May 04, 2020 2:28 PM
خاص

عدّاد الإنقاذ ينطلق بـ"دعسة ناقصة" هل تصلحها خطة المصارف؟
القصار: "نحن أمّ الصبي"... فلتتمهّل الحكومة ولتأخذ بملاحظاتنا

 

المركزية- على وقع ثورة الشارع وكارثة "الفيروس المستجدّ"، خطت الحكومة خطوتها في اتجاه إقرار "خطة إنقاذية" لامست بطرف حِبرها أدقّ موضوع وأهمّه لشق طريق الإصلاح، هو "استرداد الأموال المنهوبة، فيما أسهبت بالتفصيل المُمِل في الخطوات الأخرى... ليس أبرزها أموال المودِعين التي تخصّ الناس وجنى عمرهم وضمانة مستقبلهم.

في شطبة قلم، استسهلت الحكومة إقرار خطة لم ترقَ إلى المنطق بما يُقنع أصحاب الشأن، بدءاً بعدد كبير ممّن هم في سدّة المسؤولية، مروراً بالقطاع الخاص وصولاً إلى الشعب الذي طالما دفع ثمن السياسات الاقتصادية الخاطئة والمُرتجَلة.

خطة الحكومة الاقتصادية التي ستُطرح على طاولة قصر بعبدا بعد غد الأربعاء، لم تتقاطع مع رؤية المصارف "أمّ الصبي" في كل ما يطال أموال المودِعين وحقوقهم، كونها تتلمّس واقع الأمور على تعقيداته، مما دفع بها إلى التنبيه سلفاً مما لا يُحمد عقباه من قرارات متهوّرة توقع الناس والاقتصاد معاً في المحظور... لكن خطة الحكومة كانت الأسرع في الحصول على إجماع الوزراء وصولاً إلى إقرارها.

المدير العام لفرنسَبنك نائب رئيس جمعية المصارف نديم القصار وضع الإصبع على مكمن الخطورة في إقرار مثل هذه الخطة التي لا تفي بغرض الإنقاذ، وأوضح  لـ"المركزية" أن المصارف ليست ضدّ خطة الحكومة اعتباطياً، بل من مصلحتها أن تضع الحكومة أفضل خطة على الإطلاق.. إنما المصارف هي "أمّ الصبي" وتعي تماماً واقع الأمور أكثر من غيرها...".

من هنا، لفت القصار إلى نقاط عدة وردت في الخطة "لا يلاحظها المستشارون في مراكزهم، كما يراها المصرفيون العاملون على أرض الواقع"، وتابع: من هذا المنطلق نضع الإصبع على الجرح ونصارح الجميع بأن الخطة مضرّة في عدد من البنود المدرَجة فيها، وذلك في مسعىً منا لجعلها خطة أفضل مما هي عليه الآن، وبالتالي لسنا عبثيين".

وقال: لقد سبق وأبلغنا الحكومة أننا كقطاع مصرفي، نحضّر خطة بديلة بل تكميلية، تنجز في غضون عشرة أيام حيث بقي من هذه المهلة سبعة أيام. لكنها استعجلت الأمر وأقرّت خطتها. فمَن انتظر 30 عاماً لم يعد في مقدوره انتظار سبعة أيام فقط للاطلاع على الخطة المصرفية التي قد تكون أفضل!؟

وفنّد القصار أبرز النقاط السلبية الواردة في الخطة، وهي:

تتعارض مع عدد كبير من القوانين.

تمسّ حريّة التعاقد في لبنان وآليّته وحرية الاقتصاد الذي نعوّل عليه، ما يثير التساؤل عما إذا كان اللبنانيون مهيّأين لتغيير نظامهم الاقتصادي جذرياً؟

الـ"هيركات" مطبَّق في حدود 77 في المئة على الودائع التي تفوق الـ500 ألف دولار، أي أن وديعة الـ500 ألف تصبح 200 ألف، أما الـ450 ألفاً فتحافظ على قيمتها... هذه المعادلة غير منطقيّة إطلاقاً. أما نسبة الـ2 في المئة التي لحظتها الخطة فهي تشمل المودِعين أصحاب الودائع التي تفوق الـ500 ألف دولار والذين سيطالهم قرار الـ"هيركات". فكيف يمكن لهؤلاء التفكير مجدداً في العودة إلى لبنان للاستثمار؟!   

كما يجدر السؤال: هل الحكومة مضطرة إلى "تصفير" الخسائر بشطبة قلم؟! إذ من المتعارف عليه أن صاحب الدين يعمد إلى تقسيط دينه، ولا يقوم بتسديده دفعة واحدة عبر تأمين المال ممّن سلّفه الدين!

كيف يتم استرداد الفوائد ممّن دفع ما يستحق عليه من الفوائد ومضى؟! هذا أمر يثير الاستغراب.

كيف الركون إلى أموال صندوق النقد الدولي وهو لم يقدّم للبنان شيئاً حتى الآن!؟

في ضوء كل هذا العرض، ناشد القصار الحكومة "التحلي بالصبر وفرملة هذه الخطة"، منبّهاً من أن يصبح مصير لبنان شبيهاً بفنزويلا إذا تمسّكت الحكومة بتلك الخطة ولم تُعِد النظر فيها.

وكشف أن جمعية المصارف سبق ووزّعت على عدد من النواب "جردة مفصّلة عن سلبيات مسودّة خطة الحكومة، ومدى خطورة تطبيقها، إذ أن غالبية المسؤولين الذي قرأوا الخطة الموضوعة في نحو 70 صفحة، لا يعلمون جيداً تداعياتها الخطيرة على أرض الواقع...".

وإذ دعا الحكومة إلى استمهال جمعية المصارف لتقديم خطتها، قبل المضي في برنامجها الاقتصادي، أكد القصار أن "المصارف لم تطّلع على خطة الحكومة الإنقاذية، خلافاً لما تردّد، بل قرأنا عنها كما جميع اللبنانيين، في الصحف... وذُهلنا بما كُتب".

وخلص إلى القول "نريد إعطاء الحكومة فرصة.. فنحن لسنا ضدّها، بل نتمنى على رئيس الحكومة الذي لا يشك أحد في مناقبيّته وصدقيّته، ألا يعوّل كثيراً على آراء كثرة المستشارين... فالقطاع المصرفي يطلع عن كثب على ما يجري على الأرض، وهو مستعدّ لمساعدة الحكومة في خطة الإنقاذ".   

دعوى قضائية؟ وليس بعيداً، شرح القصار أن "لدى المصارف ودائع تخصّ الناس وُظّفت في سندات خزينة "يوروبوند"، وبالتالي إن لم تسدّدها الدولة للمصارف فلن تتمكّن الأخيرة من تسديدها للمودِعين. لذلك من حق المصارف الحفاظ على أموال المودِعين عبر مطالبتها الدولة بتحصيل الدين عبر الوسائل العديدة المتاحة، بدءاً بالتفاوض والإيجابية... وإذا لم تنجح تلك الطريقة، عندها يتم اللجوء إلى الجهة القضائية. لكننا نفضّل دائماً التفاوض توصلاً إلى آلية تؤمّن أموال المودِعين وحقوقهم وليس أموال أصحاب المصارف... ونأمل ألا نصل إلى السلبية.  

* * *

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o