Jun 01, 2021 11:57 AM
مقالات

مرحبا حكومة... مرحبا قانون...

كتب أديب أبي عقل:

المركزية- ليس في مشهد محاولة تحريك المياه الراكدة حكوميا ما يوحي بأن التفاؤل الذي رافق التحركات الأخيرة بين الأفرقاء المعنيين مباشرة بتأليف الحكومة قد يستمر ويبشّر بولادتها قريبا. ذلك أن نية الجمل شيء، ونية الجمّال شيء آخر.

فلا العهد، على أبواب مرحلة انتخابات نيابية ومن بعدها استحقاق رئاسي، ينوي التنازل عن الامساك بالثلث المعطل، خصوصا وأن احتمال حصول فراغ رئاسي هذه المرة أيضا قد يكون واردا. وتاليا، "من الضروري" الامساك بناصية القرار الحكومي للتعامل مع المرحلة المقبلة، حيث يكون مجلس الوزراء مجتمعا هو الجهة التقريرية الوحيدة.

ولا الرئيس المكلف في وارد التنازل عن تأليف تشكيلة بلا ثلث معطل لأحد، للأسباب نفسها، ولا هو في وارد الاعتذار عن عدم التأليف، لأن ليس في مصلحته ولا مصلحة طائفته ولا مصلحة فريقه السياسي أن يكون غائبا عن القرار المباشر في المرحلة المقبلة، وعن دور له في الاستحقاق الرئاسي المقبل. ولا هو في وارد التأليف على النحو الذي يريده الآخرون ويكون هو "طربوش" تشكيلة فُرِضت عليه فيها أسماء وزراء الثنائي الشيعي مع حقائبهم- وأهمها المال- وفرضت عليه أسماء الوزراء الدروز، ولا خيار له في تسمية الوزراء المسيحيين، فيما المتاح له هو تسمية الوزراء السنة فقط، ما يجعل منه "مدير" جلسة وزارية، لا رئيس مجلس الوزراء.

ولا حزب الله ضمنا يرغب في تأليف الحكومة الآن، قبل الانتخابات الرئاسية الايرانية، واتضاح مآل مفاوضات ايران مع السعودية في العراق، و"اتجاهات" المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة وحلفائها، وما سيصدر عن لقاء الرئيسين بايدن وبوتين منتصف هذا الشهر من توجهات و"حلول" وخطوات حيال الأوضاع في المنطقة، ليقرر عندها "شكل" الحكومة، مع تمسّكه بإبقاء الرئيس الحريري على رأسها، بينما يكون هو الممسك بجدية القرار في داخلها.

ولذلك، فإن الرئيس بري الذي يسعى إلى تدوير الزوايا في مسألة التأليف هو من ضمن توجه حزب الله. لكنه، من موقعه الرسمي، يسعى إلى تمرير المرحلة ضمن حوارات، وليس صدامات، حتى يحين موعد إخراج "أرنب" الحل من جيبه. وهذا لن يحصل إلا عندما نراه توجه إلى القصر الجمهوري وخرج ليبشّر بولادة الحكومة.

وما صدر عن أوساط رسمية فرنسية لجهة تغيير العنوان الحكومي للمرحلة المقبلة من حكومة مهمة إلى حكومة انتخابات لا مرشحين فيها، يعني أن الضغط للسرعة في التأليف قد يكون تسرّعا. وتاليا، من الأفضل لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود لكل المشاورات ذات الصلة بالمنطقة ليبنى على الشيء مقتضاه، خصوصا وأن المبادرة الفرنسية لم تسقط، والمرحلة المقبلة تشير إلى دور أكبر لباريس مدعوم دوليا وإقليميا على الساحة اللبنانية. وثمة ملامح وإشارات ورسائل فرنسية في الأيام المنصرمة دلت إلى ذلك بوضوح.

أما المعيب في صورة هذا المشهد الكوميدي والدرامي في آن، هو غياب جميع المسؤولين، من دون استثناء، عن الالتفات إلى الوضع المعيشي والغذائي والاجتماعي والصحي و"الدوائي" للبنانيين، من دون أن يكلف أي منهم نفسه عناء الاهتمام بهذا الوضع، بل هم يحدّثونك عن الجهود التي يبذلونها لمكافحة الفساد، فيما الفساد مستشرٍ من حولهم وفي بطانتهم وصولا إلى المافيات التي تهرّب عبر حدود مستباحة، ومعروف مَن يستبيحها، من دون أي خطوات عملية من السلطة اللبنانية لوقف هذا الأمر وإبقاء الخبز والمحروقات والدواء للبنانيين قبل غيرهم.

ويحدّثونك عن القانون الذي يُنتَهَك كل يوم على أيديهم، وأيدي أزلامهم وأدواتهم وأتباعهم، وهم يدّعون تطبيقه في مناطق معينة وباستعراضات وعراضات لا قيمة عملية لها، فيما هم لا يجرأون ليس على تطبيقه في مناطق أخرى فحسب، بل على الاقتراب من هذه المناطق والأمثلة كثيرة، وأصبحت محط تندّر وفكاهة للبنانيين على وسائل التواصل الاجتماعي.

هذه الأجواء لا توحي على الاطلاق للبنانيين بأن هناك فعلا دولة  تشكّل مرجعية لهم. ذلك أن أهل هذه الطبقة السياسية الموروثة، والتي تسعى إلى التوريث، لا يستطيعون وليسوا مؤهلين أساسا لبناء دولة الحرية والعدالة والقانون. وحتى قيام هذه الدولة، مرحبا حكومة... مرحبا قانون...

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o