May 25, 2021 12:30 PM
مقالات

فيلم لبناني طويل ...ولا نتيجة

كتب أديب ابي عقل:

المركزية- هل كان اللبنانيون في حاجة الى مشاهدة "فيلم" مناقشة الرسالة الرئاسية، ليدركوا أنها لم تغيّر شيئاً في الواقع القائم، بل أضافت الى همومهم المعيشية والاقتصادية والسياسية همّاً إضافياً، أقفل باب أي إمكان لإيجاد تفاهم الحد الأدنى، للخروج من المأزق الراهن نحو نقطة أمل، لولوج الحلول في بحر الملفات القائمة المأزومة؟

ذلك أن ما حصل كان محاولة تسجيل نقاط بين طرفي النزاع القائم حيال تأليف الحكومة. وحاول كل فريق رفع تهم العرقلة عن نفسه، وتحميل المسؤولية للآخرين، فيما الحقيقة الدامغة، أن الفريقين خرجا خاسرين مرة جديدة، وغير مقنعَين للرأي العام الذي أمضى وقتاً أمام الشاشات لمشاهدة فيلم لبناني سمج يجسّد الواقع القائم، والنتيجة في ميزان الربح والخسارة، كانت الخسارة للطرفين، اضافة الى خسارة الشعب اللبناني أي أمل في قدرة طبقة مسؤولة، هؤلاء أركانها، على انتشال البلد من الانهيار الذي وصل اليه، بفعل سوء إدارتهم للاوضاع وتعاطيهم معها.

فالمجلس النيابي خرج بنتيجة، تؤكد استمرار تكليف الرئيس سعد الحريري تأليف الحكومة، على عكس ما كان يشتهي فريق الرسالة الرئاسية، فيما بدا أن اقتراح القانون الذي أشار النائب جبران باسيل الى أن نواب التيار الوطني الحرّ تقدموا به من المجلس الىنيابي لتحديد مهلة لتأليف الحكومة، ليس في وقته المناسب الآن.

فرئيس الجمهورية عندما كان رئيساً للتيار، اطلق عبارته الشهيرة"لعيون "صهر الجنرال (النائب جبران باسيل) ما تتألف الحكومة"(...) "إذا هيك بدكن، جبران باسيل وزير، وللي مش عاجبو يدق راسو بالحيط. وإذا الحيطان مش مكفيين هون، في حيط الصين الكبير "، احتجاجاً على توجه الرئيس الحريري نفسه، المكلف آنذاك تشكيل الحكومة، بعد الانتخابات النيابية، إلى عدم توزير الراسبين فيها، في مقابل اصرار التيار ورئيسه على توزير باسيل.

ورئيس الجمهورية آنذاك العماد ميشال سليمان، حسم الجدل أثناء وجوده في نيويورك، لالقاء كلمة لبنان امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، في حديث صحافي، بالقول ان لا شيء في الدستور يمنع توزير أي شخص خسر في الانتخابات النيابية. وهو بذلك "فكفك" عقدة تأليف الحكومة، التي ابصرت النور في ٩ تشرين الثاني العام ٢٠٠٩، وأنقذ انطلاقة مسيرة ولايته، وتواصل إطلاق عجلة المؤسسات وعمل الدولة، حيث بلغ النمو في العام ٢٠١٠، مستوىً غير مسبوق في تاريخ لبنان القديم والمعاصر.

فتأليف الحكومة، هو المعبر االلازم والضروري لتغيير الوضع القائم داخلياً وخارجياً. في الداخل، يعيد تكوين السلطة التنفيذية التقريرية-بدلا من تصريف الأعمال- في البلد، تتكامل مع السلطات الاخرى، لانجاز خطوات تساهم في حلحلة الأوضاع المأزومة، خصوصاً ان المرحلة المقبلة حافلة بالاستحقاقات البلدية والنيابية ولاحقاً الرئاسية، وهذه بيت القصيد، واتخاذ قرارات صارمة بمنع التهريب وضبط الوضعين الاقتصادي والنقدي المتفلّتين، وتوسيع دائرة التدقيق الجنائي، لينطلق من مصرف لبنان الى سائر الوزارات وإلادارات، لا سيّما منها تلك التي أرهقت كاهل الخزينة، ولا تزال روائح الفضائح والسمسرات والصفقات فيها تزكم أنوف اللبنانيين لغاية الآن.

وبالنسبة الى الخارج، فان الدول تتعاطى في ما بينها وفقا منطق دولة الى دولة، اي عبر الحكومات، وهو ينتظر الحكومة اللبنانية العتيدة، ليبدأ هذا التعاطي، خصوصاً في مجال المساعدات المادية، التي يحتاجها لبنان قبل كل شيء، لانه لا يستطيع الاعتماد على اللبنانيين، الذين باتوا عاجزين عن تأمين لقمة العيش الحرّ والكريم، نتيجة انهيار عملتهم الوطنية.

من هنا، وعود على بدء، الباب الوحيد المتاح أمام الحل الحكومي، هو أن يحمل الرئيس المكلف تشكيلة معدّلة الى بعبدا، على ألا تكون هناك شروط مسبقة واشتراطات متبادلة مع رئيس الجمهورية، تكون مقبولة في ظروف عادية، كي ينقذ الرئيس ما تبقى من ولايته، وينقذ الرئيس المكلف موقعه على الخريطة السياسية، ويكون له دوره في الاستحقاقات المقبلة.

فالمناكفات السياسية على الشاشات ووسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، والمكابرة والعناد في المواقف، لن تغيّر في مسار الأمور، وتجعلنا نردد ما كان المصريون في الستينيات يقولونه بعد حضورهم فيلماً سينمائياً لا تأتي نهايته حسب رغبتهم ومشتهاهم، وخروجهم غاضبين من الصالة قائلين على طريقتهم:"سيما(سينما) اونطه هاتوا فلوسنا".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o