Jul 23, 2021 12:17 PM
مقالات

لوائح عار ... بالجملة

كتب أديب ابي عقل

المركزية- لائحة العار التي جسّدت محاولة التفاف بعض ممثّلي الشعب على القرارات القضائية وسلطة القانون، والتي انسحب البعض منها بفعل صحوة ضمير، أو تراجع عن "تضييع" البوصلة، في الموقف من جريمة المرفأ، التي أودت بأكثر من مئتي شهيد بريء، لن تكون لائحة يتيمة في وجه طلب رفع الحصانة عن نواب، والإذن بملاحقة موظفين، بل يفترض أن تكون بداية للوائح اخرى يتمّ التحضير لإعلانها على الملأ.

فجريمة المرفأ التي بات واضحاً انها نتيجة إهمال ولامبالاة ولامسؤولية المسؤولين السياسيين والأمنيين والاداريين، هي واحدة، وإن كانت الأقسى والأشد ايلاماً، من سلسلة ممارسات لمسؤولين في وزارات وإدارات، ساهمت في وصول الشعب اللبناني إلى حال الفقر والعوز، بفعل فقدان المواد الأساسية لمعيشة اللبنانيين الكريمة في المجالات الغذائية والصحية والتربوية والخدماتية.

فقد تحوّل لبنان من دولة فاشلة سياسياً، حيث العجز واضح عن تأليف حكومة، بفعل عناد المسؤولين المعنيين ومكابرتهم، وتشبّثهم بمواقف لا تساهم في حلحلة الأمور وتذليل العقد ووضع الحصان أمام العربة، إلى دولة غير قادرة كذلك على تأمين الحد الأدنى اللازم والمطلوب والضروري، لمنع أبنائها من الموت جوعاً أو على أبواب المستشفيات.

ولوائح العار هذه، المفترض أن تُعلن على الرأي العام، عشية الذكرى الاولى لجريمة المرفأ، وعلى رغم استمرار بعض المفوّهين وجهابذة الاجتهادات القانونية والدستورية "غب الطلب" على مواقفهم حيال موضوع رفع الحصانات، تتناول سلسلة قطاعات ومجالات في مسرح الحياة اليومية للّبنانيين الصامدين الصابرين على بئس المصير الذي بلغوه، ويحاولون رفع الصوت لجلاء الحقيقة، على رغم صمّ المسؤولين آذانهم، ووضع المنظومة الأمنية المولجة حماية الناس أصلاً في مواجهة.... الناس.

موضوع الكهرباء المستعصي الحل، بعد أكثر من ثلاثين سنة على انتهاء الاقتتال وقيام جمهورية الطائف، فضلاً عن الصفقات التي تزكم روائحها الأنوف، وتبادل الاتهامات بين مسؤولين ممّن تعاقبوا على إدارتها حكومياً وإدارياً، ألا يستأهل لائحة عار في حق من حرموا ويحرمون الشعب اللبناني حقّه في الحصول على الكهرباء كما في سائر الدول؟

موضوع المحروقات وتأمينها، وهي حاجة يومية حياتية، ومافيات المتاجرة بها، ألا يستأهل لائحة عار في حق من أوصل اللبنانيين الى الحال القائمة اليوم؟

موضوع التهريب الى الخارج، لمواد غذائية ومحروقات مدعومة من أموال الشعب اللبناني، بعلم الدولة وأجهزتها المعنية، وتحت نظرها على المعابر التي باتت تحمل تسمية "معابر التهريب"، ألا يستأهل لائحة عار في حق المسؤولين عن حرمان اللبنانيين منها، وهم الذين يدفعون ثمنها من عرقهم وتعبهم؟

موضوع المواد الغذائية وتخزينها، بهدف جني الأرباح الخيالية وحرمان الشعب اللبناني من التغذية، ألا يستأهل لائحة عار في حق من يقوم بمثل هذه الأعمال من دون وازع أو ضمير، ومن يغطّيه ويؤمّن الحماية السياسية له؟

موضوع الدواء، وهو الأهم  والأخطر، ومن يخزّنه للغاية نفسها كما في المواد الغذائية، ألا يستأهل لائحة عار في حق المسؤولين عن هذا القطاع، حيث هناك أناس معرَّضون لخسارة حياتهم، نتيجة عدم وجود أدوية أساسية؟

موضوع المستشفيات، التي تعاني فقدان معدات ومواد طبية ضرورية لتلبية احتياجات الطوارئ، وجراحات أساسية لإنقاذ حياة مرضى، ألا يستأهل لائحة عار في حق المسؤولين عن تقصيرهم في تأمين أبسط مستلزمات "منع الموت" عن المرضى؟

موضوع المصارف، التي تبتلع تباعاً أموال المودعين ومدخراتهم التي يحتاجونها لتأمين تقاعد كريم بعد سنوات تعب وشقاء، أو لتأمين تعليم أبنائهم وتخصّصهم العالي في الخارج، ألا يستأهل لائحة عار في حقّ المسؤولين عن ذلك؟

موضوع تأمين الاستقرار السياسي، الذي يشكّل مفتاح الاستقرار الاجتماعي والأمني والاقتصادي والمالي والمعيشي، انطلاقاً من وجوب وضرورة تأليف حكومة، هي السلطة الإجرائية والتنفيذية في البلد، ألا يستأهل لائحة عار في حق من يعرقل قيام هذه السلطة وعودة الحياة تدريجاً إلى طبيعتها؟

واللوائح تطول وتطول، ولكن الأهمّ يبقى في دعم القضاء الحرّ العادل والنزيه، ونأي السياسيين بأنفسهم عنه أولاً كي تكون هذه السلطة مستقلة بالكامل، ويكون الجميع بلا استثناء تحت سقف القانون، كي تقوم دولة الحق والحريّة والعدالة.

فعار على من حاولوا ويحاولون الالتفاف على سيادة القانون، بـ"اجتهادات" هي ساقطة أمام هول جريمة كجريمة المرفأ، لأنّ جرح أهالي الشهداء لن يندمل قبل جلاء الحقيقة، ووجع الشعب اللبناني لن يزول قبل محاسبة من أوصلوه إلى هذا الدرك، ولعنة التاريخ لن ترحم من أوصل البلاد والشعب إلى هذه الحال البائسة، وما بعد العار إلّا الغار، وما بعد الذلّ إلّا الكرامة والحريّة مهما كابر المكابرون وعاند المعاندون.

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o