Jul 02, 2021 11:53 AM
مقالات

4 ستات + 3 ثمانيات = صفر

كتب أديب ابي عقل

المركزية- الوضع السيء في البلاد سياسياً واقتصادياً ومعيشياً، مضافاً إليه الوضع الأمني الذي بدأ يتوتّر في الأيام الأخيرة، ما ينذر بالفوضى العارمة بعد الانهيار الكبير الحاصل، لم يحرّك لغاية اليوم ضمائر المسؤولين المعنيين، ويدفعهم إلى اتّخاذ الخطوات والقرارات الجدية، الكفيلة بوقف معاناة اللّبنانيين وإذلالهم على الطرقات وأبواب المستشفيات والصيدليات والأفران والسوبرماركت. والمعالجات التي تقتصر على اجتماعات تصوُّرها وسائل الإعلام، ليست الحل، وليست الهيئات التي تجتمع صاحبة الحل ولا بديلاً من السلطة التنفيذية صاحبة القرار.

ذلك ان المشكلة، وهي معروفة، في مكان، فيما المعالجات الحقيقية، الغائبة عملياً، في مكان آخر، والهدف الأساسي الاستحقاق الرئاسي المقبل، وكأنّ المسؤولين غير مسؤولين فعلاً عمّا هو حاصل. والمشكلة الأساسية، تكمن في تعثّر تأليف الحكومة، والمعنيون بهذا الملف غائبون عن السمع أو حاضرون على الشاشة، ما يزيد الأمور تعقيداً. وكأنّ هناك يقيناً بات راسخاً في الداخل ولدى الخارج بأن هناك رغبة داخلية في عدم التأليف في المرحلة القريبة المنظورة، في انتظار نتائج التطورات الإقليمية والدولية، ليتبلّغ لبنان النتائج والتوجّهات، ومن ثم الإملاءات الواجب العمل بموجبها.

وإذا كان صحيحاً أن المشكلة تكمن في مَن يسمّي وزيرين مسيحيين من هنا، أو توزيع حقيبة وزارية أو أكثر من هناك، فإن الصحيح أيضاً أن من يتولّى مسؤولية ملف التأليف عاجز فعلاً عن ذلك، وفي الأمر مشكلة كبيرة، لا بل مصيبة على اللّبنانيين الصامدين الصابرين، المنتظرين نتائج صلاة الاستسقاء من حاضرة الفاتيكان.

ومن المعيب فعلاً، ان لا ينظر الأفرقاء المعنيون بتأليف الحكومة، إلى الواقع المزري الذي وصل إليه اللّبنانيون، الذين بدأوا بخطوات على الأرض، أبعد من الاحتجاج والتظاهر والإضراب وقطع الطرقات بالإطارات المشتعلة، وتنذر بخطر أكثر فداحة. خصوصاً وأن الشروط والمطالب التي تلازم عملية التأليف تدنّت وانحصرت بتسمية وزير أو أكثر لهذه الحقيبة أو تلك، وكأنّ هذه التسمية هي المعضلة المستعصية منذ شهور وشهور.

والواقع أن موضوع "الثلث المعطِّل" الذي كان يسمّى "الثلث الضامن" تلطيفاً، هو لبّ المشكلة وجوهرها، استناداً إلى حسابات أهل السلطة في الاستحقاقات المقبلة التي يسعون لتأجيلها، في وقت يبدو واضحاً الإصرار الدولي والضغط منذ الآن، لحمل المسؤولين اللبنانيين على احترام المواعيد الدستورية لهذه الاستحقاقات، والتحذير من مغبّة تأجيلها.

والدليل إلى عدم الرغبة في تأليف الحكومة في الوقت الحاضر، وتالياً النية في تأجيل الاستحقاقات، هو طرح البدائل في كلّ مرة تقترب فيها الوساطات من تدوير زوايا الخلاف ومن الحلّ.

فبعد رفض تشكيلة الثمانية عشر وزيراً، والقبول المبدئي بحكومة الثلاث ثمانيات، وتلويح الاتحاد الاوروبي بعقوبات تطاول مسؤولين لبنانيين معرقلين التأليف، تم تسريب تشكيلة قائمة على معادلة "أربع ستات"، موزّعة على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، والرئيس المكلّف وتيار المستقبل وحلفائه، والثنائي الشيعي وحلفائه، وستة مقاعد للمجتمع المدني، مع العلم أن هذا الأخير لم يعلن أي فصيل منه، أن اتصالات أُجريت معه في هذا الخصوص.

والنتيجة من ذلك كله، صفر حكومي، وصفر في تحمّل المسؤولية من أفرقاء التأليف، وصفر في نية أهل السلطة حلحلة الوضع، وصفر نتيجة المكابرة والعناد والتشبّث بالمواقف، وصفر في أهمية ومسؤولية التنازل لمصلحة الوطن والمواطن، وصفر في صدقية لبنان أمام الداخل والخارج القريب والبعيد، وصفر في الخيار الداخلي والخارجي، وصفر في الحسّ الوطني والضمير المسؤول.
وعندما يكون التصرّف في مرتبة الصفر، لا يستغربنَّ أحد النتائج والتصرفات وردود الفعل على الأرض، من الناس الذين كفروا بهذه المنظومة وهذا الواقع، وتعبوا من الإذلال والمهانة، وكفروا بهذه الطبقة السياسية، وكفروا بالمسؤولين، الذين باتوا يخشون اللجوء إلى الانتخابات، بعد استطلاعات أُجريت وكشفت مدى تراجعهم في كل المناطق، وهم لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن بدائل تطمئن هذا الشعب القلِق على مستقبله ومستقبل أبنائه ووطنه، والخائف على كرامته لأنّها من كرامة مسؤوليه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o