Apr 26, 2021 7:09 AM
صحف

لا جدال في تدبير السعودية... هل يخرج اجتماع بعبدا بإجراءات تُرضي المملكة؟

لفتت صحيفة "الراي" الكويتية الى ان بيروت وجدت نفسها فجأة أمام حقيقة مُرة كانت أدارتْ الظهرَ لها وهي أن المجتمعين العربي والدولي اللذين حدداً شروطاً واضحة لمدّ اليد للبنان لن يتردّدا في سحْب اليد من أزمته المتمادية ما لم يسارع الأطراف المعنية في الداخل إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم في حلّها، وسط ارتسام معادلة «فتّاكة» باتت معها البلاد فعلياً تدفع ثمن التداعيات المباشرة لهذه الأزمة على مختلف مستويات واقعها الداخلي وأكلاف تشظياتها الخارجية.

مع سريان قرار المملكة العربية السعودية بحظْر دخول إرساليات الفواكه والخضار الآتية من لبنان إلى أراضيها أو عبورها منها رداً على «استهدافها الممنْهج» بشحنات مخدرات، تكون «بلاد الأرز» بدأت «تدوس» على ألغام أشاحتْ النظر عن زرْعها في واقعها مع تحوّلها أشبه بـ «مشاعٍ» في الصراع الإقليمي ولم تتوقّع أن «تنفجر بها» في توقيتٍ بالغ الحراجة قطعتْ معه أكثر من ثلاثة أرباع الطريق نحو القعر... القاتِل.

فبيروت وجدت نفسها فجأة أمام حقيقة مُرة كانت أدارتْ الظهرَ لها وهي أن المجتمعين العربي والدولي اللذين حدداً شروطاً واضحة لمدّ اليد للبنان لن يتردّدا في سحْب اليد من أزمته المتمادية ما لم يسارع الأطراف المعنية في الداخل إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم في حلّها، وسط ارتسام معادلة «فتّاكة» باتت معها البلاد فعلياً تدفع ثمن التداعيات المباشرة لهذه الأزمة على مختلف مستويات واقعها الداخلي وأكلاف تشظياتها الخارجية.

وبدا لبنان «مصدوماً» وهو يرصد تَدَحْرُج المواقف الخليجية الداعمة لقرار الرياض بحظْر المنتجات الزراعية الآتية من لبنان و«الخطوات التي تتخذها في إطار جهودها الدؤوبة لمكافحة هذه الجريمة المنظمة» وفق ما عبّرتْ أمس الإمارات بعد كل من البحرين والكويت التي كانت دعتْ أيضاً السلطات اللبنانية «للعمل على ضمان خلو صادراتها من أي ممنوعات تعرّض صادراتها للحظر والمنع»، في ظلّ خشيةٍ كبيرة من أن تحذو دول الخليج العربي حذو الرياض ما لم تبادر بيروت إلى «تقديم ضمانات كافية وموثوقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف عمليات تهريب المخدرات».

ولفت مصدر أأمني لـ"الشرق الأوسط" إلى أنه لا جدال في التدبير الذي اتخذته السلطات السعودية، حرصاً منها على أمنها الاجتماعي وحماية السعوديين والمقيمين على أراضيها من آفة المخدرات، كاشفا أن مسؤولين سعوديين وآخرين من دول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي، لم يتوقفوا عن مراجعة الجهات الأمنية اللبنانية المولجة بمكافحة المخدرات وتحذيرها من استمرار عمليات تهريب المخدرات، وأن المهربين يستخدمون في غالب الأحيان المسالك البرية والجوية والبحرية التي تربط لبنان بالخارج.

ويعقد قبل ظهر اليوم، بدعوة من الرئيس ميشال عون اجتماع في قصر بعبدا، يحضره رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب، ووزراء الدفاع الوطني، والزراعة، والداخلية والبلديات، والخارجية والمغتربين، والمال، والاقتصاد والتجارة، إضافة إلى قادة الأجهزة الأمنية والجمارك، وعدد من المعنيين في القطاع الزراعي من مزارعين ومصدرين.

وموضوع الاجتماع عرض الملابسات التي رافقت القرار السعودي، والإجراءات الواجب اعتمادها لمعالجة تداعياته، والقاضي بمنع دخول الفواكه والخضار اللبنانية إلى أراضيها أو العبور من خلالها..

وعلمت «اللواء» أن اجتماع بعبدا  سيناقش في المعلومات المتوافرة حول ما جرى  ومصدر البضاعة ومعلوم أنها اتت من سوريا  وكيفية وصولها إلى البقاع ومن ثم وضعها في شاحنات مبردة قامت بجلبها إلى مرفأ بيروت ووضعها في حاويات مبردة فضلا عن معرفة التاجر اللبناني المسؤول لاسيما أنه من سوريا لا يمكن تصدير البضائع إلى المملكة العربية السعودية، وبالتالي فإنها صدرت وكأنها بضاعة لبنانية. كذلك فهم أن الاجتماع سيبحث في السبب في عدم  التنبه لما جرى وسيصار إلى الاستماع إلى تقارير الأجهزة الأمنية  واتخاذ  إجراءات كما سيبحث الاجتماع في  كيفية التواصل مع المسؤولين السعوديين للتفاهم معهم على المخارج.

وبإختصار سيصار إلى عرض الوقائع والإجراءات الواجب اتخاذها لاسيما أن أي إجراء خليجي مماثل للإجراء الذي اتخذته المملكة ينعكس سلبا  بشكل كبير على المزارعين والمصدرين.، ومن المقرر أن يحضر الاجتماع وفد منهم للاطلاع على  وجهة نظرهم.

وأفادت صحيفة “الجمهورية أنه في ضوء دخول القرار السعودي بمنع دخول الفواكه والخضار ‏اللبنانية الى المملكة او العبور من خلالها، حيز التنفيذ امس، والاجتماع ‏المقرّر في القصر الجمهوري اليوم للبحث في هذا التطور، قالت مراجع ‏معنية بالتحضيرات الجارية لهذا الاجتماع لـ “الجمهورية”، انّ “هناك ‏سلسلة من الإجراءات سيشدّد عليها المجتمعون، وهي تقضي برفع ‏مستوى الجهوزية على المعابر البرية والبحرية والجوية، لضمان وقف ‏التهريب، والتشدّد في عمليات المراقبة والاستعلام عن الشبكات ‏المحترفة القائمة بالتعاون في ما بين لبنان وسوريا وبلدان مختلفة، ‏ومنها بالطبع الدول التي تستورد الإنتاج اللبناني وتلك التي تستخدم ‏الموانئ اللبنانية لتصدير إنتاجها وبضائعها، بعد انقطاع الخطوط ‏البرية بين مجموعة الدول.‏
‏ ‏
ولا تتجاهل المقترحات المطروحة زيادة التعاون مع دول الخليج ‏العربي، فإذا وجدت شبكات لبنانية للتهريب وتتعاون مع أخرى في ‏العراق وسوريا، فهي تتعاون مع شبكات أخرى في دول الخليج العربي ‏لتسويق المخدرات والممنوعات، وهي عملية متكاملة لا تكتمل سوى ‏بمزيد من التعاون وتبادل المعلومات المسبقة في هذا الشأن، ‏لمحاصرة هذه الشبكات العابرة للقارات والدول. فالمعلومات الواردة ‏من السعودية تؤكّد انّ اكتشاف العملية كان نتيجة معلومات ‏استخبارية مصدرها اجهزة اميركية، حسب تأكيد اكثر من مصدر أمني ‏وإعلامي في المملكة.‏

وفيما تجري اتصالات بعيدة عن الأضواء، في ظل المناشدات الروحية والسياسية للمملكة للأخذ في نظر الاعتبار أوضاع لبنان، لمعالجة هادئة للموقف، بما يخدم استمرار العلاقات المميزة بين لبنان والمملكة، على أن تتشدَّد السلطات الجمركية والأمنية باتخاذ ما يلزم من إجراءات لمنع تكرار عمليات التهريب.

فبخاري، الذي أثار الكشفُ عن أنه غادر لبنان قبل 3 أيام بلبلةً لجهة مدى ارتباط الأمر بقرار بلاده، رغم إبلاغه قناة «ال بي سي اي» انه في «إجازة اعتيادية» وانه «أبلغ الخارجية اللبنانية في هذا الخصوص»، كشف أمس «ان إجمالي ما تم ضبطه من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية التي مصدرها لبنان من مُهرّبي المخدرات أكثر من 600 مليون حبة مخدرة و مئات الكيلوغرامات من الحشيش خلال الست سنوات الماضية»، موضحاً أن «الكميات التي يتم إحباط تهريبها كافية لإغراق الوطن العربي بأكمله بالمخدرات والمؤثرات العقلية وليس السعودية لوحدها».

ويأتي كلام بخاري ليضع المزيد من الضغط على اجتماع بعبدا اليوم، وسط اقتناعِ أوساط مطلعة بصعوبة تَوَقُّع خروجه بنتائج تُفْضي لمعالجة جذرية لمشكلةٍ عميقةٍ تتناول مجمل وضعية الحدود البرية المتفلّتة والمرافئ البحرية التي لطالما عُرفت بأنها «مخترَقة» بالفساد والتراخي في الرقابة والتي باتت أكثر انكشافاً على عمليات التهريب بعد انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي.

ترى الأوساط عبر «الراي» الكويتية أن ملف الحدود صار بمثابة «المنشار» الذي «يأكل صعوداً ونزولاً» من سمعة لبنان وما تبقى من أموال لـ «الدولة المفلسة»، لافتةً إلى أنه بعدما كبّدت «الحدود السائبة» بيروت مليارات الدولارات بفعل عمليات تهريب السلع المدعومة إلى سورية، فان هذه الحدود، ونتيجة تحوّلها «مقراً رئيساً» لمعامل تصنيع المخدرات (خصوصاً الكبتاغون) وممراً لهذه المواد إلى دول أخرى، تجعل البلاد تخْسر آخِر النقاط في رصيدها المتآكل تجاه الخارج وعشرات الملايين من الدولارات من صادرات هي بأمسّ الحاجة إليها لتصفيح القعر المفتوح.

وبحسب هذه الأوساط فإن ملف الحدود بات أكبر من أي معالجاتٍ داخلية كما أن أي حلول «موْضعية» له لن تكون كافية ولا «شافية» لتهدئة «العين الحمراء» الخليجية على تحوّل لبنان منصة لتهريب المخدرات، لافتة إلى هذا الملف محكومٌ بتوازُن سلبي يشكّله اعتباره من المجتمع الدولي أحد مرتكزات عنوان الإصلاح ووقف الهدر (عبر التهريب والتهرب الجمركي) في مقابل تعاطي «حزب الله» معه على أنه من عُدّة قطْع خطوط إمداده العسكري و«تقطيع أوصال» قوس النفوذ الإيراني الى المتوسط.

وإذ برزت في الساعات الماضية عملياتٌ عدة قامت بها الأجهزة الأمنية والجيش وشملتْ إحباط تهريب مواد كانت في طريقها الى سورية وضبْط مصنع كبتاغون في البقاع ومصادرة كميات من المخدرات في أكثر من منطقة ومنْع تهريب 69 سورياً عبر البحر الى قبرص، في ما بدا محاولةً ولو متأخرة لـ «تصحيح الصورة» يتعيّن تتَبُّع المدى الممكن أو «المسموح» أن تأخذه، كانت الهيئات الاقتصادية تدين «بشدّة إدخال المخدرات الى السعودية»، مبدية «قلقها الشديد لتداعيات القرار السعودي القوية على المستويين الاقتصادي والاجتماعي في لبنان»، واصفة إياها بـ «الكارثة الكبيرة التي تهدد عشرات آلاف العاملين في القطاع الزراعي» ومطالبةً «الدولة بتحمل المسؤولية واتخاذ إجراءات صارمة وشفافة لمنع استخدام لبنان كمنصة لتهريب المخدرات الى السعودية أو لأي دولة في العالم، حفاظاً على سمعة لبنان ومصالحه».

روكز: أما في موضوع حظر صادرات لبنان من قبل بعض الدول العربية، فقد طالب روكز الحكومة ومجلس النواب بتأمين مراقبة للصادرات، وأضاف: "فالسعودية بالنسبة الينا هي المدى العربي، ويجب ان يكون هناك حرص على تنظيم هذه العلاقة وتنقيتها من الشوائب، وهذه مسؤولية الحكومة التي عليها تنظيم العلاقة التجارية والدبلوماسية والأمنية".

قاطيشا: من جهته رأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» وهبة قاطيشا، في حديث لـ«الراي»، أن «الاخوة السعوديين والكويتيين وجميع العرب يعتبرون لبنان الأخ المدلل، ووصولهم إلى هذه الدرجة من الطلاق معنا يعني أن الحقّ لا يقع عليهم بل علينا، كوننا لم نستطع أن نبني دولة وأن نحمي ساحتنا، والأذية عندما تأتي من الأخ المدلَّل الذي دائماً يرعونه ستؤدي إلى رد فعل قاسٍ وصعب، ولذلك كان رد فعل المملكة قاسياً على اللبنانيين وخصوصاً الفئة المحرومة منهم وهم المزارعون، لكن لا يمكن لوم السعودية فالحق يقع علينا، أرضنا أصبحت سائبة، بلدنا مشلّع، دولتنا لم تعد موجودة».

وعمن يقف خلف تجارة المخدرات في لبنان أجاب: «مَن يسيطر على الساحة اللبنانية ويلغي وجود الدولة، وهو تحالف التيار الوطني الحر وحزب الله ومعهما النظام السوري، وبالطبع إيران موجودة بواسطة حزب الله. ويمكن أن بينهم مَن هو غير مسؤول عن تجارة المخدرات، اذ لا أعتقد أن التيار الحر متورّط بذلك، إلا أنه يغطّي عدم وجود الدولة وعمل حزب الله والنظام السوري. فعندما تصل الفواكه من سورية وتُصدَّر عبر لبنان يعني أن الأخير لم يعد موجوداً كدولة. ومَن يتحكم بالساحة هم المهرّبون وسلطات الأمر الواقع الموجودة على الحدود وفي المرفأ وغيرهما. ففي ظل الحصار على سورية تعتبر الأخيرة أن لبنان ساحة مستباحة».

علوش: توازيا لفت نائب رئيس «تيار المستقبل» مصطفى علوش، لـ «الراي»، إلى أنّه «من المؤكد أن المملكة العربية السعودية تمارس حقها في الدفاع عن مجتمعها، ومن واجب السلطات اللبنانية أن تمنع التهريب من أراضيها حرصاً على المصلحة الوطنية والاقتصاد اللبناني، ففي الوقت الذي يناضل لبنان للحفاظ على بعض الدخل لتأمين الواقع المزري الذي يعيشه البلد، على الدولة واجب منع هذه الشبكة التي لا يبدو أنها محدودة بل متواصلة مع شبكات سياسية وأمنية وميليشيوية".

وعما إذا كان يخشى أن يمتد القرار السعودي إلى دول عربية أخرى أجاب «نعم، إلى الآن 3 دول خليجية أيّدت القرار السعودي، التأييد لا يعني بالضرورة أن تتماثل، لكن على الأقل من الناحية النظرية تأييد هذا القرار قد يؤدي إلى مضاعفة الضرر».

وعمن يتّهم بالوقوف خلف عمليات التهريب قال علوش: «أولاً لا بد من التأكيد أن هناك مجموعة ميليشياوية في لبنان تمارس هذا النوع من الأمور، وقد اتُهمت وأصبحت مشهورة على المستوى الدولي، فعلى مستوى أميركا اللاتينية تمارس هذا النوع من الأمور، وهناك أيضاً منظّرون يتحدّثون عن أن التهريب من أجل المقاومة وحماية الممانعة ليس خطأ. في المقابل هناك معامل للكبتاغون يرعاها حزب الله في المناطق التي احتلها داخل سورية، واذا لم تتمكن الدولة اللبنانية أو رفضت القيام بما يلزم، أتهم مباشرة سلطة الأمر الواقع، حزب الله في هذه القضية».

عبود: وزير الصناعة السابق فادي عبود رأى أن "علاج التهريب يتطلب رقابة أفعل"، وسأل: "كم من مؤسسة جمركية في العالم لم تستخدم بعد أجهزة "السكانر" لتنظيم المراقبة؟"، مطالبا الحكومة عبر "الأنباء" الإلكترونية "باستقدام آلات سكانر من خلال القطاع الخاص لتركيبها على المعابر الحدودية"، وأضاف: "للأسف نعرف الأسباب التي تمنع تركيب مثل هذه الآلات لمراقبة التهريب، وهو لا يتناول فقط موضوع المخدرات بل هناك التهرب الجمركي"، داعيا الى "وقف العمل بالإجراءات التقليدية وإعتماد الحواجز النقالة لأن المهرب يعرف كيف يتجاوز الحاجز الثابت".

اسحق: عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جوزيف اسحق أعرب لـ "الأنباء: الإلكترونية عن "السخط من تحويل لبنان الى ممر لتهريب المخدرات"، واصفا ما جرى "بالمهزلة والإستخفاف بحقوق اللبنانيين وبالأخص بالمزارعين الذين تشكل أسواق الخليج بالنسبة إليهم المدى التجاري".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o