Sep 01, 2021 4:17 PM
خاص

التوازن بين الإسلام السياسي السنّي والشيعي في أفغانستان...المنطقة على فوهة توترات

المركزية – أن تسأل عن موقع لبنان الذي يتخبط في محيط الأزمات على خارطة اهتمامات الولايات المتحدة، كمن يسأل عن إبرة في كومة قش. فأحداث افغانستان وتداعياتها باتت تتقدم على ما عداها من ملفات في حسابات اميركا، لا بل تتفوق حتى على الملف النووي الايراني بعدما تبين وفق اوساط اميركية مطلعة ان السلطة الجديدة في ايران بقيادة الرئيس ابراهيم رئيسي عيّنت مفاوضا جديدا من المتشددين، وهي تسعى من خلال مواقفها التصعيدية في اكثر من منطقة إلى فرض شروطها لنيل المكاسب والتصعيد في وجه اميركا، لا سيما بعد قرار سحب قواتها من أفغانستان بهدف الحصول على مكاسب في الملف النووي. وهنا تمكن قراءة الدور الإيراني في لبنان من خلال لجوئها الى التصعيد عبر مواقف حسن نصرالله. 

اوساط دبلوماسية غربية أوضحت أن الانسحاب الاميركي من افغانستان هو بمثابة خطوة استراتيجية اقدمت عليها ادارة جو بايدن، وثمة "قرار سيادي" اتخذه الكونغرس بعد التوافق بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي ويقضي باعادة الجنود الاميركيين الموجودين في مهمات في الخارج الى البلاد. وقد بدأت إدارة بايدن تنفيذه بدءا من الانسحاب من افغانستان. 

لكن المفاجأة التي حصلت في افغانستان بحسب المصادر، تمثلت في  "هروب" الرئيس الافغاني اشرف غني من البلاد إلى طاجيكستان، والتفجيرات التي وقعت في مطار كابول وأسفرت عن مقتل عدد من الأميركيين والأفغان على رغم الضمانات المقدمة من دول راعية لطالبان والتي هيأت لاجتماعات بين الاميركيين وطالبان. فهل أخطأ بايدن أو تسرّع في خطوة الإنسحاب وما هي القراءة الجيو- سياسية الجديدة للمنطقة؟ 

الخبير في السياسات العامة زياد الصائغ أوضح عبر المركزية أن "في الولايات المتحدة دولة عميقة، وخيار الإنسحاب من أفغانستان هو حتما خطوة مدروسة على رغم الثغر الكارثية التي شابتها. وبالتالي تجب قراءة التحولات الجيو- سياسية الإستراتيجية الآتية من أفغانستان إلى محيطها. لكن وبكل أسف دفع الشعب الأفغاني أثماناً باهظة من ماضيه وحاضره ومستقبله في سياق هذه التحولات". 

وفي ما يعنى بالتفجيرات في مطار كابول عطفاً على الضمانات التي قدمها طالبان للمفاوضين الأميركيين أشار الصائغ إلى أن "ما يثير القلق هو عدم فهم طبيعة تعاطي مصدّري الإرهاب مع حدثٍ مماثل. وعليه يجب رصد جذور تنظيم "داعش" في هذه المنطقة القائمة على فوهة بركان عقائدية – إثنية - سياسية، ثم ماذا عن حركة مقاومة طالبان التي بدأت تتشكل في مدن وبلدات أفغانية عديدة، وهي تؤشر إلى أن المجتمع الأفغاني الحرّ، سيأخذ على عاتقه مواجهة إخضاعه، وبالتالي لن يقبل بأية تسوية دولية مع طالبان على حساب أمنه وسلامة وجوده".   

كثيرة هي الوعود التي أُطلقت حول مسألة انتقال السلطة في أفغانستان بهدوء وسلام وأمان خلال عام. ويؤشر تسارع الأحداث ودخول طالبان من دون حصول أية مواجهات بعدما انهارت السلطة مع مغادرة الرئيس أشرف غني البلاد الى طاجكستان، إلى حصول تغييرات على خلفية التهديد الذي سيخلفه تسلم طالبان للسلطة للدول المحيطة لاسيما ايران والصين. فهل تحرّك عودة طالبان الى افغانستان الغرائز لدى القبائل السنية الموجودة في الدول المحيطة ما من شأنه أن يُحولها الى منطقة توتر تماما كما كانت منطقة الشرق الاوسط؟ 

يقول الصائغ: "الرئيس بايدن على ما بدا واضحاً ينفّذ خيار انسحاب الولايات المتحدة عسكرياً من مناطق النزاع الساخنة، وهذا قرار استراتيجي كان أطلق مساره الرئيس السابق دونالد ترامب، مع الإشارة إلى أن الصراعات في هذه المرحلة تأخذ طابعاً إقتصادياً ومالياً ونفطياً أكثر منه عقائديا. من هنا فإن وعود انتقال السلطة تفصيل داخلي في رقعة ملتهبة تحوطها الصين وروسيا وإيران، وهي دول دخلت الولايات المتحدة معها في صراع مباشر على النفوذ". 

التساؤلات المزدوجة المتعلقة بالوصول إلى طريقة لمراقبة ما يحدث على الأرض، وتأمين الأفغان الذين عملوا مع القوات الأميركية بعد انسحاب الولايات المتحدة صارت أكثر إلحاحاً. ويختم الصائغ: "مما لا شك فيه أن عودة طالبان إلى أفغانستان فيها الكثير من الريبة والتساؤلات الإستراتيجية، ومنها إعادة تكوين توازن سياسي إيديولوجي بين الإسلام السياسي السنّي وذاك الشيعي، وهنا خطورة ما قد تكون مقبلة عليه أفغانستان ومحيطها من توترات". 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o