Feb 19, 2021 12:39 PM
خاص

المنظومة تكفّ يد صوان: اغتيال للحقيقة وللرهان على القضاء
لا حلّ الا بتدخّل خارجي يفرض تحقيقا دوليا في جريمة العصر

المركزية- مع ان كل المؤشرات التي سُجّلت على خط التحقيقات في جريمة انفجار المرفأ، منذ لحظة إصدار المحقق العدلي في القضية القاضي فادي صوان، ادعاءاته في الملف.. دلّت على ان الامور ذاهبة في الاتجاه السلبي، نحو كف يده، كونه تجرّأ على الذهاب بعيدا في قراراته مدّعيا على شخصيات سياسية، وتمرّد على النهج اللبناني التقليدي بـ"لفلفة" الجرائم... الا ان اعلان محكمة التمييز الناظرة في ملف نقل الدعوى المقدم من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، موقفها في هذا الشأن، واصدارَها قرارا قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الأساس قبول طلب نقلها من يد صوان وإحالتها  الى قاض آخر يعين وفقا لنص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية... كان له وقع "الصاعقة" على الرأي العام المحلي.

بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، ما جرى يشكّل انتكاسة كبيرة للبنانيين كلّهم الذين اصاب منهم الانفجار استشهادا او مقتلا او تشريدا او صدمة (...) وقد راهن مَن خرج منهم حيّا في ذلك اليوم المشؤوم، على شجاعة القضاء، لينتفض لهم ولحقوقهم وللقاضي صوان، بعد ان التفّت حوله المنظومة السياسية برمّتها، فالتقى ألدّ المتخاصمين على تقليم أظافره، لاعتبارات طائفية ومذهبية تارة ولاتهامه بالانحياز تارة اخرى وبتجاوز الحصانات النيابية طورا. فأتى موقف "محكمة التمييز" ليخذلهم ويصب النار على زيت جراحهم التي لم تندمل بعد، مكرّسا سطوة السلطات السياسية على الجسم القضائي، تاركا اللبنانيين لقدرهم الاسود ولسان حالهم "اذا لم يأخذ لنا القضاء حقّنا، وينتقم لنا، فمَن الذي سيفعل"؟

المصادر تلفت الى ان، وبعد الطعنة النجلاء التي تلقّاها اللبنانيون والتحقيقاتُ في آن، لا بد من الانتقال بالبحث سريعا، الى الـ"ما بعد". التحدي هنا يقع على القوى المعارِضة، السياسية والشعبية. فالمنظومة السياسية حقّقت مرادها وتمكّنت من وقف قطار التحقيقات الذي كان سيقود ولو بعد حين، الى تركيب الرواية الكاملة لـ "انفجار العصر"، من لحظة انطلاق باخرة الموت المحملة بالنيترات الى بيروت، وتحديد اصحابها (وقد أفيد في الايام الماضية انهم مقربون من النظام السوري)، مرورا بإنزالها في مرفأ العاصمة، وكشف الجهات التي استخدمت الامونيوم الذي كان مخزّنا فيه، وصولا الى محاسبة كلّ من عرف بوجود متفجّرات في قلب العاصمة من دون ان يحرّك هذا الواقع المخيف، فيه ساكنا. وبعد ان تأكّد امس، وبما لا يرقى اليه شك، مدى قدرة هذه المنظومة العنكبوتية على التأثير في القضاء وحتى التلاعب به، اكان عبر المحسوبيات او عبر الترغيب والتهديد، بات التعويل على عدالة تأتي من الداخل ضربا من الغباء.

وعليه، لا بد من الانعطاف نحو المجتمع الدولي والاممي لطلب المساعدة. فمنذ اسابيع قليلة، وفي ذكرى مرور 6 اشهر على زلزال 4 آب، كان دبلوماسيو العواصم الكبرى كلها، من الشرق الى الغرب مرورا بأوروبا، يتسابقون على المطالبة بتحقيق عادل وشفاف في القضية وبمحاسبة الفاعلين سريعا بعيدا من التسييس. فهل سيقفون اليوم في موقع المتفرّج على أركان السلطة، ومَن زرعوهم من "أزلام" في السياسة والقضاء والامن، يطمسون بدم بارد الجريمة ويدوسون على آلاف الضحايا والمصابين والمشردين وعلى عاصمة مدمّرة؟ ألن يبادروا الى انقاذ الشعب من المتواطئين عليه، قبل ان يتحوّلوا هم ايضا الى متآمرين عليه، خاصة وأن عدم المسارعة الى تقديم العون لشخص او شعب "محتاج"، يُعتبر جريمة تحاسب عليها القوانين؟ بات الحضور لا بل التدخل الدولي الفاعل في لبنان، أكثر من ملحّ. فتماما كما تم كفّ يد صوان عن التحقيقات، المطلوب كفّ يد المنظومة عن المقامرة بمصير لبنان شعبا واقتصادا ومالا وحكومة. وعملية الانقاذ هذه، يمكن ان تتخذ من مطلب البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، تدويل الملف اللبناني، منطلقا لها، فيتم تأليف لجنة تقصي حقائق دولية في جريمة المرفأ ويصار الى فرض تأليف حكومة اصلاحات فورا.. فهل سيهب مَن عبّروا منذ آب، عن وقوفهم الى جانب الشعب اللبناني، لتحرير هذا الشعب - الرهينة من جلّاديه؟

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o