May 05, 2021 10:34 AM
مقالات

هل تعلّق "كثرة الخرائط" مفاوضات الترسيم؟

بعد أكثر من خمسة أشهر على تعليقها، استُؤنفت أمس في الناقورة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي، برعاية أميركية، في أجواءٍ من الكتمان الشديد وقرارٍ بمنع التسريب.

لكن جلسة الساعات الخمسة، الأطول نسبيًا منذ بدء جولات التفاوض، تجاوزت مؤقتًا "لغم" تضارب الطروحات. خصوصًا مع تبنّي الوسيط الأميركي بالكامل الطرح الإسرائيلي بحصر التفاوض حول مساحة الـ860 كلم مربعًا، ما يعني خروج لبنان نتيجة التفاوض بأقلّ حتمًا من هذه المساحة. وهذا الأمر كان ولا يزال مرفوضًا بالمطلق من الوفد اللبناني.

وما كان لافتًا إشارة حساب الرئاسة الأولى على تويتر بعد اجتماع أعضاء الوفد اللبناني المفاوض برئيس الجمهورية وإطلاعه على وقائع الاجتماع إلى "طلب رئيس الوفد الأميركي أن يكون التفاوض محصورًا فقط بين الخطّ الإسرائيلي والخطّ اللبناني المودعين لدى الأمم المتحدة، خلافاً للطرح اللبناني ولمبدأ التفاوض بدون شروط مسبقة".

وقد أعطى عون توجيهاته للوفد المفاوض، مشدّدًا "على ألا تكون متابعة التفاوض مرتبطة بشروط مسبقة بل باعتماد القانون الدولي الذي يبقى الأساس لضمان استمرار المفاوضات والوصول إلى حلّ عادل ومنصف".

وكان الوفد العسكري اللبناني قد عَكَس أمس تمسّكه بالركون إلى القانون الدولي كمرجعية لبتّ النزاع والقبول بنتيجة ما "يفتي" به. وذلك لعلمه أنّ حقّه بالمساحة الإضافية عن الـ860 كلم مربعًا "محفوظ" استنادًا إلى هذا القانون وصولًا إلى احتمال تكريس الخطّ 29. ولو كان التفاوض مقبولًا من الجانب اللبناني على الـ860 كلم مربعًا عام 2012 لما استمرّ النزاع حول الحدود البحرية الجنوبية.

وفيما حُدّدت جولة التفاوض السادسة صباح اليوم، إلا أنّ معلومات مصدرها أوساط قريبة من بعبدا تواترت عن احتمال عدم مشاركة الوفد اللبناني في الجلسة في حال إصرار الوسيط الأميركي، بالنيابة عن الوفد الإسرائيلي، على حصر التفاوض بالـ860 كلم مربعًا المرفوض بالكامل من الوفد العسكري اللبناني.

وفيما بدا أنّ المفاوضات عادت إلى الدوامة نفسها التي لن تفضي إلى تقدّم في تكريس حقّ لبنان في حدوده البحرية جنوبًا، تذكّر مصادر متابعة لملف الترسيم بالرسالة التي وصلت إلى رئيس الجمهورية عبر السفارة الأميركية بعيد زيادة ديفيد هايل إلى لبنان والتي تضمّنت الأسس التي ستُستأنف على أساسها المفاوضات وهي:

1- الكتب المودعة من الجانبين اللبناني (الخطّ 23)  والإسرائيلي (الخطّ 1) في الأمم المتحدة.

2- الاستعداد الاميركي الإسرائيلي للتفاوض حول الحقول المشتركة مع لبنان. وهنا يطرح سؤال حول سبب قبول رئيس الجمهورية بالعودة إلى التفاوض على أساس هذين الشرطين. فيما توقيع تعديل المرسوم 6433 كلم مربعًا من جانب رئيس الجمهورية كان كفيلًا بتقوية الموقف اللبناني وتحصينه دوليًا لجهة تغيير الإحداثيات بالانتقال من الخطّ 23 إلى الخطّ 29.

ليس هذا فقط بل إنّ الخلافات بين القوى السياسية والتي تزداد حدّة يوماً بعد يوم، أفرزت هذه الأزمة "فوضى خطوط" بحرية سبقتها أخطاء بالجملة ارتكبتها السلطة السياسية على مدى السنوات الماضية، واكتملت بعدم تحصّن الوفد اللبناني بموقف سياسي موحّد حيال الخط 29 وآلية "شرعنته" أمام الوسيط الأميركي والراعي الدوليّ المتمثّل بالأمم المتّحدة.

ما بين جولة التفاوض الأولى في تشرين الأول 2020، واجتماع الأمس، لم تُشطب "نظريًا" أيٌّ من الخطوط التي واكبت انطلاق المفاوضات غير المباشرة. وهي التالية:

الخطّ الأول، وهو الخطّ الإسرائيلي الذي يبدأ من النقطة 31 عند رأس الناقورة وينتهي عند النقطة رقم 1.

الخطّ الثاني، أي الخطّ اللبناني "الرسمي" المعترف به في الأمم المتحدة بموجب المرسوم 6433/2011، الذي ينطلق من النقطة رقم 18 عند رأس الناقورة وينتهي عند النقطة  23.

الخطّ الثالث، وهو خطّ "Hoff" الذي ينطلق من 3 أميال غرب رأس الناقورة وينتهي بالنقطة H ما بين النقطة 1 والنقطة 23.

الخطّ الرابع، وهو خطّ الجيش الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة، التي تنتهي بها الحدود البرية وفقاً لاتفاق  Paulet-Newcombe، وينتهي عند النقطة 29. ومن شأنه أن يُكسِب لبنان، بموجب خرائط تقنية وعلمية واستناداً إلى قانون البحار، مساحة تزيد 1430 كلم مربعاً على المساحة المفترضة بناءً على الخطّ 23 (أي 860 كلم مربعاً).

وبرز أخيراً "خطّ جبران" (النائب جبران باسيل)، الذي كَشَف عنه في مؤتمر صحافي، وعكس تصوّر رئاسة الجمهورية للخطّ الأفضل لمصلحة لبنان، والقائم على إهمال الخطّين 1 و23، والاتفاق على خطّ جديد بين خطّ Hoff والخطّ 29، على أن "يعيد ترسيم خطّ هوف خبراء دوليّون، ويُتَّفق مع شركة أميركية متخصّصة". وقال باسيل: "يأخذ هذا الخطّ بالاعتبار نسبة تأثير (لجزيرة تيخيليت) بين 0 أو 100%، مؤدّياً إلى حفظ حقل لإسرائيل (كاريش)، وحفظ حقل للبنان في البلوك 9، المفترض تسميته خطّ قانا".

وفيما تعديل المرسوم 6433، الذي يطالب به الجيش (الخطّ 29)، يضع حقل "كاريش" ضمن المنطقة المتنازع عليها، مؤدّياً تلقائيّاً إلى وقف أيّ نشاط نفطي إسرائيلي في هذه البقعة، فإنّ "خطّ جبران"، الذي طرحه باسيل، يسلّم منذ بداية التفاوض بأنّ "كاريش" ملكية إسرائيلية، على أن يُحفظ حقّ لبنان في البلوك رقم 9. وهنا تكمن خطورة هذا الطرح لأنّ الجيش يعتمد استراتيجيةً تستند إلى بدء التفاوض من الحدّ الأقصى، مدعّماً بدراسة بريطانية ودراسة أخرى للعقيد الركن في الجيش اللبناني مازن بصبوص ودراسة للخبير نجيب مسيحي.

وفيما تعديل المرسوم 6433، الذي يطالب به الجيش (الخطّ 29)، يضع حقل "كاريش" ضمن المنطقة المتنازع عليها، مؤدّياً تلقائيّاً إلى وقف أيّ نشاط نفطي إسرائيلي في هذه البقعة، فإنّ "خطّ جبران"، الذي طرحه باسيل، يسلّم منذ بداية التفاوض بأنّ "كاريش" ملكية إسرائيلية، على أن يُحفظ حقّ لبنان في البلوك رقم 9. وهنا تكمن خطورة هذا الطرح لأنّ الجيش يعتمد استراتيجيةً تستند إلى بدء التفاوض من الحدّ الأقصى، مدعّماً بدراسة بريطانية ودراسة أخرى للعقيد الركن في الجيش اللبناني مازن بصبوص ودراسة للخبير نجيب مسيحي.

يُذكر أنّ خطّ هوف، الذي سقط باعتراف أميركي خلال مراحل التفاوض السابقة، يقسّم المنطقة المتنازع عليها عند الحدود البحرية الجنوبية (الخطّ 23 أي 860 كلم مربعاً) بنسبة 55% للبنان، أي نحو 500 كلم مربع، مقابل 360 كلم مربعاً لإسرائيل، أي ما نسبته 45%.

وفي موازاة طرح الجيش، الذي لم يتراجع عنه مع استئناف التفاوض، لوّح العدو الإسرائيلي، أكثر من مرّة، بالخطّ 310 الذي، بتأكيد مطّلعين، هو "خطّ وهمي وللتهويل فقط، وليس له أيّ أساس تقنيّ أو قانونيّ. وهو خط ّعامودي على خطّ الوسط بين قبرص والساحل اللبناني – الفلسطيني، وينطلق من رأس الناقورة، ويعتبر بالنسبة للخبراء الدوليّين خطّاً ساقطاً يصعب جدّاً الدفاع عنه".

المصدر - اساس ميديا

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o