Mar 14, 2020 1:08 PM
خاص

نصرالله فتح الباب "نصف فتحة" للتعاون مع صندوق النقد الدولي
هذه الخطوات المطلوبة للاقلاع من الصفر في مواجهة الأزمة النقدية

المركزية - يدرك القاصي والداني حجم الأزمات المتداخلة على الساحة اللبنانية التي اختلط فيها الاقتصادي والنقدي بما بالوبائي والصحي، فارتفعت نسبة القلق الى الحدود القصوى حول امكانيات المواجهة من اهل الحكم والحكومة بالنظر الى صعوبة التحديات بامكانات محدودة للغاية، ان لم تكن معدومة قياسا بتلك التي وضعتها بلدية نائية من بلديات الدول المتقدمة.

فليس مستغربا القول ان المعمرين من بين اللبنانيين لا يتذكرون انهم عاشوا مثل هذه الحالات من قبل وسط صعوبة الفصل بين ما قاد اليها ومظاهرها وكيفية معالجتها لئلا يلحق ظلم كبير بالمسؤولين العاجزين عن مواجهة ما هو قائم من وضع استثنائي. ففي زمن وباء "كورونا" العابر للقارات والدول يتفرد لبنان واللبنانيون بمعاناتهم نتيجة الفشل المتمادي في معالجة الأزمات الكبرى في المجالات الإقتصادية والنقدية التي تلاقت مع ما هو وبائي وفي مقدمها كيفية معالجة كلفة سندات اليوروبوند المستحقة منذ التاسع من آذار الجاري والتي زادت من هلع اللبنانيين حول ما هو منتظر من احداث يقال انها أسوا مما نعيشه اليوم.

على هذه الخلفيات يرى مراقبون عبر "المركزية"  ان كل المناشدات اللبنانية بالدعوة الى الحياد و"النأي بالنفس" عن المحاور الكبرى التي تعصف بالمنطقة سقطت. فالوعود التي قطعها المسؤولون منذ سنوات تبخرت بين ليلة وضحاها وما سمي بالرعاية الدولية والمظلة التي تحمي لبنان افتقدت في ليلة البدر الباهر وهو ما كان يتوقعه كثر اتهموا بالشعبوية والتشجيع على اليأس، فسقطت كل الضمانات ومعها التطمينات بان لبنان محصن، الى ان جاءت المتغيرات الاخيرة لتزيد من عزلة لبنان الى حدود فرض الحصار الدولي عليه حتى حدود الإختناق الذي اقترب من الذروة.

عند هذه النقطة بالذات يتوقف المراقبون امام ما عبر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله امس الذي فك عقدة النقاش حول امكان الاستعانة بصندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة والاقلاع بمسيرة الانقاذ من الصفر .

فبعدما نفى نصرالله مضمون ما اطلقه قياديو الحزب من مواقف "تجرم" التعاطي مع صندوق النقد الدولي فتح الباب "نصف فتحة" على امكان ان يتجدد البحث بموضوع التعاون معه على امل النفاذ من زوايا محدودة لفك الحصار المالي المضروب على لبنان بعدما تبين ان ليس من منافذ دولية غير بوابة صندوق النقد الدولي وهو ما وضع حكومة الرئيس حسان دياب امام خيار اضافي يمكن ان يوفر لها مخرجا الى النجاح ولو بشكل محدود.

وانطلاقا مما قد يدفع الى تجدد النقاش حول التعاون مع صندوق النقد، رأى خبير مصرفي عبر "المركزية" ان النقاش السابق مع خبراء ماليين واقتصاديين من المتعاونين مع "الثنائي الشيعي" وفريق "حزب الله" بشكل خاص يدركون بعضا مما يجب القيام به ماليا ونقديا للخروج من المازق على رغم معارضتهم لبعض المخارج السياسية المطروحة فهم اجمعوا على بعض الخيارات المالية والنقدية ومنها:

- ان اي خطة تؤدي الى اطلاق المفاوضات مع حاملي سندات اليوروبوند لا يمكن ان تقلع دون جدول بمواعيد الدفع واعادة برمجة الاستحقاقات المقبلة. فالمشوار طويل وفق برنامج يمتد للسنوات الخمس عشرة المقبلة قياسا على حجم اصدارات السندات الممتدة حتى العام 2035 بما فيها تلك المحددة للأعوام 2023 و2025 و2027 و2030.

- طالما ان عملية اعادة النظر بالسندات ستشكل الاستحقاقات المقبلة منها فان اي خطة توفر الخروج من المازق القائم لا تلحظ كيفية اعادة النمو في الاقتصاد لا طعم لها ولا مردود ايجابيا منها.

- ان اي خطة لا تلحظ السعي الى احياء القطاع المصرفي وانعاشه لا تفي بالغرض فالمطلوب لتمويل الاقتصاد لا يمكن ان يتم سوى عبر القطاع المصرفي وبالشراكة بين القطاعين العام والخاص.

وعلى رغم التوافق على هذه العناصر المالية والعلمية الاساسية يبقى البحث واجبا عن مصادر الأموال والاستثمارات التي يمكن ان تدير هذه المراحل وتغذيها. وهو أمر مرهون بالتفاهم على الخطوات السياسية التي يجب ان تواكبها. فما لم ينجح لبنان بترميم علاقاته العربية والخليجية تحديدا ومع الدول والمؤسسات المانحة،  ستبقى كل المواعيد المرتقبة برنامجا زمنيا لا يرقى الى مراحل التنفيذ. ومرد ذلك الى استمرار الخلاف حول موقع لبنان ودوره السياسي في هذه المرحلة التي تتنافس فيها احلاف دولية قادرة على استخدام كل انواع اسلحتها الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية والتي لا يمكن للبنان ان كان في جانب منها في مواجهة ألآخرين ان يتحمل رذاذها.

وينهي الخبير  المصرفي قراءته للتطورات بقوله ان الجميع يعرف ان وفد صندوق النقد لم يأت الى لبنان بـ "وصفته الجاهزة" التي يخشاها البعض. وهو ترك الباب مفتوحا بعد ان استعرض قراءته للارقام والمعادلات وقدم مشورته للنظر بـ "الخطة اللبنانية" التي تحدد ما يمكن ان يقوم به لبنان او يتحمله ليعطي رأيه فيها. ولذلك ما على اللبنانيين سوى الإسراع بوضع هذه الخطة ليبدأ مشوار التعاون مع الصندوق الذي لا يفرض رايا او خطوة معينة لا يمكن لاي بلد القيام بها رغم معرفة الجميع ان موافقته على اي خطوة هي التي تضيء الضوء الأخضر لجذب الإستثمارات الى البلد المنكوب.

***

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o