Jan 07, 2020 3:00 PM
خاص

الرد على اغتيال سليماني بين الخيارات الحذرة والحسـابات الخطرة
واشنطن تقطع "رؤوس الارهاب" وتستعد لكل سيناريوهات المواجهة

المركزية- لحظة اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني بغارة اميركية في العراق، انقلب الستاتيكو المتحكم بالواقع الاقليمي رأساً على عقب. فالدبلوماسية الناعمة التي اعتمدتها واشنطن مع طهران، وكانت خشنة احيانا كثيرة، لكن من دون ان تتخطى قواعد اللعبة الهادئة، او تخرق الخطوط الحمر، تحولت ليل 2-3 كانون الثاني الجاري الى مواجهة امنية- عسكرية مباشرة نقلت منطقة الشرق الاوسط التي اعتقد كثيرون انها لن تشهد تبدّلات مهمة على مستوى العلاقات الاميركية- الايرانية، الى واقع مختلف تماما مفتوح على كل التطورات من الحرب الشاملة الى السلام الشامل ربما وما بينهما الف سيناريو وسيناريو.

تؤكد اوساط دبلوماسية غربية لـ"المركزية" ان دقة المرحلة بتطوراتها الخطيرة بقرار اميركي توجب على جميع اللاعبين على المسرح الاقليمي اعادة تقويم حساباتهم واجراء دراسة معمقة لكل خطوة قد يقدمون عليها. فالادارة الاميركية تبدو انتقلت الى حقبة المواجهة الشرسة عشية انتخاباتها الرئاسية واسقطت كل الخطوط الحمر التي اعتقد البعض انها مرسومة في المنطقة، فبعدما قتلت رؤوس الارهاب السنيّ من بن لادن الى البغدادي، عمدت الى اغتيال سليماني باعتباره رأس الارهاب الشيعي الذي تحدث عنه وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو حينما قال "ان الارهاب ليس حكرا على السنة بل هنالك ارهاب شيعي".

فالضربة الاميركية "الموفقة" لايران رفعت الى الحد الاقصى اسهم ترامب الانتخابية، وكل خطوة ستلي لا يمكن الا ان تكون على هذا المستوى. هذا المعيار لا بدّ ان المسؤولين الايرانيين يضعونه في رأس قائمة خيارات الرد على الاغتيال "المُدَوي" الى جانب اعتبارات اخرى هي راهنا قيد الدرس. ذلك ان حجم الصفعة التي تلقتها الجمهورية الاسلامية لا يمكن ان يقتصر على اصدار قانون اعتبار كل القوات الاميركية ارهابية بل يوجب ردا على المستوى نفسه والا فالانتكاسة ستكون ذات شأن وتخلّف احباطا لدى الشعب الايراني وقوى محور الممانعة. غير ان الثأر الايراني لسليماني دونه حسابات كثيرة تبدأ من تداعيات فتح النار على دولة عظمى بحجم واشنطن والمحور الدولي الدائر في فلكها فيما تعاني طهران من ازمة اقتصادية خانقة بفعل العقوبات المفروضة عليها ولا تنتهي باحتمال تنفيذ التهديد الاميركي بضرب 52 موقعا ايرانيا كما وعد ترامب الذي اثبت جديته في انه ان هدد نفذ، وان اي استهداف للقواعد الاميركية في الخليج او للاسطول الاميركي الموجود في المنطقة او لاي جندي حتى سيلقى ردا تدميريا.

علاوة على ذلك، تضيف الاوساط ان المزاج العربي في الدول التي مدت طهران اذرعها العسكرية فيها لم يعد مؤيدا لها بدليل الانتفاضات الشعبية ضد سياساتها وتدخلاتها من العراق وصولا الى لبنان، من دون اغفال موجة الاحتجاجات الداخلية العارمة التي اجتاحت ايران ولم تنطفئ بعد. وفي الحسابات الايرانية ايضا لا يمكن القفز فوق الانقلاب الاوروبي على سياسة مسايرة طهران واتجاه دول الاتحاد لاتخاذ عقوبات اقتصادية ضدها اذا ما استمرت في تخفيض التزاماتها النووية وربما اللجوء الى مجلس الامن بتحويل الملف اليه فيما لو قررت ايران استخدام النووي.

على اي حال، تعتبر الاوساط ان بقدر خيار المواجهة العسكرية المحتملة ردا على الاخلال بالتوازن الاستراتيجي للجمهورية الاسلامية، يبقى فتح ابواب المفاوضات من ضمن الخيارات غير المستبعدة، بعد رد محدود يحفظ ماء الوجه، ويجنّب ايران والمنطقة انزلاقة خطيرة سيخرج منها الجميع خاسرين.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o