Aug 23, 2021 4:51 PM
تحليل سياسي

التسوية النفطية الترقيعية...الطوابير على حالها ولا تسليم حتى انتهاء المخزون
ميقاتي في بعبدا غدا وجعجع لنصرالله: باخرتك مزحة سمجة في ظل المأساة
مازوت المستشفيات يكفي ساعات ووزير التربيةيعلن بدء العام الدراسي حضوريا

المركزية- عضّ اللبنانيون على جرحهم العميق وارتضوا تجرّع أمَرّ كأس سيزيد الى جحيم حياتهم جحيماً، لكنّ المنظومة الفاشلة التي رسمت خريطة طريق تخديرهم تدريجيا وقمع احتجاجاتهم من خلال الهائهم بالوقوف في طوابير البنزين والمازوت والخبز والدواء لم ترضَ. فبعدما "مصّت دماءهم" وصادرت اموالهم وجنى عمرهم ورفعت بحلولها الترقيعية اسعار المحروقات من عشرين الف ليرة الى 30 فـ40 ف60 و70 وصولا الى الـ122 الفاً، ابقت، ومن ضمن منهجيتها الجهنمية على ورقة التقنين لضمان الذل، وهي فيما تتفرج على معاناة الشعب من دون ان تحرك ساكنا لتشكيل حكومة تفتح درب الانقاذ والمساعدات، اقحمت البلاد في اتون الصراع الاقليمي ولم تنبس ببنت شفة حول نفط ايران القادم الذي سيضع البلاد المنهارة تحت نير العقوبات.

فعلى رغم اجتماع السبت "النفطي" في بعبدا، والذي خرج بتسوية وسطية ترقيعية ينتهي مفعولها نهاية ايلول، ترضي العهد ومصرف لبنان في ملف المحروقات، لم يسجّل اي انفراج على هذا الصعيد على الارض، بل بقي المواطنون في الطوابير التي تمتد لكيلومترات، مع عدم تسليم الشركات اي محروقات الى المحطات اليوم.

لا تسليم: وبينما قطع مواطنون محتجون على ارتفاع اسعار البنزين وانقطاع التيار الكهربائي وتردي الاوضاع المعيشية الطرقات اليوم على طول الاوتوستراد الساحلي من الشمال الى الجنوب،  تأكد أن هناك قراراً رسمياً بعدم الاستيراد على اساس التسعيرة الجديدة قبل نفاد المخزون الموجود في السوق الذي تم استيراده على اساس 3900 ليرة للدولار. هذا ما كشفته المديرة العامة لمنشآت النفط في وزارة الطاقة أورور فغالي بإعلانها أن "الشركات المستوردة لن تفتح اليوم إلى حين انتهاء المخزون لدى محطات المحروقات". وفي السياق، أكد عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس لـ"المركزية" أن هناك ٤ بواخر راسية في المياه اللبنانية بحمولة ١٠٠ ألف طن تقريباً غالبيتها من البنزين ، لافتاً الى أن شركات استيراد النفط مقفلة اليوم، في انتظار أن يوضح مصرف لبنان آلية الدفع..".أضاف: بين اليوم والغد يُفترض أن تبدأ البواخر بتفريغ حمولتها لتتمكّن الشركات المستوردة من تزويد السوق بالبنزين والمازوت والأزمة كبيرة جداً وعلينا تحمّلها... في حين قال ممثل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا في السياق "وصلني اتصال من رئاسة الجمهورية بالسعي لحلحلة موضوع الأسعار لتتمكّن الشركات من تسليم المحروقات وكلّ ساعة تأخير تنعكس سلباً على المواطن". أضاف لـ"أم تي في": "لا نعلم ماذا حصل ليصدر بيان أوقف العمل بالتسعيرة الجديدة لصفيحة البنزين وكل محطة تفتح أبوابها يتعرّض صاحبها للمضايقات والمشاكل ومن المفترض الإسراع في فتح الإعتمادات للبواخر الموجودة في عرض البحر لإراحة السوق”.

الغاز: بدوره، اعلن رئيس نقابة موزّعي الغاز فريد زينون ان بعض الشركات التي لا يزال لديها مخزون تعمل على البيع وفق سعر الـ3900 وهناك باخرة ستقوم بإفراغ حمولتها البالغة 5 آلاف طن على أساس الـ8000 بالإضافة إلى مخزون آخر متوفّر ممّا يؤدّي إلى انفراج لمدّة 10 أيام.

ساعات للمستشفيات: من جهتها، تقبع المستشفيات على حافة الهاوية ولا من يستمع الى نداءات استغاثتها . فقد اوضح نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون عبر "المركزية" أن "لا أمل بأي حل، لا بل على العكس الأمور تزداد تعقيداً ، سواء المحروقات، أو رواتب وأجور الموظفين الموطنة في المصارف والتي لا يمكن الحصول عليها، البنزين المقطوع يعرقل أيضاً وصول الطواقم الطبية إلى مراكز عملها، كذلك الأدوية لا تزال مفقودة واسعار المستلزمات الطبية تزداد ارتفاعاً...". ولفت إلى أن "مصفاة طرابلس والشركات الخاصة التي كانت تلبي المستشفيات أبلغتنا عدم قدرتها على تسليم المازوت، في حين أن المستشفيات تستغيث، منها ما يكفيه المخزون من المادة لبضع ساعات ومنها ما نفد مخزونه فاضطر الى وقف عمله.

من جعجع لنصرالله: تعليقا على هذا المشهد الكارثي في الميدان، قال رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، في بيان " ان رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال ووزير الطاقة يتحملون سوية مسؤولية استمرار الأزمة، ولا سيما ان الحل موجود ومتوافر ويعطي نتائج فورية ألا وهو تحرير السوق فورا. إذا احتسبنا ساعات الانتظار التي يقضيها المواطنون اللبنانيون يوميا أمام المحطات نرى انهم منذ أسابيع وحتى الآن يدفعون ثمن صفيحة البنزين أكثر بكثير مما لو حرِّر السوق، وهذا من الناحية الاقتصادية البحتة إضافة إلى حرق الأعصاب والمعنويات والذل المتواصل وقتل الحلم كليا عند المواطنين اللبنانيين...وتابع "أما فيما يتعلق بباخرة السيد حسن الموعودة فهذه لا تعدو كونها مزحة صغيرة وسمجة في خضم المأساة التي نعيشها، إذ لو أن استيراد المحروقات من إيران يحل مشكلة لكانت إيران حلت مشكلة سوريا منذ سنوات، لأننا جميعنا نعرف ان إيران ملتزمة التزاما كاملا لا لبس فيه ببقاء الأسد ومصيره، ومرفأ بانياس موجود، ومرافئ سورية أخرى موجودة، فضلا عن المرافئ الايرانية، وعلى ذمة الراوي البنزين الإيراني موجود، فلماذا لم تحل إيران مشكلة حليفها بالدرجة الأولى لو أن لديها حلا لأزمة المحروقات"؟ وختم جعجع: إن دخول النفط الإيراني إلى سوريا ليس أمامه أي عقبات فهو يجري بالتواطؤ مع دولة الأسد التي تخضع أصلا لعقوبات قيصر، فما همّ الغريق من البلل؟ وبالتالي لماذا لم يحل النفط الإيراني مشكلة الأسد؟.. فاقتراحي على السيد حسن أن تعمد إيران إلى حل مشكلة سوريا بالمحروقات فتحل فورا نصف مشكلة لبنان. وأخيرا لا حل لأزمة المحروقات فعليا إلا بتحرير السوق، ولا حل لأزمة لبنان إلا بتحرير الدولة ممن هم في مواقع السلطة في الوقت الحاضر".

ايران مستعدة: ليس بعيدا من النفط الايراني، علّقت طهران على تصريحات الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الأخيرة عن استقدام المحروقات من إيران. وقالت الخارجية الإيرانية على لسان المتحدث باسمها سعيد خطيب زادة: "لا نستطيع الاكتفاء بمشاهدة معاناة الشعب اللبناني.. هذا الشعب متمكن وثري، ومن الطبيعي إرسال الوقود لمَن يشتريه منا". وأضاف "نحن مستعدّون لمساعدة لبنان بهذا الخصوص، إن طلبت الحكومة اللبنانية ذلك". وكان نصرالله أكد امس أن "السفينة الثانية ستبحر بعد أيام، وستلحق السفينة الأولى التي صارت في عرض البحر". وشدد على أن "النفط الذي نأتي به هو لكل اللبنانيين، وللمستشفيات والأفران، ونحن لسنا بديلا عن الدولة، ولسنا بديلا عن الشركات التي تستورد المحروقات، ولسنا في مجال التنافس مع أحد".

لا جديد حكوميا: سياسيا، لا جديد على الخط الحكومي. وبينما تردد ان السفير السعودي وليد البخاري سيعود في الساعات المقبلة الى بيروت، افيد ان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لن يزور قصر بعبدا اليوم وان مصادره تُفضّل عدم الذهاب بالإيجابية بعيداً في ما خصّ عملية ولادة الحكومة.  من جهتها، رمت مصادر الرئيس عون كرة المسؤولية في ملعب الرئيس المكلّف، في حيت ان ميقاتي يقول إنّ هناك من يعرقل ومطالبه تعجيزية.

غير ان مصادر معنية بملف التشكيل افادت "المركزية" ان ميقاتي سيزور بعبدا غدا متحدثة عن اجواء ايجابية.

عون يأمل: الى ذلك، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الدور الذي تلعبه المؤسسات الخيرية والإنسانية، عامل مساعد لما تقوم به الدولة برغم ضآلة إمكاناتها المادية التي تراجعت بشكل ملحوظ، معربا عن امله في ان تحمل الأيام المقبلة تطورات إيجابية على صعيد تشكيل الحكومة لاطلاق ورشة التعافي على مختلف المستويات.

التأخير جريمة: في المواقف ايضا، توقف المكتب السياسي لحركة أمل "امام حالة التخبط العشوائي في أداء المؤسسات والمواقع الرسمية المختلفة في تصريف شؤون البلاد والعجز المتمادي في ايجاد الحلول واتخاذ القرارات غير المدروسة تحت عنوان (الموقت)، وكأن حل المشكلات والازمات التي يعاني منها لبنان يكفيه العلاج بالمسكنات الموضعية، ورميه من قبل أعلى هيئات القرار التنفيذي على المؤسسات الاخرى التي قامت تشريعاً وقوننةً بإنجاز ما عليها في هذه الظروف الصعبة من قوانين إصلاحية ليس آخرها البطاقة التمويلية المقرة في 30 حزيران الماضي، وما زال التلكؤ في القيام بالإجراءات التنفيذية بشأنها سيّد الموقف، وعليه إن كل تأخير ومماطلة وفرض شروط قديمة متجددة على طريق تشكيل الحكومة هو جريمة بحق كل اللبنانيين الذين يعانون من تراكم الازمات المعيشية والحياتية وهو فعل بحال استمراره يهدد ما تبقى من فرص للخروج من المأزق".  و دعا المكتب السياسي لحركة امل الى الاقلاع عن سياسات الترقيع ووقف المغامرات والمناورات التي باتت مكشوفة للداخل والخارج، والاسراع في وضع خطة طوارئ صحية واجتماعية والغاء كارتيلات الاحتكار على انواعه وخلفياته مما يسهم في تخفيف معاناة الناس وتمكينهم من تأمين ابسط حاجاتهم اليومية واعطائهم جرعة امل بالغد، بدلاً من صم الاذان عن صرخاتهم واوجاعهم.

العام الدراسي: على صعيد آخر، ووسط سبحة ازمات لا تنتهي ترخي بأثقالها على العائلات  التي لا تجد سبيلا لملء خزانات سياراتها بالوقود لانجاز الضروري من الاعمال الحياتية، اوضح وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال طارق المجذوب في مؤتمر صحافي ان العام الدراسي المقبل سيكون حضوريا من دون ان يوضح من اين يؤمن البنزين لنقل الطلاب الى المدارس . وقال "الاقفال العام أثر سلباً على كلّ القطاعات وخاصةً القطاع التربوي".  وتابع: "الطلاب لا يتحملون سنة دراسية استثنائية ثالثة". وكشف ان "النظام السياسي في لبنان لم يعط يوماً الاولوية للقطاع التربوي". وقال: "في حال اردتم ان تقفلوا بعض القطاعات فأقفلوا قطاع النقل العام وسكك الحديد وممنوع ان تقفل المدارس". واعلن المجذوب ان "التعليم في المدارس الرسمية يبدأ في 27 أيلول المقبل والمدراس الخاصة بين أيلول ومطلع تشرين الأول المقبل".  وتابع : "تم تأمين لقاحات مجانية للأساتذة وقرطاسية لصفوف الحلقة الأولى والثانية والواح الطاقة الشمسية في 128 مدرسة موزعة على المناطق". 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o