ماكرون يطير وشينكر "يغط" ..ترقب لموقف واشنطن
الاستشارات..الحزب لحكومة تدرك الواقع السياسي والحركة: التوقيع الشيعي امر مبدئي
اديب: حكومة اختصاصيين تعيد الثقة والحريري: آخر تضحية مني

المركزية- على ارض الوطن المنهوب المُشلع المنكوب، يحط مسؤول دولي ويطير آخر. كلهم يسعون لانقاذ لبنان الا مسؤوليه. الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طار الى العراق، الشقيق التوأم للبنان في واقعه السياسي، علّ الوصفة التي قدمها لوقف الانهيار تداوي "العليلَيْن"، بعدما ادى قسطه لبنانياً. هو أمنّ التكليف وحدد برنامج عمل الحكومة ووزع الفروض، ولم ينقص الا تسمية الوزراء، ليعود بعد ثلاثة اشهر في ساعة "الثواب والعقاب"، فإما يهنئ بانتهاء المرحلة الاولى من الامتحان او يستخدم سيف العقوبات الذي لوح به. هذه المرحلة عنوانها انقاذي اصلاحي يوفر اذا ما سار كما يجب مصداقية للداخل والشعب المنتفض والخارج الذي يترقب الاصلاحات ليمد بالمساعدات. اما المرحلة الثانية، فتفيد اوساط دبلوماسية "المركزية" انها ستنتقل الى ما هو اهم لمعالجة الازمة في العمق، مسببات وخلفيات، وترسم خريطة اعادة بناء الدولة، آنذاك قد يصبح الامر متاحا مع جلاء الضبابية التي تغلف الانتخابات الاميركية والتوجهات في الاقليم.

شينكر: غادر ماكرون بيروت واعدا بالعودة في كانون، بعد ان أعطى الافرقاء السياسيين مهلة الاشهر الثلاثة لاثبات حسن نواياهم تجاه تشكيل حكومة تلتزم الاصلاح والانقاذ. ولم يكد يترك الساحة المحلية، حتى وصل اليها موفد اميركي. فديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لشؤون الشرق الأوسط، يبدأ زيارة للبنان ابتداء من مساء اليوم تستمر حتى الجمعة، ستساعد في تبديد الضبابية التي تسود الموقف الاميركي من التسوية الحكومية الفرنسية - اللبنانية. فهل واشنطن ستفصل بين غطاء القوى السياسية ومنها حزب الله، للحكومة الجديدة، وتتعاطى معها  على اساس أدائها اصلاحيا واقتصاديا؟ على الارجح، الاميركيون ذاهبون في هذا الاتجاه. ففيما لن يزور الدبلوماسي اي مسؤول سياسي في موقف واضح يدل الى فقدان الثقة باداء السلطات اللبنانية، تبدو واشنطن ستعطي"مع تحفّظ"، "فرصة" للحكومة على قاعدة "لحاق الكذاب عباب الدار" وفق ما توضح مصادرسياسية مطلعة ، علما ان شينكر يقلل من حظوظ نجاحها في المسار الانقاذي، اذ قال منذ ساعات "شارك (حزب الله) في حكومات عديدة، وهو مثل الكثير من القوى السياسية في لبنان ليس مهتماً بالإصلاح. إنه يفضل الوضع الراهن ويهتم بالاستمرار في الدفاع عن الإيرانيين، ومهتم بالاستمرار في عدم دفع تكلفة الجمارك التي توفر عائدات للدولة، إنه جزء كبير من المشكلة، لذلك يقف في وجه الإصلاح. لكن مرة جديدة أقول: إن المبادئ هي التي تهمنا في تشكيل الحكومات".

تمسك بالمال؟ في الغضون، انعقدت في عين التينة اليوم، الاستشارات النيابية غير الملزمة التي يجريها رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب. ولدى سؤال الرئيس المكلف عن شكل الحكومة: "سنتكلّم في نهاية النهار". في المواقف، الجميع ابدى استعداده للتسهيل ولم يضع شروطا او يطرح مطالبا بل على العكس. وتبقى العبرة في التنفيذ. ورداً على سؤال عن تمسك الرئيس نبيه بري بوزارة المال، اجاب الناطق باسم التنمية والتحرير النائب انور الخليل: "لم يعلن بري تمسكه بأي شيء". لكن في المقابل، قال النائب ايوب حميد للـLBCI في موقف لافت، عن التمسك بالتوقيع الشيعي في وزارة المال: "هذا امر مبدئي، والرئيس المكلّف ملم بالواقع اللبناني".

الحزب: من جهتها، أعلنت كتلة "الوفاء للمقاومة"  انها تدرك صعوبة المرحلة ودقة الظرف الذي نمر به. وقال رئيس الكتلة النائب محمد رعد: "لم نتحدث عن تفاصيل شكل الحكومة وأردناها أن تكون فاعلة منتجة ومتماكسة تدرك الواقع السياسي الذي تتحرك فيه وحاجات الشعب اللبناني وما يستفزّه وما يطمئنه". وأضاف: "تمنينا أن تؤخذ ملفات مكافحة الفساد بعين المتابعة والرعاية لأن الاصلاحات تحتاج الى مكافحة الفساد وتقويم الاوضاع في الجانب المالي والاقتصادي يحتاج الى رقابة دقيقة في هذا المجال". وشدد رعد على ان "الثوابت الوطنية للكتلة واضحة"، وتابع: "التزامنا بالدستور وبميثاق الوفاق الوطني أيضاً واضح ونحن جاهزون للتعاون الى أبعد مدى تحت هذه السقوف".

القوات: من جهتها، ابلغت كتلة "الجمهورية القوية" الرئيس المكلف مصطفى اديب خلال الاستشارات النيابية عدم مشاركتها في الحكومة، قائلة: "لن نقدم أي أسماء وأكدنا ضرورة أن تكون مؤلفة من اختصاصيين مستقلين". وقال النائب جورج عدوان: "المطلوب من الحكومة أن تحيد نفسها عن الصراعات ونحن بحاجة للتحقيق بجريمة المرفأ باشراف وتنسيق وتعاون مع لجنة دولية".وأضاف: " لم نشعر أمس بالعنفوان والسيادة عندما سمعنا رئيس دولة، حتى ولو كان صديق،ا يتوجه لنا بهكذا كلام والادارة السيئة والفساد هما ما أوصلانا الى هكذا كلام".

باسيل والمداورة: وقال النائب جبران باسيل باسم تكتل "لبنان القوي": المطلوب تأليف حكومة فعلا قادرة أن تنجز الإصلاحات ولا مطالب لنا ولا شروط، كل ما نريده النجاح في تنفيذ قرارات الاصلاح. نقبل بكل ما يتفق عليه الآخرون، المهم انجاز حكومة قادرة على العمل ونتمنى ان يكون هناك مداورة في الوزارات، إذا وافق الجميع على المداورة بالوزارات يكون ذلك جيدا للبنان ولكن المهم الا تسلك المداورة خطا واحدا". أضاف: "قدمنا وثيقة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون والاولوية اليوم للموضوع المالي الاقتصادي وإصلاح كل ما تهدم ومن هنا يجب الإسراع بتأليف الحكومة". وقال: "الأولويات كثيرة والبرنامج الحكومي يجب أن يكون شاملا ويطاول كل القطاعات والمؤتمر الدولي الذي دعا اليه ماكرون هو مناسبة لالتزام لبنان الإصلاح والتزام المجتمع الدولي مساعدة لبنان".

المستقبل: من جهتها، تمنت كتلة المستقبل تشكيل حكومة اختصاصيين سريعا لأن البلد لا يملك ترف الوقت. وقالت النائبة بهية الحريري باسم الكتلة بعد لقاء الرئيس المكلف "بيروت تتصدر دائما الاولويات وخصوصا بعد انفجار المرفأ".

التكتل الوطني: في الموازاة، أكّد "التكتل الوطني" بعد لقائه رئيس الحكومة المكلّف، "ضرورة تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن".وتابع: "ليس لدينا أي شروط ومن المعيب التحدث بمنطق الحصص في هذا الظرف و"عيب ع يلي بيطالب بحصص"، متمنياً "على الرئيس المكلف أن يسمّي هو وزراء الوزارات الحساسة وعلى رأسها وزارة الطاقة".

سأرحل اذا: من جهته قال النائب جميل السيد ان الرئيس المكلف قال لي انه اذا لم تركب الحكومة بالشكل الذي أراه سأرحل.

مقاطعة: في المقابل، أعلن النائب نهاد المشنوق أنه قرر مقاطعة الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة. ولفت الى أنه سيعقد مؤتمرا صحافياً خلال الأيام المقبلة لشرح الموقف.

حكومة اختصاصيين: اما اديب فقال عقب الاستشارات: بعد الاستماع لكل الآراء رأيت ان القواسم المشتركة اكثر من نقاط الخلاف التي يمكن ان تحلّ بالحوار، ونأمل تأليف حكومة بسرعة تنكب على معالجة الملفات الداهمة وسننطلق من مبدأ ان الحكومة يجب ان تكون من اختصاصيين تعمل على استعادة ثقة الداخل والخارج، مشددا على ان الوقت للعمل وليس للكلام "وتفاءلوا بالخير تجدوه".

كلام كبير: على خط آخر، وفي مضمون المداخلة التي قدمها الرئيس سعد الحريري خلال لقاء قصر الصنوبر السياسي ونشرت "المركزية" نصها، كلام كبير جدا لرئيس الحكومة الاسبق. اذ قال لكل الموجودين حول هذه الطاولة، أن أي تأجيل في تشكيل الحكومة، أو أي محاولات سياسية لفرض اشخاص فيها، أو حتى أي عرقلة لبرنامج الاصلاحات هذا بعد تشكيلها، فإنني سأسحب يدي بالكامل.واضاف: إن عدم الاصلاح سيؤدي إلى القول أن الرئيس الذي تم اختياره قد فشل، وأن مسؤولية الفشل هو على من اختاروه، ولا أرى سببا لماذا سنقبل نحن رؤساء الحكومات السابقون تحمل مثل هذه المسؤولية. من جهتي، أنا متعاون لتحقيق نجاح كبير جدا في هذه الاصلاحات، وفي الوقت نفسه، لن اتحمل مسؤولية افشالها، في وقت هناك من يحاول القضاء علي سياسيا.  ليكن واضحا، أنني لست خائفا على نفسي، وبصراحة لا يهمني مصيري السياسي، بل انا خائف على البلد وعلى مصير اللبنانيين. وخاطب جميع الموجودين على الطاولة، قائلا "التسمية التي حصلت أمس، لم يكن اي شيء يجبرني عليها، لا سياسيا ولا سنيا.  انا ضحيت بالكثير، وليكن واضحا أنها المرة الاخيرة التي اضحي فيها.  واذا كان هناك من لا يريد مواكبة هذه الفرصة، فهي ستكون آخر مرة، وعندها لا يلوم إلا نفسه.  لأن الناس هذه المرة ستأكلنا أكلا. ثم توجه الى ماكرون قائلا:  تعرف انني اريد نجاح مبادرتك لكني لن اتحمل مسؤولية تقاعس بعض الفرقاء في تشكيل الحكومة وفي تحقيق الاصلاحات.  خاصمت الكثير من الناس لبنانيا ودوليا، وفعلت ذلك ليس من أجل سعد الحريري، ولكن من اجل اللبنانيين، بمن فيهم اولئك الذين يشتمونني اليوم". 

المطارنة: وسط هذه الاجواء، أكد المطارنة الموارنة "أن الآباء ينتظرون من رئيس الحكومة المكلف الاسراع في تأليف حكومة انقاذية بعيدة عن الانتماءات الحزبية والسياسية مع ضرورة منحها صلاحيات استثنائية للازمة لتتمكن من القيام بالاصلاحات ومكافحة الفساد والنهوض الاقتصادي"، وسجّل الآباء بعد اجتماعهم الشهري في الديمان "بارتياح التأييد الوطني والشعبي المتزايد لنداء البطريرك الراعي الداعي الى اعتماد لبنان الحياد الناشط والحياد هو ضمانة الاستقرار السياسي ومصدر النمو الاقتصادي".

البابا فرنسيس: الى ذلك، طلب البابا فرنسيس يوم صلاة وصوم في العالم من اجل لبنان في الرابع من ايلول لمناسبة مرور شهر ٍعلى انفجار مرفأ بيروت. وسيوفد أمين سر دولة الڤاتيكان الكاردينال پارولين لبيروت يوم الجمعة، علما ان نائبة وزير الخارجية الايطالية ايمانويلا ديل ري ستزور بيروت غدا تحضيرا لزيارة رئيس الحكومة جيوسيبي كونتي ويتناول جدول اعمالها لقاءات مع المسؤولين حول الوضع السياسي وافق المساعدات الدولية للبنان.

سيمنز: من جهة ثانية، اطلع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من وزير الطاقة والسفير الألماني ووفد من شركة "سيمنز" على قرار الشركة "مساعدة لبنان في تحسين قدرة معمَلي الزهراني ودير عمار، وزيادة إنتاج الطاقة من دون أي كلفة على الدولة اللبنانية، وذلك لتأكيد وقوف ألمانيا و"سيمنز" إلى جانب لبنان بعد كارثة انفجار مرفأ بيروت.