Feb 12, 2022 7:12 PM
دوليات

من كندا إلى فرنسا.. عودة المظاهرات ضد قيود كورونا

احتشد آلاف الأشخاص القادمين من كل أنحاء فرنسا، صباح السبت، عند أبواب باريس بنية الدخول إليها، بينما يتوقع أن تشهد العاصمة الكندية، أتاوا، تظاهرات حاشدة، والقاسم المشترك بين البلدين البعيدين هو الرفض لشهادات التطعيم الإجبارية والقيود الصحية الناجمة عن تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد.

وقالت مفوضية الشرطة في باريس إن نحو 7200 شرطي ودركي "منتشرون خلال الأيام الثلاثة المقبلة  للسهر على احترام منع قوافل "السيارات والآليات.

وأوضح مدير شرطة المدينة ديدييه لالمان لوكالة فرانس برس أنه استحدث "مناطق مؤقتة لحجز السيارات ستسمح مع عشرات عدة من آليات القطر بوضع حد للتعطيل والإغلاق"، في حين جرى نشر مدرعات للدرك في شوارع العاصمة للمرة الأولى منذ تظاهرات "السترات الصفراء" في نهاية العام 2018.

ووعد رئيس الوزراء جان كاستكس بعدم التساهل مع هذه الحركة الاحتجاجية. وأكد في تصريح لمحطة "فرانس2" التلفزيونية الجمعة "إن عطلوا حركة السير وإن حاولوا شل العاصمة يجب أن نكون حازمين".

وتشكلت الحركة الاحتجاجية التي تضم معارضين للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومشاركين في "السترات الصفراء"، على نسق التعبئة الحاصلة في العاصمة الكندية أوتاوا.

وتوقفت مئات السيارات وشاحنات التخييم والشاحنات الصغيرة الآتية من ليل وستراسبورغ وفيمي (شمالي البلاد) وشاتوبور (غربي فرنسا) وغيرها مساء الجمعة عند أبواب باريس على ما أفاد مصدر في الشرطة، مؤكدا أن أيا من هذه القوافل لم يدخل نطاق العاصمة.

"حجم هائل" 

وبدا التعب والتوتر في صفوف القافلة التي انطلقت من منطقة بريتانيه (غرب) وتوقفت في مرآب مركز تجاري في محيط شارتر على بعد حوالى 80 كيلومترا جنوب غرب باريس ويحيط بها عناصر الدرك على ما أفادت إحدى صحافيات وكالة فرانس برس.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مقابلة مع صحيفة "ويست فرانس"، "نحن متعبون جميعا ونشعر بالسأم جراء ما نعيشه منذ سنتين، ويعبر عن هذا السأم بطرق مختلفة مثل التشتت النفسي لدى البعض والاكتئاب لدى البعض الآخر. نرى معاناة نفسية قوية جدا لدى الشباب والأكبر سنا أيضا. ويترجم هذا السأم أيضا إلى غضب. أنا أدرك ذلك وأتفهمه".

لكنه أضاف "أدعو إلى مزيد من الهدوء".

وقدرت الشرطة بعد ظهر الجمعة عدد الآليات المشاركة في القوافل المختلفة بحوالى 3300، فيما  وصفه أحد منسقي التحرك بأنه "هائل الحجم".

وأبقى القضاء الجمعة على مرسوم منع تجمع القوافل بعدما رفض طلبين لرفعه، في حين قالت الناشطة المعارضة للقاحات والمشاركة في "السترات الصفراء"، صوفي تيسييه "هذه خيانة، أسس المرسوم لا تحترم القانون ولا حرية التظاهر".

"تلاق أوروبي"

وردّ جان كاستكس بقوله "الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي حق يضمنه الدستور في جمهوريتنا وديموقراطيتنا خلافا لحق تعطيل الآخرين ومنع حركة التنقل".

وقبل شهرين من الانتخابات الرئاسية في فرنسا، يطالب المتظاهرون بسحب شهادة التلقيح التي تسمح للذين تلقوا اللقاح المضاد لفيروس كورونا بدخول المطاعم ودور السينما وغيرها من الأماكن العامة والتي تؤكد الحكومة أنها ستلغيها بحلول أبريل، وللمحتجين أيضا مطالب على صعيد القدرة الشرائية وكلفة موارد الطاقة.

وينفي المشاركون في التحرك أن تكون لديهم نية شل الحركة في العاصمة ويأملون أن تزداد أعدادهم شيئا فشيئا.

وقال روبن وهو واقف في مرآب قرب ستراسبورغ "من المهم الا نزعج الآخرين وأن نبقي المواطنين إلى جانبنا كما في كندا".

وينوي بعض المتظاهرين الوصول إلى بروكسل بعد ذلك في إطار "تلاق أوروبي" مقرر في 14 فبراير، لكن السلطات البلجيكية منعت دخول القوافل إلى العاصمة.

وقال ريمي موند أحد المبادرين إلى هذا التحرك في مقطع مصور "أوجه نداء للتوجه إلى كل المدن الكبرى لاحتلالها وتكثيف نقاط التجمع".

بين المحكمة وإصرار المحتجين

وفي كندا، أمرت محكمة أونتاريو العليا، الجمعة، بمغادرة المتظاهرين المعارضين للإجراءات الصحية الذين يشلون شريانا حيويا حدوديا مع الولايات المتحدة منذ أيام عدة ما دفع واشنطن إلى التدخل لدى الحكومة الكندية.

وغرد درو ديلكينز رئيس بلدية مدينة ويندسور الواقعة على جسر أمباسادور الذي يربط كندا بالولايات المتحدة والذي أغلقه المحتجون "قرر القاضي بأن على المتظاهرين المغادرة قبل الساعة 19,00" بالتوقيت المحلي (منتصف الليل بتوقيت غرينتش ).

بيد أن المتظاهرين كانوا لا يزالون يعطلون الحركة على الجسر حتى الساعة 23,30 بالتوقيت المحلي من دون تدخل الشرطة. 

وكان لإغلاق هذا المحور الحدودي الرئيسي الذي يربط مقاطعة اونتاريو بمدينة ديترويت الأميركية تداعيات على قطاع صناعة السيارات على جانبي الحدود.

وضغطت واشنطن على الحكومة الكندية الخميس طالبة منها استخدام "الصلاحيات الفدرالية" لفض الاحتجاج، فخلال اتصال هاتفي مع رئيس وزراء كندا جاستن ترودو، تناول الرئيس الأميركي جو بايدن مباشرة "العواقب الخطرة" لتعطيل الاقتصاد الأميركي جراء الاحتجاجات الكندية، حيث تمر أكثر من 25% من السلع المصدرة بين الولايات المتحدة وكندا عبر هذا الجسر.

وبعد ساعات على ذلك، أكد ترودو أن الحدود "لن تبقى مغلقة"، واعدا بتكثيف تدخل الشرطة ضد المحتجين، مؤكدا أن "كل الخيارات واردة" لإنهاء تحرّك المحتجّين لكنه أكد في الوقت ذاته أنه غير مستعد لنشر الجيش فورا، ومعتبرا أنه "الحل الأخير".

وصباح الجمعة، أعلن رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو حيث جسر أمباسادور والعاصمة الفدرالية أوتاوا، حالة الطوارئ، إذ قال دوغ فورد خلال مؤتمر صحافي "سنتّخذ كلّ التدابير الضرورية لضمان إعادة فتح الحدود، وأقول لسكّان أوتاوا المحاصرين: سنحرص على أن تكونوا قادرين على استئناف حياة طبيعية في أسرع وقت".

وإضافة إلى جسر أمباسادور، يغلق المحتجّون طريقين رئيسين آخرين، أولّهما في ايميرسون، ويربط مانيتوبا بداكوتا الشمالية، وثانيهما في مقاطعة ألبرتا.

غياب حس القيادة 

وأتت هذه الضغوط من الجار الأميركي القويّ لتضاف إلى تلك التي تمارسها على رئيس الوزراء أحزاب المعارضة التي تتّهمه بالتقاعس في معالجة الأزمة.

وفي حين يعزو كثيرون إحجام ترودو عن التحرّك في هذه القضية إلى حسابات سياسية، خصوصاً أنّه مرشّح لانتخابه مجدّداً في يونيو المقبل، يحاول رئيس الوزراء أن يلقي عن كاهل السلطات الفدرالية مسؤولية حلّ هذه الأزمة.

لكنّ المعارضة لا تشاطره هذا الرأي وتطالبه بسرعة التحرّك لحلّ الأزمة أو على الأقلّ لطرح مقترحات لحلّها.

وقالت كانديس بيرغن، الزعيمة الموقتة لحزب المحافظين، "من غير المقبول ألا يتحرك رئيس وزراء دولة من مجموعة السبع إحدى أقوى دول العالم، وألا يبدي حسا قياديا لتسوية الوضع"، لكن في نظر دانيال بيلان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ماكغيل في مونتريال، "تكمن المشكلة في أنّ ترودو ألقى في البدء الوقود على النار بوضعه جميع المتظاهرين في سلّة واحدة، ثم ظلّ صامتاً طوال خمسة أيام، والآن لا يبدو أنه لا يتحمّل مسؤولياته".

تظاهرات السبت 

وقالت صحافية في وكالة فرانس برس إنّ أعداد المتظاهرين في شوارع أوتاوا زاد في الأيام الأخيرة وقد نُصبت خشبة مسرح أمام البرلمان.

وقال مات لينير الذي علق العلم الكندي على هراوة هوكي لوكالة فرانس برس إنه لا يشعر بالقلق موضحا "ندافع عما نؤمن به ولا نخالف أي قانون" وهو جالس أمام البرلمان بانتظار "آلاف الكنديين" الذين سينضمون إلى التظاهرات خلال عطلة نهاية الأسبوع.

وقالت جسيكا دوسيو (34 عاماً) "نحن سلميّون. الأمور تسير على ما يرام! لم أرَ أبداً هذا القدر من الحبّ والمساعدة المتبادلة. لسنا هنا بدافع الكراهية، نحن هنا لاستعادة حرية الاختيار".

واختارت هذه المرأة التي تعمل سائقة حافلة، المجيء مع زوجها الذي يعمل سائق شاحنة وطفليهما البالغين ثلاث سنوات وعشرة أشهر، وكلبهم، للاحتجاج تحت نوافذ مكتب رئيس الوزراء.

والخميس، جدّدت شرطة المدينة القول إنّها "غير قادرة" على "إنهاء" هذه التظاهرة من دون تعزيزات، مع تدفق المتظاهرين مجدداً السبت.

وانتقلت عدوى هذه الاحتجاجات إلى مدن كندية رئيسية أخرى مثل مونتريال التي يستعدّ رافضو التدابير الصحيّة لإغلاق شوارعها بسياراتهم شاحناتهم.

المصدر: الحرة 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o