الغارات على البقاع سجال ناري ضمن قواعد الاشتباك
لم تكن الغارات الاسرائيلية على البقاع الأولى من نوعها، لكن توقيتها يثير التساؤل: هل هي تصعيد جديد وسط ترقب رد "حزب الله" على عدوان الضاحية الجنوبية، أم أنها جاءت في إطار السجال بالنار المستمر للشهر الحادي عشر؟
منذ 8 تشرين الأول الفائت، تُرسم قواعد اشتباك غير متعارف عليها قبل معركة "طوفان الاقصى"، لعل من أبرزها إدخال الجولان السوري ضمن دائرة استهدافات المقاومة رداً على اعتداءات منطقة البقاع. وظهر ذلك في أكثر من مرحلة منذ نحو 320 يوماً من المواجهات المتواصلة على طول الحدود.
الجولان مقابل البقاع
صحيح أن الغارات على منطقة البقاع كانت الأعنف من حيث استهداف أكثر من منطقة، لكنها لم تسفر عن ضحايا، وإن تكن بحسب الإعلام الاسرائيلي قد استهدفت مخزناً للصواريخ. لكن هل جاءت خارج قواعد الاشتباك أم أنها حلقة في سلسلة المواجهات؟
بعد الاعتداءات على البقاع سارع "حزب الله" إلى استهداف الجولان من خلال راجمات صواريخ الكاتيوشا. وبحسب بيان صادر عنه فإنه "قصف بالصواريخ مقر قيادة فرقة الجولان 210 في ثكنة نفح ومقر فوج المدفعية ولواء المدرعات في ثكنة يردن، رداً على اعتداء العدو الذي طال منطقة البقاع".
ذلك الإعلان ليس الأول من نوعه، تماماً كما الاعتداءات على البقاع، فمنذ 26 شباط الفائت أدخل الجيش الاسرائيلي منطقة البقاع ضمن بنك أهدافه، وأغارت طائراته الحربية للمرة الأولى على منطقة بعلبك، بعد ساعات على استهداف القصير السورية.
تلك المعادلة تكرست منذ 27 شباط الفائت، وبات الرد على استهداف البقاع يتمثل في استهدافات صاروخية مكثفة في اتجاه الجولان.
وقد جاءت الغارات مساء الإثنين على بلدات بقاعية بعد استهداف "حزب الله" ثكنة يعرا في الجليل الغربي، وهي مقر قيادة اللواء الغربي 300، وقاعدة سنط جين، أي القاعدة اللوجستية التابعة لقيادة المنطقة الشمالية. تلك العملية أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وجرح آخرين بينهم إصابة حرجة.
وعليه، فإن الغارات على بلدات قرب بعلبك تأتي ضمن سياق الردود المتبادلة، وإن تكن على وقع ترقب رد "حزب الله" على عدوان الضاحية الجنوبية لبيروت في 30 تموز الفائت واغتيال القيادي العسكري الكبير في المقاومة فؤاد شكر.
وتبعا للوقائع الميدانية، فإن غارات البقاع الأخيرة لا يمكن تصنيفها إلا ضمن السجال الناري المتزايد في هذه الفترة، من دون أن تكون رداً استباقياً إسرائيلياً على الرد المرتقب على عدوان الضاحية، وتفسيرها بأنها من ضمن تغيير القواعد ليس في محله، بدليل أن ما تلاها جاء ضمن القواعد المرسومة حتى تاريخه، وإن تزامنت مع لحظات الترقب والحذر مما سيلي رد "حزب الله".
الواقع أن قواعد الاشتباك على حالها حتى اللحظة، ولو سعى الجيش الاسرائيلي إلى أن تكون "الضربة الأخيرة" بإدارته، إذ إنه يرد على عمليات المقاومة في شكل متصاعد من خلال التركيز على انتقاء أهداف خارج مناطق الاشتباك، وبدورها المقاومة توسع دائرة استهدافاتها إلى مستوطنات جديدة، وتطلق صليات صاروخية تزيد حال الإرباك والخوف لدى فئات جديدة من المستوطنين، على الرغم من عدم استخدامها صواريخ ثقيلة في ردودها.
المصدر - النهار