Mar 14, 2022 7:40 AM
صحف

الحريري يربح بالنقاط على السنيورة.. حشد سنّي لمواجهة “حزب الله”

يبدو أنّ الرئيس سعد الحريري قد تقدّم بالنقاط على الرئيس فؤاد السنيورة، عبر منعه من تشكيل لوائح في مناطق أساسيّة. أوّل العازفين كان النائب رولا الطبش التي كان اسمها سيعتبر "إشارة حريريّة" على رضى غير معلن فيما لو ترشّحت على لائحة السنيورة، لكنّها أعلنت عزوفها.

الثاني هو النائب عاصم عراجي الذي اتّصل به السنيورة مراراً فيما كان يكتب بيان عزوفه، لكنّه رفض بشكلٍ قاطع الترشّح والتزم بتعليمات الحريري. الثالث هو النائب محمد الحجّار الذي يعتبر الرافعة السنيّة الأساسيّة في الإقليم وقد أعلن عزوفه التزاماً بتوصية الحريري وندائه.

هكذا إذاً، للمرّة الثانية في غضون أيام يُعيد تيار المستقبل التأكيد على التعميم الصادر بشأن الانتخابات النيابية، مكرّراً الموجبات التنظيمية في حال ترشّح أحد أعضاء التيار، أو مشاركة أيٍّ من المنتسبين إلى التيار في الحملات الانتخابية لأيٍّ من المرشّحين. وقد قضت هذه الإجراءات بإلزام كلّ مَن يخالف التعاميم بالتقدّم باستقالته وعدم استخدام اسم التيار أو شعاراته أو رموزه في الحملات الانتخابية.

بات تيّار المستقبل أقرب إلى مقاطعة الانتخابات حتى على مستوى التصويت، وما بياناته إلا تمهيد لمثل هذا الإجراء ولقطع الطريق على محاولات وراثة التيار ورئيسه ممّن كانوا حتى الأمس القريب في عداد أقرب المقرّبين.

في معلومات "أساس" الخاصة أنّ اجتماعاً لعدد من ممثّلي عائلات بيروتية أساسية قد عُقد قبل أيام، وتقاطع المجتمعون على رفض دعم أيّ مرشّح سنّيّ في بيروت التزاماً بمقاطعة الرئيس سعد الحريري. ومثل هذا المناح آخذ في الاتّساع داخل التيار الأزرق، وهو ما سيتسبّب بإرباك كبير لرئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة وحركته الهادفة إلى محاولة ملء الفراغ. استكمالاً لحصر الإرث السياسي.

يسود الإرباك حركة السنيورة الانتخابية بعدما كان قد "تعهّد" بخوض الانتخابات النيابية بقوّة لتشكيل جبهة مواجهة نيابية، وبعدما تكوّنت لديه معطيات على الأرض بأنّ مشاركته التي يعدّ لها من خلال لائحة يرأسها الوزير السابق -الدائم على لائحة تسميات السنيورة لكل المواقع- خالد قباني ستواجَه بمقاطعة شرسة، وأنّ المناخ العام البيروتي متضامن بصورة غير متوقّعة مع الحريري، وهو ما قد يدفعه إلى التريّث في إعلان خطوته. وقد بات قبّاني نفسه مشوّشاً، وليس مؤكّداً بعد مضيّه في الترشّح.

خلال اجتماعه الأخير في دار الفتوى تحدّث السنيورة عن خطورة "وصول عدد من النواب السُنّة الموالين لحزب الله، الأمر الذي قد يشكّل خطراً على دار الفتوى". لكن لم يلقَ كلامه استحساناً في أوساط بعض مشايخ دار الفتوى، الذين اعتبروا أنّ دار الفتوى هي دار جميع أهل السُنّة.

من جهتهم، يستبعد الخبراء في الإحصاءات الانتخابية إمكانية إحراز السنيورة نجاحات انتخابية ولو من خلال دعمه مرشّحين، بالنظر إلى ضعف أرضيّته الانتخابية في بيروت وخارجها.

وتقول المعلومات في هذا الإطار إنّ الحريري الذي لا يمكنه الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات علناً خشية العقوبات العربية عليه، لا يتردّد في دعوة مُراجِعيه في شأن المشاركة في الانتخابات إلى ضرورة قطع الطريق على السنيورة، متجاوزاً النصائح بترك السنيورة يخوض المعركة نيابة عنه.

بالتوازي استبعد مطّلعون تلاقي السنيورة مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي صار أقرب إلى حسم خياره بالعزوف عن الترشّح لاقتناعه أنّ تبوُّؤ رئاسة الحكومة ما عاد شرطه أن يكون المرشّح لها رئيساً لأوسع تكتّل نيابي، بقدر أن يحصل اتفاق إقليمي ودولي ومحلّي. لذا يتّجه إلى الاكتفاء بأن يدعم من بعيد لائحة بعدد من المرشّحين في طرابلس.

وبالتالي لن يكون ميقاتي معنيّاً بأيّ اشتباك سنّيّ مع حزب الله. وعلى خلاف الكلام المتداول، سيكون من الصعوبة بمكان الالتقاء مع السنيورة على دعم لوائح انتخابية كفيلة بتعبئة الفراغ في غياب الحريري.

والحديث عن مقاطعة سنّيّة أقرب إلى الواقع، وإن وقعت فسيكون من السهولة بمكان على المرشّحين السُنّة من خارج دائرة المستقبل تحقيق فوز كفيل بقلب الموازين.

إذ تُظهر بعض استطلاعات الرأي الانتخابية حتى الساعة أنّ اللائحة الأولى في بيروت انتخابياً ستكون لحزب الله وحلفائه، ولحلفائه في طرابلس والضنية والمنية الشمال الأولى والثانية. ففي ظلّ مقاطعة متوقّعة قد تراوح بين أربعين إلى ستين في المئة، فإنّ انخفاض الحاصل قد يجعل بلوكات حزب الله وحلفائه قادرة بالأرقام نفسها على أن ترفع عدد مقاعده على الأقل عند التصويت.

وإذا استمرّ تيار المستقبل على موقفه واتّجه إلى مقاطعة انتخابية شاملة ترشيحاً واقتراعاً فسيكون فريق الثامن من آذار الأكثر حضوراً، وقد يحظى بأكثرية نيابية في كلّ لبنان، بالنظر إلى تراجع المشاركة وتدنّي الحاصل الانتخابي.

الخاسر الأكبر هنا سيكون القوات اللبنانية التي تحتاج إلى الأصوات السنية في الدوائر المختلفة خارج المتن وكسروان وجبيل وهو ما لن تحصل عليه، رغم الخط المفتوح بين السنيورة وجعجع.

وفي السياق لفتت "نداء الوطن"، ان القوى السنية التي قرّرت المشاركة تحت عنوان دعم الدولة والتصدّي لمشروع «الدويلة» تندرج كالآتي:

أولاً: رجل الأعمال بهاء الحريري الذي كثّف نشاطه بعد انتفاضة 17 تشرين ودعم ثورة الشعب اللبناني ومواقف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الداعية إلى الحياد والتصدّي لمشروع «الدويلة»، وبات لبهاء الحريري أنصار في كل المناطق السنية مع إنه يعمل ضمن مشروع وطني عابر للمناطق والطوائف، وإذا كان موجوداً على الأرض ضمن خطة مدروسة فانه سيكمل حراكه باتجاه تأليف كتلة مواجهة لمشروع «الدويلة»، ويدرس الحريري كل الخيارات ومنها تأليف لوائح تحت عنوان «سوا للبنان» في كل المناطق وخصوصاً في طرابلس وعكار وبيروت والجبل والبقاع.

ثانياً: الرئيس فؤاد السنيورة وقدامى «المستقبل»، وقد بدأت الإستقالات تظهر في «التيار الأزرق»، فالسنيورة لديه الخبرة الكافية في مواجهة «حزب الله» وهو قاد الحكومة الأولى التي تشكلت بعد انتفاضة الإستقلال في العام 2005 وبقي محاصراً في السراي ولم يستسلم لرغبات «الحزب»، كما أنه كان رئيساً لكتلة «المستقبل» النيابية بين أعوام 2009 و2018 وملأ الفراغ الذي تركه غياب سعد الحريري عن لبنان بين أعوام 2011 و2016، وبالتالي فانه يشكل فريق عمل قوامه بعض نواب وكوادر «المستقبل».

الفريق الثالث هو ذاك الذي ينضوي تحت عباءة الثورة والمجتمع المدني وهذا الفريق بدأ تأليف لوائح في كل المناطق السنية والمختلطة ولديه خطاب واضح ضد السلاح غير الشرعي ويطالب بالإصلاح.

وللمفارقة فان النائب أسامة سعد المحسوب سابقاً كحليف لـ"حزب الله" يرفض التحالف مع أحزاب السلطة ومن ضمنها «الحزب»، وبالتالي فان معركة «الحزب» ليست سهلة في المناطق السنية.

وتبقى العين شاخصة إلى الساحة السنية حيث تنتظر قدوم بهاء الحريري إلى لبنان ودعمه لوائح «سوا للبنان»، وسط التأكيد على أنه في الخطوط الأمامية للمواجهة ليس فقط سنياً بل وطنياً ولن يتراجع.

ومن جهة ثانية، فانه ينتظر التفاعل المستقبلي مع حراك السنيورة وما إذا كان سعد الحريري سيواجهه أو إنه سيترك اللعبة تأخذ مجراها بعد قراره بالمقاطعة، علماً ان هناك بعض كوادر تيار «المستقبل» تعمل لخدمة حلفاء «حزب الله» المسيحيين مثل تيار «المردة» خصوصاً في دائرة الشمال الثالثة.

أما الأهم فهو التراجع في شعبية الشخصيات السنية الموالية لـ"حزب الله" بعد انتفاضة 17 تشرين، لذلك فان القرار السني الشعبي بالمواجهة واضح لأن هذه الطائفة كانت ركيزة 14 آذار، ويبقى انتظار تبلور شكل اللوائح على رغم أن كل فريق سني يخوض معركته ضد «الحزب» من دون تنسيق.​

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o