Mar 03, 2020 1:56 PM
خاص

لبنان بين فرنسا والسعودية والامارات: هل تجرؤ حكومة دياب؟
باريس تنصح وتوجه البوصلـة: هذا طريق الحل فاسلكوه وإلا

المركزية- "لا مساعدات قبل الاصلاحات". عبارة حفظها اللبنانيون عن ظهر قلب، لكثرة ما ترددت في الداخل والخارج، بحيث لم يعد من لبناني لا يدركها، باستثناء السلطة السياسية الحاكمة، على الارجح. ذلك ان بعد انقضاء شهر ونيف على تشكيل حكومة "مواجهة التحديات" التي وُعد اللبنانيون بأنها ستشكل خشبة الخلاص لعبور البلاد من حال الانهيار الى حقبة الانقاذ، اصطدمت فور نيلها الثقة بمطبات لم تتمكن حتى الساعة من تجاوزها، فأوحت كأنها فوجئت بها استنادا الى ما عكسته طبيعة تعاطيها معها، على رغم طابعها الاختصاصي، لا سيما استحقاق اليوروبوند الذي اقتحمته السياسة في العمق، فانهمكت بالبحث عن حل يقيها شر الحاق "السمعة السيئة" بالبلد الذي لم يعد يملك سوى سمعته المالية امام دول العالم يتغنى بها، ويبدو انه على شفير فقدانها، ما دام القرار يتجه الى عدم التسديد، وفق المسرّب من معلومات.

لم تنجز حكومة الرئيس حسّان دياب اصلاحاً واحدا من حزمة الاصلاحات البنيوية المطلوب تحقيقها داخليا وخارجياً، لا بل ابقت على خطط الحكومات السابقة "الصدئة " التي ارتكزت الى تقاسم المغانم ونهب المال العام، ليس لعدم الرغبة، فهي تسعى بكل قوة الى تلميع صورتها، بل للعجز عن رفض الاملاءات السياسية، خلافا لطابعها الاستقلالي وتجنبا للمواجهة على الارجح. كل القوى السياسية قالت كلماتها في الاقتصاد والمال والسياسة الا الحكومة التي ما زالت تسبر غور اليوروبوند علّها تجد منفذا يجنبها المواجهة مع ارباب السياسة، من دون ان تفلح.

واذا كان بعض اللبنانيين من مناصري الاحزاب والتيارات السياسية يوفرون الذرائع والحجج لعدم انجاز الاصلاحات ويتقاذفون كرة المسؤولية في ما بينهم، فإن الخارج وبخاصة الدول المهتمة بلبنان والراغبة في مساعدته لا تجد ما يبرر هذا التقاعس. فهي تسأل عما يحول دون تحوّل الحكومة الى خلية نحل تعمل ليل نهار، تعد خطط المواجهة وتضع الحلول وتضرب بيد من حديد لفرض الاصلاحات عوض اجتماعها مرة اسبوعياً وكأن البلاد بألف خير.

فرنسا المستاءة جدا من الاداء الحكومي اللبناني، كما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية" لم تخفِ استياءها عن وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتي على رغم الاجواء الجيدة التي سادت لقاءه مع نظيره جان ايف لودريان. فعلى رغم ان البيان الوزاري لم يلاق خطورة المرحلة واستحقاقاتها، ولا موازنة العام 2020 التي تبنتها من دون ان تدخل اي تعديل الى متنها، لم تبادرالحكومة حتى الان الى اتخاذ خطوات اقصر طرقها الكهرباء، ولم تضع قوانين عن المناقصة المفترض ان تنجزها لتأمين الطاقة عبرحل نهائي يرتكز الى انشاء معامل طاقة على الغاز واعتماد الشفافية في مقاربة الموضوع. وقد شدد لودريان في حديثه مع الوزير حتي على وجوب تنفيذ الاصلاحات المطلوبة ولخصها بالاتي: التأكيد على شفافية القضاء عبر التشكيلات المرتقبة بعيدا من المحاصصة والتدخلات السياسية وعبر معايير ومقاييس يضعها مجلس القضاء من دون وصاية او تدخل، وضع خطة لمعالجة الملف البيئي بعد ان شارف على انفجار الازمة تكرارا بفعل بلوغ المكبات الحالية قدرتها القصوى على الاستيعاب، واجراء مناقصة عالمية لمعالجة ملف الكهرباء وضرورة استعجال اجراء مناقصة عالمية لانشاء مصانع لتوليد الطاقة على الغاز عبر شركات عالمية تنفذ عبر نظام B.O.T .وقد ابدت شركات عدة استعدادا للقيام بالمهمة باشراف البنك الدولي.

ان فرنسا، كما تؤكد المصادر، تنتظر ان تباشر الحكومة بمعالجة احد هذه الملفات لتبادر الى تحريك همة الدول المانحة للايفاء بالتزاماتها وتقديم المساعدات المقررة وفق مؤتمر سيدر.."عليكم ان تتحركوا وتتحملوا مسؤولياتكم وستجدوننا الى جانبكم"، قال لودريان لحتي، ناصحاً بسلوك درب صندوق النقد الدولي لان الدولة لا يمكنها تحقيق الاصلاحات وانقاذ البلاد من دون عون دولي. وتشيرفي السياق، الى ان وزيرالمال الفرنسي برونو لومير كان اثار ملف لبنان مع مسؤولين سعوديين واماراتيين اثناء مشاركته في اجتماع وزراء المال لمجموعة العشرين الاسبوع الفائت، فأبدى هؤلاء كل استعداد للمساعدة اذا نفذ لبنان الاصلاحات واثبت اعتماد سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن صراع المحاور الاقليمية والتزم فعلا بنود اعلان بعبدا. وسأل هؤلاء عما اذا كانت حكومة دياب قادرة حقا على هذه الانجازات، والاستعانة بصندوق النقد اول الاختبارات، فهل ستتجرأ على الخطوة في ظل اعتراض حزب الله ؟ ان انقاذ لبنان على المحك تختم المصادر فإما ينقذ نفسه او يهلك بارادة الاحزاب السياسية.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o