الدولة الضائعة" تبحث عن الخيار المالي... نحو عدم التسديـد
تحويل الأموال: توسع في التحقيقـات زمانــاً ومكانــــاً
واشنطن مستعدة لحوار مع إيران "اذا غيرت تصرفاتها "جوهريا"
المركزية- في بحر البحث عن الخيار الصائب للعقدة الكأداء، تغوص الدولة ومسؤولوها. نسدد او لا نسدد الدفعة الاولى من استحقاق "اليوروبوند". لم يبق في محفظة الزمن اكثر من ثمانية عشر يوما لاتخاذ القرار. في الظاهر والمسرب من معلومات عن سبحة الاجتماعات المالية الماراتونية ينحو الاتجاه نحو عدم الدفع، لعدم استنزاف ما تبقى من احتياطي في جعبة الدولة، الا ان المشورة واجب. من صندوق النقد الى المؤسسات الدولية المختصة الى الاستشاريين اللبنانيين. بيد ان خلف عقدة ال"يوروبوند" عقداً وازمات لا تحصى. ماذا عن الاستحقاقات الاخرى المتتالية للسندات؟ وماذا عن الاجراءات الاصلاحية المفترض اتخاذها؟ وماذا عن حزمة الضرائب المرتقبة لمواكبة الاصلاحات التي وعد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اللبنانيين بأنها ستكون موجعة، وهم الغارقون في الوجع؟ وماذا...وماذا؟ اسئلة تكاد لا تجد لها نهاية، تقض مضاجع من تبقى من اللبنانيين في هذا الوطن.
صندوق النقد: عشية وصول وفد صندوق النقد الدولي الى لبنان خلال ساعات، نقلت وكالة "رويترز" عن مصدر "ان لبنان سيدعو 8 شركات الى تقديم عروض لإسداء المشورة المالية مع دراسته خيارات في شأن الدين". واشار المصدر الى "ان هذه الدعوة لا تعني انه قرر إعادة هيكلة الديون لكنها تعني انه يدرس كل الخيارات". وليس بعيدا، كشفت مصادر متابعة للاجتماعات المالية في السراي لـ "المركزية" أن "الاتجاه ينحو إلى عدم دفع الـ 1.2 مليار دولار من الـ"يوروبوندز" المستحقة في آذار المقبل"، مشددة على أنه "الخيار الصائب، ذلك أن في وقت يعاني المودِعون صعوبات في الوصول إلى ودائعهم ومدّخراتهم، يبدو خيار الدفع في غير محله لأن من شأنه أن يستنزف الاحتياطات اللبنانية، في وقت تمارس المصارف سياسة الـ Dumping (البيع الرخيص). وأشارت إلى أن "ما من سبب منطقي يدعو إلى دفع المستحقات للدائنين الأجانب وليس لأولئك اللبنانيين (وجلّهم من المصارف)"، معتبرة أن "المصارف اللبنانية لا تزال تضغط لحضّ الدولة على دفع الدين، وتمارس نوعاً من التهويل على اللبنانيين إزاء الركون إلى احتمال عدم الدفع، علماً أن هذه ليست "نهاية العالم" لأن لبنان ليس البلد الأول الذي يتخلّف عن سداد ديونه الخارجية، ولن يكون الأخير بطبيعة الحال".
وبحسب المعطيات، فإن رئيس الحكومة حسان دياب يعمل مع المسؤولين على اعداد برنامج انقاذي اقتصادي واجتماعي سيعرض أمام وفد صندوق النقد الدولي الذي لن يقدم النصح للحكومة بل سيستعرض وضع الدين واذا كان قابلا للاستيعاب".
بري واعادة الهيكلة: في الاثناء، وخلال لقائه نواب الأربعاء، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري ان "الوضع في لبنان وخصوصا على الصعيدين المالي والإقتصادي لا يحتمل تأجيج التراشق السياسي، انما يستدعي الدفع في إتجاه تعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ التي تستوجب تضافر كل الجهود للتعاون إنطلاقا من المصلحة الوطنية والمسؤولية التاريخية". وفي الشأن المالي والمصرفي قال الرئيس بري: "من غير الجائز أن يدفع اللبنانيون ثمن الأزمة المالية الإقتصادية والمصرفية من خلال عملية إذلال وإقتصاص منظمة لودائعهم وجنى أعمارهم، ومن خلال فلتان الأسعار على السلع الإستهلاكية والحياتية". وأبدى بري إرتياحه لتحرك القضاء لوضع يده على ملف الصيرفة والتلاعب بسعر صرف الدولار من ألفه الى يائه. وفي الشأن المتعلق بإستحقاقات "اليوروبوندز"، أكد "ان إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعده يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل، طالما نصف الدين العام إضافة الى العجز السنوي يأتي من هذا الملف.. ولم يكد بري ينهي كلامه حتى اعلنت تريدويب ان سندات لبنان المقومة بالدولار انخفضت إلى 29 سنتاً بعد دعوته الى اعادة هيكلة الديون.
بين دياب والجمعية: وعشية جلسة مجلس الوزراء المقررة غدا في قصر بعبدا والتي لن يغيب عنها موضوع اليوروبوند وتوجهات الدولة في شأنه، كان ملف "السندات" حاضرا اليوم في السراي في محادثات اجراها دياب مع وفد من جمعية المصارف. وكان دياب استقبل المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش الذي أبدى استعداد الامم المتحدة للتعاون مع لبنان.
فرنسا للاصلاحات: في غضون ذلك، وخلال اطلاق وزير المال غازي وزني وسفير فرنسا لدى لبنان برونو فوشيه في "معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي" برنامج "لقاءات الكوادر العليا في القطاع العام: القيادة في زمن الأزمات"، أشاد وزني بوقوف فرنسا الثابت "إلى جانب لبنان في أزماته السياسيّة والماليّة". اما فوشيه فشدد على أن أهم الإصلاحات التي يحتاج إليها لبنان راهناً هو تعزيز استقلالية القضاء" وإقرار القانون الجديد للشراء العام، و"تعزيز استقلالية الهيئات الرقابية بهدف مكافحة الفساد"، معتبراً أن تنفيذ هذه الإصلاحات سيشكّل "إشارة واضحة إلى المواطنين اللبنانيين في ما يتعلق بإصلاح الدولة.
تحويل الاموال: وسط هذه الاجواء، استقبل دياب المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي أطلعه على النتائج الأولية للتحقيق في تحويل الأموال إلى سويسرا اعتبارا من 17 تشرين الأول 2019، وتم البحث في إمكان التوسع في التحقيقات لتشمل التحويلات المالية إلى الخارج بحيث لا تقتصر على تلك المحولة إلى سويسرا، كما تم البحث أيضا في توسيع الفترة الزمنية التي حصلت خلالها تلك التحويلات. على الخط عينه، أعلنت هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان (مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب) أن "بعد طلب مساعدة قضائية من النائب العام التمييزي لمعرفة حجم الأموال المهرّبة التي تم تحويلها إلى سويسرا، قررنا الطلب من المصارف الإفادة عن حجم المبالغ وعدد الحسابات والعمليات التي حوّلت إلى الخارج".
صرف الدولار: وعلى خط أزمة الدولار وتفلت سعر صرفه في السوق، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على 17 صرافا في مناطق مختلفة من بيروت، بجرم مخالفة قانون الصيرفة، وأحال الملفات الى قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت جورج رزق.
جعجع: في المواقف، اعتبر رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع "ان الرأي العام اللبناني منشغل في هذه الأيام في ما إذا كانت الدولة اللبنانية ستقوم بدفع سندات اليوروبوند ام لا فيما هذه المسألة تقنية وليست مشكلة رأي عام، وعلى المستوى التقني المشكلة لا تكمن في ما إذا قامت الدولة بسداد المستحقات المترتّبة عليها ام لا وإنما يجب ان تكون هناك خطة كاملة متكاملة لكي نتمكن من اتّخاذ القرار في موضوع اليوروبوند"، موضحاً "ان إذا لم يكن لدى الحكومة الحالية خطة متكاملة للخروج من هذا الوضع وقامت بتسديد المستحقات المتوجّبة عليها فهل يمكن ان نقول في هذه الحالة ان مشكلتنا حُلّت؟ بالطبع لا، وإذا تمنّعت الدولة عن الدفع في ظل غياب خطة كاملة متكاملة للخروج من الوضع فهل يمكن ان نقول عن مشكلتنا حُلّت؟ بالطبع ايضاً لا، وتاليا هناك من قزّم الأزمة وحصرها في موضوع الدفع والتمنع عن الدفع فيما هذا الأمر غير صحيح ابداً باعتبار ان على الحكومة ان تتناول الأزمة بكليّتها وان تدرس اوضاع الدين العام والعجز والسيولة والاقتصاد وبناءً عليه يجب ان تضع خطة مبنيّة على تصوّر واضح يأتي القرار بدفع المستحقات المترتّبة في شهر آذار من ضمن هذه الخطة ماذا وإلا عبثاً يحاول البناؤون".
الخارجية اليونانية: على خط آخر، اكد وزير الخارجية ناصيف حتي في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اليوناني نيكوس دندياس، الذي جال اليوم على الرؤساء، أن "النقاش تركز على التعاون الاقتصادي في ظل الاوضاع الصعبة التي يعيشها لبنان". وقال: "استمعنا إلى تجربة اليونان في هذا الخصوص وكيفية تخطيها الازمة...وعرضنا مسألة تعزيز القطاع السياحي وسنبذل ما في وسعنا لدعم القطاعات والحفاظ على الوظائف وكذلك بحثنا في مسألة النفط". ولفت الى ان"جرى نقاش في موضوع التبادل التجاري عبر تشجيع الصادرات اللبنانية". من جانبه، قال دندياس إن "التعاون الثلاثي بين اليونان ولبنان وقبرص له نتائج إيجابية وتوافقنا على استكشاف طرق لتعميق العلاقات الاقتصادية وأبدينا دعمنا للأجندة الاقتصادية للحكومة اللبنانية".
ادلب: اقليميا، أعلن الكرملين ان تنفيذ عملية عسكرية تركية ضد قوات الحكومة السورية في منطقة إدلب سيكون أسوأ سيناريو. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في تصريحات للصحافيين :"إن موسكو تعارض بشدة تنفيذ هذه العملية لكن روسيا وتركيا ستبقيان على تواصل لمحاولة منع تصاعد التوتر في إدلب أكثر". وذكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق أن شن عملية عسكرية هناك "مسألة وقت" بعدما فشلت محادثات مع روسيا في خصوص إدلب في تحقيق مطالب أنقرة. هذا وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ان روسيا وتركيا لم تتوصلا الى اتفاق خلال محادثات في موسكو كانت تهدف الى تخفيف التوتر".
بومبيو: على صعيد آخر، أكد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ان واشنطن مستعدة لإجراء حوار مع إيران "في أي وقت" لكن على طهران أن تغير تصرفاتها بشكل "جوهري" وإن حملة الضغوط القصوى عليها ستستمر. وأضاف في تصريحات للصحافيين في أديس ابابا قبيل وصوله إلى السعودية "لسنا على عجلة، حملة الضغوط مستمرة. إنها ليست حملة ضغوط اقتصادية فقط، إنما فرض عزلة من خلال الدبلوماسية أيضا".