Feb 26, 2022 11:23 AM
خاص

علاقة روسيا واسرائيل المتينة.. كيف تنعكس على سوريا بعد الغزو؟

المركزية - نقل موقع "واللا" العبري عن مسؤولين إسرائيليين قلقهم من أن العقوبات الأميركية على روسيا، رداً على غزو أوكرانيا، قد تؤدي إلى أضرار بمصالح اسرائيل الأمنية في سوريا. وقال المسؤولون الأمنيون أن "علاقات إسرائيل الوثيقة مع الولايات المتحدة قد تعرّض تنسيقها مع موسكو للخطر فيما يتعلّق بعملياتها في سوريا". وأضاف المسؤولون أن مثل هذا التعاون بين روسيا وإسرائيل "أمر حيوي في منع إيران ووكلائها من تثبيت قدمهم في سوريا". ما موقف اسرائيل من الصراع الروسي – الاوكراني؟ هل هي مع الحليف الروسي الذي يغض النظر عن قصف اهداف في سوريا؟ ام هي مع اميركا و الغرب بدعم أوكرانيا؟ 

المحلل السياسي الدكتور خالد العزي يؤكد لـ"المركزية" ان "اسرائيل دخلت في وساطة بين روسيا واوكرانيا وحاولت جمع الرئيسين الاوكراني فلوديمير زيلينسكي والروسي فلاديمير بوتين لكنها فشلت. وأكدت روسيا أن الامر لم ينجح لأن علاقة اسرائيل قوية مع الطرفين، كما ان المصلحة التي تفرضها وجود جاليتين كبيرتين روسية واوكرانية في اسرائيل، تتحكمان في القرار السياسي، تفرض على اسرائيل ان تكون علاقتها جيدة مع الجانبين. لذلك، أطلقت اسرائيل موقفا مباشرا وجريئا جدا بين كل دول الشرق الاوسط، أعلنت فيه رفضها الغزو الروسي لاوكرانيا. هذا الموقف ازعج طبعا روسيا التي استدعت السفير، لكن اسرائيل باقية ثابتة على موقفها ضد الغزو وان كان سيؤثر على طبيعة العلاقات".  

ويشير العزي الى ان "الحرب الاوكرانية ستساعد اسرائيل التي ستستفيد من هجرة الجالية اليهودية الكبيرة الموجودة في اوكرانيا، والتي تتمتع بامكانيات اقتصادية مهمة. في المقابل، اسرائيل لديها موقف ثابت يقوم على إحراج الروس في سوريا عبر طلعاته واستكشافاته وقصفه مواقع ايرانية وميليشياتها لأنها لم تلتزم بالاتفاق الذي تم توقيعه عام 2018، والذي ينص على إخراج الايرانيين وحزب الله والميليشيات لما بعد العاصمة دمشق. لذلك، تقوم اسرائيل بشن غارات على الروس في قلب مناطق النفوذ الروسي علناً موجهة إليه رسائل مفادها أن روسيا لم تلتزم بالاتفاق وتدّعي انها تضمن حماية أمن اسرائيل. وبالاضافة الى ان في نيسان 2015 عندما زار رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو موسكو لمدة ست ساعات وتوجه بعدها الى الامم المتحدة وألقى خطابه، كان هناك اتفاق ضمني واضح بين اسرائيل وروسيا، بأن يكون دخول الروس الى سوريا ضمن ثلاثة شروط: الاول ألا تسلم الدولة السورية اي سلاح تجلبه الى سوريا كي لا يقع في يد الميليشيات ويهدد اسرائيل. الثاني، عدم فتح جبهة الجولان نهائيا من قبل ايران او ميليشياتها. والثالث ان تقوم علاقة تنسيق مباشر في غرفة عمليات بواسطة رئيس الاركان الاسرائيلي ونائب رئيس الاركان الروسي، وهذا يعني ان التنسيق كان على مستوى عال. لكن بعد الـ2018 لم تكن هناك رغبة روسية، لعجز الروس عن تصفية الوجود المسلح الايراني وعدم انتشاره وعدم تغلغل الاحزاب وتحديدا "حزب الله" في مناطق من القنيطرة وصولا الى القلمون، وبالتالي أمن اسرائيل اصبح غير مضمون، وحملت اسرائيل المسؤولية للروس لأنهم أخلّو بالاتفاق، لذلك الاسرائيلي يوجه ضرباته علنا وعلى مرأى من الروس الذين يغضون النظر لأنهم يملكون اسلحة الدفاعات الـ اس 200 واس 300 واس 400 واس 500 المنشورة فقط لحماية قاعدة حميميم، لكن الروس عطلوها وربطوها بغرفة عملياتهم كي لا يتكرر مرة ثانية اسقاط طائرات روسية كما أُسقطت الطائرة عام 2017، من قبل الدفاعات الجوية السورية، ويومها احتج الروس لأن الاسرائيليين لم يعلموهم بالعملية. كل ضربة يقوم بها الجيش الاسرائيلي في سوريا يُطلع غرفة العمليات عليها. في السابق، كان يُعلمهم قبل نصف ساعة، فينشر الروس المعلومات ويتم إخلاء المناطق، وبالتالي تصبح الضربات من دون جدوى. ثم اعتمد الاسرائيليون خطة جديدة تقوم على إعلام الروس قبل ثلاثة دقائق فقط بأنهم سيقومون بتنفيذ هذه الضربات كي لا يستطيع الروسي نشر الخبر، ما سبب ازعاجا وموقفا مباشرا وحتى تصريحات من الايرانيين وحزب الله للروس، فجاءهم الرد على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي توجه بكلام واضح وقاس بأن "لولا الروس لما كنتم أنتم هنا ولو استطعتم الصمود لما كنتم ارسلتم في طلبنا، ولا احد يمكنه ان يعيرنا ويفرض علينا تصرفاتنا. في النهاية نحن من صنع لسوريا ولكم ولنظام الاسد هذا الانتصار العسكري".  

يضيف العزي: "بعد إحراج الروس وعدم الخروج من سوريا، تسعى اسرائيل الى ملاحقة قواعد لإطلاق الصواريخ الباليستية التي تجهد ايران في بنائها والتي تهدد امن اسرائيل، وبالتالي تصبح هذه القواعد امرا واقعا لا يمكن تخطيه، واي مفاوضات ستكون وفقا لوجود هذه القواعد التي تؤخذ في الحسبان. لهذا السبب تعمد اسرائيل الى القصف على المعلومات الاستخباراتية التي تدل الى وجود مستودعات أسلحة، وبالتالي تنفذ ضربات قاسية في مناطق مختلفة حتى تلك التي يتواجد فيها النفوذ الروسي كاللاذقية وطرطوس وصولا الى دير الزور والقلمون. وبالتالي بدأ إعلام المعارضة الموالية لايران والمعارضون والايرانيون يسألون الروس "لم لا يُفعّل هذا السلاح، ولا تُسقَط طائرات ولا تطلَق صواريخ في الجو"، وبالتالي هناك نوع من الامتعاض تحوّل الى خلاف سري على الارض، ومنها المواجهات بين الفرقة الرابعة (التابعة لماهر الاسد والتي تتبع مباشرة لايران) والخامسة (التابعة للروس). 

ويلفت العزي الى أن "العلاقة الروسية -الاسرائيلية أبعد من سوريا. ففي البداية كان الاسرائيليون يسددون ضربات خجولة لسوريا في مناطق قريبة من الحدود، اليوم أصبحت تتعدى ذلك وتصل الى دير الزور وما بعدها وصولا الى المناطق الحدودية مع العراق وهذا يعني ان الجيش الاسرائيلي يستطيع ان يتحرك في سوريا بسهولة لأن القدرات الدفاعية الايرانية سيئة ولا تستطيع المواجهة مع الاسرائيليين في هذا الامر، لأن في هذه الحالة تصبح الاهداف الاسرائيلية مشروعة. كما ان الدفاعات السورية غير أمينة في حال وجِدت في يد القوى الموالية لايران، أكان الجيش ام الاحزاب، لذلك نجدها في يد الروس خوفا من أن تقوم سوريا مرة أخرى بإسقاط طائرات روسية وتسبب إحراجا للروس". 

اما عن العلاقة بين روسيا واسرائيل فيؤكد العزي ان "العلاقة متينة، تبدأ أولاً مع الجاليات الروسية او السوفياتية التي تتكلم اللغة الروسية وتشكل ثلث المجتمع الاسرائيلي وتملك الاموال الى جانب قدرات عالية، أحضروها من روسيا، لوجستية واقتصادية ومهنية ومؤثرة في الكنيست الاسرائيلي وتحمل الجنسيتين. والطيران الاسرائيلي هو الوحيد الذي، عندما ينزل في مطارات روسيا او الاتحاد السوفياتي، تُبعد عنه كل الاستخبارات ويتم انتشار الاستخبارات الاسرائيلية لتفتيش وترتيب الزائرين. وهذا يدل على مستوى التنسيق العالي بين البلدين. كما هناك علاقة تجارية كبيرة بينهما، وفي ظل العقوبات التي تعاني منها روسيا من قبل الغرب، يلعب التجار الاسرائيليون دورا مهما في خرق هذه العقوبات، لأنهم يشكلون صلة وصل اقتصادية ما بين روسيا ودول اخرى. بالاضافة الى ذلك، توجه روسيا رسالة لجميع الدول مفادها ان آن الاوان لاسرائيل أن تبحث عن حليف قوي، وتقدم نفسها على أنها الحليف القوي بدل الاميركيين". 

ويضيف: "لذلك، فإن الحرب التي خاضتها في الشرق الاوسط كان شعارها حماية الامن الاسرائيلي ومن هنا يمكن القول بأن هناك تنسيقا اسرائيليا -اميركيا -روسيا. وقمة الامن التي عقدت عام 2020 في تل أبيب بين الروس والاميركيين والاسرائيليين وجمعت الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو حملت شعار "كيفية إبعاد ايران من سوريا"، لكن بوتين قال انذاك امرا مهما جدا: "لا يمكن الآن الدخول بهذا العمل طالما ان الوضع ما زال غير مستقر في سوريا، نحن بحاجة للدور الايراني مرحليا وهذا يعني ان كل هذا الشيء في حماية ورعاية روسية". 

ويتابع العزي: "الناحية الثانية والخطيرة هي انها تريد ان تستخدم الجاليات والمواقع الاسرائيلية للضغط على الـ "آيباك" الاميركي لتحسين وتطوير صورة روسيا في الولايات المتحدة الاميركية والغرب، لأنها راعية وحامية هذا المشروع الصهيوني وبالتالي تحاول روسيا الروسي ان تتوصل للضغط على المشرّعين الاميركيين في الكونغرس كي يلعب الـ"ايباك" دورا فاعلا في هذه النقطة". 

ويشير إلى ان "النقطة الثالثة هي صناعة أسلحة مشتركة بين اسرائيل وروسيا ومن اهمها المسيرات، لأن الروس لا يصنعون طائرات مسيرات انما يتم تصنيعها في اسرائيل وتأخذها روسيا مقابل امور عديدة اهمها ليس فقط تبادل في السلاح ونوعيته انما هناك تدخل اسرائيلي في عملية بيع السلاح وتحديدا للدول العربية. هناك سلاح ممنوع ان يصل الى الدول العربية، والروس والاسرائيليون وقعوا حوله الاتفاق عام 2008 بعد حرب جورجيا لأن المسيرات التي كانت تمتلكها جورجيا بدعم من من اسرائيل سببت خسائر لروسيا التي توجهت الى اسرائيل واتفقت معها على شراء المسيرات وعلى أن تحدد هي الدول التي يمكنها الحصول على هذا السلاح المتطور". 

ويقول العزي: "أما النقطة الرابعة، فهي أن اسرائيل هي من موّل إنتاج لقاح "سبوتنيك" المضاد لكوفيد 19 الذي طوّرته روسيا، إلا أن وبالرغم من التسويق القوي الذي حظي به هذا اللقاح لم يلق رواجا لعدة أسباب أهمها عدم اعتراف منظمة الصحة العالمية به. والنقطة الاخيرة والمهمة هي استثمار الغاز. فالشركات التي ستنقب عن النفط في البلوك 9 هي "نوفاتيك" الروسية و"توتال" الفرنسية و"ايني الايطالية"، رغم أنها من افشل الشركات، فـ"توتال" دراساتها غير صحيحة، "نوفاتيك" تعاني من مشاكل وعقوبات مالية ولا تملك المعدات اللازمة لسحب الغاز وتحويله الى سائل، و"ايني" تخضع لمحاكمات مرتبطة بالفساد، لكن تم جلبهم وجمعهم في "كونسورتيوم" إرضاء لاسرائيل وايران. هذه الشركات الثلاث، بما فيها الروسية والفرنسية، لديها مصالح مع ايران وتريد فتح علاقات اقتصادية معها. كما يشكل وجود الروسي عامل اطمئنان للايراني والاسرائيلي بما يملك من علاقة جيدة وممتازة مع الطرفين. والروسي يضع يده أيضا على الغاز السوري وله الكلمة الفصل في الموضوع. ومن ثم هناك الغاز اليوناني وارتباط الروس باليونان وعلاقتهم بـ"الزميل" الارثوذكسي، والذين يرعونه، رغم ان اليونان في الناتو ولكن هناك علاقات وخوفا من تركيا. وهناك ايضا الغاز القبرصي، وتربط علاقة متطورة بين روسيا وقبرص، وامس تمنع القبارصة بطريقة او بأخرى من وضع عقوبات على الروس بحربهم ضد اوكرانيا. أضف الى ذلك، ان الغاز الذي سيُنتج في اسرائيل ولبنان وقبرص واليونان وسوريا هو من ذات جودة عالية. لذلك، يريد الروس وضع يدهم عليه بمساعدة القوى الموجودة والمتحالفة في هذه المنطقة كي يتمكنوا من إخراجه وضخه عبر أنابيب الى اوروبا. فالروس سيكون لهم حصة الاسد، وهذه الحصة يجب ان تكون بموافقة الاسرائيلي والايراني والسوري والقبرصي واليوناني. هذه النقطة تجعل الروسي موجودا فيها ويبني علاقات متشاركة ومتشابكة مع هذه الاضداد الثلاثة التي عمليا تعود وتتوحد وتربطها المصالح أكانت المباشرة ام عبر وسيط". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o