Apr 25, 2021 10:46 AM
مقالات

لبنان على خط الاتفاق الإيراني-الأميركي: مناورة باسيل للنجاة

كتب منير الربيع في صحيفة "المدن":

يترقب لبنان احتمالات الوصول إلى إتفاق إيراني أميركي. اتفاق يفرض المزيد من الضغوط الخارجية المرحلية، على غرار قرار المملكة العربية السعودية بوقف استيراد الخضار والفاكهة من لبنان، بسبب تهريب المخدرات. الخطوة سياسية وليست فقط إجرائية أو تقنية.

باسيل والحريري وحزب الله
وأي اتفاق بين واشنطن وطهران، سيفرض معادلات سياسية جديدة، ربما تخرج من سياق سياسة المحاور والأحلاف. بعض التقديرات السياسية تشير إلى أن لا الأميركيين ولا الروس يريدون استمرار الانقسامات على أساس الأحلاف والمحاور. ومن الواضح أن هناك دولاً عديدة تعتبر حيادية أو غير منضوية في الانقسامات الكبرى التي تلعب أدواراً رئيسية. هذا الأمر ينعكس في لبنان من خلال العلاقة بين حزب الله والرئيس سعد الحريري. وهي علاقة يراقبها جبران باسيل بعناية تامة. وقد قال في مجالسه أكثر من مرّة بأنه يستغرب الموقف الأميركي والعربي منه بسبب علاقته مع الحزب، بينما الحريري يرتبط بعلاقة أقوى ومصلحة أكبر مع الحزب نفسه.
لا شك أن هناك مشكلة أساسية تواجه جبران باسيل، خلفتها زيارة الحريري إلى الفاتيكان بعد موسكو. أي بعد زيارة عاصمتي الأرثوذكس والكاثوليك. ما يؤدي إلى خلق أجواء تتعارض مع توجهات التيار الوطني الحرّ ومصلحته. أمر حاول باسيل وسيستمر في الالتفاف عليه من خلال إثارة ملفات محاربة الفساد وما يتعلق بها.
لكن الخلفية السياسية الأساسية تنطلق من طرح سؤال أساسي عن حقيقة موقف الحزب في هذه المرحلة. وهل يريد الحفاظ على الحدّ الأدنى من التوازن في لبنان وتحمل المسؤولية مع الآخرين، بالوصول إلى تسوية، أم أنه سيعيد مجدداً اعتماد سياسة "كرمى لعيون جبران"، وبالتالي تحوّل لبنان إلى دولة فاشلة، ما سيؤدي إلى تحميل الحزب مسؤولية مضاعفة عن ذلك، وأول من سيحمله المسؤولية هم حلفاؤه. هذا سؤال حقيقي وجدّي مطروح ويدرس بعناية.

خيارات إيران
ينطلق السؤال من فكرة انتفاء الحاجة لاستمرار طهران في مواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية. فما الذي سيفيدها التحالف الذي تنتجه لمواجهة سياسة الضغط الأقصى التي تمارسها واشنطن؟ والذي على أساسه قدمت وبدّت العلاقة مع باسيل وغيره. أما بحال حصول الاتفاق فستكون الحاجة إلى الاستفادة من العلاقات السياسية الدولية التي تتمتع بها مختلف القوى. وبالتالي بماذا سيفيد باسيل مجدداً إيران وحزب الله؟ ومن الذي يفيدهم أكثر؟ سعد الحريري أم باسيل؟
صحيح أن سياسة المحاور عملت على تقوية التحالف بين حزب الله عون، ولكن مع انتهاء سياسة المحاور لن يعود للتحالف أي حاجة بالمعنى الاستراتيجي بالنسبة إلى الحزب. إنما سيكون بحاجة إلى أصدقاء مستعدون لعلاقات جيدة مع مختلف القوى. وبالتالي بماذا سيفيده باسيل الذي لا يتمتع بأي علاقات جيدة لا مع أميركا ولا مع أوروبا. ربما مفاعيل هذا التحالف ستنتهي بعد تفعيل الاتفاق الإيراني الأميركي.
السؤال الأساسي هو من الذي يريد لبنان دولة فاشلة؟ علماً أن هذه الدولة تقع ضمن النفوذ الإيراني المتقدم. وهل هذا يتوافق مع التوجهات الدولية وخصوصاً الأوروبية والأميركية؟ هناك من يراهن على تغيير الحزب لموقفه في المرحلة المقبلة. وهذه نقطة أساسية يعرفها باسيل أو يضعها في احتمالاته. خصوصاً بحال تكررت مجدداً صيغة التسويات الدولية التي حصلت في العام 1990، أو في مرحلة التهدئة السعودية الإيرانية أيام رئاسة محمد خاتمي للجمهورية الإسلامية. في حينها كانت العلاقة ممتازة بين حزب الله ورفيق الحريري. وهنا سيكون التيار الوطني الحرّ وباسيل أمام سؤال مصيري: ما الذي يجب فعله لمواكبة مثل هذه التسوية وعدم الخروج منها بخسارة مدوية.

الإمساك بالتفاوض الحدودي.
تحت هذه الطروحات كلها يمكن وضع الموقف الذي أطلقه باسيل بالأمس، خصوصاً بما يتعلق بمعادلة تشكيل الحكومة. إذ يبدو واضحاً أن باسيل يريد الاستفادة من الموضوع لإعادة تعويم نفسه عبر الحريري، الذي عرف كيف يعوّم نفسه سياسياً بالمواجهة مع باسيل. وأيضاً بالطرح الجديد الذي قدمه باسيل بما يتعلق بملف ترسيم الحدود، معتبراً نفسه المرجعية الأساسية في هذا الملف. في محاولة منه للالتفاف على الجيش وقائد الجيش تحديداً، واقتراح توسيع الوفد وترؤسه من قبل ممثل عن رئيس الجمهورية، وضم إليه ممثل عن رئيس الحكومة والوزارات المعنية بالإضافة إلى عسكريين.
هذا الطرح من شأنه أن يعيده مع رئيس الجمهورية إلى طاولة التفاوض مع الأميركيين بشكل خاص، وإنطلاقاً من ملف أساسي اعتبره سبباً رئيسياً لفرض العقوبات عليه. والنقطة الثانية والأهم بهذا الملف، هو اقتراح توسيع الحدود ليس بالضرورة إلى الخطّ 29 إنما أقل منه، طموحاً بتعزيز حصة لبنان، وتالياً إنشاء شركة دولية كبرى تعمل على استخراج النفط وتوزيع عائدته على الطرفين المعنيين، أي على لبنان وإسرائيل معاً، لحلّ أي مشكلة بينهما. هذه الفكرة التي تقدم بها باسيل كانت "المدن" قد كشفت عن وجودها في شهر أيار من العام 2015 بمقال تحت عنوان: "مفاوضات ساترفيلد: فصل النفط عن سلاح حزب الله".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o