Oct 23, 2021 9:49 AM
صحف

باسيل دخل في لعبة التعطيل لترميم صفوف تياره السياسي.. هوَ أو لا أحد

أكد مصدر دبلوماسي عربي لـ«الشرق الأوسط» أن مشروعية المخاوف المترتبة على تعطيل الاستحقاق الانتخابي لا تزال قائمة، ويقول إن الأسباب تكمن في أن الوزير السابق جبران باسيل من خلال مراجعته لموازين القوى السياسية بات على يقين بأنه يتعذر عليه توفير الشروط التي تتيح له الاحتفاظ بقوته النيابية على رأس أكبر كتلة في البرلمان، وبالتالي لا خيار له سوى أن يُقحم نفسه في لعبة التعطيل لعله يعيد ترميم صفوف تياره السياسي للتعويض عن التراجع الذي لحق به. ويلفت المصدر، الذي فضّل عدم ذكر اسمه، إلى أن ما يهم عون هو الحفاظ على استمرار إرثه السياسي من خلال تعويمه لباسيل الذي لم يكن مرتاحاً لقول أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله بأن الهيكل العسكري لحزبه يضم 100 ألف مقاتل، لأنه بقوله هذا شكّل إحراجاً له وأدى خدمة سياسية مجانية لخصومه في الشارع المسيحي وأولهم حزب «القوات اللبنانية»، خصوصاً أنه لا قدرة لديه للرد على حليفه، إضافةً إلى اللفتة التي أظهرها نصر الله حيال زعيم تيار «المردة» سليمان فرنجية والتي حملت أكثر من معنى سياسي، فيما لم يأتِ على ذكر اسمه لا من قريب ولا من بعيد.

ويقول إن مخاوفه حيال تعطيل إجراء الانتخابات تنطلق من معطيات وأدلة توافرت له عبر لقاءاته وتواصله مع عدد من القيادات السياسية الفاعلة من جهة، ومن تعذّر باسيل الحصول على تعهد من «حزب الله» يتعلق بمستقبله السياسي، وما إذا كان سيبقى على رأس السباق كمرشح لرئاسة الجمهورية لا سيما أن هناك صعوبة في استحصاله على مثل هذا التعهد مع دخول الولاية الرئاسية لعون عامها الأخير.

كما أن «حزب الله» يتعامل مع الاستحقاق الرئاسي من زاوية إقليمية تتجاوز الحدود اللبنانية إلى الإقليم ودور إيران في المنطقة، وهذا ما يقلق باسيل -حسب قول المصدر الدبلوماسي- على مستقبله السياسي رغم أنه كان قد سلّف الحزب دفعة على الحساب بتقديمه لنفسه على أنه ذهب ضحيته عندما فُرضت عليه العقوبات الأميركية.

ويكشف المصدر نفسه أن عون يخوض، من وجهة نظره، المعركة الرئاسية قبل الانتخابية، وهو لذلك يعطيها الأولوية للاطمئنان على مستقبل وريثه السياسي باسيل ولن يفرج عن إجراء الانتخابات النيابية إلا بعد تلقيه ضمانات في هذا الخصوص أقلها قطع الطريق على خصومه للتربع على سدّة الرئاسة خلفاً له، مع أنه يدرك سلفاً أن ما يطالب به هو من سابع المستحيلات، لأن المجلس المنتخب هو من سينتخب رئيس الجمهورية العتيد، وبالتالي يبقى من المستغرب محلياً ودولياً أن يضع العربة أمام الحصان، وهذا ما سيؤدي إلى إطباق الحصار الدولي عليه وهو الذي يتعامل مع الاستحقاق النيابي على أنه محطة لبدء التغيير في لبنان.

لم يُضِع المجلس النيابي وقته. ففي غمرة التوتر الناجم عن حادثة الطيونة، بما تعنيه للرئيس نبيه بري مباشرة، عُقِدت الجلسة التشريعية وأُدخلت تعديلات على قانون الانتخاب الساري المفعول. و»المعركة» التي جرت خلالها بين رئيس المجلس ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، على خلفية هذه التعديلات، شرَّعت الباب وكشفت خلفيات المرحلة المقبلة من «الكباش» بين الطرفين، والذي يبدو ساخناً جداً بحسب "الجمهورية"

واضح أنّ بري تعمَّد الردَّ بشكل حازم على باسيل، عندما لوَّح بالطعن أمام المجلس الدستوري، إذ خاطبه بالقول: «ما حدا بيهدّدني». وهذه الإشارة توحي بأنّ التصادم بين المشروعين سيبلغ أقصى درجاته في الأسابيع والأشهر المقبلة، مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية، كما جرى تقديمه، في 27 آذار.

ما يتمّ تداوله في أوساط «التيار الوطني الحر» هو أنّ هناك فريقاً من داخل السلطة، يقوده الرئيس بري، يتصرَّف منذ اليوم لمنع وصول باسيل إلى الرئاسة، متجاهلاً أنّ لـ»التيار» الكتلة المسيحية الأقوى. وهذا الفريق هو نفسه الذي عطَّل العهد.

ومن هذه الزاوية، تعتبر أوساط «التيار»، أنّ تقديم موعد الانتخابات من أيار إلى آذار يستهدف تضييق هوامش التحرُّك أمامه، وتالياً قطع الطريق على حظوظ باسيل كمرشح لرئاسة الجمهورية. كما أنّ تغيير صيغة اقتراع المغتربين، بإلغاء المقاعد الـ6، تستهدف «التيار» خصوصاً.

ولذلك، تضيف الأوساط، إذا قام المجلس الدستوري بردّ الطعن، كما يتوقَّع الخبراء في المجال الدستوري، فإنّ فريق عون الرئاسي سيلجأ إلى التصعيد في مجالات أخرى، ويحوِّل الملف إلى أزمة سياسية مفتوحة.

وتُسأل الأوساط: ولكن، هذا التصعيد ألن يؤدي إلى مزيد من التعطيل للحكومة وسائر المؤسسات؟ فتجيب: ماذا سيخسر البلد من هذا التعطيل فوق ما هو معطّل، وماذا سنخسر أكثر كطرف سياسي وكحكم ما داموا قد عطّلوا لنا العهد بكامله؟ فليدركوا أنّ الأوراق التي نملكها قوية وكثيرة ولن نسمح لأحد بانتزاعها.

إذاً، ما شهدته الجلسة التشريعية كان جولة أولى جدّية في المعركة الآتية، والتي سيكون عنوانها من جهة بري: «عهد عون ينتهى في خريف 2022»، وأما من جهة فريق عون السياسي فعنوانها: «باسيل (أو عون)… أو لا أحد»!

في مقلب الفريق الآخر، بدأ ينمو اقتناع بأنّ فريق عون يحضّر العدّة لتكرار سيناريو الانتخابات الرئاسية السابقة. فقد عطّل عون هذه الانتخابات عام 2014، وعلى مدى أكثر من عامين، رافعاً شعار «أنا أو لا أحد». وبهذا الإصرار فرض نفسه على «حزب الله» خياراً اضطرارياً.

ويقول أصحاب هذا الرأي، إنّ باسيل يريد تأجيل الانتخابات النيابية عاماً كاملاً، بحيث تُجرى بعد الانتخابات الرئاسية المحدَّدة في الخريف وليس قبلها. وهذا الأمر يتيح للمجلس الحالي أن يتولّى انتخاب الرئيس. وفي اعتقاد باسيل، أنّ هذا المجلس يبقى أفضل له بكثير من المجلس الذي سيتمّ انتخابه في آذار، والذي قد يتأثر بمناخات طارئة.

فـ"التيار" يخشى أن تؤدي مناخات التوتر الطائفي التي ظهرت بدءاً من الطيونة واستثارة العصب المسيحي، وظهور «القوات اللبنانية» والقوى المسيحية الأخرى بموقع المُدافع عن المسيحيين والحريص على كراماتهم، إضافة إلى الفئات المسيحية المتردِّدة، إلى إضعاف موقع التيار في الانتخابات المقبلة، وخسارة الرصيد الذي يؤهّله الوصول إلى موقع الرئاسة.

وتبريرات تعطيل الانتخابات في الربيع ربما تكون جاهزة. وبمعزل عن الإشكالات الدستورية التي يمكن أن يؤخذ بها أو لا، هناك المأزق المعيشي الشديد الخطورة الذي سيفرض نفسه بشكل حاسم.

فإذا صارت صفيحة البنزين مثلاً بـ400 ألف ليرة أو أكثر، كيف سينتقل الناخبون من مناطق سكنهم إلى مناطق الاقتراع؟ ومَن سيتكبّد هذا العناء عنهم سوى ماكينات المتموّلين في سياق التأثير غير المشروع والرشاوى الإنتخابية؟ وطبعاً، كل ذلك ممكن طرحه، إذا كان الوضع الأمني مناسباً. وهو أمر ليس مضموناً تماماً.

وإذا تعطلت الانتخابات النيابية في الربيع، فهذا يطرح عملياً اعتماد أحد خيارين عند الوصول إلى الخريف والمعركة الرئاسية: إما انتخاب باسيل وإما التعطيل بتأجيل الانتخابات الرئاسية. وفي هذه الحال، وفي ظل مجلس نيابي ممدَّد له، سيرفع عون شعار البقاء في السلطة أيضاً من باب تسيير المرفق العام.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o