Jan 31, 2022 7:30 AM
صحف

تريّث خليجي يمدّد للبنان فرصة "التفاعل".. العين على الخطوة المقبلة

تريثت دول مجلس التعاون الخليجي عبر الاجتماع التشاوري الدوري لوزراء الخارجية العرب امس في الكويت في الرد او اتخاذ موقف موحد وجامع وفوري من الرد اللبناني على الورقة الكويتية التي تبلغها لبنان من وزير الخارجية الكويتي باسم المجموعة الخليجية والعربية والدولية. وحسب "النهار" بدا هذا التريث حمّال أوجه لجهة الحذر الذي لا بد من اخذه في الاعتبار قبل اطلاق التقديرات المرتبطة بدرس الرد اللبناني قبل تحديد الخطوة اللاحقة كما اعلن وزير الخارجية الكويتي احمد ناصر المحمد الصباح في ختام الاجتماع الوزاري العربي في الكويت . فمع ان الوزير الصباح شكر للبنان “تفاعله” مع المذكرة التي نقلها اليه معلناً ان الدول الخليجية تدرس الرد اللبناني، فان ذلك لم يكف وحده للبناء عليه كمؤشر إيجابي محتمل للرد الخليجي. بل ان التريث قد يكون نتيجة وساطة كويتية لتمديد الأخذ والرد في ظل ما اعتبر تطوراً إيجابياً مبدئياً ان يبدأ لبنان يستشعر ثقل التداعيات والاكلاف التي ستترتب عليه في حال لم يتفاعل مع الإرادة العربية والخليجية والدولية التي تختصرها بنود المذكرة التي تلقاها . كما ان ثمة اوساطا لم تستبعد ان يكون التريث لرصد مفاعيل الانعكاسات الداخلية التي احدثتها المذكرة وتحديداً اذا كان “#حزب الله” الذي حال نفوذه الساحق على السلطة دون تمكنها من التعهد باي تحرك مؤثر حيال تنفيذ القرار 1559 سيقابل هذه الثغرة الكبيرة في الرد اللبناني على المذكرة بتهدئة او مهادنة او تخفيف من وطأة هجماته على الدول الخليجية ليمكّن لبنان الرسمي من المضي قدما في التواصل والحوار مع الدول الخليجية ولو على أساس اختبار صدقية السلطة الحد الأدنى في اتجاهها للتنسيق الدائم مع الدول الخليجية لاحتواء الازمة المتصاعدة . ولكن بدا من المعطيات المتوافرة ان الدول الخليجية رفضت طرح لبنان تأليف لجنة مشتركة مع هذه الدول للبحث في ملف “حزب الله”. واما رصد موقف الحزب من المذكرة، فكان يفترض ان يتبلور في المقابلة التلفزيونية التي كانت مقررة مساء اليوم مع الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ولكن قناة “العالم” أعلنت مساء امس ارجاء المقابلة من دون اتضاح السبب.

وثمة معلومات أن دول الخليج لن تتخذ إجراءات عقابية جديدة تجاه لبنان، وإن كانت بمعظمها ترفض صيغة الرد اللبناني وتعتبره ناقصاً وقاصراً. إلا أن الموقف الخليجي في حال جاء سلبيا بعد دراسة الرد اللبناني ستكون له تداعيات لناحية رفض دول مجلس التعاون مساعدة لبنان، معتبرين أنه سيبقى مرتهناً لـ”حزب الله” وحسابات إيران في المنطقة.

وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده وزير خارجية الكويت أحمد ناصر المحمد الصباح وأمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط امس الأحد للحديث عن الاجتماع التشاوري لوزراء خارجية العرب الذي استضافته الكويت، لم يأخذ الموضوع اللبناني حيزا واسعا نظرا الى عدم صدور موقف علني بعد من الرد اللبناني. وفي سياق المؤتمر قال الصباح:”قدمنا إطار إجراءات لبناء الثقة بين دول الخليج ولبنان. وتجري دراسة الرد اللبناني”. وشكر وزير الخارجية الكويتي لبنان على “التفاعل” مع المطالب التي صاغتها الدول الخليجية، قائلا إنها “خطوة إيجابية”.

وفي حين كان جواب بيروت محور لقاء أحمد الناصر مع وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، وأيضاً في اجتماعات الأخير مع عدد من نظرائه على هامش الاجتماع التشاوري لوزراء الخارجية العرب الذي استضافته الكويت، أمس، فإنّ أوساطاً سياسية عبر "الراي" الكويتية لم تؤخذ بالمناخات التي أشيعت في العاصمة اللبنانية عن «أجواء ممتازة» وتَفَهُّم كويتي خصوصاً للردّ الذي صيغ بما يشبه «المناورة الكلامية» التي تُمَيِّز بين احترام قرارات الشرعية الدولية وبين «تنفيذها» الذي وُضع «وجهاً لوجه» مع السلم الأهلي.

وإذ بدا واضحاً، وفق هذه الأوساط، أن المبادرة الكويتية «حشرتْ» لبنان الرسمي في زاوية عدم إمكان «الهروب» من استحقاقٍ ديبلوماسي - سياسي شكّلته مذكرة المطالب الأقرب الى الشروط الخليجية خصوصاً لمعاودة وضع لبنان على «رادار» الاهتمام ومدّه بالمساعدة المالية على قاعدة أن أي «منصةِ دعمٍ» للدولة لا يمكن أن تكون قبل وقف تحويل «بلاد الأرز» عبر «حزب الله» منصةَ «عدوان لفظي وفعلي» على دول مجلس التعاون الخليجي، فإنها اعتبرت أن بيروت حاولت تحويل هذه الاندفاعة التي لا يمكن فصْلها عن رفْع الحوثيين منسوب التهديد والاعتداءات على السعودية والإمارات، «فرصةً» لفتْح حوار مع الخليج العربي وكسْب الوقت عبر اقتراح تأليف لجنة مشتركة لمناقشة ومتابعة البحث في بنود الورقة.

ورأت أن الساعات المقبلة ستكون كفيلة بتظهير الوقع الذي تركتْه مذكرة الردّ اللبنانية لدى الدول المعنية بالمبادرة والتي سيُرفع إليها جواب بيروت الذي بات «قيد الدرس لمعرفة ما هي الخطوة القادمة مع لبنان»، وفق ما عبّر أحمد الناصر، أمس، وسط اقتناعٍ بأن خلفيات الحِراك الذي قادتْه الكويت بتفاهُم مع دول الخليج العربي الأخرى، ولا سيما السعودية والإمارات وبغطاء عربي ودولي، تحت عنوان «إجراءت بناء الثقة»، يصعب تَصَوُّر أن تكون على طريقة «رفْع العتَب»، بمقدار ما أنها جاءت أقرب إلى «الإنذار الأخير» لبيروت بأن «الصبر نَفَد»، وإن لم يكن ممكناً بعد تَلَمُّس كيف سيكون الردّ على استسهال لبنان تكرار مفاضلةٍ باتت واقعياً اليوم بين «أمن لبنان وأمن الدول الخليجية».

وتسأل الأوساط نفسها، هل تكتفي هذه البلدان بالإبقاء على الأزمة بمستوياتها الحالية (سحب سفراء وإجراءات اقتصادية) على قاعدة «لا تطلبوا منا ما هو أكثر من المساعدة الانسانية»، بعدما جرى «توثيق» ما يشبه «إعلان العجز» من الدولة اللبنانية عن الاضطلاع بمهماتها في بسط سيطرتها على كامل أراضيها ومنع وجود تنظيمات مسلحة خارج الشرعية، وبالحدّ الأدنى وقف انخراط «حزب الله» في ساحات المنطقة، أم أن الأزمة مع دول الخليج ستنتقل إلى مستوى آخر بإجراءات أخرى أكثر تشدُّداً باعتبار أن «فترة السماح انتهتْ».

الى ذلك، بات جلياً أنّ لبنان دخل مرحلة تموضعات حاسمة تضعه على شفا “فالق زلزالي” لا مكان وسطاً بين ضفتيه كما كتبت "نداء الوطن"… وما على اللبنانيين سوى اختيار واحدة من الضفتين في معركة تقرير المصير والوجود وتحديد الانتماء والهوية، فإما الاصطفاف خلف راية طهران وأجندتها الإقليمية، أو الانضواء تحت لواء العرب في المواجهة المفتوحة مع هذه الأجندة!

وتحت سقف التشديد على كون العمل العربي المشترك “أصبح ضرورة ملحة في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة”، كما عبّر ولي العهد الكويتي مشعل الأحمد الجابر الصباح، كان الاجتماع التشاوري “هاماً” بين وزراء الخارجية العرب أمس في الكويت وفق توصيف وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح، لأن التباحث خلاله استهدف “تطوير آليات التعاون في مجمل القضايا العربية المصيرية المشتركة ومواجهة التحديات التي تتعرض لها الدول العربية، ومناقشة الملفات والقضايا التي يشهدها العالم العربي”… ومن بين هذه الملفات يتربع الملف اللبناني على قائمة التحديات العربية، بعدما حوّلت السلطة الحاكمة لبنان من دولة قائمة على ركائز العلم والطب والفكر والإبداع إلى جزيرة منبوذة عائمة على منصة معادية للعرب تناصبهم التهديد والشتم والعداء والاعتداء، خارج المفاهيم والأعراف الديبلوماسية والمواثيق العربية والقرارات الدولية.

وإذ أتت مبادرة الكويت بمثابة الفرصة الأخيرة لإعادة بناء الثقة بين دول الخليج العربي ولبنان، إذا تماهى الجانب اللبناني مع متطلبات بنودها الـ12، لا سيما ما يتصل منها بالمطالبة الخليجية بوضع حد للسلاح المتفلت خارج إطار الدولة ومؤسساتها الشرعية والشروع ضمن مهلة زمنية محددة في تطبيق قرار مجلس الأمن 1559، فإنّ الرد اللبناني على هذه المذكرة بدا أشبه بـ”التسليم بعجز لبنان الرسمي أمام سطوة سلاح “حزب الله” على مفاصل الدولة وتوجهاتها وسياساتها الداخلية والخارجية”، كما رأت مصادر ديبلوماسية في معرض إبداء انطباعها “الأولي المبدئي” على الجواب الذي حمله وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إلى الكويت، موضحةً أنّ “هناك تملصاً واضحاً في الجواب اللبناني من موجبات تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة بـ”حزب الله” وسلاحه عبر ذريعة الخشية من تقويض الاستقرار والسلم الأهلي الداخلي في البلد”، ولفتت إلى كون الرد الذي تسلمه وزير الخارجية الكويتي من نظيره اللبناني “لم تتم مناقشته خلال الاجتماع العربي التشاوري” أمس، على أن يصار لاحقاً إلى تدارس مضمونه بين الدول الخليجية والعربية “لتحديد الخطوات والإجراءات المقبلة حيال لبنان ووضعها على سكة التنفيذ”.

وعلى هامش المؤتمر، كشفت مصادر ديبلوماسية متابعة لـ «الجمهورية»، أنّ المناقشات في الجلسة العامة للوزراء العرب أظهرت اجواء متفاوتة بين وجود المتشدّد والمتريث تجاه الطرح اللبناني. ولفتت الى انّ البتّ بمصير اقتراح لبنان في شأن اللجنة المشتركة العربية ـ اللبنانية قد لا يصدر عقب هذا الاجتماع، فاللقاء تشاوري ولم يتخذ الطابع الرسمي، وانّ الاتصالات ستتواصل عبر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لترتيب بعض المخارج لمجموعة من العناوين التي تناولها المجتمعون ومنها، بالإضافة الى حرب اليمن وتردّداتها على دول الخليج العربي والقضية اللبنانية، وما يتصل بمشروع إعادة سوريا الى الجامعة العربية لم يُحسم بعد، بعدما اكّد عدد من الوزراء انّ مستلزمات هذه العودة الى الجامعة ومؤسساتها لم تتوافر بعد.

وفي سياق متصل، اعتبر عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب بلال عبدالله في حديث لتلفزيون «الجمهورية»، انَّ «الجواب اللبناني على الورقة الكويتية لم يكن كافياً للردّ على الاسئلة العربية التي حملها وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح»، مشدّداً على أنّه «كان يجب أن نكون أكثر وضوحاً في جوابنا خصوصاً في الامور التي نحن ملزمون في أن نقوم بها».

وأوضح عبدالله، أنّه «ربما يكون هناك بندٌ وحيد قد يكون خارجاً عن إرادة وإمكانات تطبيق هذا الموضوع من قِبل اللبنانيين أنفسهم، ألا وهو القرار الدولي 1559. أما المسائل الأخرى المرتبطة بالنأي بالنفس وبعدم السماح بأن يكون لبنان منصّة أو مكاناً للتهجُّم على دول الخليج، وحماية هذه البلدان من مافيا التهريب المفتوحة عبر الحدود اللبنانية- السورية والمصدِّرة لكافة أنواع المخدرات والممنوعات، فأعتقد أنّه كان يجب أن يكون الموقف منها أكثر وضوحاً وجذرية، مع توضيح الإجراءات».

وأمل في أن «تستمرّ الدول العربية وخصوصاً دول الخليج، في مؤازرة لبنان الذي يحتضر بفعل الأزمة السياسية والاقتصادية التي يمرّ فيها، وقد بات عاجزاً عن إيجاد تسوية داخلية بوجود هذا الكم من التراكم للعوامل الاقليمية والدولية في تركيبته السياسية»، متمنياً «أن لا يُعاقَب الشعب اللبناني مجتمعاً بسبب خلاف مع ايران وحلفائها في المنطقة وفي لبنان».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o