May 30, 2021 8:19 AM
صحف

تراجع المؤشرات الإيجابية في سيناريو التشكيل واستياء في بيت الوسط

مع أنّ التدقيق في كل ما يثار حول ما سمي وساطة الفرصة الأخيرة في أزمة تشكيل الحكومة الجديدة لا يسمح بالجزم بأيّ اتجاهات ومعطيات ثابتة فربما يكون العامل الجدي الوحيد الذي يمكن الجزم به هو أنّ الأسبوع المقبل سيشكّل فعلاً منعطفاً مفصلياً حيال هذه الأزمة. ذلك أنّ كل الافرقاء المعنيين بالأزمة، ربما باسثناء حزب الله الذي توجه مساراته ساعة إقليمية لا تتأثر بنار الأزمات الداخلية المستعرة، لم يعودوا قادرين على تحمل استنزاف الوقت وترف المضي في لعبة الاشتراطات لأنّ الآتي في ما يهدد اللبنانيين في أمنهم الاجتماعي والمعيشي والخدماتي وواقعهم المالي والاقتصادي لن يفسح بعد الآن للاعبين السياسيين تجاهل الاخطار المخيفة التي دخلت البلاد طور العد العكسي لانفجاراتها المتدحرجة. من هنا فسّرت الأوساط المعنية بتتبع مؤشرات الأزمة اندفاع أفرقاء أساسيين كتيار العهد وبعض القوى الأخرى نحو التلويح باستقالات من مجلس النواب أو بعدم وقوف العهد مكتوفاً بعد مهلة الأسبوعين التي قيل إنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري قد حدّدها لتفعيل مبادرته الحكومية وانتشال الأزمة من عثارها… وإلّا. كما بدأ ترداد الكلام عن أنّ الرئيس المكلف سعد الحريري لن يمكنه هو الآخر البقاء أكثر خارج البلاد والأهم إبقاء ستاتيكو الازمة على هذه المراوحة حتى لو تظلل بالمسار التعطيلي الذي يتولّاه العهد وتياره السياسي بما يوجب عليه القيام بمبادرة لكسر الأزمة وإلّا الاعتذار.

كل هذه الاتجاهات تردّدت في اليومين الأخيرة بكثافة على أمل أن تندفع الجهود في اتجاه حاسم هذه المرة من شأنه أن يستولد الحكومة حتى أنّ توقعات غير مثبتة أيضاً تردّدت حول مشاريع لقاءات في مطلع الأسبوع الطالع تارة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وطوراً بين الرئيسين بري والحريري. وظل ذلك رهن انتظار الساعات المقبلة لفرز الخيط الأبيض من الأسود وللتثبت من المعطيات الجادة.

ولكن وسط هذه المعمعة الغامضة حيال السيناريو الحكومي المقبل لم يكن ممكناً تصنيف بعض الأمور التي طرأت في الساعات الأخيرة في خانة المؤشرات الإيجابية التي يكمن التعويل عليها لتوقع تطور حكومي إيجابي طال انتظاره. من هذه المؤشرات أنّ كثراً انتظروا نفياً مثبتاً ورسمياً للمعلومات التي ترددت عن تقديم رئاسة الجمهورية إلى بكركي هيكليتين لتشكيليتين حكوميتين تتوزع فيها الحقائب تبعا للطوائف والأحزاب والقوى السياسية التي ستشارك في الحكومة وهو أمر يعني افتعال سبب جوهري جديد لجعل رئيس الحكومة والطائفة السنية وفئات أخرى عديدة يتأكدون مجدّداً أنّ بعبدا تنتهك الأصول الدستورية وتصادر صلاحيات رئيس الحكومة المكلف وتقوم بما يتجاوز كل المتوقع لكي تستفز الحريري وتجهض فرصة الوساطة الأخيرة التي ربما تحرجها.

المؤشر الثاني السلبي يتمثّل في بيان جديد للهيئة السياسية في “التيار الوطني الحر” صعّد عبره نبرته على الرئيس الحريري كما حمل بشدة على النائب العام التمييزي غسان عويدات. وفي ملف الحكومة قال “التيار”: “ننتظر مع الشعب اللبناني أن يحسم دولة الرئيس المكلّف أمره بتشكيل حكومة تحترم المعايير والأصول الدستورية وتكون قادرة بوزرائها وبرنامجها على تنفيذ الإصلاحات اللازمة. فقد أدت رسالة فخامة الرئيس الى مجلس النواب وظيفتها في الإضاءة على العقدة الحكومية وكشفت المسؤول عنها بعدما استطاع على مدى سبعة أشهر تغليف عجزه عن التأليف بإلقاء التهم الواهية على الآخرين. لقد واجهنا سلبيته بإيجابية وذكرّناه بآلية التشكيل ومسارها، وليكن معلوماً أن التيار الوطني الحر لن يسمح بإستمرار المماطلة وسيكون إلى جانب رئيس الجمهورية في أي خطوة سيتخذها، ويطالبه بدعوة الكتل النيابية الى التشاور في مجمل الأزمات على مرأى ومسمع من اللبنانيين ليكونوا على بيّنةٍ من مواقف كل طرف سياسي وسلوكه ويتأكدوا بأنفسهم من هم الذين يمنعون الحلول والإصلاحات في لبنان”.

ومع ذلك لوحظ أنّ الأوساط المعنية لم تأخذ هذه المعطيات على سبيل حكم حاسم نهائي على فرصة الحلحلة التي لا تزال ترى أنّها لا تزال قائمة وأنّ أحداً لا يمكنه تحمل تبعة إجهاضها سلفاً على الأقل وقبل أن تأخذ كامل مداها بما يعني أنّها ستكون اختباراً كاشفاً للنّيات والاتجاهات الحقيقية ومن هنا أهميتها الجوهرية بحسب "النهار". 

وعلمت “السياسة” أن هناك عدة صيغ سيجري تداولها بشأن عقدتي وزارتي “الداخلية” و”العدل”، وفيما يتصل بتسمية وزيرين مسيحيين لا زال الكباش بشأنهما دائراً بين الرئيس الحريري ورئيس الجمهورية ميشال عون.

وفيما اعتبرت مصادر متابعة لأجواء المفاوضات الجارية، أنّ الأمور وُضعت على السكة، وفي حال استمرت على مسارها الإيجابي، فإنّ لقاءً سيعقد مطلع الأسبوع المقبل، في قصر بعبدا بين الرئبسين عون وبري وسيكون حاسماً في مصير تأليف الحكومة، لبحث السبل الآيلة إلى إنجاح مقترحه الوزاري.
وقد أكدت لـ “السياسة”، أوساط روحية قريبة من بكركي، أن “هناك تفاؤلاً حذراً بإمكانية أن يقود الحراك الجاري إلى نتائج إيجابية إذا وضع الجميع مصلحة البلد فوق أي اعتبار”.
وعلمت “السياسة”، أن البطريرك بشارة الراعي سيكون له في عظته الأسبوعية، اليوم، موقف بالغ الأهمية من الملف الحكومي.

أوساط سياسية قريبة من البطريركية المارونية تنتظر بدورها عودة الحريري إلى لبنان لتعرف اتجاهات حركة الاتصالات الحكومية: "فمفتاح الحلول بيده، وهو الذي سيقدّم التشكيلة الجديدة، ويتواصل مع الأطراف، ويلتقي رئيس الجمهورية ميشال عون". لذلك يبدو من السابق لأوانه، بحسب هذه الأوساط، التحدّث عن تقدّم في ملفّ الحكومة.

كما تنفي هذه الأوساط ل"أساس" أن يكون البطريرك بشارة الراعي يأخذ طرفاً في الملف الحكومي بين الرئيسين الحريري وعون. فالبطريرك، وفقها، ليس قريباً ولا بعيداً من أحد، فما يهمّه هو تشكيل الحكومة. ولذلك يضع المسؤولية على الطرفين المعنيّين مباشرة بتشكيلها. فعندما تلكّأ الرئيس عون في عملية التأليف، لم تسكت بكركي، وعندما يتلكّأ الحريري، لن تسكت بكركي أيضاً، في إشارة ضمنيّة إلى ملامة البطريرك الراعي للحريري على تأخّره في سفره وعدم استعجاله وضع مسوّدة حكومية جديدة، كما تطالبه الأطراف الرئيسة في بيروت.

 

على خط آخر، عبرت مصادر بيت الوسط لـ"الأنباء" الإلكترونية عن إستيائها من الطريقة التي تدار فيها الأمور، ورأت أن فيها تهميشًا لدور الرئاسة الثالثة وللطائفة السنية بشكل خاص. ولفتت الى موقف الحريري الرافض للإنتقاص من صلاحياته والموقع الذي يمثل والمكفول في الدستور. وقالت لو كان الحريري بوارد التنازل لكانت تشكلت الحكومة منذ اللقاء الأول مع الرئيس عون.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o