Mar 27, 2021 6:58 AM
صحف

أين الحكومة؟ عون وفريقه يلقون المسؤولية على الحريري.. الأخير لن يعتذر وينسّق مع برّي

بلغ الملف الحكومي نقطة الاستعصاء على اي مسعى او محاولة للتقريب بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، والتطورات التي تسارعت في الايام الاخيرة، واحتدمت فيها حرب المنابر والمراسلات بين بعبدا وبيت الوسط، وسّعت الهوة بين الشريكين في عملية التأليف، الى حدّ باتت فرضية تفاهمهما على حكومة في ظلّ الانشقاق السائد بينهما شبه مستحيلة، ما لم تبرز إرادة ما، من مكان ما، أقوى من هذا الانشقاق، وتفرض تضييقه وإعادة ضبط مسار البلد في على سكة الإنفراج.

وعلى الرغم من تمترس الرئيسين عون والحريري كل على ضفّته المواجهة للآخر، وكشف كلّ منهما اوراقه بالكامل، بحيث بات معها كل منهما اسير موقفه وشروطه، فإنّ الوقائع المرتبطة بالملف الحكومي، التي تسارعت في الساعات الثماني والاربعين الماضية فرضته بنداً اول على أجندة المواكبة الدولية، جرى التعبير عنها في الحراك الديبلوماسي العربي والغربي، الذي حضر بزخم غير مسبوق في المقرات الرسمية والسياسية المعنية بملف تأليف الحكومة، والقاسم المشترك بينها التحذير من الاسوأ، ومحاولة الدفع في اتجاه وضع تأليف هذه الحكومة على نار حامية، وكسر حلقات التعطيل التي منعت ولادة الحكومة الجديدة منذ استقالة حكومة حسان دياب قبل ثمانية اشهر.

في هذا الوقت، كشفت مصادر مواكبة عن كثب للوقائع المرتبطة بالملف الحكومي لـ»الجمهورية»، انّ استدعاءات السفراء، وإن كانت لم تحقق الهدف المتوخّى منها لمن سعى اليها، الّا انّها اعادت ملف التأليف الى ما قبل المربع الاول، واكثر من ذلك، كان لها المفعول المعنوي الملحوظ في بيت الوسط، إضافة الى انّها زادت من تمسّك الرئيس المكلّف بورقة التكليف التي يسعى الشريك الآخر في التأليف وفريقه السياسي ان ينتزع هذه الورقة من الحريري، الذي اعاد التأكيد على ما مفاده : «ان كان ثمة من يعتقد بأنّ الرئيس المكلّف في وارد الاعتذار، وانّه سيرضخ لضغوط معينة تقوده الى الاعتذار، فهو مخطئ كثيراً، فموقف الرئيس المكلّف النهائي سبق ان اكّد عليه وهو متمسّك به، وعبّر عنه في بيانه الواضح الذي جاء رداً على الرسالة التلفزيونية التي وجّهها الرئيس عون الى الرئيس المكلّف، ومفاده ان يعتذر في حالة وحيدة، وهي عندما يستقيل رئيس الجمهورية».

وسط هذه الاجواء، تبقى الحكومة جامدة عند نقطة السلبية، ويبرز في هذا السياق تأكيد الرئيس بري على انّه آن الأوان لأن تتشكّل الحكومة. وهو في هذا الإطار قد طرح مبادرة حدّد فيها طريق الوصول الى هذه الحكومة بما ينسجم مع مطالب اللبنانيين، وكذلك بما ينسجم ايضاً مع المبادرة الفرنسية عبر حكومة اختصاصيين لا سياسيين. وهذه المبادرة ما زالت تشكّل معبر الحل الحكومي. الّا انّ العائق الأساس امام هذه المبادرة، كما امام امكان تشكيل حكومة، هو إصرار رئيس الجمهورية وفريقه السياسي على الثلث المعطّل في الحكومة. ويُنقل عن الرئيس بري في هذا المجال، تأكيده انّ «طريق الحل واضح، وإن ازيح الثلث المعطّل من طريق الحكومة، تتشكّل هذه الحكومة فوراً».

وبحسب "اللواء" تحدثت معلومات عن تنسيق جرى بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري وعين التينة، ولا سيما في ما خص حرص الرئيس نبيه بري، بعد الجلسة التشريعية الاثنين على تحريك مبادرة ضمن ثوابت ثلاث:

1-   رئاسة الحريري للحكومة.

2-   أخذ هواجس الأطراف ولكن من دون ثلث معطل.

3-    التمسك بوزراء لا حزبيين، ومن أهل الاختصاص.

ورجحت المصادر بحسب "نداء الوطن"  ان الخلاف يدور حاليا على حقيبتي الطاقة والداخلية اللتين يحاول الفريق الرئاسي الحصول عليهما،فيما يعارض بقية الاطراف هذا الامر. ولا تستبعد المصادر ان تتوالى الاتصالات والتحركات لاحداث خرق باتجاه الحلحلة ولاسيما من قبل البطريرك الماروني بشارة الراعي تجاه الرئاسة الاولى، بالتزامن مع تحركات رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي باشر تحركاته بهذا الخصوص، ولم تستبعد المصادر ان يزور رئيس التيار الوطني الحر بري قريبا للبحث بملف الازمة الحكومية.

وبالتوازي مع ذلك، فإنّ المقرّبين من عون و«التيار الوطني الحر» يلقون المسؤولية على الحريري، ويحمّلونه مسؤولية تعطيل الحكومة، معتبرين انّه يخشى ان يؤلّف الحكومة لأنّه يتعرّض لضغط سعودي يمنعه من تشكيلها. الّا انّ هذه المقولة مرفوضة في الجانب القريب من الحريري، الذي يعتبر إدخال السعودية في هذا الامر ينطوي على محاولة هروب من المسؤولية وتغطية على تعطيلهم للتأليف.

ويقول مقرّبون من «بيت الوسط» لـ«الجمهورية»: «لن ندخل في سجال مع هذه الفرضيات الخيالية، ولكن طالما انّهم يقولون انّ الرئيس المكلّف غير قادر على تأليف حكومة، فليحشروه في الزاوية، وليتنازلوا عن شرط الثلث المعطّل، وساعتئذ إن تمنّع عن تشكيل الحكومة تصحّ مقولتهم، وعندها يتحمّل الرئيس المكلّف تبعات هذا التمنّع. ولكن حقيقة الامر غير ذلك وهم يعلمون ذلك، ويدركون أنّ الحكومة في هذه الحالة ستتشكّل فوراً، وهذا ما لا يريدونه، لأنّهم يريدون حكومة بثلث معطّل ليتحكّموا فيها وبقراراتها، ومن اجل ذلك هم مع الأسف يتحدّون الإجماع الدولي ومطالبة اللبنانيين بتشكيل حكومة، وبالتالي كما هو واضح سيُبقون البلد مجمّداً، ومعطلاً، من اجل وزير وتحقيق مكاسب آنية ضيّقة».

توازياً مع سلسلة التحركات الديبلوماسية، برزت أمس الاول زيارة الرئيس المكلّف سعد الحريري الى بكركي وتناوله العشاء الى مائدة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، والتي، اي الزيارة، اعتُبرت في اوساط سياسية مختلفة بالغة الدلالة، لناحية وقوف المرجعية الروحية المسيحية الى جانب الحريري، في الوقت الذي تشهد علاقته نفوراً وقطيعة مع المرجعية الرئاسية.

وبدا الرئيس الحريري امس شديد الأرتياح لزيارته لبكركي بما عكس ضمنا التوافق وأجواء التفهم المتبادل التي سادت اللقاء بينه وبين البطريرك الراعي، علما ان الحريري لا يزال متمسكا بمعايير تشكيلته الحكومية ورفضه الثابت حصول أي فريق على الثلث المعطل. وثمة معطيات تحدثت عن امكان ان يستأنف البطريرك مساعيه في صدد الازمة الحكومية 

هذا البعد لم يغب ابداً عن المجريات الأخذة بالتأزم الشديد على كل الصعد والتي اذا كانت لعبت دوراً محورياً محركاً لتحرك السفراء، فانها حضرت بقوة حتى في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى حيث بدا بمكان ما، كأن حكومة تصريف الاعمال تستعجل الحكم اطلاق سراحها من الأسر القسري ! اذ ان رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب وفي مطالعة سياسية مسهبة عزا اشتداد المأساة الحالية الى "الواقع السياسي الاستثنائي الذي ما زال يحول دون تشكيل حكومة جديدة تتصدى لهذه الظروف من خلال استئناف ورشة الإصلاحات وبالتالي التفاوض مع صندوق النقد الدولي على قاعدة هذه الإصلاحات وانطلاقا من خطة الحكومة المستقيلة".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o