رئيس الجمهورية غاضب مثل الشعب: انا العماد ميشال عون تعرفونني...
عدّاد الشهداء يرتفع الى 154 ومفقودون تحت الانقاض واحتضان دولي
19 موقوفا في الملف واللبنانيون يرفعون انقاض "اقترافات" المسؤولين في بيروت
المركزية- لا يمكن لزلزال بيروت، لا بل لبنان، ان يمر على السلطة السياسية والمنظومة الحاكمة من دون مفاعيل. تعاطيها مع الكارثة التي اقترفتها "من بعيد لبعيد" يشي بأن شعورا بالخطر يتملكها. فهل بات الرحيل قريبا والتغيير الحقيقي على وشك التحقيق؟
غياب الدولة عن الميدان مقابل الحضور الشعبي العفوي الذي يبقى الامل الوحيد المتبقي للبنان الغد، ابلغ ادانة للمسؤولين من رأس الهرم الى اسفله. مهما قالوا ومهما برروا ومهما حاولوا ابعاد التهمة عنهم سيبقون في عيون اللبنانيين " متورطين واكثر..." الى ان يثبت العكس. لم يعد اي لبناني باستثناء، المغمضة عيونهم ومن عماهم الولاء السياسي المصلحي يثق بما يقولون او يفعلون. ذنوبهم باتت اكثر من ان تحصى وخطاياهم لا تغتفر.
ليس في الدولة الغائبة من يواسي الشعب، والانكى ان المسؤولين ما زالوا يطلون عليهم بالمناظرات التلفزيونية يتنطحون ويهددون بالويل والثبور ومحاسبة المرتكبين، وكأنهم غير معنيين بما جرى، فيما لا تزال الجثث تحت الانقاض، والجراح تنزف. دول العالم في اقاصي الارض هبّت للنجدة واغدقت لبنان بالمساعدات، لكن المساعدة الوحيدة التي ينشدها اللبنانيون ازالة "الكابوس الحاكم" عن حياتهم.فهل من يفعل؟
السيادة والتحقيقات: على وقع ارتفاع عدد شهداء زلزال 4 آب الى 154 وانتشال جثث اضافية من موقع "الجريمة" ولفظ طفلة تبلغ من العمر الـ3 سنوات انفاسها مستسلمة امام الجراح التي أصيبت بها جراء التفجير، وغداة تجلّي الغضب الشعبي العارم من السلطة خلال زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تحدث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للصحافيين متطرقا الى التحقيقات والمحاسبة وسواها. فقد أكد أن "الشعب اللبناني غاضب جراء ما حصل في مرفأ بيروت وأنا غاضب مثله"، لافتا الى أننا "نعمل لإظهار الحقيقة للشعب اللبناني خصوصا وأن الرأي العام يتغيّر ويتجه نحو الابرياء"، مؤكدا أن "التحقيق سيشمل المسؤولين المباشرين، والعزاء لا يكون إلا بتحقيق العدالة والعدالة ستقوم بواجباته". وقال: "انا العماد ميشال عون تعرفونني بالحرب وبالسلم ولا احد يستطيع ان يدفعني باتجاه الخطأ ولا احد يستطيع أن يمنعني عن كشف الحقائق". واكد ان "أبواب المحاكم ستكون مفتوحة أمام الكبار والصغار"، معتبرا أن "الحكم لا معنى إذا طال والعدالة المتأخرة ليست بعدالة ويجب أن تكون فورية ولكن دون تسرع". وقال عون: "تفجير 4 آب فك الحصار وستبدأ عملية اعادة الاعمار بأسرع وقت وانا اقترحت تقسيم المناطق المتضررة واشراف كل دولة على منطقة وبيروت ستعود اجمل مما كانت". وأوضح رئيس الجمهورية أن "التحقيق في حادثة 4 آب يرتكز على 3 مستويات: أولا على كيفية دخول هذه المواد المتفجرة وتخزينها في العنبر رقم 12 والثاني ما اذا كان الانفجار نتج بسبب الاهمال أو حادث قضاء وقدر والثالث هو احتمال أن يكون هناك تدخل خارجي أدى الى وقوع هذا الحادث". ولفت الى أن "هناك مساعدات دولية ذات قيمة ستصل الى لبنان ومخطط اعادة الاعمار في طريقه الى التنفيذ". وشدد عون على أنه "مش ع ايامي بينمس بالسيادة." وختم "يمكن الذهاب الى حكومة وحدة وطنية ولكن هي بحاجة الى تمهيد وتوافق."
احتضان خارجي: في الغضون، حركة الاحتضان الخارجي للبنان مستمرة. ففي وقت اعلنت المفوضية الأوروبية ان الجهات المانحة للبنان ستجتمع عبر الفيديو الأحد، يزور أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بيروت السبت. اما "ا. ف. ب" فأعلنت ان رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال يزور بيروت السبت ايضا. كما تدفقت مساعدات طبية وغذائية ومالية لبيروت من كل حدب وصوب. واعلنت السفارة الاميركية ان حكومتنا تتعهد بأكثر من 17 مليون دولار كمساعدات للمتضررين، في حين وصلت طائرتان سعوديتان الى مطار بيروت، ومساعدات اماراتية وايرانية وقطرية... وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: سنقف إلى جانب لبنان وشعبه بكل ما نملك. وطلبت منظمة الصحة 15 مليون دولار للاحتياجات الطارئة بعد انفجار بيروت.
السراي يوضح: وليس بعيدا، صدر عن المكتب الإعلامي في رئاسة مجلس الوزراء البيان الآتي: "مرة جديدة تحاول بعض الجهات إلحاق الضرر بلبنان من خلال ترويج شائعات أن الدولة اللبنانية رفضت مساعدات من بعض الدول. إن هذه الأخبار كاذبة ومضللة وتهدف لقطع الطريق على المساعدات التي تقدمها دول العالم للبنان. إن لبنان يرحب بأي مساعدة من الدول الشقيقة والصديقة ومن كل المؤسسات في العالم، ويتوجه إليها بالشكر العميق على وقوفها إلى جانبه في هذه الكارثة التي أصابته".
استجوابات: في شق المتابعة القضائية، عقد اليوم اجتماع بين فريق خبراء التحقيق الفرنسيين ومدعي عام التمييز للاطلاع على سير التحقيقات وخطة العمل. وافادت معلومات صحافية ان عدد الموقوفين بملف انفجار مرفأ بيروت ارتفع الى 19 ويجري في هذه الأثناء التحقيق مع المدير العام السابق للجمارك شفيق مرعي. وقالت مصادر ان مفرقعات نارية كانت موجودة في العنبر حيث كانت هناك نيترات الامونيوم في المرفأ.
نجم تنفي: من جهتها، نفت وزيرة العدل ماري كلود نجم الخبر الذي تناقله عدد من وسائل الإعلام، ومفاده أن وزيرة العدل رفضت مثول المدير العام للجمارك أمام جهاز أمني للتحقيق معه على خلفية الإنفجار الذي وقع في مرفأ بيروت."
غياب رسمي: على الارض، تفقد قائد الجيش العماد جوزف عون طواقم البحث والانقاذ المحلية والدولية في مرفأ بيروت، في موازاة استمرار أعمال الاغاثة والعثور على المفقودين جراء فاجعة الانفجار الذي وقع يوم الثلثاء، فيما واصل اللبنانيون من كل المناطق والجمعيات والمنظمات غير الحكومية وبمبادرات فردية اعمال رفع الاضرار وكنسها من الشوارع المدمّرة، وسط غياب واضح للاجهزة والمؤسسات الرسمية المعنية.
المرافئ: من جهة ثانية، تفقد كل من وزيري الاشغال العامة والنقل ميشال نجار والصناعة عماد حب الله، مرفأي صيدا القديم والحديث وذلك في اطار الجولة التي يقومان بها على موانئ الجنوب لتفقد أوضاعها ومدى جهوزيتها وماذا ينقصها من إمكانيات وتجهيزات ليتم استخدامها في الوقت الراهن في خدمات النقل البحري كبديل مؤقت عن مرفأ بيروت بعد الكارثة التي ألمت به جراء الانفجار، وريثما يتم إعادة بنائه وتأهيله. ولفت نجار الى أن "مرفأ صيدا الحديث بحاجة لاعتماد يقدر بنحو أربعين مليون دولار حتى يتم استكمال العمل فيه معولا على التعاون مع القطاع الخاص وكذلك المساعدات الخارجية ولا سيما من الحكومة البريطانية التي أبدت استعدادها في المساعدة بتأهيل وتجهيز الموانىء اللبنانية"، مشيرا الى "أن الوزارة تعد دراسة لتفعيل عمل مرفأ صيدا الحديث".