Jan 09, 2022 7:41 AM
صحف

الصّراع بين عون وبرّي يُهدّد "هدنة" الدورة النيابية.. تصفية الحسابات انطلقت!

"هدنة" الدورة الاستثنائية لمجلس النواب لم تعمر طويلا، فبعد أن وفرت الحصانات للنواب الملاحقين أمام القضاء العدلي، خرج عليها رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقول ان "مجلس النواب سيد نفسه" بمعنى انه يستطيع ان يضيف الى جدول أعمال الدورة ما يراه مناسبا، بينما رد عليه التيار الوطني الحر، مذكرا بأن الدستور هو "سيد الأنظمة والقوانين".

والدستور يقول في المادة 33 منه، ان الدورات الاستثنائية لمجلس النواب يقررها رئيسا الجمهورية والحكومة، ويحددان موعد بدئها وانتهائها، فضلا عن جدول الأعمال الذي يفترض ان يتقدمه إقرار الموازنة العامة.

ظاهر الإشكالية حسب "الأنباء" الكويتية صلاحيات ومواد دستورية، أما بواطنها فتبدأ بالانتخابات لتنتهي بالمحاصصة والتعيينات، التي يبدو انها أطاحت بطاولة الحوار قبل اصطفاف الكراسي، مع إبلاغ الرئيس سعد الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون مباشرة، اعتذاره عن عدم المشاركة، "لأن الحوار بعد الانتخابات النيابية، لا قبلها".

وثمة قوى أخرى تقول قول الحريري، في سرها أو خلف الكواليس، لقناعة لدى هؤلاء الممانعين، بأن الرئيس يريد من مشروعه الحواري الأخير، تعويم وريثه السياسي جبران باسيل، على أمل تحضيره للسباق القريب الى بعبدا، أقله من قبيل لعل وعسى.

ويبدو ان الرئيس بري من أصحاب القول الذي كان الحريري السباق الى إعلانه، ومثلهما رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع، بينما الرئيس ميشال عون ينظر الى طاولة الحوار كآخر سهم في قوس ولايته الآيلة الى الأفول، ومن هنا كان قراره التواصل مع الكتل النيابية لاستمزاج الرأي والتشجيع على المشاركة، وكان اتصاله الأول مع الرئيس الحريري، الذي رده خائبا تاركا الكلام لصندوق الاقتراع، والرئيس نجيب ميقاتي الذي ترك موقفه في "عهدة" الرئيس عون. وفي المعلومات فإن ميقاتي ووليد جنبلاط أعطيا موافقة مبدئية مشروطة.

توازيا، ينقل وفق معلومات مواكبة عبر "الديار"، بأن حجم الخلافات بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، قد تفاعل في الأيام الماضية على خلفية الموازنة وأمور كثيرة أخرى، ومن هنا، أعاد رئيس المجلس إلى الأذهان إطلاق عبارة «المجلس النيابي سيد نفسه»، والتي سبق وأن أشار إليها في محطات كثيرة مماثلة، لا سيما في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي، وبالتالي، أن هذه الرسالة من بري إلى عون، تؤكد بأن حرب تصفية الحسابات بينهما انطلقت على أكثر من خلفية ومحور:

ـ أولاً، الإستحقاق الرئاسي، والذي يعتبر أساسياً لكليهما، فرئيس المجلس لم يكن إلى جانب عون في الإنتخابات الرئاسية الماضية، ولا هو اليوم داعم لصهره رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ويدرك بري، ومن خلال ما يصله بالتواتر، بأن باسيل لم يكسر الجرّة مع «حزب الله» لأنه يعوّل على دعم الأخير له في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، إضافة إلى أن بري لديه مرشّحه لرئاسة الجمهورية وهو رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، وبالتالي، ينقل عن الدائرة الضيقة لرئيس المجلس، بأنه مستعد لانتخاب أي إسم يطرحه البطريرك الماروني بشارة الراعي، ولكن حتماً لا ينتخب النائب باسيل.

ـ ثانياً، السنوات الماضية كشفت خللاً كبيراً على صعيد إقرار الموازنة، ومعروف أن وزير المالية يوسف خليل، يتبع في السياسة لحركة «أمل»، ولهذه الغاية، فإن بعض المشاريع التي تحتاج توقيعه والتي يصرّ عليها رئيس الجمهورية ما زالت عالقة، والعكس صحيح، بحيث تتّهم أوساط رئيس المجلس عون بتجميد مشاريع كثيرة وعرقلة أخرى لدواعٍ سياسية، وليس لأمور إدارية أو خلاف ذلك، وأيضاً، فإن الرواسب الماضية في إطار الخلافات بين «أمل» و»التيار الوطني الحر»، هي بدورها تبقي الأمور معلّقة، وتعيق في الوقت عينه الوصول إلى جلسة الموازنة بعدما خضعت لتعديلات هي بدورها فرملت بعض البنود التي يعتبرها كلاهما بأنها تعرقلت لدواعٍ سياسية وليس مالية.

ـ ثالثاً، إن الرئيس بري يعتبر أن كلام عون يوم غادر إلى الدوحة، وتحديداً حول الإنتخابات الرئاسية، فذلك اعتبره رسالة واضحة له بما معناه إذا كان هناك إجماع نيابي على التمديد له سيقبل به، أي أن رئيس المجلس يرى أن رئيس الجمهورية يفكر جدّياً بالتمديد، ويعتقد جازماً، أي بري، أن هناك ورقة يمسكها عون يناور من خلالها، فإما الوصول إلى الفراغ الرئاسي، أو انتخاب صهره باسيل رئيساً للجمهورية، وبالمحصلة فإن التعطيل قد يكون إعادة لسيناريو العام 2014.

من هذا المنطلق، يبدي بعض المتابعين للأجواء الراهنة، بأن هناك صعوبة في الوصول إلى العناوين الأساسية المطروحة حالياً، من جلسة الموازنة إلى الحوار، إلى معاودة جلسات الحكومة، إلا في حال كان هناك صفقة ما تعيد الجميع إلى عقد جلسات الحكومة وتمرير الموازنة، على اعتبار أن ثمة معلومات عن إعادة المشاورات بعيداً عن الأضواء من القوى السياسية والحزبية نفسها، والتي كادت أن تصل إلى صفقة منذ أسبوعين وفشلت في نهايتها، وهو ما يعني أن ما يحصل اليوم هو تعبئة هذا الوقت الضائع والمناورات السياسية، وصولاً إلى تحصين كل طرف لوضعيته الإنتخابية، ولهذه الغاية، فإن التصعيد السياسي سيبقى مستمراً في هذه المرحلة، وتحديداً على خط بعبدا ـ عين التينة، على خلفية أن «القلوب مليانة» بين الطرفين، وهذا ما يسمعه اكثر من مسؤول ونائب في مجالس الفريقين، مما يصعّب من مهمة ودور الرئيس ميقاتي، الذي يسعى إلى تدوير الزوايا وليكون في الوسط بين عون وبري.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o