May 24, 2021 6:47 AM
صحف

قبل خطوته التالية... عون يترقّب

منذ بدء “حربها” المعلنة والمضمرة على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة قبل سبعة اشهر، نادراً ما صمتت بعبدا على غرار ما فعلت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة التي أعقبت صدمة الدفاع الهجومي الذي انبرى له الرئيس الحريري في رده على رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون في جلسة مجلس النواب السبت الفائت. وبحسب "النهار" لم يكن هذا الصمت دليل تسليم بالنكسة الكبيرة التي منيت بها الرئاسة الأولى وفريقها الاستشاري والسياسي في آن معاً فحسب على الأرجح، بل بدا بمثابة إعداد لخطوة الرد الآتية، لان المناخ لا يوحي بإمكان استيعاب ما احدثه رد الحريري من دوي واسع وهائل بما يتعين معه ترقب الساعات المقبلة بدقة وانشداد. والحال ان الصراع على الملف الحكومي بدا منذ اللحظة التي فرغ فيها الرئيس الحريري من تلاوة كلمته العاصفة بفتح ملف العهد العوني وما قبله سيرة الرئيس عون التعطيلية وباعه الطويل في تعطيل تشكيل الحكومات ومن ثم تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية، وكأنه دخل مرحلة محدّثة جدا من التصعيد والتوتر المفتوح على كل الاحتمالات، ولو ان ما اعقب الجلسة من لقاءات واتصالات اجراها رئيس مجلس النواب نبيه بري ومعاونه النائب علي حسن خليل اوحت بتحرك جديد يهدف الى التوسط مجدداً بين بعبدا وبيت الوسط. غير ان المعطيات التي سادت المشهد السياسي غداة الجلسة النيابية لمناقشة رسالة عون الى المجلس، بدت شديدة التأزم والتعقيد والغموض، بل منذرة بمرحلة مختلفة من التصعيد المفتوح على مزيد من التداعيات المتفجرة سياسياً خصوصاً بعدما انكشفت الجلسة عن خسارة معنوية ثقيلة للعهد، يتعين عليه معها مراجعة متأنية لعملية تورطه او توريطه في حسابات خاطئة تماما جراء تشبثه بإرسال الرسالة الى مجلس النواب فيما أفقها الدستوري والسياسي مقفل أساساً. ويفترض ان تتسع المراجعة لتلحظ ان معظم الكتل النيابية الأساسية على جانبي الازمة الحكومية ومن بينها “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” واللقاء الديموقراطي”، أيدت وتبنت مبدأ التوافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، بما يعني استمرار التمسك بتكليف الحريري، وجاءت صياغة القرار الذي صدر عن الجلسة لتتوج هذا الاتجاه وتقول “بالعربي الواضح”، ممنوع المغامرة بأي اتجاه نحو تعديل دستوري سيكون بمثابة لعب بنار الاستقرار. لذا باتت الكرة في الكامل في ملعب العهد ولو ان أصواتاً مؤثرة بدأت تطالب الحريري، بعدما فاجأ كثيرين برده الشامل والحاد والحاسم، بان يقدم على مبادرة جديدة لتحديث تشكيلته، ولكن لا يبدو سهلاً توقع تطور كهذا اقله في المدى المنظور.

إذن ستكون الأزمة امام منقلب جديد، الا في حال بروز مفاجأت غير محسوبة من أي من الافرقاء المعنيين بالازمة، علما ان الساعات الثماني والأربعين المقبلة قد تحمل مواقف جديدة من الازمة على هامش احياء مناسبة عيد التحرير غدا، والتي يتوقع ان يكون للمسؤولين وبعض القادة السياسيين اليوم وغدا كلمات فيها ومن بينهم الرئيس نبيه بري والأمين العام لـ”حزب الله “ السيد حسن نصرالله.

ولعل أهمية الجلسة النيابية تمثلت في انها انتهت الى اصدار الموقف الذي استند فيه المجلس الى النص الدستوري حول اصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة 53 من الدستور لافتاً الى انه “لما لم يرد اي نص دستوري اخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه وبما ان رئيس الجمهورية قد قام باستشارات ملزمة وفق ما ورد وبعد اطلاعه رئيس مجلس النواب اتت نتيجتها تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل الحكومة. وباعتبار ان اي موقف يطال هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلا دستوريا ولسنا بصدده اليوم… ولحرص المجلس على عدم الدخول في ازمات ميثاقية ودستورية جديدة وحرصا على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصاديا وماليا واجتماعيا… يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الاصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للوصول سريعاً الى تشكيل حكومة جديدة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية”.



ووصفت المصادر المقاربة التي اجراها الرئيس المكلف للأزمة الحكومية خلال مناقشة الرسالة الرئاسية بأنها مقاربة سلبية، لافتة الى أن كلمته قد خلت من وجود اي اشارات ايجابية، واتهمته بتحريف متعمّد للوقائع بهدف القاء المسؤولية على رئيس الجمهورية، وجددت التأكيد على ان الهدف من رسالة عون الى مجلس النواب كان اعلام النواب بالوضع الذي بلغته عملية تأليف الحكومة، والطلب اليهم اتخاذ المناسب من الواقع القائم.

ولفتت المصادر عبر "نداء الوطن"  الى ان "مجلس النواب تجاوب مع رغبة الرئيس عون، واصدر موقفاً يدعو الرئيس المكلف سعد الحريري الى الاتفاق مع رئيس الجمهورية على تشكيل الحكومة كما ينص عليه الدستور، علماً ان الرئيس الحريري لم يكن يتجاوب مع وجهة نظر الرئيس عون ويفسّر مع فريقه المواد الدستورية كما يرغب، وليس كما يفترض".

وشددت المصادر عينها على ان الموقف النيابي هذا يفترض ان يدفع بالرئيس المكلف الى تقديم تصور حكومي جديد يأخذ في الاعتبار ملاحظات رئيس الجمهورية على التشكيلة الاولى التي لم تراعِ الميثاقية والتوازن والاختصاص، وان يتوقف عن تعطيل التأليف من خلال تمسكه بموقفه والتشبث بالتركيبة التي قدمها والتي رفضها الرئيس عون. وقالت المصادر ان موقف المجلس النيابي وضع الكرة في ملعب الرئيس الحريري الذي عليه ان يبادر الى تصحيح الصيغة التي قدمها اولاً، كي يتجاوب مع طلب المجلس.

وذكّرت المصادر بأن رئيس الجمهورية كان دعا الرئيس المكلف اكثر من مرة الى الحضور الى بعبدا والتشاور معه في الصيغ الحكومية، انطلاقاً من تمسك الرئيس عون بالدستور الذي يؤكد ان الحكومة تشكل بالاتفاق بين الرئيسين، وليس كما كان يقول الحريري انه "هو من يشكل وان الرئيس يوقّع مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة ويُصدره فقط".

وختمت المصادر بالقول: "عملياً، على الرئيس المكلف ان يتجاوب مع موقف مجلس النواب الواضح بان الحكومة تشكّل بالاتفاق بين الرئيسين، وبذلك يتحرك الملف الحكومي، اما بقاؤه على موقفه فمعناه انه هو من يعطل تشكيل الحكومة وليس رئيس الجمهورية".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o