله" في جنوب لبنان في هذه المرحلة".

ورأت المصادر في ضوء ذلك أنّ حالة “الستاتيكو” ستبقى هي الطاغية على أجواء الجبهة الجنوبية حتى إشعار آخر، مع ضرورة الإبقاء في الوقت عينه على "مستويات مرتفعة من الترقب والحذر تحسباً لوصول المعطيات المحيطة بمفاوضات فيينا إلى نقطة حرجة تحتم على الإيرانيين قلب المعادلة بشكل دراماتيكي قد ينتج عنه اتخاذ قرار بتفجير الأوضاع على الجبهات المحيطة بإسرائيل سواءً في غزة أو لبنان".

بالانتظار، خلص لبنان الرسمي إلى دعوة الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين للحضور إلى بيروت "والعمل على إنهاء مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية في أسرع وقت ممكن لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة"، حسبما عبّر البيان الصادر عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إثر التشاور مع رئيس الجمهورية ميشال عون حيال الخطوات الواجب اتخاذها في مواجهة التطورات البحرية في المنطقة المتنازع عليها مع إٍسرائيل، بينما استعاد رئيس مجلس النواب نبيه بري المبادرة في ملف الترسيم في ضوء تكليف عون نائب رئيس المجلس الياس بو صعب ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب التنسيق مع بري في مستجدات الملف.

وإذ لخص بو حبيب الموقف من عين التينة بعبارة: "لا نريد أن نعمل حرباً ويجب أن نعرف ماذا سيفعل الأميركيون"، تولى بو صعب مهمة التواصل مع هوكستاين داعياً إياه "لزيارة لبنان بالسرعة الممكنة"، من دون أن يتلقى "أي وعد أو موعد بشأن توقيت الزيارة"، وفق ما أكدت مصادر مواكبة لـ"نداء الوطن"، مشيرةً إلى أنّ "الوسيط الأميركي يحمّل السلطة اللبنانية مسؤولية مباشرة في ما وصلت إليه الأمور نتيجة التلكؤ في اتخاذ المبادرة وعدم التجاوب مع الطرح الذي قدمه في زيارته الأخيرة"، مذكرةً في هذا الإطار بأنّ "الجانب اللبناني لم يرسل لغاية الساعة أي جواب خطي على طرح هوكشتاين واكتفى الرؤساء الثلاثة بإصدار بيان مبهم إثر لقائهم في قصر بعبدا للتداول في الرد اللبناني على هذا الطرح".

من جهة أخرى، أشارت معلومات "الأخبار" الى أن الاتصالات المباشرة مع هوكشتاين بدأت أمس (تردد أن اتصالاً هاتفياً تم بينه وبين الرئيس نجيب ميقاتي) حول ضرورة عودته لتحريك الوساطة منعاً لتفاقم الوضع. في المقابل، أبلغ الوسيط الأميركي محدثيه بأن الإسرائيليين لا يريدون مشكلة الآن، وأن سفينة الإنتاج لم تتجاوز حتى الخط 29.

مصادر مطلعة أكدت أن المعلومات الواردة من واشنطن حول عدم وجود حماسة أميركية يمكن وضعها في خانة الضغط. وأوضحت أن الولايات المتحدة تبلغت من لبنان وإسرائيل ضرورة المباشرة بوساطة جديدة، لكن الجانب الأميركي يتذرّع بأنه لم يلمس موقفاً لبنانياً موحداً، وأن الوسيط لا يريد أن يعود للقاءات مجاملة ويفضّل أن يكون لدى لبنان ما يقوله. إذ أن هوكشتين الذي جمّد وساطته منذ شباط الماضي، كان ينتظر - بحسب مقربين من السفارة - رداً خطياً على آخر نسخة اقتراح تقدمَ بها كحل محتمل للنزاع البحري، ولم يصله بعد بسبب نتيجة التباينات اللبنانية الداخلية.

لذلك، بحسب المصادر نفسها، فإن جولة من الاتصالات التي جرت بعيداً من الأضواء في الساعات الماضية على خط الرؤساء الثلاثة، هدفت إلى التفاهم على أمرين: الأول، حسم مرجعية التفاوض بالرئيس عون بالتشاور مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، على أن يكون الموقف الرسمي واضحاً حيال كل النقاط خصوصاً مسألة الخط الحدودي النهائي، والثاني الاتفاق على موقف موحد يستند إلى رفض لبنان الشروط المسبقة. ونقلت المصادر عن الرؤساء الثلاثة استغرابهم "اندفاعة قوى سياسية تخاصم المقاومة في الدعوة إلى مواجهة شاملة قد تقود إلى حرب".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o