المنطقة على صفيح ساخن وأسبوع تفاوضي مصيري في مواجهة "أفخاخ" نتنياهو
رغم الدفع الغربي العربي لإنجاح مفاوضات وقف إطلاق النار في غزّة، لكن يبدو أن المحاولة ستُشبه سابقاتها وستفشل وسيستمر القتال في غزّة، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمكّن من "تفخيخ" هذه المحادثات بمطلب أساسي وهو الوقف الموقت وليس الدائم لإطلاق النار، الأمر الذي سيُمكّنه من العودة إلى الحرب بعد تبادل الأسرى.
لا يُريد نتنياهو وقف الحرب، وكان واضحاً منذ البداية أن شرط استكمال الحرب بعد انتهاء فترة الهدنة أساسي ولا عودة عنه، وللتأكيد عليه، تحدّثت معلومات عن طلبه ضمانة خطّية من الولايات المتحدة تؤكّد "حقه" بالعودة إلى القتال بعد انتهاء تبادل الأسرى، وبالتالي بات جلياً أن إسرائيل تُريد الاستمرار حتى تحقيق أهداف بعيدة الأمد في غزّة.
التعنت الاسرائيلي تزامن مع ليونة من "حماس" لإنجاح المفاوضات، وضغط ومُحاولات تذليل عوائق من الوسيطين قطر ومصر، لكن أفخاخ نتنياهو كانت كالأرانب، يُخرجها من قبتعه كلما تقدّمت المحادثات وتذيّلت عوائق، فتارة يُثير مسألة محور فيلادلفيا، وطوراً محور نتساريم، ليؤكّد أن إسرائيل هي الطرف الذي يُعرقل نجاح المفاوضات، لا "حماس".
لا يُمكن نعي الاتفاق من اليوم، فهذا الأسبوع سيكون مصيرياً، ومن المرتقب أن تستمر المحادثات في القاهرة، لكن بعض المراقبين يقولون إن "الضرب بالميت حرام"، في إشارة إلى أن مُحاولات التوصّل إلى اتفاق "شبه ميتة"، حتى أن نتنياهو نعاها حينما نقلت عنه هيئة البث الإسرائيلية "تشاؤمه" بشأن إمكانية إتمام صفقة التهدئة في غزة وقوله إنه "لا يوجد احتمال كبير لنجاحها".
وبرأي المراقبين، فإن نتنياهو المهدّد بالفشل السياسي والملاحقة القضائية فور انتهاء الحرب ليس مستعجلاً لوقف إطلاق النار، لا بل يُريد الاستمرار في مُحاولة لتحصيل أي مكاسب سياسية وعسكرية تحمي مستقبله، وهذه المكاسب قريبة وبعيدة الأمد، منها ما هو مرتبط بمُحاولة تدمير الحد الأقصى من قدرات "حماس"، ومنها ما هو مرتبط بـ"اليوم التالي" لغزّة ومعادلات الرد ضد إيران.
إفشال نتنياهو مفاوضات الهدنة سيعني العودة إلى التصعيد، والعودة لردي إيران و"حزب الله" اللذين توقفا موقتاً إلى حين البت بمصير محادثات وقف إطلاق النار، ومن الواضح أن نتنياهو يُريد التصعيد الإقليمي ولا يخشاه، لأن فرص تفاديه متاحة أمامه لكنه رافض تماماً لكل الاقتراحات التهدوية، لا بل يسعى للتصعيد، وقد صدرت تعليمات إسرائيلية لزيادة حدّة القتال في غزّة.
ثم أن إفشال نتنياهو المفاوضات سيوجّه ضربة للولايات المتحدة ورئيسها جو بايدن، فالأميركيون دفعوا باتجاه إصدار بيان ثلاثي مع قطر ومصر يدعو لعودة المحادثات، وقد تعي الإدارة الأميركية ألا حلول مع نتنياهو فتوقف مُحاولاتها وتنصرف للاهتمام بالانتخابات الرئاسية، فيزيد منسوب الخطر في المنطقة.
في لبنان، قصّة "ابريق الزيت"، أي أزمة الكهرباء، عادت إلى الواجهة من جديد مع دخول البلاد العتمة الشاملة ليل السبت الأحد وتوقف التغذية بشكل شبه تام عن كافة البلاد نتيجة نفاد الفيول المطلوب لتشغيل معامل الكهرباء، وهي سقطة جديدة بحق وزارة الطاقة وخلفها مؤسسة كهرباء لبنان اللذين فشلا بإدارة ملف الكهرباء منذ نحو 20 عاماً، وحالة القطاع شاهدة على الفشل.
بالتزامن، وبعد العراق، فتحت الجزائر مخازنها وأعلنت المساعدة عبر إرسال كميات من الفيول غير معروفة بعد، لكنها بالتأكيد ستخفّف من وطأة الأزمة موقتاً إلى حين إيجاد حلول أكثر استدامة، إذ حصل تواصل بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ونظيره الجزائري الذي أعلمه بإرسال كميات فيول لمساعدة لبنان في أزمته، ما يُثبت من جديد ألا بديل عن الحاضنة العربية.
إذاً، المنطقة على صفيح ساخن جداً، لم يبرّده التفاؤل الأميركي، ومن المرتقب أن يعود الحديث عن تصعيد واحتمال وقوع اشتباك إقليمي أوسع بين إيران ومجموعاتها وإسرائيل، ولبنان لن يكون بمنأى عن الحريق الذي سيحمل نتائج مدمّرة على غزّة ولبنان وعواصم عربية أخرى.
المصدر - الأنباء الالكترونية