Dec 20, 2021 7:47 AM
صحف

عون عاتب على "الحزب".. و"الثنائي" يخشى بيئته الحاضنة!

إذا انعدمت المخارج فقد يكون يوم غدٍ مفصلياً بالنظر لانتهاء مهلة المجلس الدستوري للنظر في الطعن المقدم اليه من "التيار الوطني الحر" في قانون الانتخابات النيابية. الصورة غير واضحة بعد. حتى آخر اجتماعاته كانت آراء الاعضاء متباينة بما يصعب الخروج بقرار موحد. التوقعات ان يستبق المجلس اجتماعه النهائي غداً باجتماع اليوم تمهيداً لجلسة الغد. في هذا الوقت تفاوتت الآراء بين فئة تتوقع تغيّب الاعضاء الشيعة لنكون امام جلسة فاقدة للميثاقية، وأخرى تتوقع ردّه، اما اذا تعادلت الأصوات ولم يصدر القرار فذلك يعني حكماً ان التعديلات على قانون الانتخاب نافذة. مشكلة جديدة تصعب الحل بعدما رفض "التيار الوطني الحر" المقايضة بين قرار "الدستوري" وهيئة محاكمة الرؤساء والنواب والوزراء النيابية، ما زاد من حدة التوتر بين رئيسي الجمهورية ومجلس النواب ميشال عون ونبيه بري على خلفية اتهام بري الضمني لعون و"التيار الوطني"، بتعطيل اي طرح لتسوية تؤمن العودة الى طاولة مجلس الوزراء.

وبحسب "نداء الوطن"كلما استكمل الثنائي الشيعي مشواره في البحث عن مخرج لقضية المحقّق العدلي طارق البيطار وجد الامر مستحيلاً. والمستحيل هذا يتسبّب حكماً بتوسيع مساحة الخلاف بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. لم يعد خافياً ان عون يشعر بضيق وانزعاج كبيرين بسبب تعطيل جلسات مجلس الوزارء ولا يجد مبرراً لحليفه، اي "حزب الله"، في المضي بتعطيل ما تبقى من عهده. صار لديه شبه قناعة بوجود تواطؤ بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي لتعطيل الحكومة وتسيير الشؤون المهمة بالمراسيم الاستثنائية. و"حزب الله" الشاهد على الواقع والذي تبلّغ استياء عون وعتبه الكبير يستعين على الحلّ بقول ان لا حول ولا قوة الا بالله، العين بصيرة واليد قصيرة.

تبرير لا يقنع عون ولا "التيار الوطني الحر" الذي صار نوابه أعجز من الدفاع عن حليفهم. بين "التيار" و"حزب الله" مشكلة حقيقية اليوم يعبّر عنها توقف اجتماعات اللجنة المشتركة التي كانت شرعت في مراجعة تفاهم مار مخايل بهدف تطويره. لم يعد من مبرر لهكذا اجتماعات صورية بينما بلغ التباعد مداه بين الطرفين وإن تجنّبا الاعتراف بذلك. طرف ذهب بعيداً في اعلان حربه على المحقق العدلي وآخر لم يستوعب بعد ان حليفه الاقرب يشارك في تعطيل ما تبقى من عهده ويساعد في اضعافه، لأجل حليفه الثاني وهو الرئيس بري.

في قضية البيطار يقف عون و"حزب الله" على طرفي نقيض في مقاربة الموضوع. وبينما يحاول الثنائي البحث عن مخارج بطرح المقايضة بين قرار المجلس الدستوري وجلسة نيابية لاخراج ملف محاكمة الرؤساء والوزراء والنواب من يد المحقق العدلي، يعتبر "التيار الوطني الحر" ان المقايضة غير ممكنة هنا وان بامكان بري الدعوة الى جلسة سيحضرها "التيار" لتأمين النصاب من دون ان يصوت على القرار.

يشكل قرار المجلس الدستوري غداً الثلثاء محطة مفصلية في حال رد الطعن بقانون الانتخاب، ما سيوسّع الشرخ بين الثنائي وعون الذي يشكو اصلاً من عدم تعاون "حزب الله" معه بموضوع مجلس الوزراء، ويتهمه بالتعطيل بينما يتهم الثنائي الشيعي عون و"التيار الوطني" بتعطيل الوصول الى تسوية بملف البيطار، ويعبّر "حزب الله" عن انزعاجه كلما خرج نائب في "التيار" بموقف ضد الثنائي. بات الامتعاض كبيراً حتى في وسط اكثر المتحمسين لـ"حزب الله" والمدافعين الشرسين عنه، لدرجة ان احد النواب لم يعد همّه التحالف مع الثنائي لتمرير الانتخابات "بدّي خوض الانتخابات بأصوات المسيحيين حتى ولو خسرت".

داخل "التيار"، هناك من يشعر ان "حزب الله" بات يؤذي حليفه المسيحي امام خصومه السياسيين وان حضوره كحليف لم يعد يتعدى العشرين بالمئة في الوسط المسيحي. يرفض "التيار" عموماً اعتباره مشاركاً او معنياً بعمل المحقّق العدلي، والحلّ لقضيته لا يمكن ان يكون الا من خلال مجلس القضاء الاعلى وليس مجلس الوزراء، ولا يمكن لأي مسيحي ان يصوّت على عزل قاضٍ يريد توقيف مسؤولين عن انفجار الرابع من آب الذي احدث زلزالاً في الوسط المسيحي.

ربط مصير الحكومة بالتحقيق يخرج عون و"التيار" عن طورهما لان ذلك يعرّيهما مسيحياً. صعد الثنائي على الشجرة ويريدان من عون انزالهما عنها وهذا مستحيل كما يبدو، حتى ولو كانت الضريبة موقع "التيار" في الانتخابات النيابية. في الوضع الحالي لا يمكن لـ"التيار" ان يخوض الانتخابات النيابية بالتحالف مع الثنائي ولن يلتقي حكماً مع "حركة أمل". ملامة "التيار" على "حزب الله" انه يغطي شريكه في الثنائي، واذا استمرّت الحال على ما هي عليه فقد تكون النتيجة بان يحكم الثنائي بالتعاون مع "القوات".

أيا كان الثمن فان عون لن يقبل بالتدخل في السلطة القضائية لطلب تنحي قاضٍ لا سلطة لمجلس الوزراء عليه، واذا ارادوا تنحيته ليقدّم القضاة الشيعة استقالة جماعية.

صعّب "حزب الله" الوضع على "التيار الوطني"، ويكون مخطئاً اذا اعتقد ان العلاج يكون بمونة جبران باسيل على المسيحيين، لان شارعه المسيحي خرج من يده ولم يعد بمقدوره اعادته الى ما كان عليه منذ ما بعد حرب تموز حتى الامس القريب.

"الجو المكهرب" بين "حزب الله" و"التيار" لا سبيل لحله الا بعد ايجاد مخرج للمحقق العدلي والعودة الى طاولة مجلس الوزراء، والحل لن يكون سياسياً بل هو متوقف حسب ما يراه مصدر قضائي على مجلس القضاء الاعلى، بأن يستعيد زمام المبادرة ويثبت حضوره كحكم ويتولى انقاذ البلد، فهل هو بهذا الوارد؟

معلومات " نداء الوطن" أشارت أن على مسافة اشهر من المعركة الانتخابية، تبدو المواجهة على أوجها بين مواطن خسر لقمته وأحزاب تركته لمصير مجهول، ومعارضة ما زالت تبحث عن ذاتها المشتتة، علّها تجد شخصية ذات ثقل تنافس بها. وبين كل ذلك، المعركة تبدو معيشية اكثر منها سياسية والشعب يريد لقمته المسروقة. فكيف تبدو اجواء المعركة في منطقة النبطية؟

ربما لم تخضع المنطقة لجردة حساب انتخابية شاملة حتى الساعة، لكنها في الحقيقة، تشهد اسوأ ظروف اقتصادية وحياتية ومعيشية، وسط نقمة شعبية على الأحزاب التي تخلت عن ناسها في احلك الظروف. بالطبع، لا صورة واضحة حول تركيبة الانتخابات حتى الساعة، أقله لجهة الثنائي الذي أطلق صافرة ماكيناته الانتخابية وبدأ العمل. اما لجهة المعارضة، فلا شيء واضحاً نظراً لتواجد سلسلة معارضات لم تتفق حتى الساعة ولم تجتمع على عنوان مواجهة واحد، فلكل معارضة سياستها واهدافها. وبالتالي، فإن الحديث عن معارضة قوية في منطقة النبطية هو ضرب من الخيال، طالما ان حالة التفكك والتشرذم واضحة للعيان.

وسط حديث عن لقاءات هنا وهناك لجمع الاقطاب المعارضة المتناحرة، تؤكد المعلومات ل"نداء الوطن" ان لا شيء ملموساً حتى الساعة، فكل طرف معارض يُخوِّن الطرف الآخر ويعتبره موالياً اما للحزب او للحركة، وبالتالي فإن فكرة تشكيل نواة اعتراضية انتخابية تبدو صعبة التحقيق، اقله حتى الساعة، فحتى اللقاء الاخير الذي جمع “الكتلة الوطنية” مع المعارضين لم يخرج بخريطة طريق واضحة للتحالفات، فهناك اليساريون والشيوعيون والبعثيون وحزب سبعة والجنوبيون والمستقلون وغيرهم، وكل ذلك يجعل الإنتخابات المقبلة عبثية نوعاً ما، رغم أن موازينها مختلفة، فالشعبية التي يراهن عليها الثنائي تراجعت كثيراً، نظراً للتدهور الإقتصادي الذي رافق حياة المواطنين ودفعهم الى الحضيض، هذا عدا عن النقمة التي تسود اوساطهم، وتجعل من الصعب على كلا القطبين ترميمه أو بناء جسر ثقة من جديد، حتى ان القطبين خسرا ورقة الضغط التي كانا يمارسانها، تحديداً على الموظفين واصحاب اللوحات العمومية وحتى الدوائر العامة. فهذه القطاعات التي تشكل “لوبي انتخابي” وازن خرجت عن سيطرة الاحزاب،

وبحسب اوساطهم فإن تخليها عنهم جعلهم يعيدون النظر بإنتماءات، من غير تحديد ما إذا كانوا سيقاطعون او سيصوتون خارج السرب، وإن كانت الفرضية الأولى مرجحة. وتعيد الاوساط الأسباب الى ان الموظفين وحتى السائقين العموميين ممّن كانوا يرضخون للضغوط كُرمى للقمة عيشهم التي كانوا يتهدّدون بها، باتت لقمتهم خارج السيطرة، فالسائقون يخوضون معركة تصحيح اوضاعهم ولا يهتمون بإرضاء الزعيم الذي تخلى عنهم، وبالتالي “المونة” التي كانت تُمارس عليهم بلغة حرمان الخدمات “راحت” وخرجوا من تلك العباءة بواقع مرير، معتبرين أنهم باتوا بلا شيء ومهنتهم تحتضر ولم تعد ذات وزن كالسابق، أضف الى ذلك وجود نقمة لافتة واعتزال كثر للعمل الحزبي، موجهين اتهامات لاذعة للأحزاب المنضوين تحتها “ما بقى تأثروا فينا”.

وفق المعطيات، فإن المحازبين من الحلف الأخضر يسجلون عتباً كبيراً على تنظيمهم ويرون انه أدار ظهره لهم ولم يقف قربهم في عز الحاجة. وتلفت المصادر الى أن كثراً رفضوا الانصياع للاوامر والدخول في أفواج الماكينة الانتخابية، كنوع من العصيان، ولا تخفي أن المعركة الانتخابية ستكون حرباً ضروساً بين الاحزاب والشعب، فالاحزاب تخشى ان تُرشح المعارضة شخصية وازنة لها ثقلها على الساحة فتجذب الاصوات الناقمة عليها، ما قد يحدث شرخاً وصدمة كبرى ويقلب المعادلة. وتضرب المصادر مثلاً ما جرى في العديد من البلديات التي خرجت عن طاعة الاحزاب حين ترشح اشخاص من خارج اللوائح وخرقوها بثقة الشعب، وإن كان الكف رُدّ بحلها، فإن سيناريو مماثلاً قد يتكرر في الانتخابات، سيما وأنها تجرى وسط انقلاب شامل في ظروف الناس التي تواجه نار جهنم. وحتى الرشوة الانتخابية الوقتية لن تنفع ولن “تشيل الزير من البير”، وهنا تلفت المصادر الى اهمية أن تكون المعارضة متحدة تستفيد من الهوة القائمة بين الشعب والاحزاب، وتقدم على الاستحقاق موحدة لا مشرذمة، وأن تطرح اسماء ثقة لا اسماء ذات خلفيات مشبوهة.

الحلقة الثانية التي تواجهها الاحزاب، قطاع الموظفين والمعلمين، فهذا القطاع الوازن بات خارج سيطرة الاحزاب هذه الأيام، بعدما تآكلت معاشاتهم وباتوا يشحذون تنكة البنزين، وبالتالي لم يعد نبضها الانتخابي، بل هناك نقمة داخله. فطيلة مرحلة التحركات المطلبية لم تقف الاحزاب معهم وتدعم مطالبهم، بل تركتهم لمصير مجهول وقاس، ولن تنفع المساعدات الآنية التي دأبت على توزيعها قبل فترة الانتخابات في استمالتهم وتخفيف حدة غضبهم، اذ تقول اوساطهم “لطالما كنا عالحلوة والمرة معهم وحين ذقنا المرة تُركنا لوحدنا، وبالتالي لم يعودوا يمثلوننا على الاطلاق”.

وتشير المعطيات الى “أن هناك خشية كبيرة لدى الثنائي من انقلابات تحصل بوجههم من قبل بيئتهم الحاضنة، وبالتالي تصب الاصوات في الجهة المقابلة سيما مع شح الخدمات من قبل احد الاطراف، وعدم ايلائهم الازمة الاقتصادية والمعيشية اقله لمحازبيهم ومناصريهم اي اعتبار، وزحفهم اليوم تجاههم سيواجه بالرفض، وان دل هذا على شيء فانما يدل على حقيقة واحدة، وهي ان معركة الانتخابات المقبلة ستكون الاشرس بين شعب ذاق المرّ واحزاب تركتهم لجهنم درّ.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o