May 19, 2021 7:15 AM
صحف

المأزق الحكومي في دوامة الجمود.. رسالة عون مشكلة جديدة إلى الواجهة

على الصعيد الحكومي، يقول مصدر نيابي بارز إن أزمة تشكيل الحكومة تدخل الآن في «عطلة سياسية» مديدة في ظل استمرار انسداد الأفق أمام معاودة التواصل بين الرئيس المكلف سعد الحريري وبين رئيس الجمهورية ميشال عون الذي يسعى لتحميله مسؤولية التأخير الذي يعيق ولادتها في محاولة لتبرئة ذمّته من الاتهامات التي تحاصره وتبقي على كرة التعطيل في مرماه، مؤكداً أن اتصالات التأليف جامدة، ما يعني أن الأزمة إلى مزيد من التصعيد، إلا إذا حصلت معجزة ليست مرئية حتى الساعة يمكن أن تعيد الاتصالات.

ويؤكد المصدر النيابي لـ«الشرق الأوسط» أن عون في محاولته الهروب إلى الأمام بادر إلى إعادة النظر في ترتيبه أولوياته بقوله خلال استقباله نائبة وزير الخارجية الإيطالية أنه يعطي الأولوية حالياً لتشكيل الحكومة على رغم العقبات التي تواجه هذه المسألة من الداخل والخارج بخلاف تركيزه في السابق على التدقيق الجنائي ومكافحة الفساد، داعياً حكومة تصريف الأعمال إلى تفعيل عملها بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد.

ويلفت إلى أن عون استبق استقباله نائبة وزير الخارجية الإيطالية بتحميله سفيرة فرنسا لدى لبنان آن غريو رسالة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويؤكد أن مضامين الرسالة الرئاسية هي ملحق للمحادثات التي أجراها وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان خلال زيارته لبيروت والتي نأى فيها عن البحث في مسألة تشكيل الحكومة.

ويضيف المصدر نفسه أن رسالة عون إلى ماكرون احتوت على ما كان ينوي قوله للودريان في خصوص موقفه من تشكيل الحكومة على قاعدة التزامه بالمبادرة الفرنسية، مع أن ما أورده فيها من مواقف حيال الحريري تأتي بخلاف ما يضمره لجهة رهانه على شراء الوقت لدفعه إلى الاعتذار، وإلا لم يكن مضطراً لدى مكاشفته لسفير دولة فاعلة معنية بالوضع في لبنان للقول إن الرئيس المكلف يواجه صعوبة في تشكيل الحكومة من دون أن يدخل في التفاصيل لتدعيم وجهة نظره.

ويرى أن عون يعطي الأولوية لإنقاذ صهره رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل بعد أن أيقن أن هناك صعوبة تعيق تعويم «العهد القوي» الذي ينظر إليه خصومه على أنه منتهي الصلاحية بالمعنى السياسي للكلمة، ويسأل: لماذا يُحجم عون عن مصارحة اللبنانيين بالأسباب التي أدت إلى تجميد مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية؟
فالرئيس عون كان أعطى الضوء الأخضر - كما تقول مصادر دبلوماسية غربية - لاستئناف المفاوضات، وهذا ما شجّع وكيل وزارة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد هيل على الطلب من الوسيط الأميركي العودة إلى بيروت لتحديد الموعد النهائي لمعاودة المفاوضات لكنه سرعان ما اكتشف أن الجانب اللبناني أخلّ بتعهداته ما أدى إلى اقتصارها على جلسة يتيمة من دون تحديد موعد جديد لمعاودتها.

وتبين أن الفريق السياسي المحسوب على عون - باسيل كان مهّد الطريق أمام معاودة المفاوضات، وهذا ما أبلغه إلى هيل قبل أن تكتشف واشنطن - بحسب المصادر الدبلوماسية الغربية - بأن هذا الفريق كان يخطط للدخول في مقايضة بين استئناف المفاوضات في ضوء استبعاد تعديل المرسوم ليشمل الخط 29 من الحدود البحرية وبين رفع العقوبات الأميركية المفروضة على باسيل، مع أن هيل كان صارح من يعنيه الأمر بأن العقوبات ليست مدرجة على جدول أعمال لقاءاته في بيروت.

كما تبين أن هذا الفريق السياسي فوجئ بتجميد المفاوضات بعد أن استؤنفت لجلسة واحدة، ولم يأخذ على عاتقه تسليط الضوء على الأسباب الكامنة وراء تجميدها، على رغم أنها أشعلت العلاقة بين عون وواشنطن، فيما تعزو مصادر معارضة لـ«التيار الوطني» سبب تجميدها إلى ربطها بالمفاوضات الجارية في فيينا لتحسين شروط إيران فيها. وفي المقابل، فإن رئيس المجلس النيابي نبيه بري لا يزال يتابع ملف تشكيل الحكومة من موقع الاختلاف مع عون، ويفضّل أن يتحرك بصمت من دون أن يبادر على الأقل في العلن إلى إعادة تشغيل محركاته، فيما يتردد في الوسط السياسي أن الحريري الموجود حالياً في أبوظبي يدرس فور عودته إلى بيروت إصدار موقف يتناول فيه آخر التطورات المتعلقة بتشكيل الحكومة وما يعتريها من عقبات ما زالت تعطّل تشكيلها.

وفي هذا السياق، فإن الحريري الذي تواصل أخيراً مع وزير الخارجية المصرية سامح شكري وواكب المشاورات التي جرت بين ماكرون والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على هامش انعقاد مؤتمر باريس للبحث في الأوضاع المالية للسودان سيضطر للخروج عن صمته لتطويق مفاعيل المواقف التي أعلنها عون لجهة تحميله مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة، خصوصاً أن لا مصلحة له في أن يُخلي الساحة السياسية لخصومه وبات عليه أن يضع النقاط على الحروف لقطع الطريق على مساواته بعون في تعطيل تشكيلها، وبالتالي إشراكه في توزيع المسؤوليات المترتبة على ارتفاع منسوب الأزمات التي تضع لبنان على مقربة من الانفجار الاجتماعي.

على خط آخر اشارت "اللواء" الى انه قبل ان تهدأ عاصفة «الازمة الدبلوماسية» التي تسبب بها تصريح الوزير شربل وهبة وتأخذ طريقها إلى المعالجة، دفع الرئيس عون بمشكلة جديدة إلى الواجهة، عبر توجيه رسالة عبر الرئيس نبيه برّي إلى مجلس النواب تتعلق بالازمة الحكومية.

وقبل ان تهدأ عاصفة «الازمة الدبلوماسية» وتأخذ طريقها إلى المعالجة، دفع الرئيس عون بمشكلة جديدة إلى الواجهة، عبر توجيه رسالة عبر الرئيس نبيه برّي إلى مجلس النواب «لاتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب بشأنها».

وبانتظار القرار في ما خص الرسالة، ذكرت محطة «N.B.N» في نشرتها المسائية «أن هناك من قرأ في متن الرسالة عملية ضرب لاتفاق الطائف، وسيعيد لبنان إلى الوراء، ولن تؤدي إلى نتيجة، لا سيما وان الحل ليس بمثل هكذا رسائل، بل بالمسارعة إلى تشكيل حكومة لإنقاذ البلد من الغرق»..

وسارع الرئيس المكلف سعد الحريري إلى وصف الرسالة الرئاسية بأنها «إمعان في سياسة قلب الحقائق والهروب إلى الامام، والتغطية على الفضيحة الدبلوماسية العنصرية لوزير خارجية العهد تجاه الأشقاء في الخليج العربي»، وللحديث صلة في البرلمان..

ووفقاً لمصادر مراقبة، فإن الرئيس الحريري سيشارك مع كتلته في الجلسة التي سيدعو إليها الرئيس برّي.

وعلمت «اللواء» ان دوائر المجلس لم تتسلم حتى مساء أمس نسخة عن هذه الرسالة، وأوضحت مصادر برلمانية انه وفق النظام الداخلي انه عند توجيه رئيس الجمهورية رسالة مباشرة يُبادر رئيس المجلس إلى دعوة المجلس إلى الانعقاد خلال ثلاثة أيام من تاريخ ابلاغه رغبة رئيس الجمهورية، وبعد استماع المجلس إلى رسالة رئيس الجمهورية يرفع رئيس المجلس الجلسة لمدة 24 ساعة تستأنف بعدها الجلسة لمناقشة مضمون الرسالة واتخاذ المواقف أو الاجراء أو القرار المناسب.

اما إذا كانت الرسالة موجهة بواسطة رئيس المجلس، فعليه ان يدعو المجلس للانعقاد خلال ثلاثة أيام لمناقشة مضمون الرسالة، واتخاذ الموقف أو الاجراء أو القرار المناسب، وذلك وفقاً للمادة 145.

ووصفت مصادر نيابية رسالة الرئيس عون إلى المجلس النيابي بانها لزوم ما لا يلزم لانها لن تؤدي إلى تحقيق الغاية التي ارسلت من أجلها لاخراج ازمة تشكيل الحكومة من دوامة الجمود، بل ستؤدي بما تضمنته من مغالطات وتجاوزات دستورية وقلب للوقائع والتفافات وافخاخ لتعديل دستوري لاطاحة صلاحية رئيس الحكومة المكلف لصالح رئيس الجمهورية إلى تسعير الخلاف السياسي وزيادة التعقيدات حول تشكيل الحكومة الجديدة. وتوقعت المصادر ان يحصد رئيس الجمهورية مزيدا من العزلة والخيبة لان معظم الكتل النيابية لن تتجاوب مع مضمون رسالته، بل سترفضها لانها تخالف الدستور وستشكل مناسبة لشن حملة من الانتقادات الحادة ضد ممارسات واسلوب رئيس الجمهورية في ادارة الحكم وما اوصل اليه البلد من ازمات تهدد وجوده.

وأشار الخبير القانوني أنطوان صفير إلى أن "لا تأثير تنفيذياً لرسالة رئيس الجمهورية الى مجلس النواب، يعني أن المجلس سيناقشها لكنه غير مُلزم بإتخاذ أي موقف منها، خصوصاً وأنه غير قادر أساساً على سحب التكليف من الرئيس المكلف الذي يمتلك وحده هذا الحق، في ظل غياب لأي آلية متعلقة بهذا الشأن في الدستور، وأقصى ما يمكن أن يفعله المجلس هو إصدار توصية". وذكر صفير في حديث مع جريدة "الأنباء" الإلكترونية أن "الرسالة هي موقف مبدئي يخاطب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عبرها مجلس النواب، وهو سبق أن أرسل رسائل تتعلق بأمور وملفات أخرى، وبالتالي هي سابقة في ملف التشكيل فقط، لكنها لا تُعد خرقاً للدستور".

وليلاً، علقت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية، لـ«اللواء» تعليقا على الإجراء المتوقع بعد الرسالة «أنه متروك لتقدير المجلس النيابي».

لكن أوساط مراقبة لاحظت أن رسالة رئيس الجمهورية كانت فكرة تدرس ولدى انسداد الافق الحكومي قام بالاجراء الدستوري المتاح له تاركا الكرة في ملعب المجلس.

وأوضحت أن مصيرها يقرره المجلس.وافادت أن الدستور في المقابل واضح بنصوصه حول التكليف ومقتضياته وبالتالي أي قرار يعود إلى الرئيس المكلف وحده.

ورأت أنه يفترض ان تشكل الرسالة محور أخذ ورد في الأيام المقبلة.

واعتبرت "النهار" أن هذه المفاجأة الثانية، جاءت في التوقيت الخطأ وبدا واضحا بما لا يحتاج الى تفسير ان عون حاول الهرب من تداعيات الانكشاف في الفضيحة الخليجية الطارئة فلجأ الى توقيت اعتقده ملائما لأخذ الأنظار الى مكان اخر ولكنه أيضا اخفق في ذلك.

وفي موازاة ذلك، تلقى عون رسالة شفوية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نقلها إليه السفير الكسندر روداكوف أكدت«وقوف روسيا الى جانب لبنان ودعمها له اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً واستعدادها للتعاون معه في مختلف المجالات».

وأوضح روداكوف«اننا أكدنا خلال اللقاء على الموقف الروسي المبدئي من الأوضاع في لبنان، والذي يدعو إلى ضرورة تشكيل حكومة في أقرب وقت، وستكون روسيا بعد ذلك على استعداد للتعاون مع الجمهورية اللبنانية في مختلف المجالات».

وجاء الموقف الروسي غداة حضور الأزمة اللبنانية في القمة بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والمصري عبد الفتاح السيسي في باريس، حيث أكد الأول«نيتنا العمل على أن يصبح لبنان أقوى مع دولة قوية كي تدعم ‏الشعب اللبناني، الذي يجب ألا يبقى رهينة مصالح أو رهينة بيد أي طبقة سياسية وسياسة إرهاب أياً كان»، مضيفاً:«سنواصل مبادرتنا الثنائية في لبنان لا سيما على صعيد المساعدة والدعم الانساني مع الاتحاد الاوروبي اضافة ‏الى الضغط الذي نمارسه. يجب ألا يبقى الشعب اللبناني رهينة بيد أي طبقة سياسية. لبنان لا يزال يعاني من عدم ‏التوصل إلى مسار سياسي ينتظره الجميع».

من جهته، قال الرئيس السيسي:«مصر لا تتخلى عن الشعب اللبناني، وأى دولة عربية أخرى، ونشجع على تشكيل حكومة فى ‏أسرع وقت، وخروج لبنان من هذه الأزمة. وهذا الأمر كان محل نقاش مع الرئيس ماكرون، ونعمل على تكثيف الجهود مع فرنسا بكل ما تمثله من ثقل ‏في العالم والمنطقة، للتوصل إلى حلول للأزمة في لبنان. لم نتخلَّ عن لبنان، وقد تكون الأمور مضطربة في المنطقة، ‏وعلينا عدم فصل السياق العام عما يحدث في المنطقة».

وأضاف:«نحتاج لمزيد من تكثيف الجهود، وأوجّه نداء من باريس باسمي وباسم الرئيس ماكرون ‏إلى كل القوى السياسية، من فضلكم أعطوا الفرصة لحكومة كى تحل ما يعانيه لبنان. ونحن معكم من أجل ‏الاستقرار داخل الدولة اللبنانية. نحن مع الاستقرار والنجاح والسلام في لبنان».

واكتسبتْ مواقف ماكرون والسيسي أهميتها لأنها تأتي على وقع تحضيرات أوروبية لفرْض عقوباتٍ من الغالبية العظمى لدول الاتحاد ضدّ شخصيات لبنانية على خلفية عرقلة تأليف الحكومة وتهم فساد، وهي الخطوة التي بدأت ترتسم بإزائها ملامح«هجوم دفاعي»ديبلوماسي يطلقه فريق رئيس الجمهورية لتحديد«المسؤوليات»عن تعطيل التشكيل عبر رميها في ملعب الحريري وتفادي إصابة صهر عون أي النائب جبران باسيل بسهام العقوبات الأوروبية بعد الأميركية، والتي ستعني شبه«حرْق»ورقته كمرشّحٍ رئاسي رقم واحد.

وتأتي في هذا الإطار الجولة التي سيبدأها بها الوزير شربل وهبة في الأيام القليلة المقبلة وتبدأ بالفاتيكان ‏ثم ايطاليا فإسبانيا، وهو أوضح أن هدفها بحث نتيجة زيارة وزير خارجية فرنسا جان - ايف لودريان لبيروت«وما قيل عن أن ‏فرنسا ستذهب الى الاتحاد الاوروبي لفرض عقوبات على سياسيين لبنانيين».

وأضاف:«نطلب من دول الاتحاد الاوروبي ‏النظر الى لبنان كدولة مريضة والمريض لا يُعَاقب بل يعالج، وهذه العقوبات ستخرب ما تبقى من وحدتنا وستأتي بنتائج عكسية، وإذا كان لا بد من عقوبات، فلتفرض على أهل الفساد ولتنظر هذه الدول إلى مَن حوّلوا أموالاً إلى مصارفها بعد أكتوبر 2019 (اندلاع الانتفاضة الشعبية)».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o