Apr 17, 2022 11:50 AM
خاص

العقوبات على روسيا تنهكها هل تشكل قوة ردع حقيقية؟

المركزية – أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن قرار السياسيين الأوروبيين والأميركيين بفرض قيود جديدة ضد روسيا أدى إلى أزمة غير مسبوقة في الغرب.

وقال الرئيس الروسي، خلال اجتماع حكومي حول تطوير منطقة القطب الشمالي أول من أمس، إن رفض الدول الغربية التعاون الطبيعي مع روسيا أثر على ملايين الأوروبيين وانعكس على الولايات المتحدة، والأسعار آخذة في الارتفاع والتضخم يتجاوز الحدود وهو أمر غير مسبوق. فهل تشكل هذه العقوبات قوة ردع؟

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يقول لـ"المركزية": تُعتبر العقوبات المفروضة على روسيا، جراء غزوها لأوكرانيا، من اكبر عقوبات فُرضِت على دولة في العالم، بغية ردعها وشل حركتها. والهدف منها أذية روسيا. لكن هناك دولة ثالثة استخدمت شعب وأرض واستطاعت ان تجر موسكو إلى مغامرة غير محسومة، ألا وهي الولايات المتحدة الأميركية، والتي كانت تنتظر كي تغرق روسيا في المستنقع الاوكراني. وبغض النظر عن قوة روسيا، فالمسألة هنا لا علاقة لها بالقوة، لأن أي دولة مهما عظُمت، تتحوّل في العُرف الدولي، بمجرد خرقها لحدود وسيادة دولة أخرى، إلى معتدية وستتوحد كل الأطراف في وجهها للصمود. وكلما توغلت هذه الدولة في حربها، سيفرض عليها مزيد من العقوبات، هي في الأعراف الدولية الجديدة حرب اقتصادية غير مكلفة. حتى أن بعض الدول التي لم تنخرط تاريخيا في أي صراع بعد الحرب العالمية الثانية، انضوت الى جانب الدول الاخرى في مظلة واحدة لمواجهة روسيا. ويعود ذلك إلى الخوف من تكرار مآسي حرب عالمية ثانية نسيها العالم واتجه نحو الاستقرار والرفاهية والتبادل التجاري".

ويرى العزي "ان هذه العقوبات عاجلا أم آجلا ستؤثر على المجتمع الروسي وعلى القدرة الشرائية للشعب وسيكون هذا الضغط الاقتصادي قاسيا جدا وهو ما تريده الولايات المتحدة الاميركية اي اغراق روسيا في هذا المستنقع لثنيها عن لعب اي دور قادم. فالاقتصاد عصب الحياة وأساس رفاهية المجتمع. وعندما يكون المجتمع في حالة حظر وجوع وعوز فإنه لا يستطيع التفكير لا بالتصنيع ولا بالتطور".

ويشير إلى أن "مهما حاولت روسيا إغراء بعض الدول كالصين والهند وتركيا بالتعامل بالروبل، إلا أن هذا الكلام وقتي لأن السوق والشركات، ترتبط ليس بالدول او بسياستها ومحبتها او بغضها لبعضها البعض، إنما بـ"سيستام" مالي عالمي يتصرف به العالم وفقا للمفاهيم الاقتصادية الحديثة التي ترتبط بالدولار، والولايات المتحدة تقول للعالم، اذا لم يعجبكم عليكم التفتيش عن سلة أخرى غير "الدولار"، لكن هذه السلة غير موجودة. ومن هنا فإن التعامل بالروبل أو اليوان ليس البديل وبالتالي هناك منتجات، على السوق الروسية التزود بها من الغرب كالسلع التكنولوجية المتعلقة بتنقيب وتصفية البترول والغاز وأخرى ثقافية وتبادل العملات الخارجية والدفع والاستلام بالدولار".

ويلفت العزي إلى "أن روسيا اُبعِدت وهي بالتالي غير مجهزة للصناعات الخفيفة، ويعتمد اقتصادها على ثروة يتم بيعها كالغاز والنفط والغابات والمعادن الطبيعية وثروة السلاح. كما أنها لا تصنع ثيابا او هواتف او كومبيوتر.. روسيا اليوم تستورد كل شيء عكس الاتحاد السوفياتي سابقاً. بعد العام 1989 روسيا اصبحت اكبر سوق مدلل، والعالم كله يصنّع من أجله لأنه سوق مستهلك. فهناك مثلاً أكثر من 200 نوع من الشاي والقهوة... اليوم مُنِع الروس من شراء الحاجيات والماركات من المآكل والملابس وحتى السفر والرفاهية. واُقفلت المحلات التي كان يترفه بها الروسي من ستارباكس والماك دونالدز والمطاعم الغربية التي كان يتباهى الروس في الدخول اليها، وأيضاً تلك التي كانت تنتج ماركات عالمية كأديداس وبرينت وسامسونغ وايفون. كل هذا سيجعل الروسي ينظر الى حكومته بأنه يُعاقَب. يعاقب على ماذا؟ على ذنب لم يرتكبه، إذ لم يعادِ احد دولته بل ان دولته تصرفت بطريقة لتكبير موقعها وأرضيتها".

ويرى العزي أن "الأمر لن يقتصر على روسيا، بل سيطال أيضاً الدول التي ستلتف على العقوبات لمساندة روسيا اقتصاديا، لذا المطلوب من الشعب الروسي أن ينتفض ويدفع بوتين لاتخاذ قرار جريء بإيقاف الحرب فورا والجلوس على الطاولة مع اوكرانيا، والنقاش بالشروط التي تتذرع بها روسيا من اجل ضمان أمنها اذا كانت محقة، لكن عليها في الوقت نفسه الا تتمسك بمطالب قد تؤدي بها الى مزيد من الغرق والاختناق في ظل هذا الحصار الهائل والمتزايد يوماً بعد يوم".

ويعتبر العزي أن "روسيا فشلت في فرض تسعير الغاز بالروبل لعدم تجاوب الاخرين مع طرح الرئيس بوتين، الذي كان ينوي تنفيذه في ٣١ اذار، بسبب تحويل الاشكالية مع الغرب على أنها مشكلة غاز وكذلك الالتفاف على العقوبات للحصول على العملات الصعبة التي تحتاجها روسيا، كما في محاولة من قبل الرئيس الروسي لشد عصب الشعب الروسي المحاصر بالعقوبات، خاصة مع تحضير حزمة سادسة من العقوبات ضد دولته بسبب غزو روسيا لاوكرانيا.

ويختم: " الاقتصاد بات يتحكم في العالم، ورأس المال جبان يحمي نفسه، وبالتالي فإن الشركات، إلى أي دولة انتمت، لن تعرّض نفسها لمخاطر ولن تدخل في مواجهة خوفا من خسارة مدخولها. وأكبر مثال على ذلك، عندما فرض الحصار على سوريا وعلى ايران، خرجت الشركات الروسية والبرازيلية والصينية من ايران بالرغم من التحالف الايراني الصيني والروسي، وهذا ما شهدناه ايضا في سوريا في ظل حصار قيصر المفروض عليها، حتى روسيا الموجودة عسكريا والمحتلة لسوريا لم تستطع شركاتها خرق الحصار وتأمين حتى باخرة بنزين او مازوت الى النظام السوري، حتى طائرات الـ"ايروفلوت" لا تحط في مطار دمشق خوفاً من تعرّضها لعقوبات دولية وتُمنع بالتالي من الدخول الى الاسواق العالمية واستخدام البنوك الدولية في تعاملها ودفعها وقبضها للاموال".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o