May 28, 2021 12:54 PM
مقالات

أبعدوا بكركي عن فخ التسمية

كتب أديب أبي عقل:

المركزية- إعادة ضخ الأمل في الأيام الأخيرة في امكان "إنجاز" تأليف الحكومة، أرخى ظلالاً تفاؤلية على الساحة، مع معطيات جديدة لبلورة الصورة، قد تؤدي، في حال تحققت، إلى تطوير المبادرة الفرنسية، وإسباغ صفة "صنع في لبنان"عليها، في وقت يحظى هذا الملف باهتمام خارجي واسع، بعدما أثبت المسؤولون اللبنانيون المعنيون، بحسب الدستور، عجزهم الكُلِّي عن التفاهم على بلوغ مرحلة التأليف .

والواقع ان المجاهرة بحصر المشكلة برمتها في مٓن يُسمَّي وزيري الداخلية والعدل، يحمّل هؤلاء مسؤولية مضاعفة، انطلاقاً من أن الانهيار الحاصل، على كل المستويات وفي كل القطاعات بلا استثناء، يفترض فيهم التنازل عن العناد والمكابرة، ودفن الرؤوس في الرمال، من أجل مصلحة اللبنانيين أولاً، وتأليف حكومة ثانياً، كي يبدأ المجتمع الدولي والمنظمات والمؤسسات والهيئات الدولية، المساعدة في انتشال البلد من الحفرة العميقة، التي أوقعه فيها أداء  المسؤولين.

والاقتراح الأخير المستجد، والذي على اساسه ستنطلق مبادرة الرئيس نبيه بري للوساطة من جديد، ويقضي بتبادل لوائح بأسماء عدة للحقيبتين موضع الخلاف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، ورفع عدد الوزراء الى أربعة وعشرين ، بلا ثلث معطِّل لأي فريق، قد لا يفضي الى نتيجة، في ظل رفض الفريقين التنازل. وكذلك اقتراح أن يُسمَّي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وزيرين لهاتين الحقيبتين، قد لا يلقى الصدى المطلوب.

ذلك ان تجربة بكركي مع التسميات الرئاسية لم تكن ناجحة، ولم تتكرر في استحقاقات لاحقة، خصوصاً انه لم يؤخذ بها وكأنها لم تكن. وهذا يفترض ألا يجد الصرح نفسه منزلقا الى فخ التسمية الوزارية هذه المرة، مع ما لذلك من انعكاسات سلبية لاحقاً، خصوصاً اذا لجأ مجلس الوزراء الى اعتماد التصويت لحسم الرأي في موضوع معيّٓن دقيق وحساس.

وفي هذه الحال، وتبعا تصويت هذين الوزيرين، تكون بكركي التي أُعطي لها مجد لبنان، انتقلت من التعاطي والتوجيه وفق ثوابت وطنية، عبر بطاركتها وتاريخها، الى الغرق في الزواريب السياسية الضيقة، وهذا غير وارد لدى سيد الصرح المتميّز بأدائه الوطني العام.

وفيما عاودت روسيا"نشاطها" لمعالجة الوضع الحكومي اللبناني، لا يزال الحل العملي لهذه المعضلة في يد المعنيين بالتأليف، ومفتاحه اجتماع عمل ومصارحة، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وتفاهمهما وتوافقهما، على اتخاذ القرار الصائب والسليم، لإنقاذ ما تبقى من الولاية الرئاسية من جهة، ولإثبات الرئيس المكلف، عدم عجزه عن التأليف، وتالياً قدرته على تحمّل المسؤولية التنفيذية، وإدارة البلاد والشأن الحكومي بالتعاون مع رئيس الجمهورية.

إلا أن المعطيات الإقليمية والدولية، التي وضعت الافرقاء اللبنانيين الفاعلين والمؤثرين ومعهم البلاد، في حال ترقب وتريث وانتظار نتائجها، لم تتغيّر بعد، وهذه الفترة ستمتد الى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، واستئناف مفاوضات النووي، واللقاء المرتقب بين الرئيسين الأميركي والروسي منتصف الشهر المقبل.

والوقت الضائع هذا، يبدو ان التوجه هو إلى تمريره بحركة سياسية عنوانها تأليف الحكومة، والهاء الرأي العام وإشغاله بها، خوفاً من انعكاس الغضب من تردي الأوضاع، والقهر والعذاب اليومي لتأمين لقمة العيش والدواء والمحروقات، عودة الى الشوارع والطرقات، في اجواء متوترة سياسياً ومشحونة معيشياً، وخروج الوضع عن السيطرة، خصوصاً على الصعيد الأمني، ما يجعل الشلل الكامل عنوان المرحلة، فيما المسؤولون غارقون في مصالحهم وحساباتهم الانتخابية المقبلة النيابية والرئاسية.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o