Feb 21, 2022 9:01 AM
صحف

ملف الكهرباء… مصير مجهول

لم تتوصلّ جلسة مجلس الوزراء التي إنعقدت نهار الثلاثاء الماضي للبحث في ملف الكهرباء، إلى نتائج ملموسة حيث أن الخطّة التي حملها وزير الطاقة والمياه كانت مكتوبة باللغة الإنكليزية وهو ما تحفّظ عليه بعض الوزراء مطالبين بنسخة باللغة العربية. وقام وزير الطاقة بعرض الخطوط العريضة للخطة إتُخذ بعدها قرار تأجيل البحث في هذه الخطة إلى جلسة أخرى.

المعلومات المُسرّبة عن الخطة حسب "الديار"، تُشير إلى أن الخطة تمتد على مدى خمس سنوات للحصول على كهرباء 24 ساعة / 7 أيام، مع 8 إلى 10 ساعات في العام 2022، 16 إلى 18 ساعة في العام 2023، 16 إلى 20 ساعة في العام 2024، 20 إلى 24 ساعة في العام 2025، 24 ساعة في العام 2026.

أما على الصعيد المالي، فتُشير هذه المعلومات إلى أن وزارة الطاقة والمياه تحتاج إلى 250 مليون دولار أميركي في العام 2022، 150 مليون دولار أميركي في العام 2023، و 145 مليون دولار أميركي في العام 2024 قبل أن تدرّ فائضًا بقيمة 96 مليون دولار أميركي في العام 2025، و347 مليون دولار أميركي في العام 2026.

عمليًا، المعلومات المُتوافرة عن الخطة تسمح لنا بطرح عدد من الملاحظات:

أولًا – العديد من الفرقاء السياسيين صنفوا خطة وزارة الطاقة والمياه في العام 2010 بأنها جيدة وأقروها بقانون مع تمويل بقيمة مليار دولار أميركي. وبغض النظر عن الأسباب التي منعت تنفيذ هذه الخطة ووصولها إلى برّ الأمان وبغض النظر عن نوعية هذه الخطة مقارنة بخطّة العام 2010، السؤال الذي يتوجّب طرحه: ما الذي تغير حتى لا تُعطّل الخطة الحالية للوزارة لنفس الأسباب التي عطّلت تنفيذ خطة الوزارة في العام 2010؟

ثانيًا – تمويل الخطّة يأتي من ثلاثة مصادر أساسية: الأول هو البنك الدولي من خلال قرض لتمويل شراء الغاز من مصر والكهرباء من الأردن؛ الثاني من سلف خزينة (250 + 150 + 145 مليون دولار أميركي على مدى ثلاث سنوات)؛ والثالث من رفع التعرفة التي يُتوقّع أن تفوق العشرة أضعاف! وهنا تُطرح عدّة أسئلة: البنك الدولي يشترط إصلاحات لإقرار القرض، فهل الحكومة قادرة على القيام بالإصلاحات المطلوبة؟ أيضًا كيف للحكومة أن تضبط الهدر التقني، والتعدّي على الشبكة الكهربائية، وجباية المستحقات؟ في الواقع التاريخ يُخبرنا أن هذا الأمر شبه مُستحيل ولن يتحقق في المستقبل نظرًا إلى الوضع الإقتصادي (إستحالة رفع التكلفة في ظل الظروف الإقتصادية الحالية) ونظرًا إلى أننا على أبواب إنتخابات نيابية لن يكون معها إقرار الخطة سهلًا. أما على صعيد السلف، فمن أين ستؤمّن الحكومة الأموال المطلوبة من قبل مؤسسة كهرباء لبنان؟

ثالثًا – المرحلة الإنتقالية هي الأكثر حساسية! وبالتالي نسأل عن كيفية تأمين الكهرباء للمواطنين اللبنانيين خلال هذه المرحلة؟ هل هي عبر المولدات الخاصة أم عبر مصادر أخرى؟ في الواقع، إذا كان الخيار عبر المولدات الخاصة، يتوجّب تذكير الحكومة أن المولدات الخاصة الموجودة حاليًا تُنهي مهامها (أي 15 ألف ساعة عمل لكل مولد) في نهاية هذا العام، وبالتالي هناك إستحالة لتأمين الكهرباء من هذه المولدات العام المُقبل كما هي الحال اليوم! من هنا نسأل هل هناك تنسيق مع أصحاب المولدات لتجديد مولداتهم ومن سيدفع الفاتورة؟ أما إذا كانت المصادر هي غير المولدات الخاصة، فما هي هذه المصادر وما هي الكلفة على الدولة وعلى المواطن؟

من هذا المُنطلق، نرى أن خطة الكهرباء ستواجه الكثير من المطبات أمام إقرارها وهو ما سيتبيّن في الأيام والأسابيع المقبلة.

النكران الذي تعيشه السلطة السياسية يدفعها إلى مراكمة أخطائها خصوصًا أنها فشلت في إدارة هذا القطاع بغضّ النظر عن الأسباب التي أدّت إلى هذا الفشل. إذًا لماذا لا يتمّ تحرير هذا القطاع وإعطاء القطاع الخاص إمكانية مشاركة الدولة في إنتاج الكهرباء؟ هذا الأمر لا يعني بأي شكل من الأشكال خصخصة الملكية!

التداعيات الإقتصادية والإجتماعية لغياب الكهرباء ستكون عديدة وأحيانًا كارثية حيث تُعتبر الكهرباء عصب المجتمعات الحديثة. وبالتالي فإن الأضرار على الماكينة الإنتاجية ستكون كبيرة وهو ما سيضرب القطاع الإنتاجي وبالتحديد المصانع التي تلجأ إلى المولدات الخاصة (إشتراك أو مولد خاص) لتلبية حاجاتها. أضف إلى ذلك الضرر الكبير على الصعيد الإجتماعي من ناحية الإستخدامات المنزلية وضخ المياه والإتصالات، والتعليم وغيرها.

توازيا، توقعت مصادر “اللواء” ان تاخذ خطة الكهرباء، التي سيستكمل مجلس الوزراء مناقشتها هذا الاسبوع حيزاً من النقاش، والتجاذب السياسي، لانها لاتحاكي عوامل عديدة، المطلوب ان تاخذها بعين الاعتبار، وانما ما زالت تدور في دائرة الاساليب التقليدية التي اتبعت بالسابق، ولم تعد تفي بالوقت الحاضر.

ووصفت المصادر الخطة استنادا الى شروحات وزير الطاقة، وما تسرب في وسائل الإعلام، بانها،تحاكي القرن الماضي،ولا تتناسب مع القرن الحالي، ان لناحية الوقت الطويل المدرج بالخطة،للوصول بالتغذية إلى 24 ساعة يوميا، او الى المواصفات التقنية للمعامل الجديدة، التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار التطور التقني الاحدث ببناء المعامل الجديدة، والذي اصبح متوافر بسهولة، وما يمكن ان يحدثه، ان كان بالتخفيف عن كاهل المواطنين او بتنشيط الدورة الاقتصادية عموما.

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o