Mar 30, 2021 3:49 PM
مقالات

الوقت الضائع على رصيف الانتظار...

المركزية- كتب أديب ابي عقل:

يثبت المسؤولون في لبنان يوماً بعد يوم أنهم ماهرون و"شاطرون" في ممارسة سياسة رصيف الإنتظار، وأنهم غير قادرين او -على الأصح- لا يجرؤون على اتخاذ قرار داخلي حرّ وسيّد باستنفاد ما تبقى من الوضع المهترىء والفاسد سياسياً واقتصادياً، وإن كان هشاً على المستوى الأمني نتيجة إرادة دولية مانعة للإنزلاق الى "الخربطة" الأمنية تحت أي اعتبار.

والدليل الدامغ الى ذلك هو تأليف الحكومة العالق ضمن مربعات خلافية، تبدأ في بيروت لتمر في طهران وتصل الى باريس وأوروبا ، تحت أنظار أميركا و"الحسابات " الروسية في المنطقة. وما شد الحبال القائم بين رئيس الجمهورية وفريقه المُقَرّب والحليف من جهة، والرئيس المكلف وفريقه المقرّب والحليف أيضاً من جهة ثانية ، سوى انعكاس لعدم وضوح المسار الإقليمي-الدولي المتصل بملفات المنطقة، ومحاولة كل طرف معني تحسين وضعه وتحصين شروطه تمهيدا للمرحلة التفاوضية الجدية .

فمطلب المجتمع الدولي، الذي مثَّله بقوة التحرك الفرنسي المباشر للرئيس إيمانويل ماكرون، واضح  الإتجاه نحو إبعاد السياسيين عن القرار التنفيذي، خصوصاً وان  الغالبية العظمى من هؤلاء متورطة في الفساد والصفقات التي تزكم رائحتها الأنوف، والإتيان بأشخاص اختصاصيين، غير حزبيين وغير متحزبين، لإطلاق مهمة وضع خطة إنقاذ والبدء سريعاً في التنفيذ.

وما تمت الموافقة عليه من جميع قادة الأحزاب وممثليها في قصر الصنوبر، وتراجع البعض لاحقاً تحت عناوين وتفسيرات عدة، أبلغ دليل الى سلوك هؤلاء، الذي يشير الى أن الأوضاع الخارجية لا تزال في عنق الزجاجة.

ويشي تقطيع الوقت الحاصل راهناً بطروحات يومية تتناول التشكيلة العتيدة، وكلام عن حقوق وصلاحيات، بأن الأمور لا تزال في مربع الخارج الذي يسعى المسؤولون فيه لرصد بوصلة التوجهات الدولية بهدف تحديد كيفية التعاطي مع المرحلة . وهذا ما يضع لبنان على رصيف انتظار القرار الخارجي بالإفراج عن الحكومة، فيما  يُفتَرض أن يكون هذا القرار داخلياً، ويستطيع أن " يتناغم" مع الايقاع الخارجي . فعندما يُعطى الضوء الأخضر للداخل، تصدر مراسيم التشكيل في ساعات ، ويكون صاحب المخرج الرئيس نبيه بري، مع أرنب من أرانب الحل التي يقتنيها لكل مشكلة. 

عندما كان الرئيس نجيب ميقاتي يواجه مشكلة تأليف حكومته في عهد الرئيس ميشال سليمان انعكاساً لوضع إقليمي متوتر آنذاك، مرَّت شهور، كما هي الحال اليوم. الا ان وفي بعد ظهر أحد الأيام وصل الرئيس بري الى القصر الجمهوري ووضع بين يدي الرئيس سليمان اقتراح تأليف حكومة ثلاثينية بالتوزيع الطائفي وليس بالأسماء، على الشكل الآتي: سبعة وزراء للسنة، خمسة للشيعة، وستة للموارنة، ما أثار تعجب رئيس الجمهورية الذي سأله بما معناه هل هو يدري ما يقترحه، فاجاب: "فخامة الرئيس اتكل على الله". وصدرت مراسيم التأليف بعد نحو ساعة.

لذلك، بعدما بات واضحاً ان لا "أرنب" حل راهناً، فليعمل المسؤولون على الأقل على تمرير المرحلة بهدوء وبالحد الأدنى ، لمساعدة الناس في تمريرها أيضاً. وبدلا من  الكلام الكبير عن مشاريع وخطط وقوانين لمحاربة الفساد وإجراء الإصلاح، وهي كلها لا تزال حبراً على ورق، فلتنفذ خطوات عملية كالقبض على من يهرّبون المواد الغذائية والمحروقات المدعومة من امام الشعب اللبناني الى الخارج، وهم ظاهرون للعيان ويجاهرون على وسائل الاعلام بما يقومون به. بذلك فقط يستطيع المسؤولون التكفير عن تقصيرهم ويبقى لدى اللبنانيين بصيص أمل في امكان قيام دولة يحلمون بها ويتوقون اليها.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o