Jun 24, 2020 3:43 PM
خاص

مكافحة التهريب بتجويع اللبنانيين بدل منعه!

المركزية- أخطأ رئيس الحكومة حسّان دياب حينما أطلق على حكومته  شعار "مواجهة التحديات". ربما كان الأجدى أن يسميها "حكومة الهروب إلى الأمام والتهرب من المسؤوليات". ذلك أن ما دوّن حتى اللحظة في سجل ما يسميه القيمون عليها "انجازات" يمننون المواطنين بها، لم يكن، بحسب ما تقول مصادر سياسية في المعارضة لـ"المركزية" إلا ضربات قاتلة سددت في اتجاه الاصلاحات المنتظرة منذ زمن، كما إلى عملية انتشال لبنان من الكبوة الاقتصادية التي حلت به منذ شهور، وقادت الناس إلى ثورة 17 تشرين (وليس العكس).

وإذا كانت الموضوعية تقتضي الاعتراف للفريق الحاكم والحكومة بأنهما أدركا، وإن متأخرين، أن التسيب المعيب والمخزي والتهريب الجاري على قدم وساق عبر المعابر غير الشرعية عند الحدود اللبنانية السورية واحد من أهم أسباب الانهيار الاقتصادي، فإن ما استتبع ذلك من اجراءات عملية لم يتح الوقت الكافي للتصفيق لهذا الانجاز.

ففي وقت ترمى في البورصة المحلية أرقام مرعبة عن أعداد المعابر غير الشرعية، ما يؤشر إلى أن السلطات الرسمية تعرف مكامنها وتمنع الجيش من إقفالها للأسباب السياسية المعروفة، كشف وزير الاقتصاد والتجارة راوول نعمة العجز المرعب للحكومة عن ضبط الحدود ومكافحة التهريب. ولتحقيق هذا الهدف، اقترح  في زمن البرادات الفارغة والبطالة الزاحفة والفقر المدقع، حلا لمشكلة التهريب أفضل من المس بما يفترض أن يكون خطا أحمر: ربطة خبز المواطن اللبناني، مقترحا إلغاء الدعم على القمح، إضافة إلى رفع الدعم عن البنزين واستبداله بالقسائم الشرائية لذوي الدخل المحدود، فلا يستفيد الاغنياء من الدعم.

وفيما سقط الاقتراح في مهده لأنه يطيح الحكومة ويفجر ثورة جياع حقيقية، يبدو الثنائي الشيعي اول من يواجهها استنادا الى تصاريح وزرائه، فإن توقيت طرحه يبدو مباغتا غداة إعلان وزير الخارجية السوري وليد المعلم رفض دمشق ترسيم الحدود مع لبنان لأن خطوات من هذا النوع تتم بين بلدين عدوين، لا "شقيقين". وتؤكد المصادر ان كلام المعلم ليس "ضربة معلم" لأنه ينطلق اساسا من فرضيات "خنفشارية"، فبأي منطق يعتبر ان ترسيم الحدود لا يتم بين بلدين غير عدوين؟ ان الترسيم هو ادنى موجبات الاوطان التي تحترم سيادتها لانه يحفظ حق الدولتين ويمنع المشاكل التي تنجم عن عدمه، والامثلة اكثر من ان تحصى في لبنان. واضعف الايمان ان تُرسّم الحدود لمنع التهريب واستمرار النظام السوري في امتصاص خيرات لبنان وتدفيعه ثمن خياراته الخاطئة بحيث يتم تهريب الطحين والمازوت المدعوم من مصرف لبنان والعملة الخضراء التي بات وجودها نادرا لكثرة ما هُرب منها الى سوريا. وتعتبر المصادر ان لبنان ما زال حتى اليوم يدفع ثمن اقترافات النظام السوري في حقه والمعتقلون اللبنانيون في سجون النظام خير دليل.

هذه الصورة تدفع بحسب المصادر المعارضة إلى استنتاج واحد: كل ما في المشهد العام يشير إلى أن الحكومة تبدو ماضية في تعويم النظام السوري الغارق في عقوبات "قيصر" وانقاذه على حساب لبنان وشعبه، ولن تمارس ضغطا لحفظ حقها وسيادتها على أراضيها وحدودها، ولوقف عمليات التهريب بالسبل المعروفة. لذلك فهي تحاول تعويض هذا الفشل، بتخفيض النفقات، والمساس بكرامة المواطن وحقه البديهي في المأكل والتنقل، لكن ليس بالحوارات الفضفاضة والاقتراحات الجنونية، يؤمن النجاح، بل بالقرارات الحكيمة والشجاعة... قبل فوات الأوان! 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o