May 22, 2021 7:12 AM
صحف

برّي أجّلَ "إنفجار المواجهة" وبعبدا تنتظر… جلسة اليوم "قرار او موقف او إجراء" والتكليف باقٍ

عمل الرئيس نبيه برّي على سحب فتيل التوتر الأولي بين التيار العوني وتيار المستقبل، فأجّل جلسة مجلس النواب لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية 24 ساعة. ويضع برّي أكثر من أولوية في حساباته: لايريد للمجلس أن ينفجر. ولا أن يكون هو المستهدف. وبتجنّبه حصول تشنج سياسي يحاول أيضاً تجنّب فتنة سنية-مارونية، على خلفية تفسير الدستور والصراع على الصلاحيات بين عون والحريري. ولا يريد برّي كذلك أن يتحول السجال في البلد إلى صراع إسلامي–مسيحي. ولا أن يتخلى عن سعد الحريري، فيتمسك به رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة بحسب "المدن".

 

وعلمت "الجمهورية" من مصادر موثوقة، أن "رئيس المجلس النيابي نبيه بري تحرّك منذ تسلّمه الرسالة الرئاسية ضمن اولويتين، الأولى، الحؤول دون نقل المشكلة الى مجلس النواب، الذي مارس الدور المطلوب منه كاملاً سواء في استشارات التكليف التي اجراها رئيس الجمهورية، وكذلك في استشارات التأليف التي اجراها الرئيس المكلّف مع النواب. والثانية، إخماد نار الاحتقان المتورّم بين شريكي التأليف، وتجنيب البلد اي تصدّعات او إرباكات اضافية، وتفكيك اي عبوة سياسية ناسفة للاستقرار الداخلي. وهما اولويتان تضافان الى اولوية دائمة لديه، وهي الأهم، وخلاصتها إشعار كل الاطراف بأنّ لبنان يُحتضر ويوشك ان يغرق بالكامل، وآن الأوان للتخلّي عن كل الشروط من هنا وهناك، والذهاب فوراً الى تشكيل حكومة وفق مندرجات المبادرة الفرنسية من اختصاصيين من غير الحزبيين ولا ثلث معطلاً فيها لأي طرف".
 

في الغضون، وفي الوقت الذي تابع فيه رئيس الجمهورية مجموعة الاتصالات التي سبقت وتلت جلسة تلاوة الرسالة التي وجّهها الى المجلس النيابي، قالت مصادر مطلعة على اجواء بعبدا ل"الجمهورية"، إنّه "ينتظر جلسة اليوم لمعرفة الاتجاهات التي ستسلكها الامور، وللتثبت من إمكان ان تؤدي الرسالة غايتها، بعيداً من مسلسل الملاحظات والتعليقات التي لم تقارب الأزمة بمظاهرها المختلفة وتأثيراتها السلبية على الوضع الداخلي وموقع لبنان في المنطقة".

تسوية برّي المرتقبة تحت كل هذه العناوين، يعمل برّي على إبرام تسوية تهدئ النفوس ولا تؤدي إلى تنامي التوتر. وفي اللقاء الذي عقده مع الحريري قبل الجلسة ظهر الجمعة، عرض برّي فكرة عدم الغرق في تفسير الدستور، لأن ذلك يؤدي إلى الدخول في مشاكل لا خروج منها وليس وقتها الآن. وعرض أيضاً فكرة عقد لقاء لرؤساء الكتل النيابية، للعمل على إيجاد قواسم مشتركة حول الرسالة والتعاطي معها، وعدم ترك الأمور للتوتر والخلافات. وفي حال عقد هذا الإجتماع، يكون اللقاء بين الحريري وجبران باسيل قد حصل بطريقة غير مباشرة. طبعاً لا تُبنى توقعات كبيرة على مثل هذا اللقاء، سوى كسر الجليد وعدم إظهار أن أي طرف قد انكسر للآخر. ويمكن فتح النقاش بجدية حول تشكيل الحكومة. ويريد برّي تجنّب الإكثار من المواقف والتهجمات التي تحصل في جلسة المناقشة، وتقليص عدد المتكلمين.

جنبلاط وباسيل  وظهر الجمعة 21 أيار الجاري، عقد الحريري اجتماعاً لكتلة المستقبل النيابية، فشدد على ثباته على موقفه، مؤكداً أنه ليس في وارد التراجع، ولن يعتذر ولن يتنازل. وهو مستعد للمواجهة السياسية إلى أقصاها، مع رئيس الجمهورية، ومن يحاولون دفعه إلى الاعتذار، وتحميله المسؤولية. وغمز الحريري من قناة وليد جنبلاط، لا سيما بعد الموقف الذي أطلقه جنبلاط، وحمل في طياته الكثير من التفسيرات التي استوقفت قوى سياسية عديدة.

قال جنبلاط: يبدو أن السعودية لا تريد الحريري في هذه المرحلة، ولا يمكن أن نُبقي البلد معلّقاً على هذه العلاقة. ويستخدم التيار العوني موقف جنبلاط لصالحه، خصوصاً أن العونيين يعتبرون أنفسهم منتصرين، نتيجة التطورات الحاصلة في المنطقة. وآخرها تغريدة جبران باسيل حول انتصار غزة وقوله: “لا هزائم بعد اليوم”!

الثنائي الشيعي والحريري  وبدأت تفسيرات كلام جنبلاط في اتجاهات متدافعة: هل أطلق موقفه كتحليل، أم كمعلومات استجمعها وتشير إلى صعوبة موقف الحريري؟ بعض القوى السياسية، وأبرزها حزب الله، اهتمت بموقف جنبلاط، معتبرة أنه يحمي رأسه زمن التسويات، بدلاً من خوضه المواجهات. فهو زعيم طائفة محدودة الحجم. لكن جنبلاط يعرف كيف يكون رأس الحربة في أوقات الاشتباك، مستنداً على قوى ومحاور متعددة. وهو يعلم كيف يتجاوز الأزمات ويطوع العواصف.

لكن حزب الله يرى أن كلام جنبلاط موحى به، ويصعِّب على الحريري مهمته إلى حدّ بعيد. ويعلم حزب الله أن الحريري لا يحظى بدعم سعودي ولا أميركي واضح له، وهو خسر الفرنسيين أخيراً. وفي الداخل علاقته جيدة بالثنائي الشيعي فقط.

ويؤكد حزب الله وبرّي تمسكهما بالحريري. ولكن من المستبعد أن يكون هذا الموقف قادراً على جعله رئيساً للحكومة، ما لم يقدم على خطوات تمكنه من استعادة المبادرة، والعلاقات مع القوى المختلفة.

وتتجه الأنظار إلى جلسة اليوم، وكيف سيعمل برّي على دوزنة المواقف فيها. ورجحت مصادر نيابية مطلعة لـ«اللواء» ان تخرج جلسة اليوم بأحد الخيارات الثلاثة: «قرار او موقف او إجراء» وهي المتاحة في مثل هذه الحالات، من اجل حث المعنيين على سرعة تشكيل الحكومة.

ونقلت المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ المشاورات خلصت إلى "اختيار ممثلين عن أكثر من كتلة لصياغة التوصية بشكل لا يُظهر أي طرف في موقع الخاسر أو المنكسر، بما يشمل صون تكليف الحريري من جهة، وحفظ ماء وجه رئيس الجمهورية من جهة أخرى، لأن أغلبية مجلس النواب تعتبر مضمون رسالته غير دستوري في مقاربة مسألتي التكليف والتأليف، وبالتالي في حال انقسم مجلس النواب حيال الرسالة فستصبّ الأكثرية حكماً في خانة إعادة دعم تكليف الحريري".

ومن هنا، رجحت مصادر نيابية مطلعة لـ"اللواء" ان تخرج جلسة اليوم بأحد الخيارات الثلاثة: "قرار او موقف او إجراء" وهي المتاحة في مثل هذه الحالات، من اجل حث المعنيين على سرعة تشكيل الحكومة. واوضحت المصادر ان الرئيس بري واصل اتصالاته طوال بعد ظهر امس من اجل ان تكون الجلسة اقل توتراً وان تخرج بحل مرضٍ، خاصة ان الجو بين الرئيس الحريري والنائب باسيل "مش راكب بعد" ويُخشى ان تطيح مواقفهما بالجلسة ويطير نصابها اذا حصل التوتر. لكن السؤال هل يُحدد بري موعداً لجلسة اخرى بعدما تهدأ النفوس؟

وتشير المعلومات الى تحفز الحريري الى الرد المفند التفصيلي على رسالة عون من خلال بسط كل الوقائع التي يستند اليها الحريري لإثبات الخط المنهجي للعهد وتياره السياسي في توسل كل الوسائل للحصول على الثلث المعطل في الحكومة وتحوير المفهوم الدستوري لصلاحيات الرئيس المكلف بما يتماهى تماما مع المضمون الانقلابي للرسالة الرئاسية التي تهدف على نحو واضح الى تجاوز سافر للدستور والنيل من صلاحيات المجلس تمام كما من رئيس الحكومة المكلف

ورجحت المصادر أنّ "يعمد الرئيس المكلف إلى مصارحة اللبنانيين في كلمته الجوابية اليوم على رسالة عون، بكل الوقائع والتفاصيل التي حصلت منذ تكليفه، ليكشف عن كل الجهود التي بذلها لإبداء التعاون مع رئيس الجمهورية، وكل العراقيل التي اصطدم بها في المقابل، لا سيما وأنّه كان كلما بادر إلى تلمس بعض التجاوب خلال لقاءاته برئيس الجمهورية يعود ليتفاجأ بأنه غيّر رأيه بعد مغادرة الحريري بعبدا".

وفي المقابل فان باسيل كما تقول المعطيات ، اعد هجوما حادا بالأصالة والنيابة عن رئاسة الجمهورية و"التيار الوطني الحر" على الحريري استكمالا للمضامين الاتهامية التي وردت في رسالة عون الى المجلس .

وستلتزم كتلة "التنمية والتحرير" سقف موقف بري الداعي إلى تسريع التأليف بعيداً عن الثلث المعطل وصراع الصلاحيات، على أن تؤثر كتلتا "حزب الله" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" الحياد بين عون والحريري. في حين عُلم أنّ موقف كتلة "الجمهورية القوية" لن يقارب مشاكل التكليف والتأليف، ولن يركّز على خلاف عون وباسيل مع الحريري، إنما سيعيد التصويب على جوهر الأزمة الكامنة في الطبقة الحاكمة، التي لا خلاص معها ولا خلاص منها إلا بإجراء انتخابات نيابية مبكرة.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o