Mar 11, 2021 6:03 AM
صحف

لا إختراق في جدار الأزمة الحكوميّة السميك

 عودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت لم تقترن امس باي حركة تنبئ بكسر القطيعة بين بعبدا وبيت الوسط على رغم ان اوساطا عديدة ترقبت امكان قيام المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم بزيارة لبيت الوسط ولقاء الرئيس الحريري، لاطلاعه على صورة المخرج الذي يعمل عليه لحل معضلة تأليف الحكومة الجديدة.

ولكن بدا من المبكر توقع إيجابيّات في الملف الحكومي خصوصا ان المعلومات المتوافرة لـ"النهار" تشير إلى أنّ الرئيس المكلّف سعد الحريري لم يتبلّغ رسميّاً حتى مساء امس أيّ مبادرة في هذا السياق، مع الإشارة إلى أنّ لقاءً كان جمعه باللواء ابرهيم قبل نحو أسبوعين وجرى فيه تداول المستجدات السياسية على نحو عاديّ؛ لكن لم تكن قد وُلدت حينذاك أيّ تفاصيل حول مبادرة لا تزال بالنسبة إلى "بيت الوسط"، لا تحمل صفة رسميّة حتى الآن، بل يتمّ التعبير عنها في المجالس السياسية، فيما تجدر الإشارة إلى أنّ جدول أعمال الحريري لم يكن يتضمن امس أيّ لقاء مرتقب مع ابرهيم.

في المقابل، تشير المعلومات الى أن أجواء المبادرة وتفاصيلها وصلت إلى بعبدا على أساس انها تتضمن عدّة نقاط: أوّلها، تشكيل حكومة من 18 وزيرأً. وثانيها، حصول رئيس الجمهورية على 6 وزراء في التشكيلة الحكوميّة على طريقة (5+1)، أي مع إضافة الوزير الممثّل للطائفة الأرمنية إلى حصّة بعبدا. وثالثها، أن يتوافق كلّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلّف على إسم وزير للداخلية يُدرج ضمن حصّة بعبدا (5+1). ورابعاً، أن تتوافق الرئاستان الأولى والثالثة أيضاً على إسم وزير للعدل يُدرج ضمن حصّة الرئيس المكلّف.

وفي تطور بارز يتصل بالحضور الروسي في التعامل مع الازمة اللبنانية يقوم وفد من "حزب الله" برئاسة رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد بزيارة موسكو الاثنين المقبل لاجراء محادثات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف في الشأن الحكومي اللبناني والوضع الاقليمي، بعدما التقى لافروف الرئيس الحريري في ابو ظبي امس.

ورجّحت المصادر عبر جريدة "الأنباء" الالكترونية "سقوط اقتراح اللواء ابراهيم بأن تكون حقيبة الداخلية من حصة الرئيس عون على أن يوافق الرئيس المكلّف سعد الحريري على تسمية الوزير الذي تُسند اليه، فيما تكون وزارة العدل من حصة الحريري، الأمر الذي يرفضه عون ومن ورائه التيار الوطني الحر الذي هدد بحجب الثقة عن الحكومة، ما يجعل الحريري محرجا بتأمين الثقة لحكومته بعد تزايد عدد النواب الذين لن يصوّتوا عليها وأبرزهم التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في ظل الضبابية التي تحيط بموقف كتلة الوفاء للمقاومة، لا سيما في ظل حرج الحريري من مشاركة حزب الله".

من جهة أخرى، أشارت مصادر سياسية مطلعة عبر صحيفة "اللواء" إلى أن  أي لقاء بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف لم تنضج ظروفه بعد دون أن يعني أنه ليس مرجحا خصوصا إذا كان البحث سيتصل بطرح حكومي معين لكن ذلك غير واضح بعد. وقالت المصادر إن المناخ لا يزال غير سليم وبالتالي المسألة غير سهلة حتى أن الحركة الحاصلة قد لا تخرج بنتائج إيجابية ما لم تحظَ بموافقة كلية من رئيس الحكومة المكلف الذي يردد ثوابته بشأن حكومة الاختصاصيين تعمل للإنقاذ مكررة القول أن الرئيس الحريري في آخر إطلالة له من قصر  بعبدا تحدث عن وزراء من دون صبغة سياسية بهدف الانفتاح الدولي على لبنان. واعتبرت أن الأيام المقبلة قد تكون كفيلة بتظهير نتيجة طرح اللواء ابراهيم متخوفة من أن تضيع أي فرصة محتملة لخرق الجمود الحاصل والمراوغة القاتلة للملف.

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" أنّ حركة اتصالات مكثفة جرت في الساعات التالية لعودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت، وخصوصاً بين بيت الوسط وعين التينة، وكذلك توازت مع حركة وساطات بين الأطراف المعنية بملف التأليف لتبريد الجبهات السياسية ووقف الحملات الاعلامية التي تساهم في صب الزيت على نار الخلافات العميقة بين الاطراف، وخصوصاً بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. وأشارت الى انّ الأجواء غير مقفلة كلياً، وبالتالي فإنّ الجهود منصبّة لتحقيق خرق سريع في الجدار الحكومي المقفل في غضون ايام قليلة. يتوج بداية بزيارة يقوم بها الرئيس المكلف الى القصر الجمهوري في وقت قريب جدا، خصوصاً ان اجواء الاتصالات التي سادت على اكثر من خط خلال الايام القليلة الماضية بدأت توحي بليونة في المواقف خلافا لما كان عليه الحال خلال الاسابيع الماضية.

واكدت مصادر ديبلوماسية لـ"الجمهورية" أنّ باريس كانت حاضرة بثقلها خلال التطورات الأخيرة التي شهدتها الساحة اللبنانية، عبر مروحة اتصالات على جانبي الخلاف الحكومي، تواكبت مع اشارات اميركية بالغة الاهمية وَرَدت في الساعات الاخيرة تحضّ على مبادرة اللبنانيين الى التوافق سريعا على حكومة مهمة انقاذية واصلاحية بصورة عاجلة وبلا ابطاء. والاجواء نفسها اكدها وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف للحريري في ابو ظبي قبل يومين.

وفي سياق متصل، أكدت مصادر أوروبية في بيروت لـ"الشرق الاوسط" إصرار باريس على التمسُّك بمبادرتها الإنقاذية، وأنها تواصل اتصالاتها بالأطراف اللبنانيين وبالمجتمع الدولي وتحديداً الولايات المتحدة وروسيا، وبالتالي فهي تضغط على عون - باسيل للسير قدماً إلى الأمام لتسريع ولادة حكومة مهمة من 18 وزيراً، فيما تلقّت قيادة "حزب الله" أكثر من نصيحة - بحسب المصادر النيابية - للعب دور إيجابي وضاغط انطلاقاً من تبنّيها لمبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وغمزت المصادر النيابية من قناة عون لجهة استمراره في لعبة توزيع الأدوار مع باسيل الذي يرفض، حتى لو أُتيح لرئيس الجمهورية تسمية 6 وزراء في الحكومة من بينهم الوزير المحسوب على حزب «الطاشناق»، أن يمنح الثقة للحكومة، وهذا ما يسمح له فور ولادتها للجوء للمزايدة الشعبوية بذريعة أنها فاقدة للميثاقية بامتناع حزب «القوات اللبنانية» عن منحها الثقة بغياب حزب «الكتائب» عن البرلمان باستقالة نوابه منه.

وقالت إن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم يتحرك تحت سقف المبادرة التي طرحها بري، وأكدت أن عون يصرّ على تسمية الوزير الذي سيشغل وزارة الداخلية، وهذا ما يلقى معارضة داخلية ودولية وإقليمية، خصوصاً أن الحملة المبرمجة التي تستهدف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان هي من إعداد الفريق المحسوب على عون وتياره السياسي عزّزت الاعتقاد السائد بعدم إعطائه الداخلية، خصوصاً أن إسنادها إلى مقرّب منه سيتيح له ملاحقة عثمان بخلاف الوزير الحالي العميد محمد فهمي الرافض ملاحقته التي تنطوي على كيدية سياسية.

لذلك، فإن حل العقدة المتمثلة بوزارة الداخلية يمهّد الطريق أمام ولادة الحكومة التي أصبحت أكثر من ضرورة، إلا إذا سارع عون وفريقه السياسي إلى ابتداع عقدة جديدة غير مرئية من شأنها أن تعيق تشكيلها.

وعليه، فإن تأخير تشكيل الحكومة لن يقف عائقاً أمام انعقاد جلسة تشريعية مقررة غداً الجمعة تُخصّص للتصديق على القرض الدولي للبنان وقدره 246 مليون دولار، على أن يصار إلى زيادة المبلغ المقرّر للعام الحالي بـ29 مليون دولار.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o