May 26, 2021 4:30 PM
خاص

مفاوضات الترسيم جنوباً او شمالاً ... لا حلّ من دون حكومة!

المركزية – بعد ان ضجت وسائل الاعلام والاوساط اللبنانية بقضية ترسيم الحدود البحرية جنوباً، خرج الملف فجأة من التداول وتوقفت المفاوضات غير المباشرة مع اسرائيل برعاية الامم المتحدة وبوساطة اميركية. وسط تساؤل عن موعد استئنافها ومصيرها، إذ من حق المواطن ان يعرف ما يحصل والى اين تتجه الامور. بعض المعلومات اشار الى ان لبنان سيعاود استئناف المفاوضات جنوباً مع اتجاه للعودة الى الاتفاق الاطار الذي وضعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، إضافة الى احتمال تحضير الارضية لبدء المفاوضات مع سوريا لحسم الخلاف الحدودي البحري شمالاً. فما مصير المفاوضات؟

العميد الركن المتقاعد انطون مراد أكد لـ"المركزية" "ان الموضوع برمّته بدأ بشكل خاطئ. الخطأ الاول ان اعلان اتفاق الاطار الذي أطلقه الرئيس نبيه بري كان غير واضح ولم يحدد النتيجة التي وصل اليها في مفاوضاته مع الوفد الاميركي، واعتبر ان مهمته انتهت باعلان الاتفاق. الخطأ الثاني عندما انتقل الملف الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي استلم المهمة من بري لكنه لم يتسلّم منه النتيجة التي توصل اليها لبنان، لأن الرئيس بري كان يتفاوض باسم لبنان وليس باسمه الشخصي، وبالتالي انطلق عون من الصفر. الخطأ الثالث  بإطلاق الخط 29 دون الحصول على موافقة مجلس الوزراء، وبالتالي ما زال الخط يُعرّف بخط الجيش وليس بخط لبنان".

واعتبر مراد ان "ما وصلنا اليه يعود الى اسباب عدة، أولها مجموعة الاخطاء التي ذكرناها، إضافة الى كون رئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف لا يتمتع  بالصلاحيات لاتخاذ القرار في موضوع بهذا الحجم، وفي ظل عدم تدخّل مجلس الوزراء، يضاف اليها ان الوفد المفاوض الذي عقد أربع جلسات مفاوضات، والتي ليست في الحقيقة مفاوضات إنما قام الوفد اللبناني بشرح وجهة نظره، والتي هي وجهة نظر صحيحة مئة في المئة، ولكن التوقيت والاخراج لم يكونا لصالح لبنان، بالتالي لم يكن لدى الوفد اللبناني امكانية التفاوض بمعنى التفاوض المرن، لأنه تمسّك بالنقطة 29، والتمسّك بنقطة معينة يخالف مبدأ التفاوض، الامر الذي ادى الى توقيف المفاوضات من جانب الوسيط الاميركي، لأنه وجد ان لبنان ليست لديه امكانية لاتخاذ القرار فأوقف المفاوضات بعد الجلسة الرابعة.

لمَ بدأت المفاوضات في الجولة الخامسة ولماذا اقتصرت على جولة واحدة؟ "قبل الجولة الخامسة كانت هناك زيارة لوكيل وزارة الخارجية الاميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل، حيث اكد الوسيط الاميركي انه يريد الانطلاق من حيث توقفت المفاوضات، اي المنطقة المعروفة بـ"المتنازع عليها"، في حين ان الموقف اللبناني أي موقف رئيس الجمهورية كان غامضا ويحتمل التأويل، لأنه كان يستعمل كلمات مطاطة، مثل "وفق القانون الدولي" و"بما يفرضه القانون الدولي" و"الحفاظ على الحقوق"، لكنه لم يكن جازما في الخط 29 او غيره. وبالتالي ادت الى خوض جولة واحدة هي الجولة الخامسة ليوم واحد فقط وتوقفت بعدها المفاوضات. في المرة الاولى كان المسؤول عن توقف المفاوضات الجانب الاميركي والعدو الاسرائيلي، بينما هذه المرة كان لبنان، والطرفان المسؤولان في لبنان هما الرئيس عون وقيادة الجيش، ربما ان الرئيس عون كان يتوقع كسب بعض الوقت وحصول اكثر من جولة، لكن قيادة الجيش رفضت وقتها إتمام المهمة اذا لم تكن واضحة وأعربت عن عدم استعدادها لمواصلة المفاوضات في حال تم رفض الحديث جنوب الخط 23، وبالتالي توقفت المفاوضات عند هذا الحد في الجولة الخامسة وفي يوم واحد. 

الى اين تتجه المفاوضات؟ أجاب: "بعد حوادث غزة والدمار الهائل الذي خلفته ومحاولة حزب الله المحافظة على الهدوء على الجبهة اللبنانية، يبدو ان خيار الحرب غير موجود من الجانب اللبناني. وبما ان اسرائيل مقبلة على استحقاقات نفطية خلال الاشهر القادمة، فمن مصلحتها ان يسود الهدوء على الجبهة الجنوبية كما من مصلحة لبنان ايجاد حلّ لأن خيار الحرب اصبح مكلفا بعد معاينة ما حصل في غزة. لهذا السبب عدنا نسمع اصوتا تطالب بأن يتفق الرئيسان عون وبري معا على خط معين. لكن الحقيقة ان العمل ما زال غير مؤسساتي والحل الاسلم يكون بتشكيل حكومة، لأن موضوع المفاوضات يتطلب قرارا كبيرا على المستوى الوطني وهذا القرار لا يمكن اتخاذه الا عبر حكومة حائزة على حدّ أدنى من التوافق الوطني. 

وأشار مراد الى ان "اذا صحّ الحديث عن محاولات لتشكيل الحكومة خلال اسبوعين، فإن المفاوضات ستستعيد زخمها ويتم التوصل الى خط معين لاتخاذ القرار المناسب للبنان بما يؤمن له الاستثمار الذي هو بحاجة ماسة اليه ويؤمن بالمقابل لاسرائيل العمل الآمن، لأن الشركات المنقبة عن النفط تفضل ان تعمل في جو آمن".

وختم مراد: "اما شمالا، فإن الشقيق السوري مقبل على استحقاقات مع الشركة الروسية لاستخراج النفط والغاز ومن مصلحة السوري ايضا ان يتوصل الى حل. وهنا الوضع لن يكون صعبا لأن بين لبنان وسوريا علاقة صداقة وروسيا هي الوسيط مبدئيا، ما سيسمح  بالتوصل الى خط مقبول من الطرفين وينطبق على القانون الدولي. لكن الاهم يبقى تشكيل حكومة قادرة على اتخاذ القرار، لأن في ظل غياب الحكومة اعتقد ان لا مفاوضات ولا امكانية للتوصل الى حل لا شمالا ولا جنوبا".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o