Nov 11, 2021 6:48 AM
صحف

لا مؤشرات ايجابية حول امكان انعقاد الحكومة في المدى المنظور

المشهد الداخلي ثابت عند حال الإهتراء الذي اصبح وصفاً ملازماً للبنان في كل مفاصله، وقوى الاشتباك الداخلي على اختلافها، تقطع بانقساماتها واصطفافاتها وتناقضاتها وأجنداتها، فرص النجاة، وتمعن في شدّ الخناق على رقبة البلد واهله، وصبّ الزيت على نار الملفات المتشابكة، والتي صارت كلّها متصادمة، الى حدّ صارت معه فرضية عودة هذا البلد الى سابق عهده، صعبة إن لم تكن مستحيلة.

في هذه الصورة، يبدو انّ لا مكان للسياسة، ولا للمنطق العاقل الذي يفترض أن يجمع مكوّنات البلد على إنقاذ بلد مأزوم وشعب مقهور واقتصاد صار تحت الأنقاض، بل متاريس متواجهة في حلبة مفتوحة على اشتباك بلا افق. وما على اللبنانيين في ظلّ هذا الوضع سوى تلقّي المزيد من الصدمات وتحمّل الوجع، هذا إذا استطاعوا ذلك.
في السياسة، حكومة موجودة بالإسم فقط، معطّلة لا حول لها ولا قوة ولا قرار. وكما الحكومة، كذلك القضاء الذي تلقّى في الساعات الأخيرة ضربة قاسية في هيبته ومعنوياته، وحوّلته المناكفات السياسية وغير السياسية الى "حارة كل مين ايدو الو"؛ ردّ من هنا، يقابله ردّ من هناك، مواجهات، ومنازعات، واجتهادات، وتشكيك بنزاهة قضاة، وكأنّ خلف الأكمة إرادة خبيثة في إدخال القضاء في نفق مجنون يهدّد بتفسّخ، لا بل بكسر هذا العمود الفقري للبلد، واصابة الكيان اللبناني بالشلل الكامل.

وعلى ما تشي الوقائع المتدحرجة سياسياً وقضائياً، كما تقول مصادر سياسية لـ"الجمهورية"، فإنّه ليس في الأفق الداخلي ما يوحي بحدوث صحوة سياسية تخترقه بإيجابيات، تبرّد اسلاك التوتر السياسية التي تغلي بالتناقضات الجوهريّة وبالأحقاد المتسابقة لتصفية الحسابات بين هذا الطرف وذاك، بل انّ هذه الوقائع حبلى بأسباب وعوامل توتير اضافية سياسية وشعبوية، تشي بانحدار الامور الى ما هو أسوأ واكثر تعقيداً وصداماً، وخصوصاً انّ كل اطراف الصراع الداخلي دخلت فعلاً في اجواء الانتخابات النيابية، وبدأت في اعداد عدّتها وماكيناتها لخوض هذا الاستحقاق بكل الأسلحة السياسية المتوافرة لديها.

على انّ العلامة السلبية الفاقعة وسط هذه الأجواء، هو الشلل الحكومي الذي يبدو انّه سيكون عنوان المرحلة، مع ما يرافقه من تخبط وإرباك على كل المستويات. وفي هذا السياق، أبلغت مصادر سياسية مسؤولة الى "الجمهورية"، ان لا مؤشرات ايجابية حول امكان انعقاد الحكومة في المدى المنظور.

يتقاطع ذلك مع ما تؤكّده مصادر وزارية لـ"الجمهورية" بقولها: "انّ الوضع الحكومي لا يطمئن، وكل الاحتمالات واردة حوله، حيث من الصعب القبول بواقع حكومة لا معلّقة ولا مطلقة".

واشارت المصادر، الى "انّ المواطن اللبناني يدفع ثمن تعطيل المسار الحكومي، وإحباط المهمّة الانقاذية التي اخذتها الحكومة على عاتقها لمواجهة وضع اقتصادي ومعيشي بالارض".

وإذ لفتت المصادر الى جهود مضنية بذلها الرئيس نجيب ميقاتي لإعادة اطلاق عجلة الحكومة، للشروع في التصدّي للأساسيات وطمأنة اللبنانيين بوضع العلاجات على السكة، الّا انّه مع الأسف اصطدم بإرادة التعطيل".

واوضحت المصادر، "يبدو انّ الحكومة ستستمرّ على هذا الحال من التعطيل الى أجل غير مسمّى، يُخشى ان يكون لفترة طويلة"، وفي اشارة الى موقف ثنائي حركة "امل" و"حزب الله"، لفتت الى "فشل كلّ المحاولات التي جرت لإعادة إنعاش الحكومة ولمّ شملها، فذلك دونه شرطان غير قابلين للسير بهما، وكلا الامرين كما تجمع الوقائع المرتبطة بهما، مقفلان بالكامل، ومحاطان بانقسام عميق حيالهما. يتعلق الأوّل ببت مصير المحقق العدلي في انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، لناحية إبقائه او كفّ يده عن التحقيق. وهو امر لا علاقة للحكومة به، فضلاً عن انّ رئيس الحكومة عاد واكّد صراحة بالأمس على إبقاء تحقيقات المرفأ بيد القاضي البيطار. واما الشرط الثاني، فيتعلّق بالأزمة المستجدة مع السعودية وبعض دول الخليج، وبالبت بمصير وزير الاعلام جورج قرداحي لناحية استقالته طوعاً او إقالته.

وبحسب معلومات "الجمهورية"، انّ موقف ثنائي "أمل" و"حزب الله" ثابت لناحية عدم المشاركة في جلسات لمجلس الوزراء قبل تنحية القاضي البيطار، ورئيس الحكومة في هذه الصورة. وقد جرت في الايام الاخيرة عملية استطلاع لهذا الموقف، اقترنت بتمنيات بتليين موقف الثنائي، الّا انّها فشلت، وجاء الجواب بالتأكيد على انّ المشاركة مرتبطة بإزالة اسباب مقاطعة مجلس الوزراء، أي تنحية القاضي البيطار عن ملف المرفأ.

من جهته، أشار عضو تكتل "لبنان القوي" النائب إدكار معلوف إلى أنّ لا حل بعد لمسألة انعقاد جلسات مجلس الوزراء رغم جهود رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في هذا الصدد، ناقلاً عن رئيس الجمهورية ميشال عون انزعاجه من عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء بعد انتظار عدة أشهر لتشكيل الحكومة.

وقال في حديثٍ لجريدة "الأنباء" الإلكترونية: "كان الرئيس ميشال عون يريد أن تكون هذه الحكومة حكومة عمل وإنتاج وليست معطّلة، خصوصاً في المواضيع الحياتية فهي أكثر من ضرورية، لكنها مع الأسف تواجه الأزمة تلو الأزمة، فكيف يمكن حل هذه المسائل من دون مجلس وزراء"، منتقداً ربط موضوع القضاء بالسلطة التنفيذية، فعندما تتدخل الحكومة بعمل القضاء فذلك يسيء للحكومة وللقضاء.

وفي موضوع الأزمة الدبلوماسية، دعا معلوف جامعة الدول العربية إلى "وضع خارطة طريق وتصوّر معيّن لحل هذه الأزمة التي يجب ألّا تطول من جهة بما يتعلق بسيادة البلد، ومن جهة ثانية إذا ثبت أن هناك تدخلات من جهات معيّنة بالشؤون الداخلية للدول العربية فيجب إيقافها على الفور".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o